| وبعد صَلاةِ الفَجْرِ يَرْنُو مُحَمّدُ |
| لأصْحابِهِ أَحْوالَهُمْ يَتَفَقْدُ |
| وفي واحِدِ الأيّامِ أَبْصَر وافِداً |
| عليه علاماتُ المشقَّةِ تُرْشِد |
| فقال له مَنْ أَنْتَ: قال ابنُ أسْقعِ |
| ومِنَ أَجْلِ ماذا جِئْتَ؟: قال مُوَحِّد
(1)
|
| تَهَلَّل وَجْهُ المصطفى فَرَحاً به |
| وبانَ مِنَ الصَّحْبِ الكِرامِ التَّودُّد |
| وبايَعَ خَيْرَ الخَلْقِ واثِلَةُ الّذي |
| بِبَيْعَتِه المختارَ ها هُوَ يُولَد |
| لقد بايَعَ المختارَ بالحبِّ والرِّضا |
| على ما تُطيقُ النَّفْسُ أو تَتَكَبَّد |
| فَكُلٌّ يَسيرٌ في سَبِيلِ مَلِيكِهِ |
| له السَّبْعَةُ الأعضاءُ تَعْنُو وتَسْجُد
(2)
|
| وكُلُّ الّذي في الكَوْنِ يَشْدُو بحَمْدِه |
| ولكنّ فِقْهَ الشَّدْوِ لا شَكَّ مُبْعَد |
| وكان رسولُ اللَّه يَحْزِمُ أَمْرَهُ |
| لِدكِّ حُصونِ الرّومِ وَهْي تُعَرْبِد
(3)
|
| لِتأدِيبها لمّا أرادَ سَفيهُها |
| يُوجِّهُ جيشاً حَيْثُ يَحْكُمُ أحمد |
| أَظَنّ هِرَقْلٌ أنْ جَيْشَ محمّد |
| كَجَيْشِ أنوشِرْوان للنّارِ يَعْبُد |
| لَقَدْ غَرّهُ أن سار للْقُدْس ماشِيًّا |
| لإِحياءِ ذِكْرِ النَّصْرِ إذْ طال مَوْلِد
(4)
|
| وأَقْرَبُ مِنْه دَرْسُ مؤتَةَ إنّهُ |
| كتابٌ عظيمٌ نُورُهُ يَتَجدَّدُ
(5)
|
| ثَلاثةُ آلافٍ سَعَى كُلُّ واحِدٍ |
| إلى نَيْلِ إحدى الحُسْنَيَيْنِ فَيَسْعَد |
| وقَدْ قَدّمَ القُوّادُ أَعْظَمَ صُورةٍ |
| بما قَدَّمَتْهُ مِنْهم الرُّوحُ واليَد |
| وها هو ذا المُخْتارُ في وَقْتِ عُسْرَةٍ |
| يُسَمِّى صَريحاً قَصْدَهُ ويُحَدِّد |
| لَقَدْ أَمنَ الأعداءُ جَيْشَ محمّدٍ |
| يُهاجِمُهُمْ في عُقْرِهم ويُهَدِّد
(6)
|
| وها هي ذي راياتُ جيش محمّدٍ |
| تُرَفْرِفُ فوق الجيشِ تَسْعَى وتَجْهَد |
| تَبُوكُ مُناها حَيْثُ آخِرُ غزوةٍ |
| غَزاها رسولُ اللَّهِ والرّوْضُ فَدْفَد
(7)
|
| بنو الأَصْفرِ الحَمْقَى قَدِ اصْفَرَّ لونُهُمْ |
| بكلّ إزارٍ للْبَطارِقِ مُجْسَد
(8)
|
| وأمّا جُذامٌ فالجُذامُ أصابها |
| فلا الخَيْرَ تُدْنِيهِ ولا الشَّرَّ تُبْعدِ
(9)
|
| ولَخْمٌ لِلُخْم البَحْرِ عَادَت خَليفةً |
| بِكُلّ سَفينٍ جَمْعَهُ تَتَصيَّد
(10)
|
| وعامِلةٌ في النّار ناصِبَةٌ بها |
| عليها عذابُ اللَّهِ جَمْرٌ ومَوْقِد |
| لقد مَلأَ المختارُ كُلّ أُنوفِهِمْ |
| رَغاماً وأطرافُ الأسنّةِ رُصَّد
(11)
|
| وعن مُعْجزاتِ المصطفى حَدِّث الورَى |
| فكِسْرَى ولا كِسْرى وقَيْصَرُ أَبَعَد
(12)
|
| أكيدِرُ ذاتِ الجَنْدلِ الصَّلْدِ حَظُهُ |
| كحظّ اسمِهِ غَمُّ صَغارٌ تَبَلُد
(13)
|
| وما نَطَقَ المختارُ يوماً عن الهوى |
| ولكنّهُ وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ يُرْفَد |
| تَنَبَّأَ خَيْرُ الخَلْقِ أنّ أُكَيْدِراً |
| سَيَلْقاهُ سَيْفُ اللَّهِ لِلصَّيْدِ يَرْصُد
(14)
|
| وفي جَيْشِ سَيْفِ اللَّهِ واثِلَةُ الّذي |
| مَضَى ودموعُ العَيْنِ عِقْدٌ منضَّد
(15)
|
| فإنّ حَبيبَ اللَّهِ لا ظَهْرَ عِنْدَهُ |
| وإنّ قَضاءَ النَّحْبِ في الحقّ سُؤْدَد
(16)
|
| وهذا الهُمامُ الشَّهْمُ كَعْبُ بنُ عُجْرَةٍ |
| يُوَفِّقَهُ الرّحمنُ للظّهْرِ يُوجِد
(17)
|
| وهذا الأبيُّ الشَّهْمُ واثلةُ الفَتَى |
| يبادِلُ بالإحسان كعباً ويُوعِد |
| فَكُلُّ الّذي يَحْظَى بِهِ مِنْ غَنِيمَة |
| لِكَعْبٍ ولو كانَتْ هِيَ البَحْرُ يُزْبِد |
| ويُغْنيهِ عن نَيْلِ الغَنيمةِ عاجِلاً |
| جِنانٌ مِنَ الفِرْدَوْسِ فيها يُخَلَّد |
| لقد أَكْرَمَ اللَّه الهُمامَ ابنَ أَسْقَعٍ |
| بِغُنْمٍ، وما في الغَيْبِ أبْقَى وأجود |
| فَجاءَ بِرِزْقِ اللَّهِ كَعْبَ بنَ عُجْرَةٍ |
| يُسَلّمُهُ الغُنْمَ الكبيرَ وَيُفْرِد |
| تَبَسَّمَ كعبٌ ثمّ ضَمَّ رَفِيقَهُ |
| وَقبَّلَ مِنْهُ الرّأسَ وهْوَ يردِّد |
| ألا بَارَكَ الرّحمنُ في الخَيْرِ نِلْتَهُ |
| وفي المالِ تُحْصِيه غَداً وتُعَدِّد |
| رجائي إلى الرّحمنِ فَيْضُ ثوابِهِ |
| وفَيْضُ عطاياهُ الّتي ليس تَنْفَد |
| كلانا فقيرٌ يَرْتجِي فَضْلَ ربِّهِ |
| وفي مِثْلِ فِعْلَيْنا التّنافُسُ يُحْمَد |