| آثرتُ أن أظمَا وعِفتُ موارِدي |
| واعتَضتُ من نومي انتباهةَ ساهدِ |
| وصرَفتُ نفسي عن عُلالاتِ الهوى |
| لمَّا أجَلتُ بهنَّ رأيَ النَّاقدِ |
| ونذَرتُ نفسي للجهادِ، فهالَها |
| ألا تَشُدَّ على اللُّغوب بعاضِدِ |
| فإذا مُرادُ النَّفسِ أبعدُ غايةٍ |
| مما يُعينُ عليه جُهدُ الجاهدِ |
| وإذا الحياةُ بغيرِ مجدٍ قصَّةٌ |
| زكَّى القنوطَ بها فَواتُ الشَّاهدِ |
| * * * |
| قالوا: استعاضَ المجدَ مُفتقِدُ الهوى، |
| فبَكت لِفقدِ هَواه عينُ الواجدِ |
| ولَرُبَّ محسودٍ يَبيعُ نعيمَه |
| بهناءِ يومٍ من حياةِ الحاسدِ |
| * * * |
| آمالُنا مِلءُ النُّفوسِ، فهل تُرى |
| صَفِرَت من الآمالِ نفسُ الزَّاهدِ؟ |
| وأرى الزَّهادَةَ في مظاهرها تُقىً |
| من تحتِه لَهَبُ الطِّماح الخامدِ |
| أعَيِيتَ تطلُبُ في حياتِك راحةً |
| والكَدُّ دَأبُ طريدها والطَّاردِ؟ |
| يَجري القضاءُ بكلِّ ما هو كائنٌ |
| فعَلامَ يَعجبُ جاهِدٌ من قاعد؟ |
| * * * |
| وَجدَ الوليدُ، ولم يَجِدَّ، سعادةً |
| أرسى دعائمَها شقاءُ الوالدِ |
| فجزَى أباهُ بالعُقوقِ، كما جَزى |
| هذا أباه، وتَمَّ حُكمُ الواحدِ |
| بين السعادةِ والشَّقاءِ متاهَةٌ |
| عَصَفت بأحلامِ الشباب الواعدِ |
| والعيشُ معركةٌ تَمَرَّس بالأسى |
| قلبُ الجبانِ بها كقلبِ الصَّامدِ |
| وتفاضلت هِممُ الرِّجالِ فقانعٌ |
| بنصيبِه ومناضِلٌ كالماردِ |
| لولا دواعي الطَّبع، وَهي عَصِيبَةٌ |
| لأطَعتُ في الإقدامِ نُصحَ مُراوِدي |
| كان السُّموُّ عن الصَّغارِ مَزِيَّةً |
| فإذا المَزِيَّةُ في الصَّغارِ السائدِ |
| ولو أنَّ زُهدَ العاجزينَ فضيلةٌ |
| لَوَصلتُ طارفَ فَضلها بالتَّالدِ |
| فلقد عَجَزتُ، وما زهِدتُ، وصَدَّني |
| فَرطُ الكلام عن اعتزام الصَّاعدِ |
| * * * |
| رعتِ الجماعةُ بعد غَيٍّ رُشدَها |
| فطوَى الجحودُ العَمدُ فضلَ الرَّائدِ |
| قالوا: اعتزلتَ النَّاس، قلتُ: مخافةً |
| مما يُحَرِّك فيَّ سوءَ مقاصِدي |
| لمَّا دَفنتُ مطامعي وأمنِتُها |
| ذاعت، وفاضَ بها الخيالُ، مَحامِدي |
| كالحيِّ عاشَ مضَيَّعاً في قومه |
| وَقضَى، فأُمطِرَ بالثَّناءِ الخالِدِ |