أقْصَرتُ من همِّي ومن تَشمِيري |
ورضيتُ من دنيايَ بالمَيْسوُرِ |
ومضَيتُ أمتدِح القناعةَ بعدما |
سبقَتْ جيادُ الرّاكبين حَمِيري |
وأقول: آثَرتُ السَّلامَة من هَوى الدّ |
نيا الدَّنِيَّة، أو أرَحتُ ضميري |
وغرامُها مِلءُ الفؤادِ، وإنَّما |
دَعوى الزَّهادَة حُجَّة التَّقصير |
ولو أنّ لي بين العمائم عِمَّةً |
رسمِيَّةً لم أرْضَ "بالطّرطورِ"
(1)
|
لكنَّ مَن جَعَلوا الوظائفَ قيمةَ الـ |
إخلاص لم يُطرِبْهُمو طُنْبُوري |
فحملتُ بين البارزينَ، وكلُّهم |
دوني، وقَلَّ من الرجال نَظيري |
والنُّجحُ معيارُ المزايا، والغِنَى |
ميزانُها المُغني عن التّقدير |
لبِسَ اللّصوصُ به ثيابَ ذوي التُّقَى |
وحَمَى جرائمَهم من التَّعزيرِ
(2)
|
وتناهَبوا الأمجادَ باهرةَ السَّنَى |
مَوصولةَ المشهود بالمأثورِ |
قالوا: حَذقتَ الشعرَ وهو رسالةُ ال |
أحرار. كلاّ، يا شهودَ الزُّورِ |
لو صَحَّ ما قلتُم لما خاضَ الدُّجى |
شعراؤكم، ونَعِمتُمو بالنّورِ |
المالُ معيارُ الحياة، ومُشتَرِي |
رِقّ الرّجالِ بها، وزَنْدُ المُوري
(3)
|
وذَوُوهُ أصنامٌ تُؤَلَّهُ جَهْرةً |
زَكَّى عبادَتَها ترابُ "المِيري"
(4)
|
هي قصَّةٌ قام الخِداعُ بِدَوْرِه |
فيها، ومَسرَحُها قَفَا الجُمهورِ |
* * * |
وإذا سألتَ النّاس عنّي لم تَجِدْ |
لأخيكَ غير سَفاسِفٍ وقُشورِ |
ما شئتَ من شِعرٍ ونثرٍ مونِقٍ |
ومشاركاتِ حِجىً وفيضِ شُعورِ |
والعِلمُ آفتُه الغُرورُ، وربّما |
عَصَف العَمى بالعالمِ النَّحريرِ |
فرأى الثَّراءَ مع الهوانِ حقارةً |
فاختار أن يحيا بلا "تَزْفِير"
(5)
|
وأنا المَلُومُ، فلو سَلَكتُ سُلوكَهُم |
لَمَلأتُ من ذَهَبٍ حُمولَة "لُورِي"
(6)
|
وصِراع صُوفي تُجُوهِلَ قَدْرُهُ |
بين الرّجالِ، فعاشَ "كالخُنْشُورِ"
(7)
|
يَمشِي وقد ركِب "الكَدَالِكَ" غَيرُهُ |
في الحَرِّ، يَرشَحُ لاهثاً كالزّيرِ
(8)
|
لا يستطيعُ، وقد تضاءَل دَخْلُه |
أن يَهجُرَ الأتوبيسَ "للحَنْطورِ"
(9)
|
فتراه في سوق الخضار مُقَسِّمَ الـ |
ـقرشَينِ بين العَيْش والجَرْجِيرِ |
عَرَضوا عليه وظائفاً مشبوهة |
فأبى، وردَّدَ: يا دوائرُ، دُوري
(10)
|
وأطالَ في بعض الأمور لِسانَه |
فأُصيبَ بعد الحَبسِ بالتَّسفيرِ |
وإذا اشتَهَت "سيخَ الكَبَابِ" "مراتُهُ" |
في كلّ تِسعة أشهرٍ وكُسورِ
(11)
|
ومضَت تطالِب بالطَّلاق لغُلبِها |
من راجِل مُتَنَطِّعٍ دَبّورِ
(12)
|
* * * |