شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم...
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيك سيدنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات.
الأساتذة الكرام.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
أمسيتنا الليلة تتعانق فيها بتواشج حميم (وجوه من الريف) وهي ترمق بطرف سعيد جزل، فارس الليلة الأديب والناقد التربوي المعروف، سعادة الأستاذ حجاب بن يحيى الحازمي، فمرحباً به بين محبيه وعارفي فضله.
سعيدة هذي الوجوه التي تسطر في أخاديدها العميقة، ما شكله إزميل هذا القاص الفذ، من حكايا (المخلاف السليماني) أو تاريخ جيزان، فتعجب حين تقرؤها: أهو تشكيلي أضاع نفسه في الأدب، أم أديب فتنته غواية الرسم بالكلمات؟ أم هو مزيج هذا وذاك أنضجته نار العلم، وبخار المعرفة، يسوقها برداً وسلاماً على تلامذته العديدين.
شغف ضيفنا الكبير في مشروعه النقدي، بكشف حجب المشهد الثقافي في منطقة جيزان، إذ منذ يتيمة الشيخ أحمد بن فضل بن علي العبدلي، الموسومة بـ (هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن) لم يكشف الكثير من مستور التراث في هذه المنطقة الضاجة بالعلم والأدب، وظل موارى مخبوءاً، وإن تسربت همهماته عبر مسامرات الأدباء في مجالسهم الخاصة، حتى إذا تم افتتاح (نادي جيزان الأدبي) انفجر شلال معرفي، أضاءت بركاته العميمة، فضاءات الخطاب الجمالي فمن حولية نقدية هنا، إلى ليلة شعرية هناك، ومن مثاقفة رصينة للتراث في (نفح العود في سيرة الشريف حمود) إلى (خلاصة العسجد في دولة الشريف محمد بن أحمد) للشيخ عبد الرحمن بن أحمد البهكلي، إلى كتابات تأطيرية لناشئة الأدب، مثل كتاب ضيفنا الكبير (أبجديات في النقد والأدب) الذي نحسبه يشكل رصيداً مفاهيمياً يعينهم على تلمس دروب الكتابة الشائكة.
من خلال إدارته للنادي الأدبي بجيزان، على مدى أربعة عشر عاماً (1413-1427هـ -الموافق 1993-2006م) أسهم ضيفنا الكريم بقدح وافر في تحقيق المخطوطات التراثية وعرضها في كتب سهلة التداول، فقد أتاح للأديب عبد الله أبو داهش، صاحب المؤلف القيم: (من تراث علماء جنوبي الجزيرة العربية المخلاف السليماني) العثور على مخطوطة (المقامة الضمدية) للحسن بن علي البهكلي، التي كانت تشريحاً دقيقاً للحراك الاجتماعي للجنوب، عدا كونها طبوغرافيا رائعة لجماليات المكان وشاعريته، فمنطقة (ضمد) التي تسمت المقامة بها تقع -كما تعلمون- على طريق جيزان للقادم من نجد، وفيها الكثير من العلماء والقضاة وكروم العنب.
شكلت مقولة (عبقرية المكان) في الدراسات النقدية الحديثة نولاً بديعاً، نسج العديد من الرؤى حول جمالية المكان، وإنه ليس فقط المهد الحميم لكينونتنا وحراكنا الوجودي، بقدر ما هو إلى حد بعيد ملهمنا، إذ تهمس تضاريسه وشخوصه إلى المخيلة بأحاديث وحكايا صاخبة فرحة حيناً، وحزينة مغتمة أحياناً، لذا دارت العديد من القصص والروايات لكبار الأدباء العالميين حول المكان، ضيفنا الكبير أدار مخيلته في فضاء الريف قصا، وفضاء المكان نقداً وتاريخاً، ففي كتابه (لمحات عن الشعر والشعراء في منطقة جيزان) سكب فيه خلاصة أربعين عاماً من المشاركة الفاعلة في المشهد الثقافي والأدبي في قلب منطقة تمور بالعطاء، واستطاع أن ينقل القارئ إلى رحاب "جيزان" ليعيش تجربة الإبداع مع أجيال متلاحقة من أفذاذ شعرائها الذين لا يمكن تجاوزهم دون الإشارة إلى شاعرنا الكبير الأستاذ محمد بن علي السنوسي "رحمه الله" الذي سعدت "الاثنينية" بتكريمه بتاريخ 15/3/1404هـ الموافق 19/12/1983م أي في الموسم الثاني من انطلاقتها، مما يشير إلى أن هذا التواصل ليس وليد اللحظة، لكنه نتاج تأصيل الثقافة والأدب الذي شع من تلك الأرض المضمخة بالشعر، المجدولة بحب الأدب والثقافة، وكأن رجالها ونساءها رشفوا جمال الحرف من سح السحاب ومكنونات العباب.
ولم يقنع ضيفنا الكبير بهذا التنوع المعرفي، فكان لا بد لجينات الشعر أن تظهر في غرس تجذر بأرض جيزان، لذا ليس غريباً أن تعده كثير من المصادر المهمة شاعراً مبدعاً، في الوقت الذي لم ينشر ديوانه حتى الآن، مكتفياً على ما يبدو بنشر الكثير من شعره في الصحف، والمشاركة به في الملتقيات الثقافية والأدبية محلياً وإقليمياً.. وقد امتاز شعره بعذوبة اللفظ، وجمال الديباجة، وبساطة اللغة، متطلعاً مثل غيري من محبي شعره أن يسرع في نشر ديوانه، واثقاً أنه سيكون سجلاً حافلاً لكثير من الأحداث التي وثقها ضيفنا الكريم شعراً ونثراً.
آملاً أن نلتقي الأسبوع القادم لتكريم الأستاذ الدكتور حمزة قبلان المزيني، الأكاديمي المفكر المعروف أستاذ اللسانيات بجامعة الملك سعود، صاحب الإسهامات البارزة في الصحافة المحلية والإقليمية، وله مؤلفات قيمة ترجم بعضها إلى الإنجليزية.
فإلى لقاء يتجدد وأنتم على خير ما أحب لكم.
طبتم وطابت لكم الحياة. والسلام عليكم ورحمة الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :878  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 95 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج