شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(57) ابنتي الحبيبة أم قويق
في خطابك برهان قاطع على أنك تسرفين في تناول الأطعمة المؤثرة في الأعصاب وملحقاتها من كفايين ونيكوتين ومخللين ورحم الله من يقول آمين..
هناك نساء ورجال تضيق صدورهم وأعصابهم أو تثقل أجسادهم بأسباب هذه المؤثرات فيتلمسون تفسير حالاتهم بطريقة ميتافيزيقية، فإذا كان لهم غائب افترضوا أن زلزالاً التهمه، وإذا كان غائبهم هذا بمصر وجاءت أنباء الزلزال من كوبا فلا مانع من افتراض أنه انتقل إليها بالطائرة ليدرك موعد الزلزال قبل فواته وإذا كان مريضاً في مستشفى فلا بد أن تكون روحه قد صعدت في رحلة طارئة إلى الفضاء الخارجي.. وإذا كان كاتب يوميات في صحيفة ما.. فلا بد أنه قد تعرض للانزلاق في حفرة ما بسبب طول لسانه أو لسان قلمه وبما أن انزلاقاً من هذا النمط يؤدي عادة إلى السجن (واصل) فمن المؤكد أن يكون سجيناً من وقت طويل وإلى الأبد.. وإذا كان.. وإذا كان.. وإذا كن إلخ، وهذه (الإذا كانات) لا تفرغ ولا تنتهي لأنها أكثر الاحتمالات توالداً في النفوس، والأفكار أكثر من الذباب هنا ومن الصراصير هنا أيضاً ومن البني آدمين في الصين..
للمرة الألف أحذرك من التعامل مع الأوهام والتخيلات والتلغرافات والتليفونات سلكية ولاسلكية.. وفري نفسك وأعصابك وعقلك لمسؤوليات واقع حياتك بعيداً عن كل ما عداه.. وأرجو رجاء حاراً لا تشغلي بالك فيَّ إلى هذا الحد!
إن مسألة أن يمرض الإنسان ويشفى ويسقط ويقوم ويختفي ويظهر -هي مسألة أنه يحيا.. ويحيا لكي يموت في النهاية ومعنى أنه يموت أنه يختفي اختفاء أطول نسبياً من كل اختفاء يتبعه ظهور..
لا تضحكك كلمة (نسبياً) فإنها لا تغطي المساحة من الأبدية التي يشغلها اختفاء الموتى..
الحديث شاحب -أليس كذلك- الشحوب يعدي أسرع مما يعدي الزكام وقد أعداني حديث أوهامك وهواجسك وحديث المغص الكلوي ومستشفى الجامعة -إن في هذا دلالة على أن الإيقاع أصل الحياة أو من أصولها الأساسية كل شيء وكل جملة.. أشياء تساير إيقاعاً وكل الإيقاعات أخيراً تساير الإيقاع العام..
لن أدافع عن ما عددته قصوراً مني في الرسائل.. إن الحساب في هذه المسألة ضدك بالتحقيق، ولكن ماذا يجدي أن تعرفي في النهاية أنك المقصرة أو المدينة (الجامعية أو المعلقة في آشور وبابل ونينوى)؟ الجواب لا جدوى.. إذن فلا حساب!!
المرض الكلوي يصيب الحساسين غالباً فهو دليل الحساسية، والحساسية دليله.. الحساسون دائماً يحملون كلى مصابة (كليات) لا تقرئيها (كليات ولا جزئيات) -لماذا؟ إنها الظاهرة واقترانها حتى الآن.. أما بعد؟ فمن يدري. إن الحياة لا تخلع أثوابها إلا قطعة قطعة وبمعنى أدق جزءاً جزءاً من كل قطعة..
لا تنزعجي.. إن الكلى المصنوعة من البلاستيك أكثر وأيسر ما تكدس من الإكسسوار البشري الذي سيباع قريباً بالكيلو بسعر البصل والثوم..
شكراً لدعواتك وتوجهاتك.. إن دعواتي لك دائمة وغير معبأة في كلمات..
تحياتي وتمنياتي لك ولقويق وأبيه واللي خلفوه..
حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :525  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 59 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.