لي زَوْرَقٌ مِنْ خُيوطِ الضَّوْءِ بُنْيَتُهُ |
ويشُبِهُ الْقَلْبَ، إنْ لامَسْتهُ وَجَبا |
أَنْشأْتُه يومَ كانَ العمُر في يَفَعٍ |
وقلتُ: هذا لِمَنْ أَهْوى إذا رَغِبا |
أنزلْتُه البحرَ تَوّاقاً لِمُقْبِلَةٍ |
تُتَرْجِمُ الْحُلمَ لي مَثْوىً ومُنْقَلَبا |
وقلتُ: إنْ لم أَجِدْ في البَرِّ مَسْكَنَها |
فَفي الْبحارِ أَراها |
والهوى طَرَبا |
أليسَ للبحر حورٌ يغْتَسِلْنَ بهِ |
يَعْشَقنَ مـن ضَـلَّّ فـي الدنيا أوِ اغُتَرَبا؟ |
أليسَ مَنْ ضاقَتِ الدنيا بمَطْمَحهِ |
هو الغريبُ بها حتى لَوِ انْتَسَبا؟ |
* * * |
وخضْتُ كُلَّ بحارِ الكوْنِ أَسْأَلُها |
عن التي رسمَتْ قلبي كَما طَلَبا |
لكنَّ قلبيَ لم يُفْتَحْ لِغانِيَةٍ |
حتى اللواتي نَسَجْنَ الموجَ لي عُشُبا |
واخْتَرْنَ لي في مدى التِّرْحالِ مُنْتَزَها |
يَهْزُزُنَ نخـلَ الْهـوى كـي ألقُطَ الرُّطَبـا |
* * * |
طالَ الرحيلُ |
ولم أُدرِكْ لَها أَثراً |
وكادَ يُغرِقُني عمري الذي انْسَحَبا |
وخَلَّعَتْ زَوْرَقي هوجُ الرِّياحِ فلا |
في البحرِ عِشْتُ |
ولا بَرٌّ إلي حَبا |
وعندما نَسجَ النُّسيانُ شَرْنَقةً |
حَوْلَ الأماني. |
وقلتُ: الْمُشْتهى نَضَبا |
رأيتُها |
مِثْلَ وجهِ الصُّبحِ مُشْرِقَةً |
تُحاوِرُ الزَّهْرَ والأَطْيارَ والسُّحُبا |
ناديتُ: أَنْتِ الْهوى والْحُسْنُ سَيِّدَتي |
وأَنتِ مَنْ أوفدت قَلبي لما ذَهَبا |
تَلفَّتَتْ وحَياءُ الْحُسْنِ يَخْضُبُها |
وباغَتَتْني بِرَدٍّ |
خلتُه كَذِبا |
قالتْ: أتيتَ وقد فاتَ الأَوانُ فَعُدْ |
الْشَّيْبُ غَشَّاكَ حتى مازَجَ الْهُدُبا |
نسيتَ أنك بَعْدَ الشيبِ تَعْشَقُني |
وإنني زَهْرَةٌ في مِهْرَجانِ صِبا؟ |
غَطَّيْتُ رأسي بكلتا راحَتيَّ كما |
لو كنتُ أهربُ فيما يفضحُ الهَرَبا |
ما كنتُ أعلمُ أنَّ العُمْرَ يشرَبُني |
كأساً ويَنْسى على أَهْدابِيَ الْحَبَبا |
* * * |