| ألا مَن لِقومٍ صَرَّحُوا بعدما كَنُّوا |
| بألاّ يقولَ السَّاخِرونَ بهم: جُنُّوا
(1)
|
| عَجِبتُ لِقومٍ صَحَّ في العدلِ رَأيُهم |
| فلمَّا اقتضاه المُستَضامُ، بِهِ ضَنُّوا
(2)
|
| وأعجَبُ منهم مُتَّقُون تَحَنَّثُوا |
| طعامُهُمُ جَشْبٌ، وأثوابُهم خُشْنُ
(3)
|
| رَجَوناهُمُ في ظُلمَةِ الشَّكِّ حُجَّةً |
| نَرُدُّ بها الغَاوي، فقيل: قد استَغنُوا |
| * * * |
| رأى الحُسنَ قومٌ، فاستُطِيروا بسِحرِهِ |
| وقال حَكيمٌ: ما الغَرامُ؟ وما الحُسنُ؟
(4)
|
| ومِن شَهَواتِ الحَيِّ نَبعُ شعورِهِ |
| وإنَّ مساعِينا بأسبابِها رَهنُ |
| أرانا عَبَدنا المالَ، والجاهَ، واللُّهَى |
| فماتَت دَواعي الكِبْرِ فينا. فما نَحنُ؟
(5)
|
| أيا جِيرةَ الوادِي! نَعِمتُمْ بِخَيرِهِ |
| فقد ضَحِكَت بعدَ العُبوسِ به المُزنُ |
| وهادَنَهُ الإعصارُ بعدَ عَداوةٍ |
| تَهَدَّمَ في شَعوائِها ذلكَ الحِصنُ
(6)
|
| لقد لَعِبَت فيه السُّيوفُ سوافِراً |
| وقد جَهِلَت يوماً بِحَومَتِهِ الحُصنُ
(7)
|
| أرى الجودَ خَلاَّقَ المزايا، وَطَالمَا |
| افتَراها، ولولا جُودُهُ لم يكن مَعْنُ
(8)
|
| * * * |
| وعَاتِبَةٍ في الصَّبرِ، قالت، فَأثقلت |
| وقد ساءَ منّي في لجَاجَتِها الظَّنُّ |
| أقولُ لها، والصَّبرُ يُوهِنُ حُجَّتي، |
| وما حُجَّةُ المغلوبِ ليس له رُكُنُ |
| تناهضَ بي عقلي إلى ما استَحَثَّه |
| ولكنه عزمي الذي هَدَّهُ الوَهنُ |
| * * * |
| عَيِيتُ بأسبابِ الهَوى كيف تُتَّقى |
| ومِنْ جُندِها: جُوعُ الغَريزةِ، والأفْنُ
(9)
|
| ولم أرَ مثلَ الحُبِّ قَيداً لربِّهِ |
| مَساريهِ وَعثَاءٌ، ومَشربُهُ أجْنُ
(10)
|
| ولكنَّه راعِي القلوبِ وسَرحُها |
| ولكنّها، مُذ كان، أفئِدةٌ رُعنُ
(11)
|
| * * * |
| تَغَنَّى رِفاقي بالمُدامِ وفِعلِها |
| ولو عَرَفوا سُوءَ المغبَّة، ما غنّوُا
(12)
|
| تقول: ابتسِم لِلْباسِمينَ تحيَّةً |
| وكيفَ وبي مِنهُمُ، وَلَم أنتَصِفْ. ضِغْنُ؟
(13)
|
| سَلُوا صَاحبي المَخمورَ: ماذا لَوَى به |
| أكأسُ الطِّلا؟ أم من سَقَتْها؟ أمِ اللَّحنُ؟
(14)
|
| تطَلَّعتُ في اللَّيلِ البَهيمِ بناظِري |
| فعادَ، وقد أودَى، بِمأْمَلِهِ الدَّجنُ
(15)
|
| أنَحنُ، وقد نَالَ الجَمادُ كرامةً، |
| قَطِيعُ سَوامٍ، لا يُقامُ له وَزنُ؟
(16)
|
| * * * |
| وَذَكَّرتُ أجيالِي بماضِي عُهودِنا |
| فَهَل ذَكَرُوها بعدَ لأْيٍ، وهل حَنُّوا؟
(17)
|
| رَعَى الله كَدَّاحِينَ ناداهُمُ الغِنَى |
| وأمكنَهُم نَيلُ المَطالِبِ، فَاستَأنُوا |
| أُرامِزُ في قَولي، فيُخطِئُ صاحِبي |
| مُرادِي، فأستَخِذي، ويَغمُرُني الحُزنُ
(18)
|
| ألا قاتَلَ الله الطِّلا كم تَلاعَبَت |
| بعَزمِ شُجاعٍ، فاستَقَرَّ بهِ الجُبنُ |
| * * * |
| فزِعْتُ إلى شِعرِي، أُوارِي بهِ الأسَى |
| فقيلَ: أديبٌ ناعمُ البالِ، يَفتَنُّ
(19)
|
| وما أنا إلاّ ثائِرٌ، فُلَّ سيفُهُ |
| وأسْلَمَهُ الحَامِي، فَأثخَنَهُ الطَّعنُ
(20)
|
| لقد عادَ بِي جَهدُ السُّرَى نحوَ غايةٍ |
| حَرامٌ على طُلاَّبِها العَيشُ والأمنُ |
| * * * |