| هَدَرتُ شُعوري حين صَعَّدتُه شِعرا |
| وأشفى لِنفسي أن أفجِّرَه جَمرا |
| فما لي وقد عِفتُ السَّلامةَ مَورِدا |
| وأعرضتُ عن أسبابِ طالبِها كِبرا؟ |
| تبدَّلتُ من عزمي وجُلَّ شبيبتي |
| حِجىً، لا يَرى إلا المساوىءَ والنُّكرا؟ |
| يُهوِّن في عيني الحياةَ وأهلَها |
| ويوسِعُ طلاَّبَ المتاع بها سُخرا |
| فعشتُ وإيَّاه رفيقَي متاهةٍ |
| على غير قَصدٍ، نَخبطُ السَّهلَ والوَعرا |
| حَريبَينِ في دنيا تفيضُ بشاشةً |
| لمنتهجيها، رغمَ ما ساءَ أو سَرا |
| ونحن سواءٌ، إنَّما العيشُ رحلةٌ |
| مَدانا بها، المقدور، أن نقطَع العُمرا |
| ولم أرَ مثلَ الجهلِ عَوناً لِمُدلِجٍ |
| مضى قُدُماً، لا يستَشِف لها سِرَّا |
| * * * |
| تطلَّبَ، من دنياهُ عدلاَ فسوَّفَت، |
| حكيمٌ فلا عجزاً أقامَ ولا صدرا |
| فأنفَقَ في ظلِّ الخمولِ حَياتَه |
| وعاشَ، على جَدبِ الحقيقةِ، مُضطَّرا |
| ورُبَّ مُجِدٍّ لم يَدَع بابَ حيلةٍ |
| إلى اليسر، أفنَى جُهدَه، فجَنى العُسرا |
| وحيٍّ من الأحياءِ، غايةُ قَصدِهِ |
| على عَيشِهِ ألاّ يجوعَ ولا يَعرَى |
| تُساق إليهِ من غرائبِ رزقِهِ |
| سحائبُ، فاضت حولَه دِيَماً غُزرا |
| كما جَفَت المُزنُ الجِنانَ، فصَوَّحَت |
| وجادت، ولم يأبَه لها، بلداً قفرا |
| تنوءُ بها الأفهام، بدءاً وغايةً، |
| حياةٌ لها في الغَيبِ أقضيةٌ تُجرَى |
| سلُوا الزَّاهدَ الضَّاوي لُغوباً، تحدَّرت |
| مدامعُه، لا يطمئِنُّ ولا يَكرَى |
| أسِرُّ رهينِ المَحبِسَينِ مصيرُه |
| أم احتَسَب الأُولى ولم يدرِكِ الأخرى؟ |
| * * * |
| جَرت بيَ أسبابُ القضاءِ خفيَّةً |
| فخِلتُ اختياراً ما يَراه الحِجى جَبرا |
| وأُعذَلُ، فيما كان من سوءِ فطرتي، |
| لو اخترتُ كونِي، ما ارتضَيتُ له خُسرا |
| وللهِ في كلِ الخلائقِ أمرُه |
| وغايتُه، خيراً، تأثَّرتَ أم شَرَّا |
| * * * |
| أرى عُقلاء القومِ فاضَت صدورُهم |
| أسىً، وأرى الجُهَّال قد مُلِئوا بِشرا |
| قَدَحتُ زنادَ العزم في راجح النُّهى |
| وناشَدتُه عهدَ الجِهاد، فما أورى |
| فأيقنتُ أنَّ العقل أبطأُ مركَبٍ |
| إلى غاية تَستعجل الواثبَ الكرَّا |
| وما العقلُ إلا بومةٌ طالَ جُهدُها |
| فما نوَّرت ليلاً، ولا أظلمتْ فَجرا |
| * * * |
| بَكينَا على الموتى، وإنَّ حياتنا |
| بأدمعِ باكٍ، في فجائعِها، أحْرَى |
| فليس يُبالِي مَيِّتٌ حَلَّ قبرَهُ |
| توسَّدَ رملاً جَنبُهُ فيه أو صَخرا |
| وإنّ الأسى للحيّ عدلٌ، فما يَنِي |
| يَهيم بِحُلو العَيش يَجرَعُه مُرّا |
| * * * |
| أصابَ العُلا، إرثاً، ولم يَسعَ، غافلٌ |
| فصاغوا له من كلّ مَكرُمةٍ ذكْرا |
| كذاكَ شهودُ الزُّورِ في كل حِقبةٍ |
| دَواعرُ، ما يعرِفنَ صِدقاً ولا طُهرا |
| * * * |