حفل التكريم |
(( كلمة الإفتتاح ))
|
افتتح سعادة الشيخ عبد المقصود خوجة الأمسية بالكلمة التالية: |
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، وخاتم أنبيائك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آله الكرام الطاهرين، وصحابته أجمعين. |
الأساتذة الأحبة الأفاضل: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وأهلاً ومرحباً بوجوهكم النيرة مجدداً في أثنينيتكم التي هفت إليكم بعد طول غياب، وأسأل الله العلي القدير أن يمن علينا بلقاءات ماتعة تتجدد في الخير وبه.. وكما تعودنا أن نفتتح أمسياتنا بعَلَم بارز ونجم ساطع في سماء الإبداع، فإنه يسعدنا أن نحتفي الليلة بالأخوين الكريمين الأستاذين السيدين هشام ومحمد علي حافظ.. مستعيدين في هذه اللحظات الخاطفة شيئاً من عبق التاريخ وزهو الماضي عندما التأم شمل رواد هذا المنتدى لتكريم القطبين الكبيرين الرائدين السيدين الوالدين علي وعثمان حافظ رحمهما الله.. فآل حافظ لهم أفضال لا تنسى على هذا المنتدى الذي يكن لهم كل التقدير والاحترام، وكأني بالتاريخ يعيد نفسه، رغم قناعتي الشخصية بأنه لا يعيد نفسه مكرراً، ولكنها لمحات من الماضي بجلاله وبهائه تنعكس على الحاضر باندفاعه وعنفوانه فنقول تجاوزاً إن التاريخ يعيد نفسه، فما أسعدنا بالماضي الأغر والحاضر الزاهر ممثلاً في جيل من آل حافظ تناول الراية، وحقق الكثير من الإنجازات التي جعلت المجتمع يتحدث عنهم عبر أكثر من منطلق ورؤية. |
جميل أيها الأحبة أن تزدهي هذه الأمسية بالاحتفاء بأستاذين جليلين.. سليلا بيت علم وأدب وجذور راسخة في الصحافة والفكر، والعطاء الكبير من أجل خدمة الكلمة والارتقاء بها، ولست في حاجة إلى أن أطيل في التعريف بالأستاذين السيدين هشام ومحمد علي حافظ، فقد أضحى اسمهما علماً خفاقاً في فضاءات الصحافة والأدب والفكر.. فرعان طيبان من شجرة مباركة، ظل العطاء من أجل الكلمة النزيهة هاجسهما الذي يتوهج منبجساً بين جنبيهما، فبنيا جسوراً من الحب والود والإخاء مع ملايين القراء عبر الوطن العربي وعلى امتداد حرف الضاد في جميع أنحاء العالم. |
ولعل الأجمل في هذا اللقاء أنه يجمعنا مع أستاذين كريمين تختلف حولهما الآراء، وعندما أقول ذلك أعني من منظور النقد الذي بالضرورة كما تعلمون ألا يكون موجهاً للطعن والهدم، وتمزيق ما هو قائم، بل يعني في المقام الأول تقويم الأداء وصولاً إلى أقصى فاعلية للعطاء في أي موقع كان، والحديث هنا من المنطلق المهني وليس تكريساً للخلافات حول المسلك واتخاذها ذريعة للتشويش على الإنجازات والإبداعات التي تستحق الإشادة والتقريظ والثناء، ومن محاسن الصدف أن ضيفينا الكريمين مثار جدال مهني بين كثير من المثقفين، ولا شك أن الذي بدون عطاء لن يكون في يوم من الأيام مداراً للحوار والجدل والنقد، فكونهما في هذا الموقف يعني بالضرورة تميزهما في العطاء بما يؤثر إيجاباً في حركة المد الثقافي. |
والحقيقة أن الثناء على ضيفينا الكريمين لن يضيف إليهما الكثير، فهما في غنى عن المدح وتدبيج الخطب في ذكر مناقبهما والتذكير ببلائهما الحسن في بلاط صاحبة الجلالة، فالتاريخ كفيل بأن يثبت كل ذلك وأكثر بأحرف من نور.. ويشهد لهما بالدور الفاعل الذي قاما به لتشييد صرح شامخ من صروح الثقافة ممثلاً في مطبوعاتهما التي بلغت أربع عشرة مطبوعة ما بين يومية وشهرية، وباللغات العربية والإنجليزية والأردية، وتغطي في ذات الوقت مختلف شرائح المجتمع من الطفولة مروراً بالشباب إلى الكهول رجالاً ونساءً، رافعين لواء التجديد والتحديث، ومقابلة احتياجات تلك الشرائح وفق دراسات منهجية محددة توضح الهدف الذي يمكن تحقيقه من مخاطبة تلك المجموعات البشرية حسب الأعمار والاهتمامات التي تشكل القاعدة الثقافية العريضة للقطاع المستهدف. |
ولا شك أن عالم النشر ليس بالعَالَم الهين الذي يفتح مغاليقه لكل من رغب ولوجه، إنه مركب خشن، وبحر هائج سواحله تكاد تختفي خلف سُدُفٍ من الظلام الكثيف الذي يحتاج إلى نور البصيرة قبل نور البصر، ووسط هذا التحدي الكبير نجد ضيفينا الكبيرين وقفا في وجه التيار القوي، والمد الصاخب، بكل شجاعة، متسلحين بخلفية من الثقة الكبيرة بالنفس، ورصيد هائل من التجارب، التي أفرزت حلولاً خاصة لكل مشكلة من المشاكل الكثيرة التي أتصور أنها قد اعترضت مسيرتهما الظافرة، فهناك كما تعلمون من الناشرين من ليس لهم إلا مطبوعة واحدة، ومع ذلك تقطر المرارة من سردهم لمسيرة العناء التي يكافحون من خلالها، لتعبر مطبوعتهم الخط الأحمر، فإذا كان الأمر يتطلب متابعة أربعة عشر مطبوعة، فهو بالتأكيد يدخل في نطاق الصراع الذي يكاد يفوق مقدرة البشر العاديين، ولكم أن تتصوروا حجم العناء والضغوط التي يتعرض لها ناشر بهذا الحجم، يعمل ليل نهار، لتصل مطبوعاته إلى أصقاع نائية في أنحاء العالم العربي والغربي، لتكون بين يدي القارئ في الوقت المناسب. |
إن العمل الدؤوب الذي يقوم به السيدان الجليلان ليس نزهة، ولكنه عطاء خير يتدفق بلا حدود، ومسيرة في وعثاء طريق مهدته أدوات الثقافة الراسخة التي تجعل من الحزن سهلاً، في وقت قلت فيه مثل تلك المروءات النادرة، فاستطال عملهم ليبلغ الظل مداه في وقت وجيز نسبياً، وتحملوا الكثير من العنت لتقف كل مطبوعة على قدميها قدر الإمكان، فإن اتكأت على أخواتها فلها أن تفعل ذلك، حتى يصل هدفها غير المادي إلى منتهاه، وأحسب أن ذلك هو ديدنهما وسط ساحة الصراع الكبير الذي يخوضان غماره. |
وقد يرى بعض الأساتذة غير ما ذهبت إليه بشأن التوسع في مجال النشر إلى الحد الذي وصل إليه الناشران الكريمان، فهناك من يعتقد أن بعض هذه المطبوعات ذات طابع تجاري بحت، ولا تخدم في الجانب الثقافي والفكري إلا القليل، ويرى آخرون أن التنوع، رغم ما يبدو عليه من ثوب فضفاض، إلا إنه في الحقيقة لا يعدو تنوع ألوان ذات الزهرة في البستان، فليس هناك خط فكري يفصل بين تلك المطبوعات، التي تشكل في مجملها نموذجاً مكرراً في التناول، كما ينقص بعضها العمق اللازم لترسيخ قاعدة أو مدرسة محددة المعالم والأهداف، والاستراتيجية الفكرية، التي تقود في النهاية إلى تشكيل رؤية واضحة، بالنسبة للشرائح التي تخاطبها كل مطبوعة. |
ومهما اختلفت الآراء أو تجانست.. نبقى في النهاية أمام عمل كبير استوى على سُوقه، واشرأب نحو سماء المعرفة والعطاء الإنساني بكثير من الثقة، ونكران الذات، والإصرار على تخطي حواجز العجز، لنشرف بإنجاز سعودي عربي، تفخر به الأجيال بإذن الله، ويكون شاهداً على عصر الكبار الذين من قدرهم أن يظلوا كباراً. |
الأخوة الأساتذة الأفاضل: مرحباً بكم مجدداً في هذه الأمسية الطيبة، وأحب أن أذكركم بأن ضيفنا القادم، سعادة الأستاذ الدكتور الأديب الكبير راضي صدوق، فمرحباً بكم وبه في مشوار التواصل والحب والإخاء. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|