شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عبد الله بن ابراهيم العسكر ))
- الكلمة الآن لسعادة الدكتور عبد الله بن ابراهيم العسكر رئيس قسم التاريخ بجامعة الملك سعود بالرياض ورئيس الجمعية التاريخية السعودية:
- بسم الله الرحمن الرحيم، أيها الإخوة حضور الاثنينية الكريمة، إن سرد السيرة الذاتية أمر أصبح الناس معه في شغل شاغل، كنا في الماضي نطلب سير الرجال والعظماء والرواد نستلهم التجارب ونحلق معهم في الأماني والأحلام كانت الذاتية لأولئك النفر صادقةً معبرةً تجمع بين العلم والأدب والأخلاق.
واليوم أظلنا زمن أصبحت فيه السيرة الذاتية تكتب للشهرة والانتشار والكسب المادي وأضحت ممزوجة بشيء غير يسير من التزويق والتزييف، لعل هذه الخواطر كانت تراودني عندما طلب مني الأخ عبد الله الحقيل أن أتحدث عنه وعن إنتاجه الأدبي في ليلة تكريمه من قبل رائد من رواد هذا التقليد العريق وفي ليلة ثقافية أسبوعية كريمة، وهو تقليد كاد أن يدرس وقد كان ملء العين والبصر في ثقافتنا العربية والإسلامية وقد كان مَعلماً من تقاليد أرض الحجاز الطيبة، وإن شئت فانظر في كتب الرحلات التي قصدت الحجاز لترى صدق ما عنيت وبرهان ما أديت، لذا فإني أحمد لعلم من أعلام هذه البلاد الأديب الوجيه الشيخ عبد المقصود خوجه، أحمد له عنايته في هذا التقليد فهو والله ابن بجلتها وسليل أرومتها، أعزه الله وأدام عليه الصحة وأطال في عمره.
 
ولعل مثل هذه الخواطر كانت تراود صاحبنا أيضاً، الذي سبق أن كتب مقالةً عنوانها "السيرة الذاتية" وفيها يرد على الأديب أسامة الألفي عندما شن على السيرة الذاتية المعاصرة وكان مما قاله صاحبنا الحقيل ما نصه "إن السيرة الذاتية فن من أجمل فنون الأدب وأكثرها قبولاً ورواجاً" هكذا ينظر صاحبنا إلى السيرة الذاتية وأنا الليلة أتحدث عن سيرته الذاتية فليت شعري أنى لي أن أجعل حديثي فناً من أجمل الفنون وأنا لا أملك أدوات الصنعة، ولكن ما سأقول لن يتعدى ما خبرته عن صاحبنا وعن ما قاله هو في كتبه ومقالاته، ونحن لن نورد ما اعتاد الناس على سماعه بشأن السيرة الشخصية ولن نستعرض أعماله الكثيرة وإن مر معنا شيء من هذا أو ذاك فهو مرور السانحة للمناسبة.
 
ولكننا سنقف عند محطات ثلاث أحسبها من أبرز ما يميز صاحبنا وقد عرفت هذه المحطات من خلال ما قرأت له ثم تأكد عندي عندما لقيته وخبرته، ولقد عرفت صاحبنا قبل أن ألقاه بزمن وهذا أمر مستغرب، ولكن الأغرب أنني أعرف أباه وأعرف بعضاً من إخوته، ومع هذا لم يحصل لي شرف لقياه والقرب منه إلا منذ سنوات قليلة، وقبل كنت مأخوذاً بأسلوبه البسيط في الكتابة وكنت مشدوداً ببعض قصائده المعبّرة قرأت له أول ما قرأت كتاباً عن رمضان وهو من الكتب الطريفة في موضوعها والطريفة في تناولها أظن عنوانه "رمضان عبر التاريخ" ولقد رسخ هذا الكتاب في ذهني لأنه أنقذني من موقف صعب ذلك أني احتجت لمعرفة الاسم الذي يطلقه الدمشقيون على النزهة الخلوية التي اعتادوا أن يقوموا بها قبيل دخولهم شهر رمضان كتوديع لأيام اللهو والمرح وأستقبال أيام العبادة والفرح.
 
وقد أعياني البحث والتنقيب وكنت أعرف أن للكاتبة السورية المشهورة "سهام ترجمان" كتاباً عنوانه "يا مال الشام"، فرجعت له لعلني أجد ضالتي وخاصةً أن صاحبته من المحبين للشام والمتيمين بتراث الدمشقيين. وخاب ظني وأرشدني أحدهم إلى كتاب الحقيل واستبعدت أن أجد فيه ما قصر عنه كتاب (يا مال الشام)، وكانت المفاجأة إذ وجدت ما نصه "تكريزة رمضان" يقول الحقيل: هي نزهة تقوم بها العائلات أو جماعات الشباب إلى مناطق الغوطة وبقين والربوة والمقسم وغيرها من الأماكن الجميلة ويقولون عنها إنها وداع نزهة.. سأختصر ما كتبت لمراعاة ظروف الوقت..
 
وهنا سأتجاوز محطتين وأستعرض المحطة الثالثة التي تميز بها صاحبنا وهي شغفه بالرحلة والترحال، والشيخ عبد المقصود سبقني إلى الحديث عن هذا الجانب وأيضاً أتجاوزه، ولكنني أعلق على هذه القضية بأنه كيف استطاع صاحبنا أن يجمع شتات الأرض في ثلاثة كتب وليس في مقدوري أن أعرض لكل سفراته ورحلاته، ولكنني أعرض لكم صورةً وجدتها سائدة وغالبة على كل ما كتب وأسمي هذه الصورة بأدب الرحلات، هو في وصفه للبلاد التي زارها أو للعباد الذين قابلهم يستلهم التاريخ الإسلامي وهذه ملاحظة أو هذه ظاهرة في كتاباته، ويعود القهقرى لا يلوي على شيء وأكاد أجزم أن صاحبنا شغوف بالتاريخ قدر شغفه بالأدب وإن شئت قلت إنه شغوف بأدب التاريخ لا تاريخ الأدب، وهو شغوف بدينه عندما يحط رحله ببلد من البلدان يتذكر ماضي المسلمين فيه وإن لم يكن لهم ماضٍ من الإسلام ينقل لك صورة الإسلام اليوم وإن لم يكن لهم حاضراً من الإسلام يحدثك عن إمكانية نشر الإسلام فيه..
وصاحبنا زاول الكتابة زمناً طويلاً وعانى حلاوتها ومرارتها ذلك لأنه تصدى للكتابة في الشؤون التربوية والاجتماعية، وله دعوات مخلصات، وله مسميات وألقاب أطلقها على بعض التخصصات ولعله من أوائل من أرسل تلك الدعوات والألقاب، فمن الدعوات أن تنشر مجامع اللغة العربية ما يقره اللغويون في مجلات ودوريات الوطن العربي ليتسنى الانتشار لما يعرب ولأن مجالات المجامع محدودة الانتشار، ومن دعواته الاهتمام بآداب الجزيرة العربية المعاصرة ولعله أول من توقع بعثاً أدبياً وفكرياً في المملكة العربية السعودية يصل حاضرها بماضيها، ومن الألقاب التي أطلقها حسب ما أعرف، أنه أول من أطلق لقب عميد الدار على المؤرخ وذلك في قصيدته التي ألقاها في اتحاد المؤرخين العرب بأبي ظبي سنة 1411هـ وهو لقب يعتز به معشر المؤرخين مع بعده عنا، كما أنه أول من ألف كتاباً كاملاً جامعاً مانعاً عن اليوم الوطني والمعتاد أن يشارك الكتاب والأدباء بمقالات أما هو فقد أفرد لهذا اليوم كتاباً "هذا ما لدي" أما ما اعتاده الناس من سرد للذكريات ومن إستعراض لتاريخ طويل من الصحبة والصداقة، ومن إيراد مقالب ومواقف مضحكة أو محزنة ومن أغوار الماضي والطفولة والشباب فهذا كله على أهميته ومناسبته لهذه الأمسية فليس عندي منه شيء، فصاحبنا لا تجمعني به زمالة أو صداقة قديمة ولم نتجاور في منزل أو نترافق في رحلة عندما عيّن مدرساً في سنة 1378هـ كنت تلميذاً صغيراً في الصف الثاني الابتدائي ولو عيّن في مسقط رأسه مدينة المجمعة لكنت أحد طلابه وليته فعل إذن لتحدثت إليكم الليلة حديثاً غير هذا والله المستعان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :647  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 167 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج