(60) أخي أبو قو.. غازي
(1)
|
سررت برسالتك الرقيقة لأنها كانت تعبيراً صادقاً وأميناً عما تنطوي عليه أعماقك لي من حب ممزوج بالحنان.. هذا الحنان الذي أحسست دائماً بأنه طابع وجدانك الأصيل.. |
لا بد أن يأخذ الرجل الصغير فرصة كافية للراحة من عناء رحلته الشاقة معكما.. ولا بد أن توفروا له جواً من الهدوء بعدما تجشم من صعاب!! إنه لا يزال أصغر من مشقات المغامرات والرحلات حول العالم.. |
إني أود له أن ينشأ أقل انفعالية من أمه مثلاً، فالحساسية والانفعالية احتراق -حتى للمواهب.. |
أنا على يقين أن "شيرين" ستجد الطريق ميسراً لاستمرار نجاحها حتى النهاية، فهي بارزة الطموح.. وتدرك تماماً أهمية أن يتحقق لها نجاح في أي خط علمي.. |
من الدلائل الطيبة على توفيق الله وحسن رعايته أن تكون أنت من البداية مدركاً لأهمية مواصلتها للدراسة الجامعية.. والوقوف إلى جانبها في جميع المواقف.. |
إن الحياة ليست شيئاً ذا قيمة بغير مواصلة الجهد للتقدم العلمي والثقافي.. فالحياة تمضي في الصغائر المعتادة وبنفس الجهد اللاهث خالية من هدف بارز.. |
كانت "شيرين" حلمي.. وقد صار مستقبلها حلمك، وستكون مثلك حلماً للرجل الصغير.. الذي سيبدأ نقطة انطلاقه الرائع منكما بتوفيق الله، هو ومن يليه إن كنتما أو لم تكونا بحاجة إلى المزيد.. فتعهدها قدر الإمكان برعايتك وتشجيعك.. ولا تنس أن هذا رجاء!! |
وصلت هديتك وشكراً من الأعماق.. وستقرأ في رسالتي "لشيرين" تعليقاً جاداً وعنيفاً عليها -إنها الحقيقة في قالب الكاريكاتير!! |
ماذا أصنع بالساعة؟! لن أحتفظ بها -إذا وجدت لها زبوناً وسأطالبك بأخرى متى التقينا- ساعة خفيفة الوزن وواضحة.. |
إن الشباب يتعلق بالمظاهر.. والعجائز يتعلقون بالنفع، ستقدر ذلك عندما تصبح عجوزاً.. |
والآن قل لي بربك هل أنت راضٍ عن حماقة زوجتك؟! لا تدعها تفكر وحدها.. وعلى الأقل في ما يتصل بي.. |
عندما كنت في مثل سنها لم أكن أحمق بهذه الدرجة وخاصة في مسائل النشر.. إنها لا تدرك الخطورة في نشر شيء لإنسان اختار أن يظل متحرراً من المجال الأدبي.. |
وهي مسألة فرغت منها منذ زمن طويل ولم يطرأ على موقفي منها أي تعديل.. حتى الآن.. |
أرجو أن تحملها على التعقل.. وعندما تكتسب معرفة أكبر.. وإدراكاً أصح.. وتجربة أوسع.. ستغير نظرتها إلى الرسائل وتعرف أن الرسائل الخاصة شيء مختلف عما يعد للنشر.. وحينئذٍ ستحمد لك أنك أعنتها على عدم التعجل.. |
إنك ستسدي إليَّ جميلاً عظيماً إذا أحكمت رقابتك عليها في هذا -وسأعتبر أنك وعدتني بهذا.. وأشكر لك ذلك مقدماً!! |
إني أصارع الذين ينشرون لي أو عني أي شيء.. فماذا تريد أن تفعل بي هذه الحمقاء؟! |
أكان ضرورياً أن يكون أبوها أديباً أو مفكراً؟ إنه أبوها وحسب.. فإذا كانت مقتنعة بأن له جانباً إنسانياً.. فلتكتب هي عنه ما تشاء مما أحست به نحوه من حب وتقدير بغير أن تدينه بدقائق يرى الآخرون فيها من التفاهة ما لم تره هي -بحكم أنها ابنته- وكما قلنا في السابق وما زلنا نردد "كل فتاة بأبيها معجبة".. |
إن الرسائل الخاصة لا يبرر نشرها شيء أقل من أن يكون نماذج من أدب أو فلسفة أو علم.. |
ورسائلنا لم يقصد لها من الأساس أن تمثل عنصراً من هذه العناصر وإلى هذا فهي لم تلج باباً من أبواب حرية التعبير عن مقاصد ذات مستوى يبرر عرضها للناس.. |
أرجو أن تكون أنت بريئاً من الاشتراك في هذه الحماقة ومن مثيلاتها.. |
لقد أصبحت أباً وهذا يحتم عليك أن تزيد رصيدك من الرصانة والتعقل وإلا أصبح البيت فرعاً لأكبر مستشفى مجانين. |
ألست معي في هذا أم تريد أن تكون من ضحايا البدنجان؟ |
لقد أخرجت حواء آدم من الجنة.. فهل تدخلك حواؤك إلى جنة البدنجان؟ |
حاسب.. وإلا كنت المسؤول عن سلامة عقلك يا أبا هاني.. |
شكراً لك ومزيداً من تمنيات الخير والتوفيق أيها الصديق وإلى لقاء يجمعنا في ظل من الحب والسكينة والحنان.. قبلاتي وتقديري.. وأطيب تحياتي للوالدين الكريمين والأخوة وإلى اللقاء. |
|
|