جوزيفُ، هل خابَ الفتى أم أصابْ |
وفاتَه، أم نال شرطَ النِّصابْ؟ |
وخاضَها معركةً، أخصبَتْ |
أم أجدَبَتْ، لم يَكُ منها مآبْ؟ |
غابت رُؤى الحُسنِ وأحلامُه |
منذ رأى السَّباحُ تلكَ الشِّعابْ |
سيَّانِ مَن يَغرق في رملها |
مستأنياً، أو يَستقلّ السَّحابْ |
هِمْنا بأسرار الهوى، والهَوى |
ضلالةٌ من دونها ألفُ بابْ |
والحبّ وَهْمٍ لا يراه الذي |
يَنشُدُه من بعدِ خَلع الثّيابْ |
وقد عَلَت سِنُّكَ، يا صاحبي |
وإنْ ثَلُلْ: ما زلتُ غَضَّ الإهابْ |
فالدّرسُ عِبءٌ، والحِجَى عَثْرةٌ |
والدَّربُ وعرٌ، والأمانيْ كِذَابْ |
* * * |
جوزيفُ، عِشْ وانهضْ بأثالِها |
معمعةً، يُفصَل فيها الخِطابْ |
واحمِلْ على رِجلَيْكَ كلتيهما |
وقلْ لنا: ماذا وراءَ السَّرابْ؟ |
فقد قضَينا العمرَ في غفلةٍ |
رمَت بنا في ظُلمات العُصابْ |
البيتُ، والأولادُ، والمنتهَى |
نهايةٌ مُثقَلَةٌ بالعذابْ |
والسُّهدُ، والجَهدُ، وضَنْكُ السُّرى |
إلى قشورٍ، ليس فيها لِبابْ |
لكنّها يَعْنُو لها الـ |
ـصّاحِي، كما يَعنو صريعُ الشَّرابْ
(1)
|
قد أذعنَ النّاس لها قبلَنا |
خطيئةٌ، قد ضاع فيها العِتابْ |
فَرِحتَ في يومِك، لكنّنِي |
شعَرتُ بالعقل كبيرَ المصابْ |
عَسَاكَ إذْ هِمتَ بها غايةً |
راعيتَ فيها سنَّةَ الإنتخابْ |
* * * |
جوزيفُ، قد أبحتَ ذا أسرةٍ |
فاجعل (لِزَنبيلِكَ) فَصْلَ الخِطابْ |
واحرِص على صُلبك لا يَنثني، |
وادعَمْه، وارْفِدْه بِمَضْغِ السَّذَابْ
(2)
|
واحذرْ من الهمّ "وأسبابهِ" |
فإنّها تنمو نموَّ الذّبابْ |
ودَعْ دراساتِك، واقذِفْ بها |
من حالقٍ، فَهْي نذيرُ الخرابْ |
وأحرِقِ الكتْبَ، فإنْ بِعتَها |
فلا تَدَعْ في البيت منها كِتابْ |
* * * |
جوزيفُ، ماذا يَبتغي طامعٌ |
من سعيِه بعد الهوى والشّبابْ؟ |
ها أنتَ من بيتك في جَنَّةٍ |
تَزينُها جِنيَّةٌ ذات (كابْ)
(3)
|
تُنسيك عهداً مُجدِباً عِشتَه |
في وَقدة الحِرمان بين الصِّحابْ |
تَجول في الأسواق تجتاحُها |
في نظرةٍ تَنْقَضُّ مثلَ العُقابْ |
خلفَ الصّبايا يبتدِرْنَ الخُطى |
مثلَ ظباءٍ نفرَت من ذئابْ |
وأنت تنسلُّ جريءَ الخُطى |
وقد بدا في شفتيك اللّعابْ |
* * * |
جُوزيفُ، هل أمضي إلى غايتي |
من قصَّة الماضي مدىً لا يُجابْ؟ |
أم أكتفي منها بما سُقتُه |
مَباذلاً زحزَحْتُ عنها النّقاب؟ |
جوزيفُ، ما أحلى المُنى لو وَفَتْ |
صدقاً، وما أسمى الهوى لو أثابْ |
كنتَ، وما زلتَ صديقاً له |
بين أحاسيس صدىً مُستَجابْ |
فادفع إلى اليُمنِ الهُدى |
وعُدْ بما ترجو مَليءَ الوِطابْ
(4)
|
* * * |
جوزيفُ، ما غايةُ هذا السُّرى |
طاحت به أحلامُنا في يَباب؟ |
إلى متى نسعى ولا نهتدي |
وفيمَ نَسترضي الرّياحَ الغِضاب؟ |
وظلمةُ اللّيلِ متى تنتهي |
والفجرُ لا يُدنِيه منَا ارتقابْ؟ |
أبَتْ مساري الأينِ أنْ تنقضي |
ونحنُ فيها هدفٌ للعِقابْ |
لَعنةُ (سيزيفَ) أطافت بنا |
وصوتُه الوانِي بنا قد أهاب
(5)
|
وقصَّةُ الصخرة لا تَبْلغُ القمَّـ |
ـةَ إلاّ انحدَرَت للتّرابْ |
قِصَّتُنا، في عَيْشِنا، ذاتُها |
بين مرامي جُهدنِا والطِّلابْ |
تحدو بنا الآمالُ نحو الذُّرى |
حتى إذا ما آذنَت باقترابْ |
هَوَت بنا الأقدارُ غلاّبةً |
إلى سفوحٍ تستعيد الغِلابْ |
* * * |
جوزيفُ، إنّ العيش دُوّامَةٌ |
تخبَّطَ السَّباحُ فيها، فغابْ |
ما الحيُّ فيها غيرُ فُقَّاعةٍ |
تَذوبُ في لحظتها كالحَبابْ |
هل هي مَلهاةٌ نَعِمْنَا بها؟ |
أم هي مأساةٌ تَفيضُ اكتئابْ؟ |
صِراعُنا بينهما دائبٌ |
ضاقت به أقدامُنا.. والرّقابْ |
* * * |
جوزيفُ ما أسهبتُ لكنّها |
ثرثرةُ اللاّهي إذا ما استطابْ |
أو إنها قصَّةُ (لا مُنْتَمٍ) |
تجنَّبَ الناسَ، وصافَى الكلابْ
(6)
|
وعاد من رحلته خاسراً |
يَنعَب من آثارها، كالغرابْ |
فراحَ في إثْرِ صديقٍ له |
فاصطاده بعدَ طويل الغيابْ |
فانهالَ بالقول على رأسه |
كأنّه عاصفةٌ فوق غابْ |
* * * |
جوزيفُ، إن ضِقتَ بها فاحتمِلْ |
حظَّكَ منها، فَهْي بعضُ الثَّوابْ |
فطالما أثخَنتَ فينا ضُحىً |
إلى مغيبِ الشمس ظُفْراً ونابْ |
كنّا ضحاياكَ سِنيناً مضَتْ |
وكان في وُسعِك ألاّ تُصابْ |
وقد تصيَّدَتكَ، في ليلةٍ |
جاد بها قيدُك خلف الحِجاب |
لا انفكَّ عنك القَيدُ حتى ترى الـ |
أولادَ من حولك ملءَ العِيابْ |
مشتغِلاً عنّا بهم، راسباً |
أو طافياً فوق متونِ العُبابْ |
* * * |
جوزيفُ، قد صِرتَ إلى غاية |
تُشبِهُ جُرذاً، هوى في جِرابْ |
تأبى انطلاقاً، فإن رُمتَه |
جَرَّتْكَ من ذيلِك كفُّ الرَّبابْ |
فعُدتَ رهنَ القيدِ، لا تَرتَجِي |
منه خلاصاً قبلَ يومِ الحسابْ |
* * * |