شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشَّرق والغرب لا يلتقيان
أبَتْ قُرَبُ الإنسانِ إلاّ تَلاقيا
على غُلَواءِ الدَّهرِ بَعدَ التَّجافِيا (1)
وما قُرَبُ الإنسانِ إلاّ وَشائِجٌ
من النَّسبِ القاصي، تداعَت دَوانيا (2)
رمى بينَها عَسْفُ الفُروقِ فَدكَّها
فقامَ بها داعي الأواصرِ بانيا
فإمَّا تلاقَت بعدَ رَيبٍ وجَفوَةٍ
ففي أن تَرى وِردَ المَناسِبِ صَافيا
وفي أن تَرى حقَّ العَدالةِ شائعاً
وفي أن تَرى ظِلَّ المساواةِ ضافيا (3)
وفي أن تَنالَ الحقّ حُجَّةُ أهلِه
ولو أنَّ تِيجاناً أبَت، وَمَواضيا (4)
وفي أن يُماطَ الضَّيمُ عن كلِّ أمَّةٍ
تَخَوَّنَها بأسُ المُغيرينَ باغيا
وفي أن تُرى حُرِّيَّةُ الرأي مَورِداً
مُباحاً، وألاّ يَدفَعَ الظُّلمُ صاديا (5)
فما شَرَعَ الإنصافُ جوعاً لكادحٍ
مُسَخِّرُهُ يَقضي الجَدِيدَيْنِ لاهِيا (6)
ولا أن يَنال الدِّفْءَ نَشوانُ طاعِمٌ
وفي فَخِّهِ عَانٍ تَضَوَّرَ عاريا
ولا أن يُرى جِيدُ الفقيرةِ عاطلاً
وأعناقُ أُجْراءِ الغَنِيَّ حَواليا (7)
وأن تُحرَمَ الآلافُ مأوىً ومطمعاً
لأنَّ قوّياً غالَ منها المساعيا
فإن ثار مَهضومٌ لحِقٍّ مُضَيَّعٍ
طَوَتهُ قُوى سُلاّبِهِ، عُدَّ عاصيا
* * *
لئِن كان قانونُ العَدالةِ ما نَرى
فَلِمَ نُقتَضي أرواحَنا والنَّواصيا؟
لِخوضِ المَنَايا كالحاتٍ أثَارَها
قَوِيٌّ على جيرانِهِ، راح عاديا
أأحمِلُ أعباءَ الجهادِ تَفَانِياً
وأُجرِمُ في عُقبى النَّجاح جَزائيا؟
فَنِينا، وأفْنينا، ولم يَفنَ جُهدُنا
إذا بقيَت أطماعُ قومٍ كما هيا
وإن نَطَّلِبْها نُصرةً وهزيمةً
بدا خلفَها زَندُ المطامع وَاريا
* * *
بَلَى! نلتقي، يا غربُ، مسعىً وغايةً
فما كانتِ الأعوانُ إلاّ عواريا
وما الشَّرقُ إن مَدَّ اليمينَ لِصِنِوِهِ
سِوى نَسَبٍ رام التَّكافُؤ فَاديا
سوى نسبٍ تَلْوِي القرابةُ دَيْنَه
وتُنْكِرُ منه أن أطال التَّقاضيا
فإن نال حقّاً، فالوفَاءُ صنيعُهُ
وإن مسَّه حَيْفٌ تَخَمَّط ضاريا (8)
* * *
بلى! نلتقي، يا غربُ، عَدلاً ورحمةً
كما نتلاقَى فِكرةً، وأمانيا
لَنرفَع أعلامَ الحضارة والسَّنى
وندعَمَ آساسَ السَّلامِ بواقيا
فما خيرُ مَسعىً لا يُحرِّرُ راسِفا
وَيَرْحَمُ محروماً، ويُسعِفُ شاكيا؟ (9)
أمَن شادَ مسعاهُ بواذخَ للرَّدى
كَمَن شادَها للعائِذين مُواسِيا؟
أمَن سَرَّ مكروباً وأنهَضَ عاثراً
كَمَن رَدَّ، شَرقَى بالدُّموعِ، المآقيا؟
* * *
لئن باعدَ الماضِي القلوبَ على جَفا
فقد ردَّها داعي اللقاءِ حوانيا
تلاقَى بنا اليومُ العتيدُ، وإنَّنا
لَنَرجو غداً، حريَّةً، وتآخيا
فهل نَلتقي كُفئَينِ، وُدّاً وحُرمَةً
وعهداً وثيقاً، يُقتَضَى، وَدَواعيا؟
جدة 1943م
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :483  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 119 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.