لَقَدْ أَتَى عن خَطيرِ الشِّرْكِ أنباءُ |
يَشيبُ مِنْ هَوْلِها في الْمَهْدِ أَبْناءُ |
أَلَيْسَ في الأَرْضِ رُكْنٌ واحدٌ سَلِمَتْ |
به العَقِيدةُ لم يَلْحَقْهُ إيذاء |
مَهْدُ العُروبَة حَيْثُ البَيْتُ شَيَّدَهُ |
أبو النَّبيِّينَ قد نالَتْهُ أَرْزاء
(1)
|
أليس ذا البيتُ في التَّوْحِيدِ مَغْرِسُهُ |
فكيف هَبَّتْ على ذا البيت نَكْباء
(2)
|
بِكُلّ دارٍ بِمَهْدِ العُرْبِ داهيةٌ |
قِوامُها صَنَمُ للشِّرْكِ بَنّاء
(3)
|
وقد أحاطَ ببَيْتِ اللَّهِ آلهةٌ |
مَزْعُومةٌ حَسْبَ سُخْفِ القومِ شَوْهاء
(4)
|
تَوارَثَ القَوْمُ أَصْناماً لَهُمْ عُبِدَتْ |
مِنْ عَهْدِ نُوحٍ وزادَ الجُرْحُ والدّاء
(5)
|
وإن عَجِبْتَ فَمِنْ أَصْنامِهِمْ وَضَعُوا |
بِداخِلِ البَيْتِ، بئْسَ الفِعْلُ ما جاءوا |
أبو النَّبيِّينَ إبْراهِيمُ جاءَ بها |
نَقِيَّةً لَيْلُها نُورٌ وأضْواء |
فكيف عادَ بِها أبناؤُهُ سَفَهاً |
مَشُوبةً فكأنّ الصُّبْحَ إِمْساء! |
قِدْماً هُمُ احتَفَظُوا مِنْ إرْثِ جَدِّهمُ |
بما وَعاهُ مِنَ الحقِّ الأَلِبَّاء
(6)
|
فَلَيْتَ وَعَيْهُمُ كان ارتَقَى صُعُداً |
فكانَ مِنْهُمْ على التَّوْحِيد إبْقاء |
وأيُّ فَخْرٍ لِمَجْدٍ قد نَمَا وَسَمَا |
إذا يكونُ لِدينِ اللَّهِ إقْصاء |
أَيَخْدَعُ اللُّبَّ ألْواحٌ مُسنَّدةٌ |
تَرُوقُ عَيْناً وفي الأَعْماقِ أَدْواء
(7)
|
هُمْ يَعْلَمُونَ عن الدُّنْيا وزِينَتِها |
وعَيْنُهُمْ عن صَحيحِ الدِّينِ عَمْياء |
مَهْدُ العُروبَةِ هَزَّ الشِّرْكُ دَوْحَتَهُ |
وعاثَ في ساحِهِ رِيحٌ وأَنْواء
(8)
|
وليس يُدرِكُ أبناءٌ لَهُ خَطَلاً |
وكيف يُبْصِر من أعَمَتْهُ ظَلْماء
(9)
|
بِكُلّ أَرْضٍ يَحُلُّ العُرْبُ ساحَتَها |
نُصْبٌ يَجِيءُ ويَمْضِي وَقْتَمَا شاءوا
(10)
|
ورُبَّما كانَتِ الأَحْجارُ مَعْدِنَهُ |
ورُبَّما صاغَهُ تَمْرٌ وَحَلْواء
(11)
|
ما أَعْظَمَ التَّمْرَ والْحَلْواءَ يَأكُلُها |
إذا يَجُوُعُ أَبٌ والأُمُّ حَوَّاء |
ورُبَّما فاقَ نُصْبٌ في الجَمالِ أخاً |
ضَرِيبَةُ القُبْحِ إذلالٌ وإِجْلاء |
هي الأَثافِي يكونُ النُّصْبُ ثالثَها |
طَبِيعَةُ القُبْحِ عند الفَحْصِ سَوْداء
(12)
|
وعَنْ قَرِيبٍ جَمالُ النُّصْب يَهْجُرُهُ |
وسوف يَهْجُرُهُ حُبٌّ وإدْناء |
بِمَزْجَرِ الكَلْبِ يَلْقى النُّصْبُ مَوْضِعَهُ |
مَكانَةُ الكَلْبِ إقْصاءٌ وإقْعاء
(13)
|
مَهْدَ الْعُروبةِ ماذا قد دهاك ضُحًى |
لا العُرْبُ عُرْبٌ ولا العَرْباء عَرْباء
(14)
|
مكانُكَ الذَّيْلُ لكِنْ لا غَناءَ بِهِ |
وقد يكونُ لِبْعضِ الذْيْلِ إغْناء
(15)
|
جَعَلْتَ هَمَّك في إنْشادِ قافية |
تُشَنِّفُ الأُذْنَ لكنْ ذاكَ إِنْشاء
(16)
|
وكم تقومُ على الإنْشادِ رائعةٌ |
يَفْنَى الزَّمانُ وتَبْقَى وَهْي عَصْماء |
هُمْ فَجَّرُوا طاقَةَ الأَقَوامِ قَدْ شُرِحَتْ |
صُدُورُهُمْ فَلِدين اللَّه قد فاءُوا
(17)
|
قد بادَلَ القَوْمَ إحْساناً بِسابِقِهِ |
فكان منهم لدِينِ اللَّهِ إرْساء |
وكان مِنْهُم بإخْلاصٍ وتَضْحِيَةٍ |
بِناءُ صَرَحِ فَخارٍ ما بِه ناءُوا
(18)
|
سَمِعْتَ عن طارِقٍ مِنْ أُمَّةٍ كَرُمَتْ |
وطارِقِ الفَتْحِ حَرْفٌ ما لهُ باء
(19)
|
كذاك رائِحَةُ التُّفَاح مُذْ عَبِقَتْ |
تَبَخْتَرَتْ فِيهِ أفْعالٌ وأسْماء
(20)
|
وفي الْحَدِيثِ البُخارِي فاقَ جامِعُهُ |
هو الأمِيرُ به التَفَّ الأَحِبَّاء
(21)
|
اللَّه أَكْبَرُ هذا الْمَجْدُ شَيَّدهُ |
أتباعُ طهَ وهل للشَّمْسِ إخْفاء! |
بِحُبِّه وبِحُبِّ الوَحْي جاءَ بِهِ |
يُطْوَى الفضاءُ ويُطْوَى البَرُ والماء |