شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الدكتورة انتصار العقيل))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير المرسلين.. أصدقكم القول أنني لم أقرأ قط لكاتبتنا أميمة الخميس، أي نعم أرى وأسمع اسمها يتردد كثيراً في الساحة الأدبية، إلى أن بعث لي الأخ الفاضل الشيخ عبد المقصود خوجه من خلال سكرتيره روايتها الوارفة كي أطلع عليها لكي أتمكن من المشاركة بالحديث عنها كضيفة يتم تكريمها في هذه الأمسية. بدأت في قراءة الرواية يوم الجمعة الماضي عصراً، لم أتركها إلا حين أكملتها في المساء، في الحقيقة أنا لا أريد أن أعتذر للكاتبة لأنني لم أكن أتابعها، فمن المؤكد أن هذا الأمر لا يشغلها، فقرّاؤها ومتابعوها كثر، ولكني أريد أن أعتذر لنفسي، أو بالأحرى لفكري، لأني لم أقدم له هذه الوجبة الفكرية الصحية إلا بعد عامين من إصدارها وفوتُّ على نفسي الكثير من أدبها الذي لم أقرؤه، وأريد أن أشكر صاحب الاثنينية الذي عرّفني إلى هذا الفكر المتميز جزاه الله كل خير، وجعل الله داره دائماً دار الإباء والإثراء الفكري، طبعاً في هذه الأمسية لن أتحدث سوى عن الرواية الوارفة، فلضيق الوقت لم أسعَ للحصول على إصدارات أخرى للكاتبة، أعتقد أنني سأحظى بها هذه الليلة إن شاء الله من صاحبتها. فكر متميز راقٍ مليء بالرؤى العقلانية، تطرحه لنا الكاتبة من خلال الجوهرة، الشخصية الرئيسية والمحورية للرواية.. الجوهرة في رأيي هي شجرة الظل الوارفة لكل أفراد أسرتها ابتداء من أبيها عثمان، أختيها رقية وهند، أخويها ناصر وعبد الرحمن، مروراً بأبناء إخوانها وأخواتها، وصولاً إلى بتلو السائق الفلبيني، والإندونيسيتين سيدة واني. هذه الجوهرة منذ الخامسة من عمرها خصها الله بكشف البصيرة من خلال رؤية هالات من الأضواء حول الناس، وهي القدرة على رؤية قرين الأشخاص؛ فمثلاً أمها قرينها نخلة، اصفرت وذبلت قبل وفاة الأم، وصديقتها كريمان قرينها كهرمان، وزوجة أبيها سارة قرينها نافورة، فهي امرأة فائرة كالنافورة، وأحمد الذي حاول استغلالها من خلال صورها قرينه لاعب، أكروبات عابث، فكرة ذكية ومثيرة، وصفتها الكاتبة بكل براعة لصالح بطلتها، فجعلت هذه الموهبة النادرة والقدرة المتفوقة، عاملاً مساعداً للجوهرة في رحلة حياتها لمعرفة كيفية التعامل مع من حولها، واتقاء شر من يريد بها شراً، ولأن كاتباتنا أردن أن يثبتن لنا أن الرجل الأول في حياة الأنثى هو أبوها، فإن اختفى تفتتت بوصلتها وعجزت عن تعلم الرقصة السرية بين الرجل والمرأة، رقصة تنقض التقهقر والتقدم، لذا بينت لنا لماذا لم تتعلم الجوهرة تلك الرقصة السرية، وبالتالي أصبحت رقصتها بالرجل طوال حياتها واهية مشوشة كعازبة ومتزوجة ومطلقة؛ فهي شبّت في بيت لم يكن الأب موجوداً فيه دائماً، الحضور الذي كان يحل مكان غيابه هو ظله، هيبة الأب مكنت ظله من أن يسوس ويربي الأبناء أثناء غيابه. حوارها مع أبيها مدته أقصاها عشر دقائق، كان كلامه لها نسيجاً من التوبيخ أو النصح. عاشت حياتها في مضمار الماراتون العلمي الذي قد يوصلها إلى أبيها، إلا أنها حين وصلت إليه بشهادة الطب في الغدد مع زمالة كندية، كان الأب قد توارى، خلف الذهول والصمت، وضباب الزهايمر. الزواج في الرواية هو قضية القضايا، تذهلنا الكاتبة برؤية صادمة حول تعدد الزوجات حين تنصح إحدى الشخصيات النسائية الجوهرة بالموافقة على أن تكون الزوجة الثالثة، فتقول لها بدهاء ينطوي على خبث عجيب: إن ثلث رجل ألذ وأمتع؛ تتحررين من الروتين، تلسعك الغيرة، فتستقبلينه في ليلتك كالعريس. يا أختي إن راعي الحريم يشع رجولة، يعرف كيف يرضي النساء، ويرطب أحاسيسهن بالكذبات الصغيرة والاعتذارات التي تربك حياتك، إنه ماراثون مهلك ومنهك ولكنه لذيذ. رؤية قد تدور في أذهان بعض النساء، لكنها كارثية، لا تبني بيوتاً أساسها المحبة والرحمة والسكينة، بل أساسها الغرائز والمكائد، أما علاقة الإنسان بالمكان فتظهرها لنا الكاتبة جلية حين تنتقل جدتها من بيت النخل "بحريملاء" إلى بيت ابنها في "عليجة" بالرياض، وتموت بعد ثلاثة شهور من شجن البعاد، وسبحان الله المذهل أن النخيل ذبل وتنكس لفراقها، ولم تثمر عذوقه لثلاث سنين متوالية، والجوهرة لم تصورها لنا الكاتبة ملاكاً بل هي بشر من الذين يتجنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم، واللمم تبدو حدوده عندها تلك المحادثات الليلية بينها وبين زملائها من الرجال. لقد طرحت لنا الكاتبة الكثير والكثير من القضايا، وتوقفت عند المحاضرة الدينية تحث فيها الداعية النساء على طاعة الزوج، فهن حطب جهنم، وألعوبة بيد شياطين الإنس والجن، والقبر الذي حفرته لمياء في حديقة دارها الكبير، في الموقع الذي كانت تقابل حبيبها فيه بعد أن هجرها وخطب امرأة أخرى، تتناوب النساء على الرقود فيه، ليستعظن ويعرفن أن الحياة فانية.. قضايا وتفاصيل كثيرة مفيدة وممتعة، حاكتها الكاتبة بأسلوب رشيق بعيد عن الغموض والتكلف، وطرزته بوصف رومانسي حالم في بعض الفقرات، مثل بعض رقصات السامبا والتانغو، لكن أهم فكرة برأيي عشتها معها، وتأثرت بها، لأنني كثيراً كثيراً ما فكرت فيها، هي المعاناة الدفينة في أن تكون متميزاً بين مجموعة من البسطاء في فكرهم ورؤاهم وطموحهم. الجوهرة الطبيبة الحاصلة على الزمالة الكندية، رغم أنها كانت الجوكر الموجود في كل مكان يرمم أي خطب أو غياب، كانت بسبب تميزها في محيطها وعلمها ووعيها، وكأنها تبيع النظارات الشمسية للعميان على حد قول الكاتبة، يا له من ألم أن تكون متميزاً بين بشر بسطاء.. أكرر اعتذاري لفكري على هذا الإهمال في متابعة ما يجري، وأكرر شكري للشيخ عبد المقصود على هذه الوارفة الرائعة. يا سادة يا كرام في الفترة الأخيرة تشوه الأدب السعودي، وخاصة النسائي، تحت شعار كشف المستور، وخرق المحظور، وكسر الدستور، وما إلى ذلك.. أصبنا بحالة من الفحش اللاأدبي، صدرت كتب شخصياتها شاذة، مبتذلة غارقة في الفساد والمجون، شخصيات مشوّهة فكرياً وأخلاقياً ونفسياً.. كتب تصيب القارئ الواعي بالغثيان والاشمئزاز والتقزز، ويا للأسف، معظم من يرحب بهذه الكتب ويروج لها هم من أهل الفكر والثقافة، كتب صدرت للعالم، وربما سترى بعضها على الشاشة المرئية لتزداد انتشاراً، لتعلن للعالم أن هذا هو الرجل السعودي، وهذه هي المرأة السعودية، وهذا هو المجتمع السعودي.. حاشا وكلا، الفاضلة المبدعة أميمة الخميس، أيتها الكاتبة الوارفة النضرة، "جوهرتك" هي نموذج للمرأة السعودية في كفاحها، وإصرارها وإثباتها لذاتها، وأهنئك على هذا الفكر الراقي المحترم، المشرّف لك، ولكل من يقرؤه، فكر لم أجد فيه كلمة واحدة تخدش الحياء.. سيدتي أنت كاتبة متصالحة مع نفسك، لذلك أنت تحترمين القارئ، والقارئ الذي يحترم نفسه لا يحتفي ولا يهلل ولا يصفق إلا لمن يحترمونه، لكاتبات وكتاب مثل ضيفتنا في هذه الليلة.. وحقاً قل لي لمن تقرأ، وماذا تقرأ، أقل لك من أنت. فلنصفق جميعاً للمبدعة أميمة الخميس ولجميع قرائها ودمتم سالمين.
الأستاذة نازك الإمام: شكراً للدكتورة انتصار العقيل، الكاتبة والأديبة المعروفة. أيها الإخوة الضيوف الكرام، أشير إلى أنه بعد أن تعطى الكلمة لفارسة أمسيتنا، ستتم محاورتها عن طريق الأسئلة التي آمل أن تتفضلوا بإلقائها مباشرة، راجين أن يكون سؤالاً واحداً لكل متسائل ومتسائلة، وأن يعرّف السائل بنفسه وبمهنته، ثم يطرح السؤال مباشرة، لكي نتيح الفرصة لأكبر عدد منكم ومنكن. والآن لضيفتنا الكريمة كلمة، كلمة الأستاذة أميمة عبد الله الخميس، لتحدثنا عن أهم المحطات والمراحل المفصلية في مسيرتها العلمية والعملية، فلتتفضل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1164  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج