شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذة أميمة عبد الله الخميس))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. كم نستتاب عن هوى جدة، ولكننا لا نتوب، وتظل الأفئدة إليها تؤوب، لعلها روح أمنا الكبرى تخفق في جنباتها، بوصلتنا التي تشير دوماً إلى سر الأبدية والخلود، وتظل تستنطق في الأماكن روح الخلق والحياة والإبداع، ذلك الإبداع الذي يتجلى في صور شتى في مدينة جدة، جدة تلك المدينة التي تنسدل على الشاطئ منذ أول صفحة في كتاب التاريخ، وهي تروّض الاستبداد بترياق الفكر، وهي تنازل الأحادية بخميلة من قوس قزح الأعراق والأجناس، وهي تستنبت الآداب والفنون لتنهض في وجه التصحر والرمال. وبين نجد والحجاز هناك درب، وهناك مجاز، هناك درب معبدة بأسجع الكلمات، وهناك حكاية طويلة، تتعدد أسانيدها، ويختلف رواتها، لكنها تبقى محملة بوهجها وحساسيتها. يا أهل جدة مساء الخير، مساء مزدان بحنطة حجر واليمامة، إلى جناب العتبات الحجازية. بين نجد والحجاز هناك درب قوافل، هذه القوافل التي جلبت قبل عشرين عاماً أو ما يزيد عن العشرين عاماً، ليجلس على نفس المقعد والدي، شفاه الله وعافاه، وأطال في عمره، واستزرع هذا الرجل المثقف النبيل بين يديه حقل نخيل، مخترقاً الأجيال الأب ثم الابنة.. ظلت هذه الدارة مزاراً، وظل هذا الرجل متأبطاً حلماً لا يندمل، على الرغم من سنوات عجاف مرت على المكان، على الرغم من الجدب الثقافي، على الرغم من خمول الفعل الثقافي، على الرغم من هجمة ظلامية طوقت المكان، وأيضاً على الرغم من كبوات الزمان ومكره، ووجهه المدلهم الظالم عندما يختطف فلذة الكبد من بهجة العمر، وصهيل الشباب، لكن هذه الدارة بقيت مشعة وسط الظلمة، وبقي صاحبها ممتطياً صهوة إرادة شامخة، إرادة شامخة دائماً تصبو إلى القمم النائية، إرادة ترود مكر الزمن وتخاثله.. الفعل الثقافي برأيي ليس فعل ترف، وليس فعلاً نمارسه في هامش الوقت أو الزمان أو المكان. الأمم المتحدة مؤخراً، وضمن مدونة حقوق الإنسان، جعلت من الثقافة حقاً موازياً لحق الإنسان في الحرية، لحقه في التعليم، لحقه في الصحة.. الثقافة أصبحت أحد اشتراطات وضرورات الكرامة الإنسانية، لأننا من خلال الثقافة وحدها نسمو ونرتفع عن كل ما هو متوحش وبدائي بداخلنا، وعبر الثقافة ننشئ هيكلاً باذخاً من أجمل ما في الحياة. لا أدري ماذا أقول، ولكن بعدد القوافل التي قطعت الطريق بين نجد والحجاز، وبين الحجاز ونجد، بعدد خطواتها أقول شكراً إلى هذا المثقف النبيل. سأنثر الآن أوراقي بين أيديكم، هاكم اقرؤوا كتابيه، أعتبرها أنا مسودة أولى وبعض علامات الطريق، وأنتم مشكورين وجدتم بها ما يستحق الإشارة إلي، وإن كنت شخصياً أعتبرها مبرحة عالم قلق البدايات، سأقف وأستوقف في هذه الأوراق، ولن أطيل وسنترك باقي الوقت لشغب ومغامرات الأسئلة من الحضور.
الأستاذة نازك الإمام: شكراً للأستاذة أميمة الخميس على هذه السياحة الموفقة، وهذه اللمسات الجميلة، نسأل الله لك الصحة والعافية والتوفيق المستمر، أنت جديرة بكل تكريم واحتفاء. الآن أيضاً للدكتورة أشجان الهندي كلمة، فلتتفضل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :524  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 34 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.