شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رسالة إلى شاعر
ماذا وقوفُكَ بالأطلالِ والدِّمَنِ
مُوَزَّعَ النَّفسِ بين الشِّعر والشَّجَنِ
يَرمي بكَ الوَجدُ (1)
طَوَت حياتَك طَيَّ البحر للسُّفنِ
تَهيم فيها شَريداً لا قرارَ له
وتُرسلُ الدمعَ مدراراً بلا ثمن
مزَّقتَ عُمرَك لا الأحبابُ منكَ دَنَوا
ولا بلغتَ مكاناً في ذَوِي الفِطَن
الكاسبينَ ملاييناً، وما كدَحوا
وأنتَ في قفَصٍ من عقلِك الزَّمِنِ (2)
تَمَرجَلوا واستغلَّوا كلَّ سانحةٍ
من المصالح في سِرِّ وفي عَلَنِ (3)
وقُدتَ أنتَ رعيلَ الفنِّ متَّكئاً
على مبادئ سقراطٍ وأهرِمَنِ (4)
ورُحتَ فيها مقاييساً وأخيلةً
لم تَحمِ قَدرَك في مسلاتَةِ الإخَنِ (5)
وكان درسُك فيها لو فَطِنْتَ له
درساً تُفيقُ به من سَكْرَة الوَسَنِ
إذْ قامَ يَصرخُ والمِلقاطُ في يَده
كالسَّيفِ يَهتزُّ في كف ابن ذي يَزَنِ
وجاء من "كَرَكُونِ" الرَّيعِ ضابطُهُ
على الزعيق وحشدٌ من ذوي حَسَنِ (6)
وكان يوماً تشاطَرناه بَهدَلَةً
وكنتُ وحدِيَ فيه دافعَ الثَّمنِ
كيومِ وقعَتِنا بعد الغَذَاءِ على
قِرشَينِ لم يُدفَعا في "مطعم البُيُن" (7)
خرجتَ فيه بلوحِ الكِتفِ منخلعاً
ورُحتُ خلفَك فيه وارِمَ الأذنِ
تجاربٌ وِحشَةٌ خُضنا معاركَها
وكان شِعرُكَ فيه مصدرَ المِحَنِ
أما لنا غيرَ قَرض الشِّعرِ مَشغَلةٌ
نَقضِي بها فَضلَ عُمرَينا على سَنَنِ
ألا وظيفةَ نرجوها ولو صَغُرَت
نَقضِي بها دَينَ راعي العيش واللَّبنِ (8)
ونستردَّ بها في النَّاس سُمعَتَنا
بعد الضَّياع -بلا شِعر- ولا سُفُنِ (9)
وحَسْبُنا ما لقينا من بَهادِلِها
وأنَّها مِهنَةٌ من أخسرِ المِهنِ
تقضي العداة ولا تُقضَى لها عِدَةٌ
بلقمةِ العيشِ، في ثوبٍ من السَّتَنِ (10)
وَهَبْك أصدرتَ ديوانَيْ "مَهَىً ورُؤًى"
فطار صيتُك من نجدٍ إلى عَدَنِ
فهل تَرى بهما ما نال من مِنَح
ذَوو السَّوابقِ في إغفاءَةِ الزَّمنِ (11)
فتلك في لَمَحات الغيبِ خاطفةٌ
من البروق تَحدَّت ظلمةَ الزَّمنِ
مضَت بمأثور جَواها فما صَدَحت
إلاّ بذكراه ورقاءٌ على فَنَنِ
فالشِّعر شمسٌ، هداك الله، قد أفَلَتْ
فعِشْ إذا شئتَ منه سالمَ البدنِ
واهرب بجلدِك، من أهلِيه مبتهلاً
كيلا تُلَزَّ مع الشيطان في قَرَنِ (12)
فما وراءَك إلاّ النّحسُ ملتطِمَ الـ
أمواجِ، دَهْمَلَ أرطالاً ودَهْمَلَني (13)
(وايهْ لُزوم كلامي مَنْتَ عارفُه)
مُذ ضاع عمرُك بين الشَّام واليمن؟ (14)
ودابَ ظهرُك بين الآخذينَ به
رَقْعاً تمثَّلتَ فيه لعبة الإنِنِ (15)
قد شِدتَها من صميم الفنِّ أبنيةً
فهل بَنيتَ بها حَوْشاً من اللَّبِنِ؟ (16)
بل نِمتَ في دكَّةِ الزَّيدانِ منطرِحاً
على البلاط طَوال الصَّيف كالوَرِنِ (17)
لا أنتَ ضيفٌ فيُرجَى يومُ رحلته
أو أنتَ في نفقات البيت ذا شَطَنِ (18)
وزُغْتَ من "فندق التيسير" لا هَرَباً
من نامِسِ اللَّيلِ بل من أجرة السَّكنِ (19)
باظَت حياتُك، ماضيها وحاضرُها
ما دام شِعرُك فيها عُقدةَ الكَفَنِ (20)
وخُضتَ من غَمرات الصَّبرِ أحلَكَها
في "قهوةِ السُّدّ" أو في "مقعد اللَّبَني" (21)
 
طباعة

تعليق

 القراءات :429  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 149 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج