شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
الأستاذة منى مراد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على النبي الأمين. أصحاب المعالي، أصحاب الفضيلة، أصحاب السعادة، الإخوة الحضور، الأخوات الفضليات، سلام الله عليكم.
كثيرون ممن سبقوه ومن أتوا من بعده، وصلوا إلى ما وصل إليه ضيف أمسيتنا الليلة، وما يميز ضيفنا المحتفى به الليلة أنه دخل الصحافة من باب الفن، ومنها انطلق إلى دهاليز الأوساط الصحفية والإعلامية، فسجل علامة بارزة في بعض الصحف المحلية والعالمية، حيث تميزت كتاباته بالعمق والجرأة متأثرة بالصحافة المصرية من حيث السهولة وقصر العبارة والتمسك بالموقف، وتأثر بالصحافة اللبنانية من حيث اللغة والقدرة على الكتابة بالفصحى، فكانت النتيجة نقل العديد من مقالاته إلى كبريات الصحافة الأميركية مثل نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز، فضلاً عن صحيفة الأهرام التي كانت تعيد نفس مقالاته بمعدل مقالين في الشهر في صفحة "صحافة عربية". هو ضيفنا الليلة الأستاذ داود الشريان، الإعلامي المعروف، صاحب الشعبية الواسعة في الأوساط السعودية والعربية، ونائب رئيس قناة العربية، والمصنف الرابع ضمن أفضل عشرة مقدمين سعوديين في مهارات العرض والتقديم في عام 2010م، نشكره على الحضور، ومتمنين أن يتسع وقته للإجابة عن بعض ما يجول في خواطرنا من استفسارات.
وبداية اسمحوا لي أن أطرح السؤال الأول من القسم النسائي:
في أولى حلقات برنامجك التلفزيوني "واجه الصحافة"، أكد وزير الإعلام عبد العزيز خوجه، على عدم ممانعة الوزارة من تولي الإعلامية السعودية لمنصب رئاسة التحرير حيث إنها لا تتدخل في تعيين رؤساء التحرير، وأن الجريدة هي المسئولة الأولى عن الترشيح لهذا المنصب رجلاً كان أو امرأة، سؤالي: لماذا حتى الآن لم نرَ رئيسة تحرير لصحيفة سعودية أو مجلة؟ وفي نظرك ما هي مقومات نجاح المرأة في حصولها على هذا المنصب بعد وصولها لمنصب مديرة التحرير؟ شكراً.
الأستاذ داود الشريان: صحيح أن معالي الوزير قال هذا الكلام، وأنا أعتقد أن الكرة الآن في مرمى المؤسسات الصحفية، التي من المفترض أن ترشح رئيسات التحرير من ضمن المرشحين، وأنا أعتقد أن المرأة اليوم في عهد خادم الحرمين الملك عبد الله، بدأت تصل إلى مناصب، وجاء الوقت الذي بدأ فيه المجتمع يقبل المرأة، وأعتقد أنه على المؤسسات الصحفية أن تكون هي الرائدة في هذا.. الوزير وعد، ونحن علينا أن نرسل إليه طلبات لكي ينفذ هذا الوعد.
سؤال من الأستاذ مشعل الحارثي، صحفي بمجلة اليمامة:
بسم الله الرحمن الرحيم، ضيف الاثنينية الكريم، الأستاذ داود الشريان، هل توافقون وحسب خبرتكم الإعلامية الطويلة، على أن معظم القنوات الفضائية العربية -والتي تمثل نسبتها ما يزيد على 50% من مجموع الفضائيات في العالم- تسير من دون هدف محدد مقارنة ببعض القنوات الفضائية الناطقة باللغة العربية، والتي تسير وفق خطط مدروسة وأهداف إستراتيجية بعيدة المدى؟ شكراً.
الأستاذ داود الشريان: الأرقام الموجودة هي سبعمائة قناة، منها حوالي خمسة وعشرين قناة تظهر على الرادار، يعني تشاهد، ونصف الخمسة وعشرين هي قنوات الـ "إم.بي.سي"، والنصف الآخر ليست كلها الأجنبية، نحن نعرف أن القنوات الأجنبية لم تشكل هذا الخطر، وهذه المنافسة التي كنا نتوقع؛ يعني قناة الحرة، رغم أن الذي يقف وراءها دولة مثل الولايات المتحدة، هي قناة فاشلة في مقاييس التلفزيون، لأنها قامت على فكرة الدعاية السياسية، ذلك أن القانون الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية لا يجيز للحكومة أن تملك قنوات داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها تملكها خارج أراضيها، الأمر الآخر أن الولايات المتحدة الأمريكية تطالب الحكومات العربية أن تتخلى عن إدارة الإعلام، وتنهى عن خلق وتأتي بمثله، تملك وسائل الإعلام وتطالب الحكومات العربية أن تتخلى عن الإعلام، الأمر الآخر أن الـ "بي بي سي" العربية ليست في مستوى الإذاعة، القناة الفرنسية ليست في مستوى الإذاعة الفرنسية، يعني أن القنوات الأجنبية التي جاءت إلى العالم العربي اليوم يختلف تأثيرها اليوم عما كان عليه في الخمسينات والستينات، ذلك لأن الإعلام العربي تطور، والإنسان العربي تطور، ولم يعد يقبل الدعاية، ولهذا أعتقد أن تأثير الوسائل الأجنبية سيتراجع يوماً بعد آخر، وأنا أتوقع أنه خلال العشر سنوات المقبلة، ستغلق بعض المحطات التلفزيونية الأجنبية في المنطقة.
سؤال من الأخت ميسون عبد الغني حاووط: طالبة في الجامعة العربية المفتوحة:
السلام عليكم. ما قولكم بأن من حق الصحفي نشر كل ما يحدث في الواقع، أو ما يقع تحت يده من حقائق أو وثائق، أو أسرار؟ وهل كل ما يعلم يقال، أم أن هناك خطاً أحمر يجب الوقوف عنده، لا لأن ما بعد هذا الخط خطر لذاته، بل لما قد يخلفه من نتائج قد تضر أكثر مما تنفع؟
الأستاذ داود الشريان: لا إن نشر كل ما نعلم صعب، إلا ويكيليكس هو الذي نشر.. لم تنشر الصحف لا عند العرب ولا عند الغرب، هو ويكيليكس هو الذي نشر. الأمر الآخر، السيد هيستر في كتابه للصحافة يقول: أن ترضى بربع رغيف، خير من أن تتضور جوعاً، فالإنسان يرضى بربع رغيف، ثم يصبح الربع نصفاً، ثم يصير واحداً إلاّ ربع، إلى أن يصير رغيفاً، والقبول والاستمرار خير من الانقطاع، فقليل دائم خير من كثير منقطع، فمن التجربة الحالية، يتبدى للإنسان أحياناً أن المشكلة هي في النظام، ولكنه لو يتأمل يجد أن المشكلة هي في المجتمعات وليست في النظام. لو تأمل كل واحد منا في قضايا كثيرة اليوم، ما كان بيد الحكومة أصبحنا نتحدث عنه بحرية، ولكن ما بيد الناس وما بيد التقاليد، إلى الآن لا نستطيع أن نتحدث عنه.. إذاً المسألة مسألة مجتمع وثقافة مجتمع، وأنت لا تستطيع أن تحول القلم إلى سوط، وتجبر هذا المجتمع على أن تقول له ما تريد، لا يستطيع صحفي أن يغير مجتمعاً؛ هو يرمي حجراً في هذه البركة، وغيره يفعل إلى أن يتحرك المجتمع. أتصور بعد عشرين سنة، أن ما كان بالنسبة لنا نحن هذا الجيل اجتماعياً، ونخاف أن نتحدث عنه أو نكتب عنه، سيكون طبيعياً، لأن الجيل تغير.
الأستاذ علي صالح الزهراني، عضو النادي الأدبي بالباحة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حمداً لمن علم الإنسان بالقلم
رب الوجود عظيم الجود والكرم
ثم الصلاة على الداعي لخير هدى
لسائر الخلق من عرب ومن عجم
ثم السلام عليكم يا أحبتنا
ما ازدانت المدن بالأزهار بالديم
تشريفنا حفلكم حقاً أضاء لنا
ليل السرور فأنتم منبع الكرم
سعادة الشيخ الوقور، سعادة الشيخ الإنسان، سعادة الشيخ الكريم عبد المقصود خوجه، ماذا أقول وأنا أقف في مثل هذه الاثنينية الرائعة المتميزة كتميزكم، حفظك الله وبارك جهودك. إنني أنظر إلى هذه الاثنينية أيها الإخوة، أيها الأحباب، على أنها شمس ساطعة في سماء مملكتنا الغالية، مملكة الإنسانية. هذه الاثنينية كنت أتمنى في الأزمنة القديمة، منذ عقود من الزمن وأنا أتابعها في الصحف المحلية، أن أجلس أمام هذا الرجل العظيم الشيخ عبد المقصود خوجه، فأتيحت لي الفرصة في هذه الليلة رغم ظروفي وصحتي التي ليست على ما يرام، إلا أنني آثرت لقاءه، ولقاءكم، ولقاء هذا الأستاذ داود الشريان، هذا الرجل الصحفي المتميز. أقول أيها الإخوة، أتمنى في حياتي كما يتمنى كل مثقف وأديب وبارع في هذه الحياة الدنيا أن توجد مثل هذه الاثنينية، لقول القائل:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاحُ
أيها الشيخ الفاضل أقول لك، وأنت تستقبل ضيوفك، هذا الكرم الحاتمي الذي لا نعرفه إلا من زمن حاتم الطائي، القائل:
أداعب ضيفي قبل إنزال رحله
فيخضرّ عندي والمكان جديبُ
وما الخصب للأطياف أن يكثر القرى
ولكنما وجه الكريم خصيبُ
أنت وفرت كل شروط القرى، حفظك الله، وبوركت جهودك، أتمنى من هؤلاء الإعلاميين المتواجدين في هذه الأمسية، وفي هذا الموقع، أن يحركوا صحافتنا، ويبذلوا جهوداً متميزة لنشر مثل هذه الاثنينية، ولنشر مثل ما قيل من هذا الأديب الكبير، الأستاذ داود الشريان، ومثل ما قدمه زملاؤه جزيوا عني وعنه كل خير، لعلهم أعرف به، وألهم به، مما أتحدث عنه. أنا عرفت داود الشريان عبر الصحف المحلية، رغم أنه لا يعرفني، كما قال عنه زميله أنه كان يقابله، ويقول له: أنت داود؟ وهذا أنا أقول لك، أنت داود الشريان المتميز كتميز الشمس في رابعة النهار، أعود لأقول نحن أيها الإخوة في مملكة الإنسانية، يقال عنا:
نحن شمس البيان أنا وجدنا
لن ير الحاقدون منا أفولا
نحن من ألهم الحروف المعاني
نحن من علم السيوف الصليلا
نحن هنا لنثبت للعالم كله أننا أمة قيادة، أمة صدارة في ظل مملكة الإنسانية خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، ورده إلينا بالصحة والعافية. شكراً يا شيخ عبد المقصود، شكراً فأنت من كل النفوس مركب، ومحبوب لكل الناس، بوركت جهودك، استمر، زادك الله بسطة في العلم والجسم والمال، كثّر الله من أمثالك، كثير من الناس يملك من المال أكثر مما يملكه الشيخ عبد المقصود خوجه، ولكنه لن يصل لما وصل إليه. استمر على هذا النهج، نهج الأدباء، نهج العلماء، نهج طالب هذه الأمة التي تقتدي بمحمد صلى الله عليه وسلم، شكراً لإعطائي هذه الكلمات المختصرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مداخلة الشيخ عبد المقصود: يا أستاذ الزهراني، في الوقت الذي أشكر لك ما تفضلت به، أحب أن أكرر لك أن الاثنينية ليست عبد المقصود خوجه، بدأت بكم، ومنكم، ومعكم، ولكم، عبد المقصود خوجه لا يملك في الاثنينية أكثر من المقعد الذي يقتعده، وإذا كانت الاثنينية في طريقها الذي اختطته منذ اليوم مضى عليها تسع وعشرون سنة، ونخطو الآن إلى السنة الثلاثين، كل الجهود التي ترونها إذا كانت هناك جهود، إنما هي جهود الجمع الذي واكب الاثنينية منذ الخطوة الأولى حتى اليوم، فقد تعودنا أن لا ثناء، فالثناء للجميع، ولذلك في الوقت الذي أشكر لك يا أستاذ الزهراني ما تفضلت به، فإن هذا يجب أن يصيّر ويجيّر إلى مجموع رواد الاثنينية، ورحم الله من قام بتشييد هذا البنيان من البدء، وهم أساتذة عظماء، فقدناهم، ولم نستطع حتى اليوم إحصاء الأفضال التي أفاضوا بها على الاثنينية من الغريب أن البارحة استعرضت الرجال الذين سعدت الاثنينية بتكريمهم، فوجدت أمامي أربعمائة شخصية تقريباً، والذي آلمني كثيراً، أن الاثنينية فقدت منهم حتى الآن مئة وستين رجلاً، فأظن تكفي الغصة التي شعرت بها، وأحس بها الآن، لنا أن نجتمع دائماً وتتكتل جهودنا، عسى أن نحقق الأهداف التي نصبو للوصول إليها، وشكراً.
مقدم الأمسية: شكراً الشيخ عبد المقصود، أنقل المايكروفون إلى قسم السيدات.
سؤال من الدكتورة نادية عبد الجبار، أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة الملك عبد العزيز سابقاً، وشاعرة باللغة الإنجليزية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. هو ليس بسؤال، بل هو تعبير عن انبهاري، وإحساسي بالتقصير تجاه أدباء بلدي. لأول مرة أسمع أحاديث بهذا العمق، بهذا الجمال، بداية من الشيخ خوجه، المناع، باجنيد.. أحاديث رائعة، إنني ما قرأت الشريعة، وأنا آسفة لذلك، لكني سعيدة بمن يكرم، سعيدة بأسلوب أن نفرح ببعضنا بعضاً، ونشجع بعضنا بعضاً، وندعم بعضنا بعضاً، لأن التشجيع لا يزال موجوداً في بلدنا، فالحمد لله أن هناك من يشجع في بلدنا، وشكراً.
سؤال من الأستاذ خالد المحاميد، الصحفي:
الأستاذ داود في إحدى مقابلاتك قلت إنك بدأت في التمثيل، والآن تكرر هذه المقولة.. الكثيرون يقولون بأن جزءاً من مقدم البرامج هو ممثل، هل تشعر أحياناً بأنك تمثل الدور على المنصة أمام الجمهور في التلفزيون؟ شكراً.
الأستاذ داود الشريان: إن جزءاً من الصراع في داخلي ورفضي التلفزيون، أن التلفزيون يشعرك أحياناً أنك "مسلواتي"، أي أن الناس تتسلى.. أنا لا أحب أن يتسلى الناس، أنا أحب أن يستفيد الناس، إن التلفزيون قد حوّل العمل إلى "شو" show بالإنجليزي، إلى الإظهار، الإظهار مهم أحياناً في التلفزيون، وأحياناً أخرى لا؛ إذا كان هناك أديب عظيم، أو مفكر كبير، فقد لا يصلح للتلفزيون.. يمكن أن تصلح للتلفزيون مذيعة جميلة، أو مذيع شكله لطيف، يضع أحدهم سؤالاً في أذنه ويرقيه. لقد اكتشفت أن التلفزيون فيه الكثير من الغش، فيه الكثير من الميك -أب (make-up) ليس الميك -أب المباشر، بل الميك -أب غير المباشر، صحيح هناك تمثيل، ولكن التمثيل لا يقتصر على العمل التلفزيوني. شكسبير يقول: "وما الحياة إلا مسرح كبير"، لو جلس أحد منا هكذا، في أي مكان في مكتبه أو في عمله، سيشعر أن الناس تلبس كل يوم جديداً.. إذا ما كبرت فإنك إما أن تزيل اللحية والشنب، أو تصبغ.. حتى نحن في الحياة، كما يقول قاعدين في مسرح. إن التلفزيون حالة من التمثيل، والتمثيل موجود في كل مكان، لكني أشهد بأن العمل في التلفزيون هو حالة تمثيلية كبيرة جداً، لكن على خلاف العمل في النص، التعاطي مع النص شيء مختلف، لا يستطيع أن يجيده كثيرون ممن يعملون في التلفزيون. شكراً لك.
سؤال من الأستاذة نهلة عبد ربه، معلمة لغة عربية:
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إن برنامج "واجه الصحافة" الذي يعرض في قناة "العربية"، قد خدم بعضاً من قضايا المرأة في المجتمع، حيث طرح العديد من مشاكل المرأة، وسبل مواجهتها، مثل هموم المطلقات، وحقوقهن في رئاسة الصحيفة، وأيضاً حقوق التميز في التقاعد للمعلمات، وأيضاً بطالة المرأة السعودية. فحبذا لو ناقشتم قضية أبناء السعوديات الأجانب داخل المملكة، والذين يحملون الإقامة فوق سن سبعة عشر عاماً، وشكراً.
الأستاذ داود الشريان: نحن صراحة ناقشنا ذلك في حلقة أولاد السعوديين في الخارج، يعني هناك الآن جهات ومؤسسات موجودة في البلد، وهذه مشكلة تناقش على أكثر من صعيد. هنالك اهتمام من وزارة الداخلية، هنالك اهتمام من وزارة العمل، وناقشنا نحن موضوع أبناء بعض السعوديين الذين يتزوجون من الجاليات ويتركون أبناءهم في الخارج، ولا مانع أن نضيف إليهم أيضاً الحديث عن أولاد السعوديات الموجودين في داخل المملكة، ولا يحق لهم بالجنسية.
سؤال من الأستاذ ناصر آل فرحان، رجل أعمال، ومستشار إعلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أهنئكم على تكريمكم الرائع للأستاذ داود. سؤالي: قمتم من خلال عمودكم الرائع في جريدة الحياة بحملة على السفارات الأوروبية وتحديداً في ما يخص تعاملها بفوقية مع المواطن السعودي عند مراجعته لتلك السفارات بقصد الحصول على التأشيرة. إلى أي مدى تفاعلت وزارة الخارجية السعودية مع ما طرحتم، وعلى ماذا انتهت تلك الحملة، خصوصاً بعد الردود المتبادلة بينكم وبين السفارة البريطانية والفرنسية؟
الأستاذ داود الشريان: السفارة البريطانية لم تكن لها علاقة، إذ ليس لدينا معها مشاكل. نحن لدينا مشكلة مع السفارات التي تعطي تأشيرة "الشينجن"، وهي السفارة الإيطالية، والسفارة الفرنسية، والسفارة الألمانية، وبقية السفارات. لكن السفارة الفرنسية كانت تتعامل بكثير من الفوقية، فيما وزارة الخارجية كان تعاملها إيجابياً، وأصدرت تصريحات خلال المراسلات التي جرت، تبين أنها غير مرتاحة، وغير مستعدة، لكن الرد الذي يرد إلى وزارة الخارجية، أن هذا نظام الوحدة الأوروبية، وهذا الكلام غير صحيح؛ ففي الإمارات يحصل المواطن الإماراتي على التأشيرة في خلال أربع وعشرين ساعة، وفي قطر تحدثوا عن الحصول على التأشيرة في المطار، فيما نحن المملكة نحصل على التأشيرة خلال عشرين يوماً. لقد حسنت بعض السفارات، مثل السفارة الفرنسية والألمانية، عملية استقبال المواطن السعودي، حيث اتخذوا مكاتب إلى حدٍ ما معقولة، لكن هذا غير كاف، وأعتقد أننا يجب أن نستمر في الحملة، لأن التعامل هذا غير مقبول منا كمواطنين سعوديين، لأنه لا يوجد مواطن سعودي يذهب إلى أوروبا ويجلس في شوارع باريس، المواطن السعودي يذهب إما معالجاً أو سائحاً، وسلوكه في الدول الأوروبية موضع احترام، إضافة إلى التعامل بفوقية، فإن هناك حالات يُطالب فيها مثلاً مدير شركة كبير ومعروف، بتذكرتي ذهاب وعودة، وحجز فندق مدفوع، يعني طلبات غير منطقية. الأمر الآخر الذي يجب عدم السكوت عنه أيضاً هو المطالبة بحسابات البنوك.. إن حسابات البنوك فيها شيء من الخصوصية، هم ينتهكون خصوصيتنا مقابل فيزا، الحملة بدأتها أنا لكنها للأسف لم تكمل في صحف أخرى. أنا أتمنى أن تستمر، لأن هذا حق.
سؤال من الأستاذة ابتسام عبد الله البقمي، كاتبة وقاصة ومؤلفة سعودية:
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طاب مساؤكم. يسرني أن أشكر الشيخ عبد المقصود خوجه لتشريفه لي بالدعوة الكريمة، وكم تاقت نفسي لحضور هذه الأمسية الكريمة، ويسرني كذلك أن أتعرف إلى الشيخ الذي هو غني عن التعريف، وهو الأستاذ داود الشريان. أستاذي الكريم لقد سعدت جداً بملتقى جريدة الجزيرة في فن المقالة السعودية، ووضع كرسي لفن المقالة السعودية في جامعة الأميرة نورة، وبما أنني أزعم أنني أمارس كتابة المقالة -مقالة أدبية، مقالة اجتماعية، مقالة ثقافية- أسأل: هل هناك مواصفات معينة من وجهة نظركم تميز المقالة السعودية عن غيرها؟ شكراً لكم.
الأستاذ داود الشريان: إن المقالة كما قلتِ هي في كتب الإعلام، وتقسيمات المقالة تختلف من مدرسة إلى مدرسة؛ هناك أشياء إيجابية موجودة في المقالة السعودية.. نحن نتميز عن العرب، بأن كلاً منا يستطيع أن يكتب مقالة، وأنا في النادي الأدبي طالبت بتدخل أممي للصحف السعودية بمنع بعض المقالات، ففي بعض الصحف تجد خمسين عموداً، هذا غير معقول، كل من أراد أن يكتب عموداً كتب. الأمر الآخر هناك حالة من الذاتية، بمعنى أن المقالة تعبير عنك، وهي ليست نصاً منوعاً كالتقرير والخبر، لكن الذاتية استخدمت هنا على الأنا؛ هناك كتّاب أعمدة كثيرون يتحدثون عن أنفسهم في العمود، أي يكتب العمود من أوله إلى آخره ليتحدث عن حاله. ثم هناك أيضاً ترهل في اللغة؛ فهناك كتابات وأعمدة أستغرب أن تستوعبها بعض الصحف، ولا أريد أن أسمي، حيث تجد فيها أعمدة محترمة جداً ورشيقة، وتكتب باحتراف، فيما تجد في المقابل عموداً آخر مكتوباً بتواضع مهني كبير. كيف يجمع رئيس التحرير بين عمود ينشر لكاتب عمود محترف، وآخر ينشر لهاوٍ؟ فكثيراً ما نجد أنه في الصحافة السعودية، إذا كان لديك جاه أو منصب، فإنك تستطيع أن تكتب عموداً. كان أحد الأصدقاء يقول: الإنسان لا يرضى؛ الصحفيون يتمنون أن يوقعوا الشيكات، ورجال الأعمال يتمنون أن يوقعوا مقالات، ومع أني من الصحفيين فإذا كان رجال الأعمال يعطونني شيكات أعطيهم المقالات.
سؤال من الدكتور حمود أبو طالب، الكاتب المعروف:
طلب مقدم الحفل أن يتحدث الشباب وصغار السن وهم واقفون، وأجزم أنني مستثنى من ذلك. نرحب بالأستاذ داود، وسعداء بوجودك معنا، والشكر للشيخ عبد المقصود خوجه الذي يتحفنا دائماً بمثل هذه الوجوه الطيبة والجميلة. الأستاذ داود دعني أقول لك: داود الشريان مقروء يومياً، مسموع يومياً، ومرئي أسبوعياً، ألا يخشى داود على نفسه، وعلى المستمع، وعلى القارئ، وعلى المشاهد من مغبة المضي في ثلاثة مسارات، كل واحد منها أشد إجهاداً من الآخر؟ ثانياً هل يتوافق هذا مع عصر التخصص الدقيق في كل علم، ومنه الإعلام؟ شكراً.
الأستاذ داود الشريان: يعني أنا أخاف أخاف، أنا الآن في مرحلة مفاضلة، أعتقد أنني سأتخلى عن منبر أو اثنين، أنا الآن أعيش مرحلة مفاضلة، لكني جلست لسنوات -وهذا ليس غروراً- ولم أقدم الشيء الذي أريد أن أقدمه، واليوم فإن خلاصة الخبرة التي اكتشفتها، قبل أن يمضي العمر، تقضي بأن أقدمها بالسرعة الممكنة.
سؤال من الأستاذة سامية المناع، عضو الهيئة العالمية للمسلمات الجدد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأستاذ داود الشريان شريان ينبض بالحياة، فالإنسان يحاول أن ينبض في كل مرحلة من مراحل حياته، لأن السابقين كانوا بارزين في كل المجالات، فجزيت خيراً. تناولت الأستاذ داود في إحدى مقالاتك المنشورة في جريدة الحياة "موال المناهج" الإشكالية في تطوير وتغيير مناهج المملكة، مشيراً إلى قول الأمير فيصل بن عبد الله: إن الكلام حول المناهج صار موالاً، ولو تم تلحينه سيكون موالاً جميلاً، ما تعليقكم على هذا؟ ثم إلى أين وصلت حملتك على هيئة الاستثمار، وهل لا تزال على موقفك؟ مع أن هناك من أخذ يدافع عن الهيئة، التي أشعر أن الحملة عليها فيها شيء من الحدة؟
الأستاذ داود الشريان: والله إن الحملة على الهيئة، والوضع مع الهيئة لا يزال كما هو عليه. لقد كتبت عشرين مقالاً، ولا أزال عند رأيي؛ باختصار كان رأيي في العشرين مقالاً أن الاستثمار في المملكة، نريده أن يأتي بشركات ذات نوعية ومعرفة، تنقل لنا تكنولوجيا، أو معرفة، ولديها رأسمال ضخم يوظف، فيما الاستثمار الذي نستقبله اليوم، هو مطاعم ملوثة، وورش صناعية. والأمر الآخر أن هيئة الاستثمار تحسب الأموال التي تأتي بها أرامكو، وشركة الاتصالات، ووزارة المواصلات، وتعتبر أنها هي التي أتت بها.. لا، هي لم تأتِ بها. تعلمنا في الاستثمار، الفلوس تعطينا، وتنشر هيئة الاستثمار بياناً، وتقول لنا اسم الشركة، وكم المبلغ، المئة مليار تقول لنا وزارة المواصلات أنها هي، وأرامكو قد أتت بها، أما أن يكون الاستثمار للاستثمارات الطفيلية التي تأخذ أرزاق الناس البسطاء في مطاعم، وفي ورش، فهنا كان الاعتراض، ثم إن تفسير بعض الكتّاب الأمر على أنه شخصي، فأقول لهم إني لا أعرف هيئة الاستثمار، ولا أعرف أحداً من هيئة الاستثمار، ولم أرهم، ولا أكتب بدافع شخصي. أنا رجل منذ ثلاثين سنة وأنا أكتب، ولو كنت أكتب بدافع شخصي لا أعتقد أنني كنت سأستمر. أنا أكتب بدافع من حس وطني، وهذه هيئة عامة، ثم إن هيئة الاستثمار تتعامل بالشأن العام، فعليها أن تكون موضع مساءلة. حينما كتبت حملة "كتاب"، حاولوا أن يشخصنوا الموضوع، إلاّ أنني صمدت، لأنني في عمري لم أرد على شخص يسبني أو يشتمني، لأنني لا أكتب لنفسي أو عن نفسي.. أنا أكتب في قضية طالما المشكلة قائمة ولم تعالج، وحالما يشخصن الموضوع أتوقف. هيئة الاستثمار حاولت أن تشخصن الموضوع، وتجعلنا نتشاتم، فتوقفت، ولن أعود إلى هذا الموضوع، حتى يقتنع جماعة هيئة الاستثمار أن لا شيء شخصي، ولا أزال أصر على أن الاستثمار يجب أن يجلب لنا رؤوس أموال ضخمة توظف العاطلين، ويأتي لنا بخبرات عالمية في مجال المقاولات، والتكنولوجيا، والصناعات، إذا لم يأتوا لنا بهذا فإننا لا نعتبره استثماراً.. نحن لا نعتبر -مع احترامنا للجميع- إذا ما أتانا أحدهم من تركيا، أو من لبنان أو من سوريا، وفتح لنا مطعم طعمية، أن هذا استثمار.. هذا ليس استثماراً، وشكراً لكم.
سؤال من الأستاذة زهرة قمقني، باحثة في مجال حقوق المرأة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كانت لديك حلقة عن زواج المسيار وكانت مثيرة بمقاييس الإذاعة، وقد أخذتك مشاعرك وقتها، فخرجت عن الحياد الذي يجب أن يكون عليه المذيع. بماذا تفسر هذا الهجوم الشنيع على زواج أباحه المجمع الفقهي بمكة، والذي تقول عنه: "أُسَمي الزواج الضمني الذي تحول إلى كتاب باسم زواج الأمة الحرة من الصعلوك المتسول، المسيار لعنة يهود"، بماذا تفسر هذا الهجوم من وجهة نظر صحفي مر بمقاعد مجلة "الدعوة"، و "المسلمون الدولية"؟
الأستاذ داود الشريان: أنا لست شيخاً. أنا أرى أن زواج المسيار بعضهم يعتبره استغلالاً لظروف المرأة، ولذلك رُفض من قطاعات كثيرة، صحيح أنه أُبيح، وأنا لا أتكلم هنا بالفتوى التي أباحته، ولكن النظرة الاجتماعية لزواج المسيار على العموم ليست راضية، لأن هناك تعدياً على حق المرأة، حقها المادي والمعنوي، وأنا مع الذين يرفضون هذا. أنا لا أرضاه لابنتي، ولذلك لا أرضاه للأخريات.
سؤال من الأستاذ قينان الغامدي، صحفي معروف:
مساء الخير. أولاً نشكر الاثنينية على استضافتها للأستاذ داود، أنا من محبي داود، ومن المتفقين معه في ما يطرح، لأنني قد عرفت داود الشريان عن كثب، وعرفت فيه ميزتين مهمتين: الأولى أنه صادق مع نفسه ومع الآخرين، والأخرى أنه يمتلك أدواته، ثقافة ومهنة، ولذلك أنا أشترك مع الصديق حمود أبو طالب في الخوف عليه، وطالما أنه في مرحلة الاختبار، فأرجو أن يختار المقال. سؤالي للأستاذ داود: أين اختفى الأستاذ داود الساخر عندما كان يكتب بسخريته، كثير من المسؤولين يقولون: كيف نرد على داود؟ لكن داود الساخر اختفى وكأنما أخذته السياسة، طبعاً أنا ما زلت أتذكر مقولة داود أنه تعلم أكثر فن المقال في صحيفة "الحياة"، لكن حتى صحيفة "الحياة" لا تمنع من الكتابة الساخرة. شكراً.
الأستاذ داود الشريان: طبعاً أنا كتبت، وعليّ أولاً أن أقر أن الأستاذ قينان منحني في جريدة "البلاد" مساحة مهمة في مسألة السخرية عندما كنت أتجاذب أطراف الحديث مع الخال مدلج، وأنا أردت في صيغة شخص أتحاور معه، وأضع على لسانه ما أريد، أن أصيب شكلين من المقالة: القصص والحوار، وهذه أولاً تسهل الكتابة، وتبعد العبء عن الكاتب، خصوصاً في المجتمع المحافظ. إذاً الأستاذ قينان له فضل كبير في أنه منحني فرصة أن أعبّر عن شيء في داخلي.. لا أنكر أن السياسة أعطبت جدار السخرية في داخلي، فقد كتبت سخرية سياسية في "الحياة"، لكنني اكتشفت أن السخرية -لا أدري كيف أعبر لك- يتعامل معها بعض السياسيين أحياناً على أنها مؤذية، فالسخرية هي أشد أنواع النقد حينما تمسك سياسياً وتسخر منه، وهو لا يحتمل هذا، يمكن أن تنتقده وهذا مألوف، لكن أن تسخر منه فهذه كبيرة جداً، ومثل ما قلت في "المقعد" عند معالي السفير هشام ناظر أن السخرية تحتاج إلى مزيد من الحرية، وهناك مثل عند أهل نجد يقول: "فلان ضرس العلا"، يعني يعلك، لكن لا أحد يعلك عليه، فيجب أن لا يكون الساخر ضرسا علا، يسخر من قوم ولا يسخر من قوم آخرين، أو يسخر من قضية ولا يسخر من قضية أخرى، فلهذا حينما تكون الحرية كبيرة فهو يسخر من الجميع، أما أن يسخر ممن يستطيع عليهم، ومن لا يستطيع لا يسخر منهم، هنا تصبح السخرية ناقصة، فلهذا أنا أحاول يا قينان هذه الأيام أن أعود إلى السخرية، فأتمنى.
سؤال من الدكتورة آمال نقشبندي:
أيهما أفضل لك: العمل في مجال الصحافة والإعلام، أو العمل في القنوات الصحافية؟ وكيف استطعت أن تجمع بين العملين؟
الأستاذ داود الشريان: لي تجربة في تلفزيون دبي وقيل لي إن هذه التجربة نجحت، وأصبح هناك إلحاح عليّ من التلفزيون كوني أستقطب، لكني رغم الذهاب إلى التلفزيون لم أتخلَّ عن عملي، وما زلت أمسك بيدي اليمنى بالصحف، ولو خُيِّرت لأبقيتها بيدي اليمنى.
سؤال من الأستاذ سامي صالح التتر:
السلام عليكم، داود شريان الكلمة والطرح الجريء، وصفت مطالبتك بفك الارتباط بين الصحافة والحكومة، وإطلاق اليد الأولى لممارسة دورها كسلطة رابعة عقب أحداث كارثة جدة، بأنها تجاوزت حدود مملكة ارتهن نبضها الإعلامي بوقع أقدامها على المحك السياسي داخلياً وخارجياً.
الأستاذ داود الشريان: في الحقيقة لما كتبنا عن جمعية الصحفيين، قلنا إنه يجب أن يكون هناك فك ارتهان بين الجمعية والوزارة، لأن النظام وُضع في الوزارة، ولا يزال هذا الجدل دائراً، وأعتقد أن معالي الوزير عبد العزيز خوجه قد تفهم الأمر الآن، لأن الجمعية ليست جزءاً من الوزارة نظاماً، والنظام الأساسي الذي وضع للجمعية جعلها لا تتحرك أو تتحول إلى مؤسسة حكومية تسير عليها نظم البيروقراطية الحكومية نفسها، والآن البلاد متجهة إلى تشجيع الصحف، وإطلاق قنوات إعلامية، وأنا في ذلك الوقت -وحتى يكون مفهوماً- طالبت بفك الارتباط بين الوزارة والجمعية، وأنا أعتقد أن هذا في طريقه إلى التحقق.
سؤال من الأستاذة معزز أكبر، معلمة متقاعدة:
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا معلمة متقاعدة، كوني قد اشتغلت في التربية والتعليم، أتمنى أن تراعي كل القنوات التي تنتمي للدولة السعودية عاداتنا وتقاليدنا، ولدي انتقاد لقنوات الإم بي سي، وأقول الإم بي سي، لأنك تعمل في هذا المجال، فما رأيك في البرامج التي تبثها قنوات الإم بي سي، خصوصاً الإم بي سي 4، هذه ترجمة وإعلام موجه إلى الشعب السعودي، أشعر أنها برامج قناة أمريكية، فما رأيك في هذا الموضوع؟ هل يمكن لنا أن نؤثر في هذا الأمر، بحيث تصبح لدينا برامج أفضل مما يبث الآن؟
الأستاذ داود الشريان: طبعاً الإم بي سي تقوم بدراسات، ولديها جهات تدرس رغبات المشاهدين، والأمر الآخر أن القنوات الأجنبية هي محاولة من الإم بي سي للإتيان بالأفلام والبرامج الغربية للمشاهد السعودي ضمن اختيارات، وبالمناسبة فإن هذه القنوات هي الآن من أعلى البرامج مشاهدة. لا ننكر أن هناك بعض الملاحظات، أو تمر بعض اللقطات قد يكون فيها تجاوز بعض المرات، ولكنها تراقب، وهي تحاول أن تراعي عادات المنطقة. الأمر الثالث، أن الإم بي سي ليست قناة موجهة إلى المملكة العربية السعودية فحسب، بل هي موجهة إلى العالم العربي، فما قد يكون مرغوباً ومتحفظاً عليه في بلد، قد ينظر إليه بشكل عادي في بلد آخر، لذلك وأنت عندما تبث إلى كل العالم العربي فإنك تكون في حيرة، لا تستطيع أن تربط قنواتك ضمن تقاليد بلد وتترك البلد الآخر، ورغم ذلك مثل ما قلت في الإشارة، أنه من الخمسة والعشرين، اثنتا عشر قناة تملك 60% من مداخيل الإعلام وهي للإم بي سي، فيما تذهب الأربعون للباقين، هذا مؤشر على أن الناس يشاهدون هذه القنوات وراضون عنها. أنا لا أزكي كل القنوات، وأقول إنها يجب أن تشاهد، لكن في النهاية هذا هو السوق.
سؤال من المهندس عبد الغني حاووط:
السلام عليكم. الأستاذ داود في كثير من الأحيان نسمع مقولة: "فلان فجر قنبلة صحفية"، فهل ترى أن مهمة الصحفي تفجير المواضيع، أم توجيه أصابع الاتهام إلى شيء ما؟ أو بعبارة أشمل، هل تعتبر أن مهمة الصحفي نشر المكشوف أم كشف المستور؟ شكراً.
الأستاذ داود الشريان: الصحفي مهمته أن ينقل المعلومات بسرعة وأمانة وصدق.. الصحفي من مهمته أن يثير الأسئلة، لا أن يفجر قنابل، ثم إن كشف المستور يعتمد على المستور وإلى أين سيفضي. في بعض المجتمعات لا تستطيع أن تكشف كل المستور، لأنك تصطدم بقيم المجتمع، وكما ذكرت في السابق فإن التدريس أو القبول بربع الرغيف ممتاز في بعض الأحيان.
سؤال من الأستاذة دينا أسعد، من قنصلية لبنان:
من هو ويكيليكس؟ وما هي أخباره المنتشرة؟ ولمصلحة من يعمل؟
الأستاذ داود الشريان: والله لا يزال كل الناس يسألون كيف حدث ويكيليكس هذا؟ هل الأمريكان هم من سربوا هذه الوثائق، ويريدون أن "يصفروا العداد" كما في السيارات، ويقولون لنا "انفضحنا يا الله نبدأ من جديد"؟ لا أحد يعرف حتى الآن، وأعتقد أنه سيمضي وقت طويل حتى يجاب عن هذا السؤال، لكن النظر إلى ويكيليكس على أنه خطأ، أو أنه تسريب من موظف فهذا غير مقنع حتى الآن، لكننا ننتظر.
أحمد محمد الذهباني: بسم الله الرحمن الرحيم، أسعدتم بالخير جميعاً. بادئ ذي بدء نشكر الشيخ عبد المقصود خوجه على هذه الأمسية التي لا أبالغ إن قلت إنها كانت مضرب الأمثال لدينا في الجمهورية اليمنية، حيث هناك الكثير من الأندية الأدبية، لكننا نفاخر ونحن نعيش هنا في مدينة جدة باثنينية الشيخ عبد المقصود خوجه، ونشكر للدكتور داود الشريان حضوره ونهنئه على هذا التكريم، وكما يقول أخي داود، الشيء بالشيء يذكر، فإن المملكة العربية السعودية ومواطنيها، وأنتم شخصياً شعرتم بشيء من المعاملة الدونية التي لا ينبغي أن يعامل بها المواطن السعودي من بعض الدول الأوروبية، قرأت لكم كتابات في ما يتعلق بانضمام الجمهورية اليمنية إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وأيضاً مقالكم الرائع عن نجاح تجربة "خليجي عشرين" التي أقيمت الأسبوع الماضي في مدينة عدن. أريد أن أسأل أخي الكريم ألاَ ترى أن الجمهورية اليمنية تعامل معاملة دونية في ما يتعلق بانضمامها إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي أسهم في وجود كثير من المشاكل في اليمن نيابة عن الآخرين؛ فالقاعدة ليس بيننا وبينهم ما يؤدي إلى هذا الصراع، ولكن اليمن والجمهورية اليمنية تقاتل نيابة عن الآخرين، وتتصدى للقاعدة نيابة عن الآخرين..
الشيخ عبد المقصود خوجه: (مقاطعاً) أستاذنا أرجو أن نبتعد عن الأمور السياسية، عندنا ثوابت في الاثنينية من ضمنها عدم التكلم أو البحث في الأمور السياسية، فاطرح السؤال الذي تود بعيداً عن المبادئ الخمسة للاثنينية.
أحمد الذهباني: ألا ترون أن الوقت مناسب لانضمام اليمن إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي؟ شكراً.
الأستاذ داود الشريان: إن شاء الله يوم الجمعة القادم سيتناول برنامجي هذا الموضوع، وأحب أن أقول لك إن دول مجلس التعاون لا تنظر إلى اليمن كما أشرت؛ اليمن الآن هو عضو في إحدى عشرة منظمة اقتصادية، وهناك لقاء بين الاقتصاديين في مسألة تأهيل اليمن. من حيث المبدأ فإن أهل الخليج يشعرون بمشكلة اليمن، والقضية هي مسألة وقت في تقديري أي أنها تحتاج إلى وقت.. إحدى عشرة مؤسسة خليجية لدى اليمن كامل العضوية فيها.. الإحدى عشرة مؤسسة أعلنت في القمة الأخيرة التي عقدت في أبو ظبي، وعلى لسان سمو الأمير نايف، إن "اليمن دولة مهمة لنا، واستقراره مهم لنا"، وأنا لا أعتقد أن هناك نظرة دونية لليمن.. غير صحيح.
سؤال من الأستاذة أمل بدر، سيدة أعمال:
هناك عدد كبير من الشباب السعودي يحملون شهادات عليا ولم يحصلوا على وظائف منذ فترة طويلة، فهل لديكم اقتراح لهذه المشكلة إعلامياً؟ وشكراً.
الأستاذ داود الشريان: إن البطالة اليوم أصبحت هم الجميع، وكلنا قرأنا تصريحات سمو الأمير نايف في كلمته لرجال الأعمال، والتي أكدت على أنه يجب أن لا يبقى في البلد عاطل عن العمل.. اليوم الصحف والمقالات تمتلئ، وهذا الاهتمام من المؤكد أنه سوف يفضي في النهاية إلى نتيجة إيجابية.
سؤال من الدكتور يوسف حسن العارف، مدرّس وعضو هيئة النادي الأدبي بجدة:
السلام عليكم ورحمة الله. أنا أثني على كلامك أخي داود في أن الإذاعة هي فعلاً مستقطبة حتى الآن وما زالت تصيغ الصوت المسموع، وأكبر دليل على ذلك أن "جماهير الثانية مع داود" أكثر من جماهيرك في "واجه الصحافة".. أنا أتصور أن برنامجك الذي أنا أستمع إليه في هذه الفترة هو فعلاً برنامج جماهيري، وأحد المستمعين أسماك "صوت الشعب"، وقد استغربت أنك تقطع الاتصالات على كثير من المتصلين وتقول لهم: "خلاص الرسالة وصلت"، فيما ضيفك العزيز الذي يبرر فحسب -كما فعل اليوم في موضوع الشوارع والحفر- تعطيه مساحة من الوقت، مع أن صاحب الحق هو الشعب الذي ينادي ويطالب، فأرجو أن تكون فعلاً "صوت الشعب" يا داود، شكراً لك.
الأستاذ داود الشريان: إن سر نجاح هذا البرنامج بالمكالمات، لم يصنعه الضيوف ولا المقدم. كثير من المسؤولين الكبار يشجعون البرنامج، ويفرّغ البرنامج لهم، ويقرؤونه، ويعتبرونه مقياساً للرأي العام، لكن هنالك فرقاً بين أن توصل رسالتك، أو أن تتهم الآخرين، وتقلل منهم. البرنامج ليس محكمة، أن تأتي على الهواء، وتحاكم الناس، وتطلق عليهم أحكاماً، فهذا ليس دورنا.. دورنا أن نثير نقاشاً، ونفتح حواراً ونعالج قصة من المسؤولين.. طبعاً كل واحد من حقه أن يدافع عن وجهة نظره، لكنني أتوقع أن يفرق الناس مع الوقت وهم يتصلون، بين فشة الخلق، وبين النقاش الإيجابي؛ فنحن وإزاء من يريد أن يتجاوز، لا نقطع الاتصال قطعاً مباشراً، لكننا نريد أن نتعلم أصول الحوار، حتى لا يتحول البرنامج إلى اتهام للمسؤولين، ليس هذا هدفنا أصلاً، بل هدفنا أن نفتح حواراً ونناقش قضية ونعرف أن مناقشة القضية بهدوء وحكمة تفضي إلى نتائج إيجابية، وهذا ما لمسته من مسؤولين كباراً، حين يتصلون بعد الحلقة، ويطلبون نسخة منها، وبعد فترة يأتيني المسؤول ويقول: إن الموضوع الذي طرحته أصبح الآن في طريقه للتنفيذ. هذا هدفنا في النهاية، ليس هدفنا التشهير بأحد، ولا نسمح لأحد أن يشهر بمسؤول، ولهذا نكون حذرين في هذا المجال.
سؤال من الأستاذة ابتسام البقمي: بسم الله الرحمن الرحيم، وجهة نظر مقدمة إلى الروائيات السعوديات الشابات تقريباً، وسؤالي يقول:
الأستاذ داود، هل عندك طقوس كتابة معينة؟ متتبعاً نقطة البداية عندك في مقال، ومتى تنتهي، أو تعتقد أنك انتهيت؟ أما الرسالة التي أريد أن أوجهها للأديبات السعوديات، بعد إذنك يا شيخ عبد المقصود، الأستاذة ليلى العثمان الروائية الكويتية قالت: إن الأديبات السعوديات أصبحن في هذا الوقت أكثر جرأة مما سبق.. نعم أوافقها الرأي، لكنني لا أعمم هذا الحكم على جميع الروائيات السعوديات، فقد هممت بكتابة موضوع في هذه القضية، غير أنني صرفت إلى موضوع أهم، وكم من الأفكار التي راودتني عند كتابة المقالة الأدبية -تلك موجهة للروائيات السعودية- خلاصتها أن ليس من هدف الأديب الذي يحترم نفسه، ويحترم مجتمعه، ويحترم أمته، ويحترم الإنسانية، أن يكشف المستور ويفضحه -ونعني بالمستور ما يجب ستره فعلاً- لكن هدف الأديب حسبما أعتقده، وأمارسه في أدبي، هو معالجة المرض الموجود، أو إحضار الدواء لهذا المرض.. على الأديب أن يطرح أفكاراً معينة، ليس بالصورة المباشرة، ويحاول أن يجد في آخر الرواية، وفي آخر القصة، العلاج المناسب لهذا الداء.
الأستاذ داود الشريان: طبعاً أنا أعتقد أن طقوس الكتابة هذه خرافة؛ أنا أكتب في أي مكان، يمكنني أن أجلس في مقهى وأكتب، وأنا أعمل في الجريدة يدخل علي الزملاء مراراً ويتكلمون، ثم يغادرون، أنا أكتب، في البيت في الطائرة في أي مكان، الكتابة صارت لدي صنعة ربما الشعراء لديهم طقوس. لا أدري، لكن أنا ليس لدي طقوس. أما بالنسبة لنقطة البداية فهي الصدمة أحياناً؛ أحياناً يتكلم شخص ويقول كلمة تصنع مقالاً عندك، بالنسبة لي كمعلق أقرأ أخباراً، هنالك أخبار تثيرني أكتب عنها، وتلك التي لا تثيرني لا أكتب عنها، لكنني في الغالب أكتب للخبر، أي أن ما يثيرني هو الخبر، أو المعلومة، وهي التي تشعل عندي الكتابة.. لا أكتب عن فكرة يجري تداولها دائماً، أنا معلق وأكتب كل يوم بناء على خبر يجري، ولذلك فإن المعلومة هي التي تحرك عندي الكتابة.
سؤال من الأستاذ محمد علي محمد، مدير شركة مالية:
السلام عليكم، الأستاذ داود الشريان نال خبرة جيدة في المسرح، ووقف على خشبته مع المبدعين المصريين، وفي الزمن الجميل، ولكننا لم نرَ أو نسمع لك أي إنتاج محلي، كما أنك لم تستفد من تلك الخبرة. هل الداعي لذلك هو منع الوسط الفني لذلك، وعدم اهتمام به من الجمهور والنقاد؟ أم هنالك أسباب أخرى؟ نرجو ذكرها؟
الأستاذ داود الشريان: لعلني ألمحت إلى الإجابة في البداية. في ذلك الوقت لما كنت عاشقاً للمسرح، لم يكن المسرح موجوداً، وكان التمثيل حراماً، و "الأمور ما هي زينة"، فتركت المسرح. أنا الآن كبرت، وما عدت أصلح للمسرح. لقد تركته منذ زمن كان فيه هذا غير متاح، وقلت إني لا أريد أن أكون شهيد المسرح، وأمشي على الطرقات، وأبكي على المسرح، فنزلت درجة ودخلت في الصحافة، ووجدت تعويضاً، لكنني لا يمكن أن أكون ممثلاً الآن ولا أعتقد أنني أصلح لذلك.
سؤال من الأستاذة سامية مناع: في لقاء مع فهد بن سلمان، تحدث الأستاذ داود عن السياحة، والتأثيرات السياحية من الداخل والخارج، والمقاومة السلفية التي ظهرت في السينما الخاصة في البحرين، وكنتم تطالبون بالدعم. الأستاذ عبد الرحمن الصانع يقول:
هل يكون الدعم لكبار التجار فقط، أم ستكون هناك مشروعات شبابية سياحية تساعد الشباب على دخول معترك السياحة؟
الأستاذ داود الشريان: والله ما فهمناه نحن في المقابلة مع سمو الأمير سلطان بن سلمان، أن الدعم سيكون حتى للمشروعات الصغيرة في السياحة. وفي حديث معنا خارج الأستوديو تحدث عن تجربة حائل، وكيف أن رالي حائل أفاد كثيراً من الناس ذوي المهن البسيطة -سيدات في بيوت، ومواطنون لديهم حرف صغيرة- وأصبح يشكل دخلاً جيداً للمواطنين والمستثمرين وصغار التجار في منطقة حائل، وأعتقد أن هذا هو التوجه في السياحة.
سؤال من الأستاذ محمد حسن البرعي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الأستاذ داود هذا أول تكريم لك، فما هو السبب في أن الجهات التي عملت بها مثل اليمامة والقنوات والصحافة، لم يكرموك إلى الآن، هل المشكلة في تلك الجهات؟ سؤال آخر: بداياتك كانت مع الإعلام، وأنت الآن في مرحلة جدّ متطورة، أعطنا رأيك في الإعلام في البدايات، والإعلام الآن، الوسائل والجمهور، ماذا تطور فيه؟ ما هي الإيجابيات؟ وما هي السلبيات؟
الأستاذ داود الشريان: لأنني كنت شاباً، لم يكرمني أحد، أما الآن فالشيخ عبد المقصود يعرف عمري.. يعني نظرياً في علم الإعلام، الجمهور هو الذي يطور الصحفيين، أو الإعلاميين، وليس العكس. هناك اعتقاد أن المرسل هو الذي يطور، لا، إن الجمهور هو الذي يطور الكاتب أو الصحفي أو صاحب الرسالة، لأن الجمهور أيضاً تطور في المملكة، ولأن التعليم انتشر، وتغيرت الوسائل. اليوم الصحف السعودية -بالرغم من أنني وجهت إليها نقداً في ذلك الزمان- تطورت كثيراً، أصبحت الصحف مقروءة وموجودة، ثم إن الإنترنت اليوم قد كسر كثيراً من الحواجز، ولم تعد المنافسة محلية، بل أصبحت على مستوى الإقليم، وأحياناً على مستوى المنطقة، ولذلك فإن تكريم جريدة "الرياض" الذي تمّ قبل أيام بصفتها أهم صحيفة عربية، يعطيك مؤشراً بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، بأن صحافة البلد تطورت وهذا يعزى الفضل فيه إلى الصحفيين، وإلى دعم من الدولة، وإلى جهود متضافرة كثيرة. اليوم حين تفتح القنوات التلفزيونية، تجد أن الضيوف المميزين هم في غالبيتهم من السعوديين، سواء كانوا في الاقتصاد أو في الهندسة أو في الطب، اليوم تطور البلد ولديه كل هذه القدرات، والإعلام في النهاية حصيلة أشياء كثيرة، وأنا أعتقد أننا وصلنا في الإعلام إلى هذا المستوى لأن البلد كله نهض، ولم يعد كما كان في السابق، إذ إن مستوى الأمية الأدنى في الدول العربية هو اليوم في المملكة، يتكلمون عن 7% بين الذكور، و 13% بين النساء، هذه نسبة جيدة جداً، وإني أتوقع أن الأمية سوف تختفي خلال السنوات العشر القادمة من البلد، وهذا في النهاية مردّه إلى ارتقاء المجتمع، وإلى أن الجامعات كثرت، والتعليم زاد.. فالنظرية إذاً أن الجمهور هو الذي يطوّر الإعلام، وليس العكس.
سؤال من الأستاذة منى:
هناك إشاعات أعتقد أننا سمعناها جميعاً، مفادها أن قناة العربية تضخم الأحداث في سردها من دون أي داعٍ، فما رأيكم في ذلك؟
الأستاذ داود الشريان: طبعاً إن شهادتي في "العربية" مجروحة لأنني أشتغل في "العربية"، ولا يمكن أن أوافق على هذا، لأنني أعتقد أن قناة "العربية" أوجدت شيئاً مهماً جداً، وأنها أولاً جعلت صناعة الأخبار شيئاً لطيفاً، فهي قد استقطبت المرأة، واستقطبت الشاب، واستقطبت الإنسان العادي لصناعة الأخبار، لأن شاشاتها جميلة، ولأنها مزجت الخبر السياسي مع الفني مع التراثي مع الثقافي. الأمر الآخر أن قناة "العربية" خلقت حالة جديدة بعد قناة "الجزيرة"؛ فهي لا تفتعل أو تلجأ إلى الدعاية السياسية، بل هي قناة تحاول أن توسع المعلومات، وفي قضية ويكيليكس نجد أن أكثر قناة نشرت وثائق للويكيليكس، حتى تلك المتعلقة بالمملكة، هي قناة "العربية". وبحسب دراسات المشاهدة في العالم العربي من شركات محايدة، فإن القناة الأكثر مشاهدة العربية في قنوات الإخبارية هي "العربية"، ربما تتفوق عليها بعض القنوات مثل قناة "الجزيرة" في دولة أو دولتين، أو تتساوى معها، لكنها أعلى من الجميع في كل أنحاء العالم العربي، لأن المشاهد العربي لا يرى أنها مع هذا التيار أو ذاك، بل هي تنقل الأخبار، وشعارها أن "تعرف بالفعل" تمارسه بالفعل.
سؤال من الدكتور مدني علاقي: بسم الله الرحمن الرحيم، أهلاً وسهلاً بك أستاذ داود سؤالي هو:
أن المقال أو كاتب المقال يحتاج إلى مجموعة من العناصر لكي يكتب المقال، بطبيعة الحال يحتاج إلى قلم وورقة، لكن قبل ذلك يحتاج إلى الفكرة والمعلومة، والاستعداد النفسي للكتابة. أيهما في رأيك هو الأهم لإظهار المقال في الصورة المطلوبة؟
الأستاذ داود الشريان: في رأيي الانفعال مهم؛ يعني أن يكون لدي موقف مما أريد أن أكتب، أنا أحياناً يغيب عمودي في "الحياة" "يلاحظون"، إذ لا أجد ما يستفزني لكي أكتب، ولست موظفاً عند جريدة "الحياة" كي أكتب لها كل يوم أي شيء، أنا أحترم هذا القارئ الذي يقرؤني، إما أن أكتب شيئاً مفيداً، ويضيف له، أو لا أكتب. أحياناً أغيب يومين متتالين لأنني لا أجد ما أكتبه. الأكيد أن الفكرة مهمة، ولكن الأهم من الفكرة في رأيي هو كيف تعالج الفكرة.. أنا أشبّه الأمر وكأن الفكرة طير على شجرة، وهناك مجموعة من الصيادين، من هو الصياد الذي يستطيع أن يصيد هذا الطير من دون أن يدميه، يوقعه وهو جميل؟ هذا هو الكاتب. اليوم سبعة أو عشرة منا يريدون أن يكتبوا عن فكرة واحدة، ليست المسألة في حشر العبارات، كيف دخلت إلى الموضوع وكيف خرجت منه؟ كيف رأيت الطير؟ وكيف التقطته؟ كيف التقطت الفكرة؟ كيف بدأتها وكيف ختمتها؟ لا جدال أن هناك شيئاً من الموهبة، وشيئاً من الصنعة، هو خليط، من المؤكد أن الصنعة في مرحلة ما تطغى على الموهبة، لأن هذا "الصنايعي" الكاتب هو أصلاً موهوب، ولكنه من كثرة ما كتب.. يقولون الكتابة تأتي بالقراءة، لا بل تأتي بالكتابة والقراءة. لا يولد كاتب لا يقرأ، لأنه لا يكون كاتباً كبيراً إلا وهو يكتب. الكتابة مثل الركض؛ أنا إذا ما تغيبت عن الكتابة في الإجازة شهراً ثم عدت، أظل في المقال ثماني ساعات لأكتب، وأتعب، وحينما تستدير العجلة، أحياناً وأنا أعمل في مكتبي في "العربية"، تخطر لي الفكرة، أمسك الكيبورد، وييستغرق مني الموضوع أربعين دقيقة بل أقل، ويخرج المقال، لأن الفكرة صدمتني ووجدت المدخل، أيضاً العبارة الأولى هي المدخل. أنا قلت مرة في محاضرة، إن اللغة العربية كائن حي.. أنت لا تستخدم اللغة العربية لأن اللغة العربية طوب ترصه كيف ما تشاء، لا، إن اللغة شريك في الكتابة؛ إذا بدأت بكان فلا بد أن تأتي بخبرها، ثم إن العبارة تجرك إلى حيث لا تريد، فترفض وتتوقف، وترفض أن تكتب، هي شريك، هي كائن حي، ولذلك من يحاول أن يعصي اللغة، ويفرض عليها شيئاً ليس من أصولها، تتحول كتابته إلى مسخ، لكن الذي يتفاهم مع اللغة يكتب نصاً جميلاً. الأمر الثاني أن ثراء اللغة عند الكاتب يجعله كجيش مسلح، يستطيع أن ينهل من بحر المترادفات لديه هو يحمل منها عشر، المعاني يحمل منها عشرين، فهو مثل "الترزي": واحد تعطيه ثلاثة أمتار، وآخر تعطيه ثلاثين متراً؛ صاحب الثلاثين متراً سيقص وسيفعل ما يريد إلى أن يصنع الثوب، أما صاحب الثلاثة أمتار فإن أي غلطة "يروح فيها"، ولهذا فإن الكتابة خليط بين اللغة والموهبة والصنعة والرؤية، ثم إن العبارة الأولى مثل اللقطة الأولى في السينما، هذه تصنع الفيلم، وتلك تصنع المقال، والماستر سين (master scene) هي الخاتمة.. مقال بلا خاتمة ليس مقالاً، ليست له ذروة، ويكون مجرد إنشاء لا يلبث أن يتداعى، ثم إن المقالة، وأتكلم هنا عن العمود أو العبارة القصيرة التي صنعها بهاء الدين، وأحمد أمين، والتي لا تزيد وإيقاعها سريع، كما يكتب يوسف إدريس القصة، فتحس أنه يلهث، يبدأ القصة وتنتهي وأنت تركض وإياه.. الكاتب هو الذي يجعلك تدخل معه في العمود ثم تنتهي، وأنت لا تدري -هذا ينطبق على العمود، وينطبق على المقال- اللغة العذبة مثلاً يكتب بها عبد الله مناع، فيما هناك كتّاب مقالات أجدهم يستطردون في كتابة البديهيات، يعرّف ما تعرّفه أنت في جريدة يومية، ويريد أن يكتب عن ويكيليكس، "خلاص عارفين من هو ويكيليكس"، لا بل هو الذي يعرفه، يعرّف ما لا تعرّف، هناك إلى الآن كتّاب من هذا الصنف، يعرّف قضية الشرق الأوسط، يعرف أي شيء، أنا أعرف ما تريد أن تقول.. ثم إنك تكتب في جريدة يومية سيارة، أنت لا تكتب بحثاً هنا، أنت تكتب عموداً، أدخل في الموضوع مباشرة واخرج منه، لا تُطِل علي، لا تخدعني مثل بعض المسلسلات التي "تمطط" في الكلام، لأنه ليس لديك ما تقول، أو أنك خائف أن تقول، أو أنك لا تدري ماذا تريد.
سؤال من الأستاذ عايل فقيهي: مساء الخير أستاذ داود.
هل ساهمت الصحافة السعودية وعلى مدى سنوات طويلة في الارتقاء برأي المواطن، نحو التغيير، نحو التنوير، تحديث المجتمع، خصوصاً في ظل ثقافة التكفير وثقافة الظلامية؟ ما هو دور الصحافة على المستوى المهني، وعلى المستوى الثقافي؟
الأستاذ داود الشريان: لا نريد أن نزكي أنفسنا، فالصحافة السعودية لعبت دوراً رغم كل الظروف، نحن نقسو على الصحف في مكان، كلنا يجب أن نكون منصفين أيضاً عندما نبحث عنها في مكان آخر. كثير من الناس لا يعرفون أن الطباعة دخلت الحجاز عام 1300هـ.. الطباعة دخلت المملكة عملياً من 132 سنة، والطباعة دخلت المنطقة الوسطى (نجد) عام 1370هـ، أي سبعين سنة هي الفرق بين دخول الطباعة الحجاز، وبين دخول الطباعة لمنطقة نجد والمنطقة الشرقية.. هذا الزمن حين تبعد السبعين من المائة والسبعين، ماذا يبقى؟ يبقى ستين سنة. يعني أنت تتكلم عن صحافة عمرها ستون سنة، ثم إن صحافة الحجاز كانت في البدايات صحافة أدبية، حتى الصحافة التي نشرت في المنطقة الوسطى.. أنا أذكر أنني أجريت بحثاً عن جريدة القصيم، المانشيت بيت شعر، أو عنوان مقال، الصحافة اليوم صحافة خبر وصورة، وصحافة مقال. اليوم هناك كتّاب مقالة، أنا لا أريد أن أتحدث عن أسماء حتى لا يلومني الناس، أنا أستمتع في "عكاظ" بمجموعة من الكتّاب الممتازين، في "الوطن"، في "الجزيرة"، في "الرياض"، أنا شخصياً أقرأ يومياً وأستمتع، صحيح أن الغالبية من كتّاب الأعمدة الذين نقرأ لهم هم من جيلي أو الجيل الذي من بعدي، لكن كتاباتهم اليوم -وعلى الرغم من كثرة الترهل وكثرة الأعمدة- ممتازة، وهناك أيضاً أقلام نسائية ممتازة اليوم. كتّاب المقالة، أناس ينظرون إلى مواضيع نكتبها في الشارع الاجتماعي، دائماً أقول كيف فاتني هذا الموضوع؟ وكيف أنني لم أره كما رآه هو. أنا أقرأ لأبي طالب، وأقرأ لعبده خال، وأقرأ لقينان الغامدي، ولخلف الحربي، ولعبد الله مناع، وأقرأ لمعظم الكتّاب الذين يكتبون في الصحافة السعودية، وأنا أحس اليوم أنني أشعر بالمنافسة.. ربما أنا اليوم عندما أكتب أشعر بالمنافسة، فقبل عشر سنين لم تكن المنافسة، ولذلك فأنا حين أمسك القلم أو الكيبورد -لأنني لم أمسك القلم منذ عام 1986م- وحينما أضع يدي على لوحة المفاتيح أريد أن أكتب، أعرف أنني أكتب للغد، نحن في سوق فيه شعراء وكتاب قادمون من كل مكان، فأنت اليوم لست كالماضي، فمسألة التنوير اليوم موجودة والصحافة تقوم بدور كبير في مواجهة التطرف، وفي مواجهة الإرهاب، وفي مواجهة التزمت، مما يعني أن هناك وعياً جديداً نحن يجب أن نتمسك به ونزيد منه.
سؤال من الأستاذ عبد الرحيم الطلحي، طالب بكلية إدارة الأعمال بجامعة الملك عبد العزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أجزل أعطر التحايا للأستاذ عبد المقصود خوجه ولضيفه المحتفى به الأستاذ داود الشريان، ومع تكريم الأستاذ داود الليلة، أشعر بالتكريم بتواجدي بين كوكبة من المثقفين هنا، التكريم الأكبر بسماحكم لي للوقوف بين أيديكم. يقدم الأستاذ داود الشريان في الآونة الحالية برنامجين: أحدهما مرئي على شاشة قناة "العربية" "في واجه الصحافة"، والآخر إذاعي على إذاعة إم بي سي "البرنامج الثاني مع داود"، وقد استضاف فيه العديد من المسؤولين، وأدار العديد من النقاشات التي تمس مصلحة المواطن، ليوصل مشكوراً ومثاباً إن شاء الله صوت المواطن للمسؤولين، وأنا حينما أتحدث عن هذين البرنامجين بالذات فذلك لانتشارهما الإيجابي، وشهرتهما بين كافة أطياف المجتمع السعودي. سؤالي للأستاذ داود:
في مجمل حواراتك الماضية، هل حقق البرنامجان نتائج عاجلة وملموسة وجذرية، أو يجري تنفيذها على أرض الواقع من طرف المسؤولين والوزارات أو مختلف الدوائر الحكومية، على مختلف الاختصاصات التي تحدثت عنها مع ضيوفك؟ هل من نتائج تطيّب بها خاطر المواطنين على الرغم من قصر عمر البرنامجين على ما أعتقد؟
الأستاذ داود الشريان: أنا أشرت في الحديث عن برنامجي الإذاعة والتلفزيون أنني أتلقى اتصالات واهتماماً، أحياناً يقول لك المسؤول: "إن هذا الموضوع الذي طرحتموه مطروح عندنا، ونحن نعمل عليه"، ولا أريد هنا أن أجلس وأدعي، لكن هناك بالفعل اهتماماً كبيراً جداً بما يطرح في الإعلام من جهات كثيرة مسؤولة، تفرغ البرامج، وترفع وتدرس وتتحول إلى أوراق، ثم يجري العمل عليها، وهناك كثير من الأشياء التي طرحت، جرى الاهتمام بها وتبنيها.. ربما كنا في برنامج الإذاعة قبل ثلاثة أسابيع نتكلم عن التعليم الخاص، بطء التعلم والحركة، وإلخ.. وأن هناك ضعفاً، وكان معنا مسؤولون من وزارة التعليم، وبعضهم يوجد مبررات، فطلب سمو الأمير فيصل بن عبد الله وزير التعليم أن يتحدث مباشرةً على الهواء، وكان له ما أراد فقال: "نحن مقصرون، هذا جهد المقل"، وكان قدوة حتى للمسؤولين الذين كانوا ضيوفنا، فلا شك أن هناك اهتماماً ودعماً لهذا التوجه.
سؤال من الأستاذ عبد الله الزهراني، صحفي بجريدة الجزيرة:
بسم الله الرحمن الرحيم. أكدتم على دور الإذاعة ومستقبلها الباهر، لكني أدري ما هو موقفكم من الإعلام الإلكتروني الجديد، والصحافة المكتوبة؟
الأستاذ داود الشريان: أنا أعتقد أن الإعلام الجديد هو المستقبل بكل ما تعنيه هذه الكلمة. اليوم موقع مثل موقع "العربية نت"، عندما تحسب عدد قرائه، تجد أنهم يساوون عدد قراء خمس صحف. هذا لا جدال فيه، لكنني تحدثت عن جانب تاريخي؛ في الإعلام الجماهيري قيل إن الإذاعة توارت وأنها انتهت، فأنا أشعر أنها لم تنته بل انكدرت، فأحد الإخوة يقول إن عدد المستمعين يفوق عدد المشاهدين للبرنامج.. أنا أقرّ بهذا نظراً لسهولة الوصول إلى الإذاعة، فاليوم أصبحت تستمتع إلى الإذاعة عبر الهاتف، أو عبر جهاز اللاب توب، أو الآي باد، كلها متاحة، وسهلة المنال، تستطيع أن تستمع وأنت بالهاتف، ولذلك فإن التقنية الحديثة عززت مكان الإذاعة ولم تجعلها صعبة المنال.
سؤال من الأستاذ سعيد كنعان، مدرّس: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الأستاذ داود من خلال عملك كإعلامي بقناة "العربية"، وقناة "العربية" هي من القنوات المشهورة، هل تعتقد أن هناك ضغطاً غربياً على القنوات العربية المشهورة؟ وشكراً.
الأستاذ داود الشريان: لا يوجد ضغط غربي على قناة "العربية"، ولا أعرف عن الآخرين، لكن قناة "العربية" قناة تدار بإرادة حرة كاملة، ولا أحد يتدخل في سياستها، ومن يديرها عبد الرحمن الراشد مديرها العام يساعده بعض الزملاء كل في تخصصه، أما الحديث عن ضغوط وتدخلات، فهذه كلها أوهام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :740  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ديوان زكي قنصل

[الاعمال الشعرية الكاملة: 1995]

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج