شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جمال الأسلوب الصِّفة الأولى للشِّعر
فالأسلوب في الشعر هكذا، هو شارة الحسن، وشياته في مثال الجمال. ولا يقلّ عن أن يكون صنعة الشعر الأولى، ومزيته، وأساسه، وقوامه.
ولا شك أن الجمال التام هو ما تجتمع له سلامة الصورة؛ موازنة لمعاني التأثير في تعبير المفاتن الجسدية، أو شيء من هذا إلى شيء من ذاك. ولكننا نسأل.. أي جمال -أسلوبي- يخلو من صفات التأثير ودواعيه، وأسبابه؟ كما نسأل أي كلام يمكن أن يخلو من المعنى؟ إنما أسوأ الفروض أن يكون وجود صفات التأثير، ودواعيه وأسبابه في الجمال -الأسلوبي- وجوداً ناقصاً أو مرجوحاً؛ فلا يكون بهذا النقص سبباً مباشراً في التأثير أو السبب المباشر له؛ بل معنى فيه أو عنصراً في جملة عناصره، أو عاملاً من عوامله؛ فهذا أخلق بأن يكون المعقول، والواقع المفسر.
ولنذهب أبعد من هذا المذهب؛ فنتصور جمالاً توازنت فيه معنويات الروح المعبرة المنطلقة، على مقاييس الجسد، وحسن شارته، ولكنه فقد جمال الاتساق في التصرف، وبراعة الحركة في المشي والالتفات والإيماء والاستجابة، أو فقد لبوس النشاط في استخدام المفاتن أو استخدام ما تدور عليه من انسجام الزينة والملبس! أفلا يكون بهذه العنجهية جمالاً يستثير العطف والمرحمة والإشفاق، أو ربما استثار السخرية، لما طرأ على جملة أسلوبه من النقص والاضطراب والمفارقة بين فقدان هذه العوامل التي هي أسلوب، أو تكميل له.
فالأسلوب في هذه الحالة؛ هو فن القدرة على استخدام المظاهر، وتطويعها للتعبير عما ترمز إليه تعبيراً لتنهض به الفتنة، ويستقيم التأثير. إن فن الحركة، وفن توزيع الألوان، أو الأنوار، والتصرف في تسليطها، وتقدير نسب سقوطها على الأمكنة والأشخاص والمناظر والحالات، وفن تزويق الملابس بالتقصير والتطويل، والتضييق، والإرخاء، والشد واللف، والضم والمواءمة أو المفارقة بين خطوط اتجاهاتها بالمعارضة والانحراف -إن كل ذلك أسلوب يصنع صوراً من الجمال أخاذة السحر والفتنة؛ تكبر الصغير، وتجلو الغامض أو تكسب بالغموض المتوخى أسباباً مثيرة للافتتان... أو تواري القبح، أو تصوغ بالمغالطة عن الحقيقة صواباً فنياً، يهز أو يحرك الإقبال.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :627  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 51 من 71
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.