شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ المربي الكبير عبد الله بغدادي ))
بيتُ العروبة كالمَقام نِقاوة
وعُكاظَ في الإطرابِ والإِنشاد
هـو منبتٌ لمكارمٍ هو مطْلعٌ
لكواكبٍ هو ملعبٌ لجيادِ
الحاملينَ الشمسَ فوقُ وجوِههم
وبنَوْا من الصُّلْبانِ بيتَ الضَّادِ
 
وبعد، فقبل أن يكون للشرق أداة سياسيةً أو منبراً إعلامياً يجمع.. كانت لغة الضاد هي الأداة الجامعة وكان الشعر وهو ديوان العربية، والشاعر السفير المتجول من المعارض والمنتديات يعرض حصيلة ما لديه.. أما اليوم فقد بلغت مَبلَغها العظيم.. فإن وَهَنت وشائج القربى بين نيلٍ وفراتٍ تَدَفَّق بردى بالرحيقِ السَّلسلِ.. وتَألقَ الأرزُ من جبالهِ الشماء، وصنوبر وأشجار سروه باللقاء.. فَأْتَلَفَ شرق وشرَقَت بدموع الفرح عواصم..
نعمُ: واليوم لقد صار للضاد بيت وجديد للشرق أداة إعلام.. تنتظم فيها لغة الضاد مع ملايين القراء في الوطن العربي وعبر أقمار الفضاء من جميع أنحاء العالم وعلى امتداد رقعة واسعة.. وقد أفلحت جريدة "الشرق الأوسط" في بناء جُسورٍ من الحُب والوُد والإخاءِ على امتداد حرف الضاد في مختلف الأمصار والأقطار. جريدة "الشرق الأوسط" قد صارت لكل العرب وهي بيت من بيوت العروبة تجمع الشرق فيها فهو مؤتلف. وتبدعُ إبداعة الحلوة المتأنقة تتذى منها حسناوات جياد سابغات رافلات.
في عقد نظيم فرائدُه ودُرَّاتُه من لؤلؤ
البحرين ومرجـان بـحـار القر
وروضة يانعة عباقـة بالنفحـات
بفوح الزهر وسحر العطر
تفردت بالوسطية في الرؤى مكنها من اختراق الحواجز الرقابية القائمة في بعض البلدان العربية.. وتميزت بنقل الحدث في التو والساعةِ إلى القارئ العربي حيث كان وفي أي صِقْعَ من أصقاع العمورة.. وبواسطة أقمارِ الفضاء..
ولقد حُملت جريدة "الشرق الأوسط" إلى أمة العرب في مشرق الكرة الأرضية ومغربها وبلُغة الضَّاد وكرست أماني أمةٍ جُمعت وعينُ الله ترْعَاها ورغم أنها لم تبلغ بعد عيدها الفضيّ فهي داعيةٌ إلى صحوةٍ عربيةٍ وتهيبُ بِتُراباتِ الأوطان أن تستيقظ لغدٍ مشرقٍ وضاءٍ يعيد لها قيَمَها وقِيمتَها وأصالتها وتراثَها العريضَ الرابضَ عَبْر العصور.. والشرق الأوسط ترنو إلى هذا الغد الأفضل والأجمل والأكمل بإذن الله.. وزورقها الفضي المثقل بالجني العَنْبَرِ مبحرٌ نحو شُطآن الغدِ المشرقِ وطلعةِ الأمل البَسَّام.. فرسالتُها عبقريةٌ فَذَّةٌ تُطرّزُها الآمالُ العِرَاضُ، تشدو مع الأيام أنشودةَ النوُّر من فم الدنيا وسمع الزمان..
والحاملون شمسها فوق وجوههم في فضاءات الصحافةِ.. هم جيل آل حافظ الآباء والأبناء، الكبارُ سلَّمُوا الراية للجيل الثاني ممثلاً في الشقيقين السيدين الفاضلين هشام ومحمد علي حافظ، طيبة الطيبة منبتُهم وطابوا وأزهروا مطيبين بالأطْياب وبطيبِ الطيوب وكل مكان ينبت العز طيب.. فهما سليلا بيت عز وفضل وعلم بيت دعائمه أعزُّ وأرفعُ شامخُ الذّرى بازخ النهى القوالى له طُنُبْ.. والفخار تالدٌ ومكتسبٌ..
والحافظان من الجيل الثاني جالسا النبغة لسانهم ينفث الدُّرَ وعايشا الهوادِى والطلائع فَتربَّتْ فيهما حاسِّيةٌ صحفيةٌ مبكرة وتفتَّق الحِسُّ الصحفي لديهما.. ومنذ كانا بُرعمى وَردٍ من طراوة العمر تطلَّعت العيونُ إليهما بلون وشذا، وقد مارسا الكتابة في عدة قنوات إعلامية فطوَّعا الكلمة لقلميهما فلمعت خليَّة نابضة وسنبلة طائبة مثقلة بالجَني الذهب.. قلمهما الأنيق لن يكف عن الدفق والعطاء، يصول ويجول في عالم الخلق والإبهار والإبداع ما خطَّ إلا وفاءً وما قطر مِدادُه إلا حُباً، قلت: إنهما من بيت عريق من فنون الصحافة وشؤونها وشجونها لهم باع طويل في شؤون الفكر.. إلى طيبات وطيبات من سوانح تحرك الياسمين وتسكب الشذا في العقول وكتاب فصول من تاريخ المدينة شاهد أمين وإنشاء أول مدرسة في الصحراء عام 1381 ه مؤكد فوالدهما العظيم "طيب الله ثراه" كان شيخ الصحافة وعميداً من عمدائها ورائداً من روادها الأماثل.. حفظ قيمها في قلبه وعقله وضميره على مدى الأيام.. وحملها من بعده أبناؤه.. ومن جهاده وجُهده المضني أنه حَمَل قيمة أوّلِ مطبعة لجريدة المدينة في "كمرِه" و لفَّه حول وسَطِه وذهب باحثاً لشراء أول مطبعة تعمل لطباعة الجريدة وكان أن تحقق له ما أراد.
واليوم يصنع الخلف ما صنع السّلفُ.. فتقوم بجهد الأخوين الشقيقين مؤسسات إعلامية ومنارات إشعاعية بأسلوب الفضاء وبرسالة معاصرة وفكر متطور يأخذ بكل جديد من عالم التقنيات.. وتحقق فيهما رسالة الآباء.. صانوها فصانتهم وعظموها فعظمتهم وحفظوا أقدارها وحرصوا عليها قبل أن يحرص عليها غيرهم.. وقد تطلب ذلك منهم الكثيرَ من التضحياتِ وإنكار الذاتِ وعملوا بمثاليةٍ فائقةٍ وتكريساً ذَاتِيَّاً ما وسعهم الجهد.. وقبل أن أترك المقام مؤثراً موجز الكلام أودُّ الإشارة إلى مقال السيد هشام من جريدة "الشرق" فقد جاء عموده الصحفي "أبيضٍ وأسود" في عالم الفكر الصحفي.. تحفةً بليغةً ونزهةً قصيرة يُنْبئ عن عقل رصين وفكر رزين وعلمٍ متين.. فهو من خطراتِ العقل لا يَمُجُّه السمع وترتاح له النفس ويطرب له القلب.. لفظ عذب ومأخذ سهل ومعرفة بالوصل والقَطْعِ.. ووفاءٌ بالنثر والسجع.. وتباعدٌ من التكلف الجافي.. وتقاربٌ من التلطفِ الخافي.. ينثرُ به الحكمة ويشرّف الهِمَّة ويزيد من الفهم والأدب.
فقلمُه البليغ لن يكفَّ عن الإبداع.. يخلع على اللفظة حباً جديداً فيخلقها خلقاً جديداً.. تأتيه شيقة حواها شيق.. ويمضي بها صوب صَيْرُورَتها دنيا من زهر وقولة حق والسلام.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :912  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج