((الحوار مع المحتفى بها))
|
سؤال من الأستاذة دينا أسعد: |
ما الذي ينقص الشاعرة السعودية لتصل إلى قمم الشعر والشعراء على مستوى العالم العربي والعالمي، خصوصاً بعد نجاح تجربتها في مسابقة شاعر المليون الخليجي؟
|
الأستاذة روضة الحاج: شكراً لك أختي الكريمة، والإجابة أنه لا ينقصها شيء والدليل أن ما ذكرتِه واحد من عدة أسماء شاعرات سعوديات سواء في مجال الشعر النبطي أو الفصيح وهي أسماء فارهة ومميزة وجميلة أضافت الكثير إلى التجربة النسائية، ولعل النساء في الوطن العربي يتفاخرن بأسماء نسائية تجذر للتجربة الشعرية، أنا سعدت كثيراً بشعر الأسماء التي استمعت إليها مثل الشاعرة بديعة قشقري وهي نموذج لهؤلاء الشاعرات. |
سؤال من الأستاذ يحيى الحسن الطاهر: |
مساء العذوبة لكم جميعاً، مساء الشعر. حينما أقرأ شعرك أشعر بأن آلافاً من العصافير الضوئية قد تركت مناقيرها تسقط سهواً في حنجرتك مما يدفعني إلى السؤال إلى أي مدى أن الصوت يشخصن الصورة الشعرية؟ وإلى أي مدى تكتبين القصيدة أم تكتبك القصيدة؟ وشكراً.
|
الأستاذة روضة الحاج: شكراً لك الأخ الزميل يحيى الطاهر. هذا سؤال مهم وأظن أن الشعر أصلا إلقاء، والقصيدة العربية كانت تؤدى كما ذكر البعض في ما يشبه الإيقاع أو اللحن، فإيقاع الشعر في ظني واحد من الأدوات المهمة جدًّا في إيصال المعنى وإيصال الحرف وأيضاً ما وراء القصيدة، وكما تعرفون فإن بعض الشعراء -عدا الشعراء المجيدين جدًّا- يفسدون أحياناً قصائدهم بسوء الإلقاء. إن الإلقاء موهبة أخرى، هو منح من ذلك الرزق الكثير الذي يخص به الله بعض الناس؛ فقد يكون الشاعر جيداً في كتابته للشعر ولا يمتلك هذه الملكة في أن يلقي هذه الكلمة بصورة جميلة. والشواهد التي تذكر في هذا السياق أمير الشعراء شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم، فقد كان شوقي لا يجيد الإلقاء وكانا عندما ينشدان الشعر كان الناس تحمر أكفهم تصفيقاً لحافظ أكثر من شوقي، وعندما تنشر هذه القصيدة في الصحف كان الناس تحمر أكفهم تصفيقاً وإعجاباً بشوقي لأنهم عندما يقرؤونها يجدون هذا الجمال الذي لم يكن واضحاً عندما قرأ أمير الشعراء نصوصه، فإلقاء الشعر جزء أساسي من إيصال المعنى بثورة كاملة، حتى الإحساس أتصور أنه يتلبس الإنسان عندما يقرأ شعره إن كان من الذين يملكون هذه الموهبة. |
سؤال من الدكتورة نادية عبد الجبار شاعرة باللغة الإنجليزية: |
أبكاني خطاب البشير الأخير، هل تكتبين شيئاً عن السياسة؟ هل كتبت شعراً عن دارفور؟
|
الأستاذة روضة الحاج: شكراً لك دكتورة. السياسة جزء من الحياة بالضرورة ولعلي حاولت أن ألون حتى تصل كل المعاني كاملة. صحيح أنني أهتم بالشأن العام وهو إحدى الرسائل المهمة، إذ إن من يمتلك الحرف ويزاول المهنة أو من يمتلك موهبة عليه أن يتناول هموم أمته وبلاده ووطنه، وأنا من قبيل أداء هذا الدَّين -وهذا شرف لا أدعيه ولكنني جزء من هذه الأمة- أبكي مع كل أم فلسطينية مع كل أم عراقية مع كل أم دارفورية، أحزن لكل ما يحزن في وطننا العربي والعالم الإسلامي وما أكثر ما يبعث على الحزن، وليس ذنبي إن كانت وسيلة التعبير عن هذا الحزن هي الشعر، لكني مع ذلك كنت أقول دائماً لصويحباتي إنني حريصة أيضاً على أن تجد الصبايا والنساء في ما أكتب بعض الذي يجدنه ولم يقلنه.. واحد من التعليقات الجميلة التي يمكن أن أسمعها من سيدة أن تقول لي: هذا النص كأنني الذي كتبته، هذه القصيدة عبّرت عني تماماً. لذلك تجدين أن أولى مجموعاتي الشعرية "عش للقصيد"، كانت تعنى بهذا الجانب لأنني أتصور وقد أكون مخطئة أن النساء يمارسن الصمت الخلاق بشكل أو بآخر.. أنا أحاول أن أكون صوتهن في بعض الذي أكتب، وفي جانب آخر أنا مهتمة لأمر بلدي بالتأكيد هذا السودان العظيم الجميل المهيب المبتلى فعلاً ولذلك أكتب الشعر عنه كثيراً، مهتمة لأمر أمتي العربية والإسلامية وأعتقد أن هذا جزء من تكويني لا أستطيع أن أغيّر من الأمر شيئاً، سأظل أكتب ما ظل في قلمي مداد أؤمن به حقاً زمناً أتمناه لهذه الأمة العربية الإسلامية ولوطني السودان، وسأكتب عن أشجان النساء أيضاً.. ستجدين بين ثنايا مجموعاتي ما يسرّك يا دكتورة وشكراً. |
سؤال من الأستاذ خالد المحاميد: |
مساء الشعر مساء اللغة الرفيعة المتعالية المهمومة بجراح الأمة. شاعرتنا أميرة الشعراء والشاعرات، لقد غاب الشعر عن خطتنا التاريخية واتجه الأدباء إلى النهل شعراً ورواية وقصة فغرقوا بإغراءاتها، كيف للشعر أن يستعيد مجده وهيبته ومكانته ليغدو كما كان دائماً يبلغ الوجدان العربي ويدفعه ليعتز بثقافة أمته، ليس مثلما نقتبس الآن ثقافياً واجتماعياً وجغرافياً.
|
الأستاذة روضة الحاج: شكراً لك أخي الكريم أنا من اللائي على ثقة أن شعر العرب سيظل ديوان العرب لا أشك في ذلك لحظة. سيبقى الشعر هو الفن العربي الأول، صحيح أن فنوناً أخرى الآن تزاحمه على الصدارة ومنها الرواية، وتلك العبارة لأستاذنا جابر عصفور، أن الرواية طغت مؤخراً وأخذت صدى بعيداً ولكن المتأمل لحركة الثقافة في الوطن العربي ومن يقرأ الذائقة العربية جيداً يستطيع أن يميز أن الشعر صحيح تراجع نوعاً ما، ولذلك أسباب كثيرة وليس المقام مناسباً لسردها لكن الشعر هو الفن الأول وسيبقى كذلك. إن المسابقات الشعرية الأخيرة التي أقيمت هنا وهناك على ما يأخذه البعض عليها، هي واحدة من أهم الأشياء التي بينتها للشاعر العربي، الذي ظن أنه قد تخلى عن ثديه الأول فاكتشف الناس أن الشعر ما زال حداءهم وغناءهم وصوتهم المعبر عنهم ولكن بعض المآخذ التي تؤخذ على الشعر خصوصاً الشعر الفصيح أنه شرد جمهوره بالإغراق في الرمزية وهذا التعمد للغموض لبعض النصوص جعلت المتلقي شيئاً ما يمل من الجلسات الشعرية ويتجه بشكل عام إلى الشعر العامي.. أنا أدعو إلى نبذ المباشر.. لا أدعو إلى قصيدة فجة لكن الغموض المقصود لذاته والرمز المتعمد لذاته إن لم يفقد النص فهو لا يجمله بأي حال من الأحوال وسيجعل القليل من الجمهور الذي ما زال يشد الرحال لحضور أمسية شعرية سيجعله يلتفت إلى شاشة التلفاز ويشاهد المسلسلات والدعايات وغير ذلك. إن القصيدة كلما اقتربت من المتلقي كلما وجد من يستمع إلى نص وجد بعض نفسه في ذلك النص، كلما خاطب الوجدان ووصل إليه مباشرة كمن خاطب العقل فوجد فيه إجابة عن بعض الأسئلة كلما كان قريباً من ذائقة الإنسان المتلقي، لأن الشعر في تقديري هو أقرب الفنون إلى جوهر الإنسان الحقيقي والشعر يعرف على أنه أقصر طريق يصل به إلى الذات الإنسانية في كمال وعمق تلقيها للمنجز الإنساني، وأنا أشبهه بالموسيقى فإذا كانت الموسيقى لغة عالمية أظن أن الشعر أيضاً لغة عالمية يستطيع أن يدير حواراً بين كل الناس في هذا الكوكب، يستطيع أن ينفذ إلى جوهر الإنسان الحقيقي فيعبر عن آماله وأمنياته. |
سؤال من الدكتورة أميرة قشقري: |
مساء النور مساء الخير ومساء صدق الإحساس. أرحب بك أستاذة روضة وتنثرين لآلئ نثرتها في الخرطوم قبل عام حيث كنا معك.. يا شاعرة النيلين اسمحي لي أن أسألك سؤالاً قد لا يبدو لائقاً، يقول بعض الرجال: إن المرأة خلقت لكي يقال فيها الشعر، لكن لا أن تقول هي الشعر، ما رأيك في هذا القول؟ وشكراً.
|
الأستاذة روضة الحاج: ما أكثر ما يقوله الرجال يا أختي، هذا قول مردود بطبيعة الحال. أنا أحييك أولاً أميرة وقد سعدنا بلقائك في معرض الخرطوم للكتاب وسعدنا بقراءاتك أيضاً.. هذا قول مردود ولا أدري على أي شيء يستند، لكنني كما ذكرت لك من قبل فأنا من اللائي لا يجدن في أنفسهن أي حرج في أن نسمي الأدب الذي تكتبه المرأة بالأدب النسائي ليس في ذلك غضاضة أو حرج.. أنا أحسب أن الزوايا التي تنظر منها النساء إلى العالم والحياة والناس والأشياء تختلف بالضرورة عن تلك الزوايا التي ينظر من خلالها الرجل إلى ذات هذه الأشياء.. الإجابة عن الأشياء تكون زوايا النظر إليها مختلفة، وبالتالي لا يكون المنجز الإبداعي للمرأة مشابهاً لذلك الذي يكتبه الرجل بل إني أتعمد عندما أقرأ نصاً لإمرأة أن أجد فيه شخصيتها وروح الأنثى لديها، وأجد فيها فلسفتها الخاصة، لذلك أسمي النصوص التي لا تدلني على صاحبتها بأنها نصوص خديجة أو ناقصة، أو أنها نصوص تمثلت فيها بآخر.. إن النص الحقيقي للمرأة هو الذي تكتبه بروحها وبرؤيتها وفلسفتها تجاه الناس والحياة والأشياء. أقول ذلك لأجيب على من يقول إن النساء خلقن ليكتب الشعر عنهن، لا.. إن المرأة ما دامت شقيقة وما دامت جزءاً من هذا العالم فلها الحق في أن تعبر عن رؤيتها وإحساساتها ومشاعرها وأحزانها بالطريقة التي تراها، وبالتالي استعدوا أيها الرجال فالزحف النسائي قادم. |
سؤال من السيد سالم: |
ما هي الأغنية الوطنية التي هزت مشاعرك وتمنيت أن تكوني صاحبتها؟
|
الأستاذة روضة الحاج: القصيدة الوطنية التي هزتني وما زالت تهزني قصيدة "أنا سوداني". |
يا بلادي يا بلاداً حوت مآثرنا |
كالفراديس فيضها منن |
قد جرى النيل في أباطحها |
ينشد العيش وهي تحتضن |
رقصت له تلكم الرياض |
وتثنت غصونها اللدن |
وتغنى هزارها فرحاً |
كعشوق شدى بها الشجن |
أنا سوداني أنا |
|
سؤال من ابتسام عبد الله البقمي، أديبة وقاصة وشاعرة: |
شكراً للشيخ عبد المقصود خوجه مثنى وثلاث ورباع.. أنا جد سعيدة، حلقنا في سماء الشعر وفي سماء الإبداع والأدب. سؤال للشاعرة الكريمة وهي ملء العين وملء البصر وملء القلب والعقل فأهلاً وسهلاً بها: هل الأستاذة روضة الحاج مارست الشعر وكتبت الفن من أجل الفن كما تقول هذه النظرية "الفن من أجل الفن في دراسة الأدب"؟ ثم هل قالت الشاعرة روضة الحاج كل ما تريد قوله من الشعر ولم يقصر الشعر عن أن تقول شيئاً بالنثر عما في نفسها؟
|
الأستاذة روضة الحاج: شكراً لك أختي الكريمة ابتسام البقمي على هذين السؤالين المهمين. أنا لست من المؤمنات بنظرية الفن للفن وأعتقد أنه إن حوّرت قليلاً فقد أنضم إلى رقم المؤمنين والمؤمنات بها باعتبار أن الآداب والفنون بشكل عام مهمتها "التعبير عن الجمال"، وهي الوسيلة الأولى للتعبير عن الزمان والحياة والانحياز لقيم الحق والخير والجمال، لكني أجد أحياناً في نظرية الفن للفن بعض العبثية، إذ إني أعتقد أن للأدب رسالة وأهدافاً وغايات يحب أن يصل إليها، فإن استطعنا أن نوفق بين هذا وذاك لخرجنا ربما بنظرية هي الأقرب إلى الواقع وهي الأقرب إلى نظرية الشعر وإلى جمالية الأدب بشكل عام. الجزء الآخر أنني لم أحتج إلى الكتابة بلونية أخرى غير الآن لأن أجمع الشعر واسع ومتسع لكل القضايا في ظني، صحيح أنني أمارس بين الحين والآخر الكتابة للصحافة والكتابة لإعداد البرامج الإذاعية وكذا، لكن التعبير عن المعاني الحقيقية وعن اعتمالات النفس أجده في الشعر، فهو ماعون يتسع لكل ذلك وحتى الآن هو ما زال يستوعبني تماماً. |
سؤال من غياث عبد الباقي الشريقي: |
قرأت قبل فترة قصيدة للشاعرة مطلعها "قالت نسوة" وهي قصيدة جيدة، فهل من الممكن أن نسمعها منك؟
|
الأستاذة روضة الحاج: أنا أعوضك عنها لأنها ليست في معيتي، فأقرأ بعض المقاطع وأهديها للجالسات هناك. |
القصيدة بعنوان "هي إمرأة مثل كل النساء". |
|