| أبَتْ قُرَبُ الإنسانِ إلاّ تَلاقيا | 
| على غُلَواءِ الدَّهرِ بَعدَ التَّجافِيا
(1)
 | 
| وما قُرَبُ الإنسانِ إلاّ وَشائِجٌ | 
| من النَّسبِ القاصي، تداعَت دَوانيا
(2)
 | 
| رمى بينَها عَسْفُ الفُروقِ فَدكَّها | 
| فقامَ بها داعي الأواصرِ بانيا | 
| فإمَّا تلاقَت بعدَ رَيبٍ وجَفوَةٍ | 
| ففي أن تَرى وِردَ المَناسِبِ صَافيا | 
| وفي أن تَرى حقَّ العَدالةِ شائعاً | 
| وفي أن تَرى ظِلَّ المساواةِ ضافيا
(3)
 | 
| وفي أن تَنالَ الحقّ حُجَّةُ أهلِه | 
| ولو أنَّ تِيجاناً أبَت، وَمَواضيا
(4)
 | 
| وفي أن يُماطَ الضَّيمُ عن كلِّ أمَّةٍ | 
| تَخَوَّنَها بأسُ المُغيرينَ باغيا | 
| وفي أن تُرى حُرِّيَّةُ الرأي مَورِداً | 
| مُباحاً، وألاّ يَدفَعَ الظُّلمُ صاديا
(5)
 | 
| فما شَرَعَ الإنصافُ جوعاً لكادحٍ | 
| مُسَخِّرُهُ يَقضي الجَدِيدَيْنِ لاهِيا
(6)
 | 
| ولا أن يَنال الدِّفْءَ نَشوانُ طاعِمٌ | 
| وفي فَخِّهِ عَانٍ تَضَوَّرَ عاريا | 
| ولا أن يُرى جِيدُ الفقيرةِ عاطلاً | 
| وأعناقُ أُجْراءِ الغَنِيَّ حَواليا
(7)
 | 
| وأن تُحرَمَ الآلافُ مأوىً ومطمعاً | 
| لأنَّ قوّياً غالَ منها المساعيا | 
| فإن ثار مَهضومٌ لحِقٍّ مُضَيَّعٍ | 
| طَوَتهُ قُوى سُلاّبِهِ، عُدَّ عاصيا | 
| *   *   * | 
| لئِن كان قانونُ العَدالةِ ما نَرى | 
| فَلِمَ نُقتَضي أرواحَنا والنَّواصيا؟ | 
| لِخوضِ المَنَايا كالحاتٍ أثَارَها | 
| قَوِيٌّ على جيرانِهِ، راح عاديا | 
| أأحمِلُ أعباءَ الجهادِ تَفَانِياً | 
| وأُجرِمُ في عُقبى النَّجاح جَزائيا؟ | 
| فَنِينا، وأفْنينا، ولم يَفنَ جُهدُنا | 
| إذا بقيَت أطماعُ قومٍ كما هيا | 
| وإن نَطَّلِبْها نُصرةً وهزيمةً | 
| بدا خلفَها زَندُ المطامع وَاريا | 
| *   *   * | 
| بَلَى! نلتقي، يا غربُ، مسعىً وغايةً | 
| فما كانتِ الأعوانُ إلاّ عواريا | 
| وما الشَّرقُ إن مَدَّ اليمينَ لِصِنِوِهِ | 
| سِوى نَسَبٍ رام التَّكافُؤ فَاديا | 
| سوى نسبٍ تَلْوِي القرابةُ دَيْنَه | 
| وتُنْكِرُ منه أن أطال التَّقاضيا | 
| فإن نال حقّاً، فالوفَاءُ صنيعُهُ | 
| وإن مسَّه حَيْفٌ تَخَمَّط ضاريا
(8)
 | 
| *   *   * | 
| بلى! نلتقي، يا غربُ، عَدلاً ورحمةً | 
| كما نتلاقَى فِكرةً، وأمانيا | 
| لَنرفَع أعلامَ الحضارة والسَّنى | 
| وندعَمَ آساسَ السَّلامِ بواقيا | 
| فما خيرُ مَسعىً لا يُحرِّرُ راسِفا | 
| وَيَرْحَمُ محروماً، ويُسعِفُ شاكيا؟
(9)
 | 
| أمَن شادَ مسعاهُ بواذخَ للرَّدى | 
| كَمَن شادَها للعائِذين مُواسِيا؟ | 
| أمَن سَرَّ مكروباً وأنهَضَ عاثراً | 
| كَمَن رَدَّ، شَرقَى بالدُّموعِ، المآقيا؟ | 
| *   *   * | 
| لئن باعدَ الماضِي القلوبَ على جَفا | 
| فقد ردَّها داعي اللقاءِ حوانيا | 
| تلاقَى بنا اليومُ العتيدُ، وإنَّنا | 
| لَنَرجو غداً، حريَّةً، وتآخيا | 
| فهل نَلتقي كُفئَينِ، وُدّاً وحُرمَةً | 
| وعهداً وثيقاً، يُقتَضَى، وَدَواعيا؟ |