((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام. |
الأستاذات والأساتذة الأكارم |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
من فراديس الإبداع، ونبض اللغة، وفيافي الكلمات، يضج مساؤنا اليوم بوحاً، ويهدر همساً، ويعلن أن السرد في الأدب أرض نسوية أيضاً، فأهلا وسهلاً بضيفتنا الكريمة الأستاذة أميمة عبد الله بن خميس، سليلة البيت الذي شيّد من المعرفة جدراناً، ومن العلم نوافذ يطل بها على الآخر، ابنة ذلك العلم الشامخ، والرقم الراسخ في أدبنا المعاصر الأستاذ عبد الله بن خميس الأديب المعروف الذي كرمته "الاثنينية" بتاريخ 22/04/1410هـ الموافق 20/11/1989م. |
سُئل الروائي الراحل الطيب صالح قبل حوالي ثلاثة عقود مضت، عن سبب عدم ظهور الرواية في السعودية مقارنة ببقية البلدان العربية فقال: الرواية في السعودية ستكتبها المرأة. فقد كان يدرك بحدسه الروائي أن ثمة مخاضاً سينجب جيلاً كاملاً وناجزاً من الروائيات السعوديات اللواتي جهرن بأصواتهن، ومنهن ضيفتنا الكريمة التي اختارت القصة والرواية نافذة تطل من خلالها على العالم، وجسراً للتواصل مع الآخر.. ويبدو أنها امتداد لحكايات اندمجت فيها إبان طفولتها.. ثم استمرأت المسير في ظلالها لتشب معها وتحبكها قصصاً ذات مغزى حتى وإن كانت للأطفال.. فالمضمون لديها لا يقل أهمية عن تقنية النص وجماليات اللغة، تبث فيها لواعجها وهمومها، بحيث لا تقع في فخ الأسلوب المباشر، الذي يدعو إلى تفسير روايتها وكأنها إسقاطات واقعية، فالرواية عندها ليست بوقاً زاعقاً ضاجاً بالشكوى والنقد، على حساب جماليات النص، لأنها ترى أن فعل الجمال بحد ذاته تنويري. |
إن المتتبع لتطور فن القصة لديها بدءاً من مجموعتها "أين يذهب هذا الضوء 1418هـ-1996م" مروراً بـ "البحريات 1428هـ-2006م"، ثم "الوارفة 1432هـ-2010م" التي ترشحت لجائزة البوكر العالمية في الرواية.. يجد أن رؤاها وأفكارها ينابيع ذات عمق ودلالات لا تخطئها العين، وليس هناك فوارق تذكر بين أعمالها عبر هذه المساحة الزمنية مما يؤكد اختمار قاموسها الخاص وتشبعه بما يؤهلها لخوض التجربة في عنفوان النضج. |
ومن خلال اطلاعنا على بعض رواياتها، نجد أن فضاء الهوية بكل تعقيداته وإفساحه، يشكل لديها جدليتين في خاصرة زمان صيرورته هما: ما كنّاه وما ينبغي أن نكون، فهي بهذين البعدين تحتفي بالأصيل الحميم من تراثنا، وفي ذات الوقت تؤمئ برفق وحصافة إلى ضرورة الانفتاح والمواكبة، وهو ما يظهر لي من خلال متابعة بعض كتاباتها في الصحف اليومية. |
تشكل البيئة لضيفتنا الكريمة عنصراً شديد التوهج، فإبداعاتها لا تنفك تسطر مفردات مفعمة ببيئتها الصحراوية، ليكتشف القارئ من خلالها أن الصحراء ليست مجرد رمال تلهو بها الرياح.. إنها حياة مكتملة الحلقات، تزهو بالمطر، والربيع، والفراشات، والزهور، والحيوانات.. وعندما تلوب هذه الكائنات في حياة الطفل فإنها تكون ناطقة، ضاحكة، باكية، متسربلة بمختلف الأحاسيس، فيغوص معها الصغار في أجواء حميمة ويتفاعلون معها بألفة شديدة.. وفي هذا الإطار تبث ضيفتنا رسالتها بكثير من الذكاء والخبرة التي اكتسبتها عبر مسيرتها في حقل التربية والتعليم. |
هنيئاً لنا ولضيفتنا الكريمة ما أنجزت، واثقاً بأنها قادرة إن شاء الله على اختراق شوط ليس بالقصير في عالم يحتضن الرواية، ويسعى إلى ترجمتها إلى مختلف اللغات طالما أنها تخاطب ذات النفس البشرية في قرية كونية تضيق كل يوم. |
ويسرني أن نلتقي الاثنينية القادمة بمعية فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، الداعية المعروف، وأستاذ أصول التربية في جامعة طرابلس الإسلامية، وأحد خطباء مسجد بني أمية الكبير بدمشق، وصاحب مؤلفات "تأملات في الإسلام" و "الإسراء والمعراج" و "الهجرة" و "موسوعة الأسماء الحسنى في ثلاثة مجلدات"، وغيرها.. بالإضافة إلى كتاباته في كثير من المجلات الرصينة.. وبرامجه التلفازية التي تحظى بمتابعة كبيرة.. فأهلاً وسهلاً بفضيلته، وبكل محبي الكلمة. |
طبتم وطابت لكم الحياة. |
والسلام عليكم ورحمة الله... |
الأستاذة نازك الإمام: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، مؤسس الاثنينية، ونستمع الآن إلى سعادة الدكتورة فاطمة إلياس، الناقدة والأديبة المعروفة، ورئيسة القسم النسائي بالنادي الأدبي في مدينة جدة، في كلمتها الموجزة عن المحتفى بها، فلتتفضل. |
|