شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
سؤال من الأستاذة ريم الخلف، من التربية والتعليم:
ما تحليلك لكثرة ما يعرض من برامج أجنبية في إطار عربي في جميع قنواتنا الفضائية رغم ما نملك من عقول مفكرة. وكيف ترى مكانة المسرح العربي بين الدول الأخرى، بحضورك لمهرجانات دولية كثيرة؟ وشكراً.
الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم: شكراً على هذين السؤالين، وأعتقد أن ثقافة الفضائيات ثقافة مفتوحة على المنجز الذي يتصل بثقافة العولمة ومن ثم لم يكن من الغريب أن تهمش الثقافات المحلية أو الثقافات المصغرة، وهذا سياق يأتي بشكل طبيعي ولكنه مجحف بدون شك. والقنوات اليوم محمومة في التوجه إلى تكوين سلعتها الخاصة بها. ولذلك فهي لا تعكس تماماً ما يفكر فيه المثقف العربي اليوم، المثقف الراسخ أو المثقف الذي ينظر إلى قيم مجتمعه ومنظومته العربية والإسلامية. هناك غربة شديدة جدًّا في حضور الفضائيات في داخل هذه الثقافة. هذا جانب الجانب الآخر، من السؤال وهو الخاص بمنزلة المسرح العربي ضمن المسرح العالمي أستطيع أختي الكريمة أن أقول بكل ثقة وبكل حب حقيقة أنه في البلاد العربية مسرح متقدم جدًّا، ولا تنقصه الإمكانيات الإبداعية، ولا تنقصه المهارة ولا موهبة من يكتب له أو يمثل له أو يخرج له. بل سأقول من تجربة أخيرة شهدتها من مهرجان الخليج الحادي عشر، وأنا أشرف على هذا المهرجان، قدمت عروض مسرحية أحلم أن تجول العالم كل العالم، يعني هناك مسرحية من الإمارات العربية المتحدة اسمها السلوقي وهو نوع من أنواع الكلاب المعروفة بالتربية والوفاء. ومسرحية أخرى بعنوان البندقية وقدمها شباب المملكة العربية السعودية في الإحساء. ومسرحية كويتية لا أذكر اسمها. كانت حصيلة المهرجان حوالي أربع أو ثلاث مسرحيات أتمنى لو تتاح لها فرصة كي يشاهدها الجمهور في الدول الأوروبية، وأمريكا، وأمريكا اللاتينية، لكي يعرفوا بالفعل أن هذا المجتمع العربي يستطيع أن يستوعب هذا الشكل المسرحي، وأن يقدم من خلاله تجارب متميزة جدًّا وفريدة وليست محاكية لتجارب أخرى. نحن الآن في مسرحنا العربي ثمة تجارب موازية. ومضيفة لما يقدم عالمياً على صعيد المسرح.
سؤال من الأستاذ علي خليف الشمري، مدرس لغة عربية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما هو رأيكم بالتجربة المسرحية العربية؟ وهنا أسأل كونك ناقداً ومدرساً وكاتباً للمسرح. هل خدم المسرح القضايا العربية؟ وهل وصلت الأعمال المسرحية إلى المواطن العربي البسيط؟ وهل هذه الأعمال عالجت همومه بالشكل الأمثل؟
الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم: من الصعب التفصيل في ذلك ولكن يمكن الإجابة على الأسئلة المتراتبة أو المتتابعة. من جهته استطاع المسرح العربي أن يمسك القضايا الجوهرية عند الإنسان العربي، قضايا السلطة ومفهوم السلطة. لقد حرر المسرح العربي إنجازات كبيرة في هذا السياق. وتكاد تكون معظم الأعمال المسرحية وفي بحث وحفر مفهوم السلطة وتجذرات فكرة الاستبداد أو مفهوم النسق المستبد في الثقافة العربية وفي المجتمع العربي. هناك قضايا أخرى تتصل بعلاقة الإنسان بالزمان والمكان والمجتمع والفن الثنائيات الكثيرة التي تشكل هموم ومعطلات الإنسان العربي طرحها المسرح العربي بشكل مكثف لكن دائماً ما يشعر المتفرج العادي بأن المجتمع العربي حائل بمشكلات صغيرة جدًّا ينبغي على المسرح أن يرصدها، وهذا يكاد أن يكون مستحيلاً. فالمسرح لا يستطيع أن يترصد أصغر المشكلات ولكنه يستطيع أن يمسك المعضلات الكبرى. فكاتب مثل توفيق الحكيم عالج مشكلات تتصل بالوجود بالإنسان. بثنائيات وجود الإنسان وهذه مشكلات جوهرية. نستطيع أن نعتبر أن توفيق الحكيم استطاع أن يتجاوب مع مجتمعه العربي، وكذلك الأمر مع شخص مثل صلاح عبد الصبور الذي طرح فكرة الكلمة والقوة كيف يتوتر موضوع التغيير عبر الكلمة أو عبر القوة. وهذا موضوع إشكالي دقيق جداً في الثقافة العربية طرحه بعمق وعالجه أيضاً بلغة مبدعة جدًّا. لكن المشكلة هو أننا دوماً نطالب بإحاطة شاملة ودقيقة وموضوعية بكل تفاصيل الحياة، وهذا لا أعتقد أن المسرح العربي قادر على إنجازه وبالشكل اليومي الاستهلاكي الذي ينال التفاصيل الصغيرة والكبيرة.
سؤال من الأستاذة فوزية السحيمي، من الإشراف التربوي.
في رأيك ما هي أسباب قلة اهتمام جمهورنا العربي بمسرح الطفل؟ بالأخص في دول الخليج؟ وشكراً جزيلاً.
الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم: مسرح الطفل فن صعب جدًّا ويلتبس مع منظومات مختلفة جدًّا. ربما تكون متداخلة وملبسة أحياناً أو في كثير من الأحيان. وأعني بذلك التباس مسرح الطفل بالتربية وبالتعليم، وبما يسمى أدب الطفل، يعني هناك التباسات كثيرة. هذا الالتباس في الواقع جعل مسرح الطفل يخرج في واقعنا العربي مجللاً باستمرار ما تذهب إليه التربية أولاً، ما تريد أن تصقله التربية في نفوس الأطفال وهذا أول وهم من أوهام مسرح الطفل. ضللت فكرة مسرح أو تجربة الطفل كثيراً إن التربويين حاولوا أن يتداخلوا مع فن المسرح ومن جهة أخرى هناك جزء آخر من التضليل وهو أن هذا المسرح أيضاً تداخل مع فترة ظهور المسرح الخاص أو المسرح التجاري، لذلك ظهرت مؤسسات عنيت أساساً بالذهاب إلى المسرح لا لتقدم إبداعاً مسرحياً نقياً ونظيفاً إنما لكي تدخل قطاعاً جديداً مستهلكاً لهذا النوع من المسرح، وعلى هذا الأساس ما صار ضحية في ذلك هو المسرح الحقيقي للطفل. المسرح بوصفه لعبة حقيقية نابعة من خيال الطفل ومن كيف يفكر الطفل نفسه. وفي هذا السياق توجد إنجازات محدودة جداً في عالم مسرح الطفل، وأعني التجارب المسرحية التي وعت لأن يكون المسرح صيغة تقدم عبر الأطفال أنفسهم وعبر الألعاب وابتكارات وتقنيات تجعل من الطفل هو الذي يمارس المسرح نفسه من خلال ورش ومختبرات مختلفة.
سؤال من الروائي عبده خال.
مساء الخير. علينا أن نشكر صاحب الفضل سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه الذي يمثل الجوهرجي الذي يقدم لنا النفائس في كل مناسبة من عالمنا العربي. ثانياً الترحيب العميق بالنبض البحريني ممثلاً، في الثلة التي حضرت: قاسم حداد، الشاعر العملاق في عالمنا العربي وفي القصيدة العربية. والدكتور إبراهيم غلوم كان قد تعمق في الدراسات الحديثة، والدكتور أحمد المناعي في قلوبنا وفي مهجة القلب. اليوم يا دكتور إبراهيم فتحت الأبواب وأنت صاحب توالد الأسئلة وبالتالي علينا أن ننساق معك في هذا السياق لنولد الأسئلة. قد تكون نهاية القول أنك وصلت إلى أن ما يكتبه الكاتب هو نص واحد فهل ما يمارسه على سبيل المثال قاسم حداد أو أمين صالح من هدم وبناء في داخل نصوصهم التي تكتب هي نص واحد؟ أم هي حالات ذات نفس واحدة؟ وإذا اعتبرنا على مفهوم البنيويين أن الإنسان هو اللغة، فهل تتهشم هذه اللغة، أم تسير في مجرى واحد لتقدم نصاً واحداً؟ شاكراً.
الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم: لا شك أن هذا الموضوع يحتاج إلى معاينة، وهو أمر قد يصعب في إجابة سريعة، لكن اللغة، أخي عبده وأنت فنان مبدع وتتعاطى مع الرواية والقصة بل يعني إنك واحد من الروائيين العرب الذين يحاولون أن يؤسسوا عالم العجيب والغريب في الرواية العربية، والكثير يعتقدون أن الرواية العربية قد أخذت هذا العالم واستمدته من الرواية اللاتينية، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فالثقافة العربية في أنماطها السرية العليا في حياتنا العربية فيما نروي وما ننقل شفاهاً وما نسمع، ما نشافه بشكل يومي يوجد هذا العالم الغريب والعجيب. توجد هذه اللغة التي ما إن تبدأ طاقتها لا تنتهي. تبدأ طاقة القص، يبدأ الشاعر قصيدته وقد ينهيها عند قصيدة معينة، ولكنه ما إن يبدأ في قصيدة ثانية حتى يواصل ذات القصيدة، حتى يواصل الدخول في نفس اللغة. اللغة التي تتحول التي تدخل في حوار لا ينقطع على الإطلاق. ولعلك أخي عبده تدرك أن عمالقة الرواية وعمالقة الشعر، الشعراء الكبار، الذين كتبوا أهم ما أنجز روائياً أو شعرياً، هؤلاء في الحقيقة كرسوا لنا مبدأً عزيزاً، ودقيقاً، ويمس شغافنا عندما نتحدث عن صميم العملية الإبداعية سواء كان ذلك في الشعر أو في الرواية، أو في المسرح أو في غيرها، وهو مسألة أنهم في الحقيقة يتحاورون مع أنفسهم ويكونون لغة متصلة لا تنقطع على الإطلاق، وإنما تقيم بناءها يوماً بعد يوم، نصاً بعد نص، جملة بعد جملة وهذا يعني حقيقة أن اللغة تهشم نفسها وتبني نفسها في كل مرة بناء آخر. تتداخل تتحاور، قد تجتر أحياناً لكن هذا الاجترار يحول بسرعة إلى عالم آخر أو إلى لغة أخرى منقطعة، نشهد لها بانقطاعها عن الآخر، لكي يأتي يوم ونكتشف فيه أن هذا الانقطاع لم يكن انقطاعاً، وإنما هو استمرار وتوغل في عمق اللغة نفسها. أعترف أن هذا الموضوع يحتاج إلى أمثلة ولو كان الأمر يتسع لذلك لدخلت في أمثلة حية سواء من الشعر أو من الرواية أو من المسرح. وفي هذا السياق، أشير إلى أن هذه الصيغة النسيجية للغة الشعر على سبيل المثال، موجودة حتى منذ العصر الجاهلي، كانت موجودة عند عبيد الشعر عند الصعاليك وعند شعراء الأسواق، وهؤلاء كان الشعر يكمن في حياتهم كمون التجربة المؤصلة التي لا تنقطع فيها القصيدة عن القصيدة ولا النص عن النص. وشكراً.
سؤال من الأستاذة ديمة أسعد، من قنصلية لبنان.
هل اللغة العربية مريضة وستتعافى أم أنها ستموت نظراً لقلة استعمالها في منازلنا واعتمادنا على اللغات الأجنبية في تعليم أولادنا وأحفادنا؟
الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم: شكراً على السؤال. لا أعتقد أنه يمكن للغة أن تموت. وحين يتصل الأمر باللغة العربية فالأمر يمكن أن يبدو مختلفاً. أعني أن اللغة العربية لغة حية وحاضرة ووجودها متأصل في المجتمع الإنساني وفي المجتمع العربي والإسلامي. وإذا كانت هناك ظواهر أو تجليات لإهمال في تعليم اللغة العربية، في استخدام اللغة العربية في تفعيل حضور اللغة العربية عبر الوسائط المختلفة، وخاصة عبر الوسائط الحديثة اليوم، إذا كان هناك قصور شديد في هذا الأمر فإن هذا لا يعني بأن اللغة العربية تموت أو تنفق أو أنها تتخلف إلى الوراء. اللغة العربية قوية لأنها تتشكل في تراث عربي ينحدر من أعمق العصور وينحدر من نص مقدس مثل القرآن الكريم، ومن نصوص لا حصر لها، من ثقافتنا العربية واليوم حتى في العصر الراهن الآن، توجد إبداعات عربية لا يمكن أن نغض النظر عنها حتى نؤكد أن اللغة العربية باقية وراسخة ولا يمكن أن يزحزحها قناة فضائية ركيكة أو استخدام عربي ركيك في موضع من المواضع، أو كتاب من الكتب، أو على لسان طفل من الأطفال أو في منزل من المنازل. وهذا لا يخيف اللغة العربية على الإطلاق فهي أقوى من كل ذلك.
سؤال من الأستاذ خالد المحاميد، المحرر الثقافي لجريدة الوطن.
نحن سعداء بوجود رموز الثقافة البحرينية فيما بيننا، وممتنون لهذا المنتدى الطيب وراعيه سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه الذي وهبنا الكثير من هذه المعرفة. أنا معجب بفكرة سد الفجوات التي ذكرتها خاصة فيما يتعلق بالإبداع. أنت تقول أحياناً بأن نسيج النص الإبداعي هو سلسلة غير نهائية لسلسلة أخرى. وفيه أنساق يجب مواجهتها وفيها أشرس ما ينتج الآخر من أنانية وانغلاق. وفي الوقت نفسه تقول بأنني أقرأ كل النصوص العربية ليس نصاً لشاعر أو روائي واحد فقط، لكن كل النصوص العربية أقرأها وكأنها نص واحد. اللغة -كما يقول رولان بارت- سلطة، ما إن نقول باللغة حتى نقول بالسلطة. وللغة الشاعر سلطة عليه، وسلطة على فكره، أو أيديولوجية تحكم هذه اللغة، كيف يمكن أن يستقيل شاعر في بيئة مختلفة، وشاعر آخر في بيئة مختلفة أخرى، شاعر من البحرين وشاعر من العراق أو من مصر أو من سورية. وأن يكونوا في إطار التجربة الواحدة. أنت تتحدث عن الأوهام، أليس هذا مجرد وهم؟ شكراً.
الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم: ولماذا لا يكون وهماً، قد يكون بالفعل، وحينئذ يمكن أن نبني على ذلك، بداية أخرى أو نظرة أخرى. ولكن الشيء المهم، حتى من أشرت إليه وهو رولان بارت، البنيويون وعلى رأسهم رولان بارت، يعتقدون بهذا الشيء بالذات، رولان بارت استخدم حتى مصطلح "النسيج" نفسه. وجيرارد جيني استخدم مصطلح "النصوص المتعالية"، وكريستيفا استخدمت التناص مثلاً، وغيرهم كثيرون استخدموا مصطلحات شبيهة من هذا القبيل، وحتى نقاد عرب مثل عبد الفتاح كليطو أعادوا إنتاج مثل هذه المصطلحات وهم في سياق تأكيد الشعرية نفسها ويمكن أن تستكشف من هذه العلاقات التي تتم عبر التناص أو عبر التداخل بين النصوص وبين التجارب مسألة دقيقة، وشائكة جداً وفعلها النقاد العرب والنقاد الغربيون وحتى نقادنا المعاصرون، والآن يستكشفون تجلياتها في تجارب كثيرة ومهمة جداً، لكن ما تحدثت أنا عنه مسألة تتصل على الأقل في سياق التجربة التي أحاول أن أبلور ما تستكشفه لي من أفق نظري، فكنت أجد حقيقة أني أكتشف عمقاً أكثر عندما أقرأ تجربة القاص. يعني لنفترض مثلاً عبده خال الروائي. لو أني قرأت ترمي بشرر وحدها لن أكتشف عمقه فيما لو قرأت "ترمي بشرر" في سياق مكوناتها داخل النصوص الأخرى في تجربته. وفي مرحلة لاحقة يمكن أن أقرأ هذا السياق، وهذا النسق المتكون في أعماله الروائية ضمن نسق متكون في روايات أخرى لكاتب روائي آخر. وهكذا يتناسج أو يتسرد التعالق أو الترابط أو التناسج بين التجربة والتجربة بين الرواية والرواية في سلسلة متصلة لا نهاية لها. هذا العمل رغم أنه مجهد ومضنٍ ومستعصٍ ولكن يعطي للناقد أو للعقل النقدي بالتحديد إمكانية هائلة لأن يعي ثم ينقد ما يعيه، يكتشف ثم يزيح ما يكتشف، ليكتشف شيئاً آخر، وهكذا دواليك دون انقطاع. وهذه هي المعرفة الحقيقية في العلوم الإنسانية.
الأستاذة زهرة خميس، باحثة في حقوق المرأة وعلوم الفلك:
كانت البلاغة ثم أصبحت العجز والتعطيل قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (النور: 35). عندما قال الله ذلك، إنما عنى ذلك تماماً. عندما نقرأ تفسير هذا النص الكريم في كتب التفسير تجد بعضهم يقولون: إن ما أراد الله من التشبيه التقرير لعقول الناس فينصد الناس ضمناً ولا يعودون فيسألون ما مراد الله من هذا التشبيه؟ لا أشك مطلقاً في أن من قال ذلك يجهل معنى زيتونة. نأكل الزيتون وبعضنا يأكل الزيت، وليس يشربه، على الرغم من أنه سائل إلاَّ أن الرسول الكريم قال: كلوا الزيت وادهنوا به. قال: كلوا لأن في أجسادنا قوادح ومواد هاضمة تعمل على حرق الزيت. إذا قارنا الأكل بالدهن. زيتونة تعني زيادة تمت فأنارت ثم أشعت. إذا هي الوجه الآخر لقوله تعالى نُّورٌ عَلَى نُورٍ (النور: 35) لقد عطلت البلاغة متمثلة في علم البديع فعالية المعاني في اللغة. وقد اكتسب الزيتون هذه الصفة التي هي تماماً لنور الله واكتسبها بسبب توسطه فهو يزرع في المنطقة الوسط من العالم، المنطقة العدل من العالم، باختصار إنه يزرع في المنطقة العربية من العالم. وتتذمر بعض النسوة من أخلاق بعض الرجال تلفت نظرها أخرى قائلة: "هوني عليك إنما هو رجل شرقي" والحقيقة أَنْ كلاَّ، فالعرب ليسوا شرقيين أو غربيين، عرب تعني: وسط، عدل، بين، واضح، فمن شدة بينيتهم يكادون أن يظهروا ولو لم توحدهم شريعة عظيمة فالعرب بسبب موقعهم في العالم وما تميز به دم ذو نور يجري في عروقهم يدعوهم قسراً لمكارم الأخلاق بسبب ذلك انتدبهم الله للقضاء على الأخلاق غير الوسط وغير العدل، ومنحهم اللغة الوسط بين الشرق والغرب، اللغة العدل بين الجنوب والشمال. اللغة التي مكنتها القضاء على العجمة، والقضاء على الجهل، عندما أنفي عنها (الشيخ عبد المقصود يقاطع، الفرصة متاحة للسؤال وليست للمداخلة)...
الدكتور يوسف العارف: عندما تحدث سعادة الشيخ عن الشاعر محمد الثبيتي -رحمه الله- خطرت لي هذه الأبيات، اسمحوا لي أن أقرأها عزاء:
تلونا عليك النبأ وسورة ياسين والذاريات
وفاتحة الذكر والطور كانت لك المرتدى.
عشقناك شعراً نقي الحروف
وكنت لنا الصخر والمتكأ
المسرح له ثلاثة أبعاد، بعد النص كنص، فكرة أو معرفة، وبعد الأداء أو التمثيل، وهو ما يدخله المؤدون على النص أو الخروج على النص، والغاية من هذا المسرح أو هذا المدخل.
سؤالي ما هي الغاية من نظرك كناقد؟ أنا عندي الغاية فقط غايتان غاية ترفيهية وغاية فكرية. ويبدو أن عصرنا الحاضر صار مع الغاية الأولى فقط. أرجو أن أسمع منك الإجابة.
الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم: شكراً. ونحن نشترك معك في لفتتك الشعرية الجميلة تجاه الشاعر الراحل محمد الثبيتي. وأقول في سياق السؤال: المسرح شأنه شأن الإبداع العريض الذي لا يمكن حصر فائدته في الترفيه فقط أو في فائدة بسيطة فكرية أو ما إلى ذلك. وأنا أحب دائماً أن أتحدث عن المسرح بوصفه عرضاً مسرحياً لا نصاً أو ممثلاً أو حركة أو إضاءة، وقد وضعت كتاباً في هذا الشأن حاولت أن أوضح فيه بأن النقد في الحقيقة يجب أن يقوم قراءته للعرض لا للنص وليس للجزئيات المتمفصلة في هذا العرض. والكتاب اسمه "تكوين الممثل: يجيب عن الكثير مما سألته". لكن أنا هنا فقط أريد أن أقول بأن المسرح حياة مشتركة وعمل جماعي، وفي المسرح نستكشف أنفسنا على نحو ربما يفوق ما تراه في فنون أخرى كثيرة. المسرح يتحدى أنانيتنا. وهو ليس مجرد فائدة فكرية. هناك أنانية غائرة في الإنسان، المسرح هو الذي يتحداها. عندما تتذكر أبطال الدراما الإغريقية، وعلى امتداد العصور كلها حتى العصر الحديث، تتذكر أبطالاً تحدوا بعمق وبشراسة أعنف ما في داخلهم من جوانب شرسة وأنانية باطشة ومستبدة، هذا النحو من التشكيل ومن التكوين، نادراً ما تجده إلاَّ في المسرح.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :526  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 71 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج