شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(54) ابنتي الحبيبة أم هاني
لا يمكن أن تخلو الحياة من بواعث الشكوى، وأسباب الشعور بالمرارة.. الإنسان وظروفه، الإنسان ونفسه، الإنسان والناس.. وتحت كل شيء مشتقات لا حصر لها.. نفس الإنسان تغير دائم من حب وبغض وانبساط وانكماش ومشاعر متباينة متناقضة تتنافر لتنشد الاستقرار، وتستقر لتقع في التنافر..
والناس بحر لا حدود له وصراع لا نهاية له، ولا نجاة منه، والظروف ما ينشأ من كل ذلك، وما ينشئه أيضاً، وما يجيء مفروضاً علينا من خارج ذواتنا وحياتنا، من غامض وظاهر وبسيط ومعقد ومحتمل وغير محتمل -إلى آخر ما تصلين إليه، بخيالك.
والحياة في إجمالها ليست اختياراً، ولكنها شيء فرض علينا فلا بد من استقبال متطلباته على أي نحو، وإذن فعلينا أن نحتفظ بكل قوانا وحواسنا، وأعصابنا في حالة توازن واستعداد للسير مع السائرين.
في مسألة الحياة وقبولها وتقبلها لا يستطيع الإنسان أن يهرب ليعيش وحده.. إنه حيث يعيش منفرداً سيقابل الحياة وتناقضاتها وصراعها ومرارتها.. وسيجد من البداية.. وفي النهاية أن وجوده بين الناس ومعهم أكثر من ضروري، وأن أي تعقيد في الحياة وسوء انعكاساته على النفس والمشاعر، أهون من تعقيد حياة يختارها ويحسبها خالية من المؤثرات والضنك.
تستطيعين أن تستقبلي الحياة وظروفها وكافة مؤثراتها بفهم بارد لا أثر فيه للانفعال..
هذا يساعدك على تغيير نظرتك إلى الأشياء..
إن الحياة لا تدار لحسابنا.. وليست متجراً نأخذ منه ما نريد.. كل شيء نتطلبه فيها عبارة عن خام.. أو كتلة من الشوائب، لا بد منها بالعمل والإنفاق حتى نستخلص منها ما نريد..
هكذا العلاقات والصداقة والحب.. والأسرة.. والروابط.. والمعرفة وغايتنا منها، وهكذا الحياة بعبارة قصيرة..
انصرفي إلى دراستك أيتها الحبيبة.. ولا تلزمي نفسك بالكتابة إليَّ إلا بالقدر الذي ترين أنه ضروري جداً.. ولا يمكن تأجيله.. قبلاتي وتمنياتي لك.
والدك
 
طباعة

تعليق

 القراءات :495  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 56 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج