طُيوفُ مَعانٍ ما تَبينُ لِرائي |
ونَجوى دَفينٌ أغرِمَت ببقاءِ |
حَداها الذي يَحدو الجَنادِبَ في الدُّجى |
إلى الجُهد، في دنيا عَمىً وخَفاءِ |
فإن قيل: كانت ثَورةَ اليائسِ انثَنى |
صَداها بها، معنَى بُكا ورثاءِ |
فكم من خَشاشٍ في الحياة نَصيبُه |
من الكَدح أدنى مَرقَدٍ وغذاءِ |
وما عَيشُه فيها بمُعطيه منزلاً |
سِوى منزلِ الأشباه والنُّظَراءِ |
ومَن ضاقَت الدُّنيا به فعَزاؤُه |
مُتاحٌ، وإن لم يتَّصِل بِرَجاءِ |
وما مَنَع العانِي أنيناً فَحسبُه |
بِهِ، إن أطاف الدَّهرُ بالبُرحاءِ |
فرُبَّ شَكاةٍ أطفَأت وَقدَةَ الجَوى |
وأرخَت زمامَ العيشِ للبُلَهاءِ |
ورُبَّ جَبانٍ يَدَّعِي البأسَ مدبِراً |
ولا يَستَحي من شِيمة الجبناءِ |
وفي النَّاس أمثالُ الجنادِبِ بَأسُهُم |
صَريرُ هَوانٍ أو خُفوتُ عَناءِ |
فإن سَكَتوا، رانَ الخُمولُ عليهمُ |
وإن نَأموا، لم يرجِعوا بجَزاءِ |
* * * |
ومُضطَعنٍ ضاقت مذاهبُ عَيشِه |
فعرَّض بالعَوراء للكُرَماءِ |
وما هو عند البأس إلا ذُبابةٌ |
ولو جَهَدت -ليست بِذاتِ غَناءِ |
تذَرَّع بالزُّلفَى لِنَيل طِلابِه |
غَريرٌ، وما الزُّلفَى دليلُ إباءِ |
ورامَ المُنى من حظِّه، لا غِلابَه |
وما الحظُّ إلا طِلبَةُ الضُّعفاءِ |
إذا الحظُّ لم يُبلغِكَ صَرحاً أقامَه |
لكَ الحَسَبُ الوَضاحُ، دون رِياءِ |
فما القَول مَسموحٌ، ولا الجهدُ نافِذٌ |
لكلِّ وَضيعِ الخَلَّتَينِ مُرائي |
ولِي من ظُنون السوءِ ما يَستَحِقُّه |
سِوايَ، من الأوشابِ والبُلَداءِ |
يَدُس زُعافَ السُمِّ في عَذبِ حُبِّه |
ويُخفي الجَوى في شيمَةِ الخُلَصاءِ |
ويرتجلُ الدَّعوى تقمَّصها الهَوى |
من الزُّورِ، لا عن خيفَةٍ وحَياءِ |
وإنِّي لَدارِيها، ولكن من النُّهى |
صراعُ الأفاعي في دَدٍ وإناءِ
(1)
|
رَجاءٌ، ولا دعوى، وحقٌ، ولا هَوى |
ورُبَّ رجاءٍ شَفَّ عن بُرَحاءِ |
ورُبَّ مُنىً في الحقِّ أيقَظها الهَوى |
إلى لَهَفٍ بالحقِّ، لَهفَ رجاءِ |
* * * |