شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جُوزيف
جوزيفُ، هل خابَ الفتى أم أصابْ
وفاتَه، أم نال شرطَ النِّصابْ؟
وخاضَها معركةً، أخصبَتْ
أم أجدَبَتْ، لم يَكُ منها مآبْ؟
غابت رُؤى الحُسنِ وأحلامُه
منذ رأى السَّباحُ تلكَ الشِّعابْ
سيَّانِ مَن يَغرق في رملها
مستأنياً، أو يَستقلّ السَّحابْ
هِمْنا بأسرار الهوى، والهَوى
ضلالةٌ من دونها ألفُ بابْ
والحبّ وَهْمٍ لا يراه الذي
يَنشُدُه من بعدِ خَلع الثّيابْ
وقد عَلَت سِنُّكَ، يا صاحبي
وإنْ ثَلُلْ: ما زلتُ غَضَّ الإهابْ
فالدّرسُ عِبءٌ، والحِجَى عَثْرةٌ
والدَّربُ وعرٌ، والأمانيْ كِذَابْ
* * *
جوزيفُ، عِشْ وانهضْ بأثالِها
معمعةً، يُفصَل فيها الخِطابْ
واحمِلْ على رِجلَيْكَ كلتيهما
وقلْ لنا: ماذا وراءَ السَّرابْ؟
فقد قضَينا العمرَ في غفلةٍ
رمَت بنا في ظُلمات العُصابْ
البيتُ، والأولادُ، والمنتهَى
نهايةٌ مُثقَلَةٌ بالعذابْ
والسُّهدُ، والجَهدُ، وضَنْكُ السُّرى
إلى قشورٍ، ليس فيها لِبابْ
لكنّها يَعْنُو لها الـ
ـصّاحِي، كما يَعنو صريعُ الشَّرابْ (1)
قد أذعنَ النّاس لها قبلَنا
خطيئةٌ، قد ضاع فيها العِتابْ
فَرِحتَ في يومِك، لكنّنِي
شعَرتُ بالعقل كبيرَ المصابْ
عَسَاكَ إذْ هِمتَ بها غايةً
راعيتَ فيها سنَّةَ الإنتخابْ
* * *
جوزيفُ، قد أبحتَ ذا أسرةٍ
فاجعل (لِزَنبيلِكَ) فَصْلَ الخِطابْ
واحرِص على صُلبك لا يَنثني،
وادعَمْه، وارْفِدْه بِمَضْغِ السَّذَابْ (2)
واحذرْ من الهمّ "وأسبابهِ"
فإنّها تنمو نموَّ الذّبابْ
ودَعْ دراساتِك، واقذِفْ بها
من حالقٍ، فَهْي نذيرُ الخرابْ
وأحرِقِ الكتْبَ، فإنْ بِعتَها
فلا تَدَعْ في البيت منها كِتابْ
* * *
جوزيفُ، ماذا يَبتغي طامعٌ
من سعيِه بعد الهوى والشّبابْ؟
ها أنتَ من بيتك في جَنَّةٍ
تَزينُها جِنيَّةٌ ذات (كابْ) (3)
تُنسيك عهداً مُجدِباً عِشتَه
في وَقدة الحِرمان بين الصِّحابْ
تَجول في الأسواق تجتاحُها
في نظرةٍ تَنْقَضُّ مثلَ العُقابْ
خلفَ الصّبايا يبتدِرْنَ الخُطى
مثلَ ظباءٍ نفرَت من ذئابْ
وأنت تنسلُّ جريءَ الخُطى
وقد بدا في شفتيك اللّعابْ
* * *
جُوزيفُ، هل أمضي إلى غايتي
من قصَّة الماضي مدىً لا يُجابْ؟
أم أكتفي منها بما سُقتُه
مَباذلاً زحزَحْتُ عنها النّقاب؟
جوزيفُ، ما أحلى المُنى لو وَفَتْ
صدقاً، وما أسمى الهوى لو أثابْ
كنتَ، وما زلتَ صديقاً له
بين أحاسيس صدىً مُستَجابْ
فادفع إلى اليُمنِ الهُدى
وعُدْ بما ترجو مَليءَ الوِطابْ (4)
* * *
جوزيفُ، ما غايةُ هذا السُّرى
طاحت به أحلامُنا في يَباب؟
إلى متى نسعى ولا نهتدي
وفيمَ نَسترضي الرّياحَ الغِضاب؟
وظلمةُ اللّيلِ متى تنتهي
والفجرُ لا يُدنِيه منَا ارتقابْ؟
أبَتْ مساري الأينِ أنْ تنقضي
ونحنُ فيها هدفٌ للعِقابْ
لَعنةُ (سيزيفَ) أطافت بنا
وصوتُه الوانِي بنا قد أهاب (5)
وقصَّةُ الصخرة لا تَبْلغُ القمَّـ
ـةَ إلاّ انحدَرَت للتّرابْ
قِصَّتُنا، في عَيْشِنا، ذاتُها
بين مرامي جُهدنِا والطِّلابْ
تحدو بنا الآمالُ نحو الذُّرى
حتى إذا ما آذنَت باقترابْ
هَوَت بنا الأقدارُ غلاّبةً
إلى سفوحٍ تستعيد الغِلابْ
* * *
جوزيفُ، إنّ العيش دُوّامَةٌ
تخبَّطَ السَّباحُ فيها، فغابْ
ما الحيُّ فيها غيرُ فُقَّاعةٍ
تَذوبُ في لحظتها كالحَبابْ
هل هي مَلهاةٌ نَعِمْنَا بها؟
أم هي مأساةٌ تَفيضُ اكتئابْ؟
صِراعُنا بينهما دائبٌ
ضاقت به أقدامُنا.. والرّقابْ
* * *
جوزيفُ ما أسهبتُ لكنّها
ثرثرةُ اللاّهي إذا ما استطابْ
أو إنها قصَّةُ (لا مُنْتَمٍ)
تجنَّبَ الناسَ، وصافَى الكلابْ (6)
وعاد من رحلته خاسراً
يَنعَب من آثارها، كالغرابْ
فراحَ في إثْرِ صديقٍ له
فاصطاده بعدَ طويل الغيابْ
فانهالَ بالقول على رأسه
كأنّه عاصفةٌ فوق غابْ
* * *
جوزيفُ، إن ضِقتَ بها فاحتمِلْ
حظَّكَ منها، فَهْي بعضُ الثَّوابْ
فطالما أثخَنتَ فينا ضُحىً
إلى مغيبِ الشمس ظُفْراً ونابْ
كنّا ضحاياكَ سِنيناً مضَتْ
وكان في وُسعِك ألاّ تُصابْ
وقد تصيَّدَتكَ، في ليلةٍ
جاد بها قيدُك خلف الحِجاب
لا انفكَّ عنك القَيدُ حتى ترى الـ
أولادَ من حولك ملءَ العِيابْ
مشتغِلاً عنّا بهم، راسباً
أو طافياً فوق متونِ العُبابْ
* * *
جوزيفُ، قد صِرتَ إلى غاية
تُشبِهُ جُرذاً، هوى في جِرابْ
تأبى انطلاقاً، فإن رُمتَه
جَرَّتْكَ من ذيلِك كفُّ الرَّبابْ
فعُدتَ رهنَ القيدِ، لا تَرتَجِي
منه خلاصاً قبلَ يومِ الحسابْ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :428  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 153 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج