شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نهَاية
أخَيرُ سَبِيْلَيْكَ، التي تتجنَّبُ..؟
وأدنى حَبِيْبَيْكَ، الذي لا تُقرِّبُ؟
فياليت لي منكَ التجَنُّبَ والقِلا
وراءَهما وُدُّ الفؤادِ، المُغَيَّبُ
فرُبَّ ابتسامٍ، دونَه وَغرَةُ الحَشا
وإعراضَةٍ فيها الحَنانُ المُحجَّبُ (1)
وُقِيتَ الأسى، لو أنصفَ الحبُّ بيننا
لَمَا بِتُّ أرضَى في هواكَ، وتغضَبُ
ولكنَّه المقدارُ، يعبَثُ بالفتى
على وَضَحٍ، وهوَ البَصيرُ المُدَرَّبُ (2)
* * *
صبرتُ، وما صبرُ امرئٍ لم يعُدله
على يأسِهِ فيما يُحاولُ، مَذهبُ:
أيُقدِمُ؟ والإقدامُ خُطَّةُ يائسٍ
رأى أنَّ ضِيقَ الموتِ للنَّفسِ أرحَبُ
أيُحْجِمُ؟ والإحجامُ فُسحَةُ سَاعةٍ
سيَعقُبُها عُمرٌ كرِيهٌ معذَّبُ
وما هُوَ بالمختار في ذَينِ، إنَّما
ضرورتُهُ تُملي عليهِ، وتَغلِبُ
وما خَيرُ أمرَين استوى فيهما الحِجَا
على غَمرةٍ من حالكِ الشَّكِ يَضرِبُ
إذا ما انجَلى مِنا فَأقشَعَ غَيهَبٌ
تَكَنَّفَهُ فيها، فَأطبَقَ غَيهَبُ
أصارعُ من أمواجِها اليأسَ والرَّدى
وإنَّ الذي بَعدَ السَّلامَةِ أرهَبُ
وهل بَعدَها إلاّ غِلابِيكَ مِحنَةً
وإن كنتَ تَعمَى عندَ من لا يُجَرِّبُ (3)
فما مِنكَ للعاني ذُراكَ حِمايةٌ
ولا فيك للرَّاجي جَميلَكَ مَطلَبُ
وأنتَ كَمَتنِ البحرِ ما فيه مَأمَنٌ
لِسَارٍ، ولا فيه لِعَطشَانَ مَشرَبُ
وفي موجِك الرَّجَّافِ، والمَوجُ دونَهُ،
مخاطِرُ ما تنفَكُّ تُغرِي وتُعطِبُ
طَوت أيَّ جَبَّارٍ، طَوَى البَحرَ هَمُّهُ
وخَلَّتهُ مَغصوباً، وقد كان يَغصِبُ
فإن زَهَّدَتنِي في حِماكِ مَخاوِفي
دعَاني -فَلَبَّيتُ- الهَوَى والتَعَتُّبُ
وما فَرَحِي بالقُربِ منكَ مَسَرةٌ
ولكنَّهُ بَرقٌ من الوَهمِ خُلَّبُ
* * *
وتُشرِقُني منكَ البشاشةُ بالأسى
وأحسُدُ من تلقاهُ حين تُقطِّبُ
مخافةَ أن تُبدِي ليَ الحبَّ خُدعةً
وَيَغنَمَهُ ذاك البعيدُ المُقَرَّبُ
* * *
تجهَم، ولا تضحَك فَرُبَّ ابتسامةٍ
صفَت، تحتَها نارُ العِداءِ تَلَهَّبُ
ولا تَلقَني بالقولِ فاض عُذوبةً
فما سِحرُ لفظٍ رقَّ عُقباهُ مَعطَبُ
ولا تُدنِني، فالقربُ إن كان كُلفةً
فَللنَّأيُ أبقَى للودادِ، وأصوَبُ
ولولا مَسيسُ الوَجدِ، لم أطوِ غُصَّتِي
على أملٍ في البعدِ، والبعدُ مُجدِبُ
فمَن كَذَبَت عند الدُّنُوِّ بُروقُه
فإنَّ مَجالِيها على البُعدِ أكذَبُ
ولكنَّها أمنيَّةٌ قد جهلتُها
ويا رُبَّ مجهولٍ يُرادُ، ويَعذُبُ
فإن بَلَغَتهُ النَّفسُ عافَتهُ وارعَوَت
وشأنُ قلوبِ العاشقينَ التَّقَلُّبُ
سِوى قلبِ موصولِ الضَّلالِ، عرفتَه
لسانُكَ يُعطِيه، وقلبُك يَسلُبُ
جهلتَ على عِلمٍ حقيقةَ حبِّه
فأسلمتَه للشَّكِ يُضوي ويَنهبُ (4)
على أنه الشَّاري، هَنَاكَ، بِرُوحِهِ
وباذِلُها إن عَزَّ دُونَك مُرغَبُ (5)
وما هُوَ بالسَّالي هَوَاك على المَدَى
ولا بالذي يَهوى بديلاً، ويَطلُبُ
وما يدَّعي فيكَ المُحالَ وإنَّما
يَدومُ وِدادُ النَّفسِ والحُسنُ يَذهَبُ
وما الحُسنُ في حُبِّيكَ مَبعثُ فِتنةٍ
فإن زالَ زالت، والهوى ليس يُوهَبُ
ولكنَّها معنىً من الوُدِّ والوَفا
يُطِيفُ بنفسٍ ليس لي منه مَهرَبُ
ولكنَّها فيما يَرى الفكرُ عادةٌ
يَحِنُّ إليها مُستطاراً، ويَطرَبُ (6)
ولكنَّها قُربَى فُؤادِي مُلَبِّياً
دواعي الهَوى يوماً، تَلِينُ وتَصعُبُ
يُوَشِّجُها عَهدانِ، عهدٌ مُبَغَّضٌ
لَهُ ذِكرُهُ الآسي، وعهدٌ مُحبَّبُ
ولكنَّها بين الكريمَين مَوثِقٌ
يُطالعُ آتينا الجميلَ ويَرقُبُ
ولكنَّها ذِكرى تَجول مَجالَها
وتَشكو الذي آثرتُ فيها وتَندُبُ
ولكنَّها مني إذا لُحتَ نَظرةٌ
ولو أُضرِمَت شَحناؤُها -تَتَحَبَّبُ
ولكنَّها عَتبٌ من العَينِ صامِتٌ
يقولُ على ما سُمتَنِي: أنا مُذنِبُ
ولكنَّها -فيما تقولُ- ملالَةٌ
على أنَّها قلبٌ جَريحٌ مُخَضَّبُ
تَلَقَّاهُ ضَحَّاكَ الأساريرِ طاعناً
ويَلقاكَ وَضَّاحَ السَّريرةِ يَشخَبُ
* * *
حَبيبي، تَلافَ اليومَ ما يُرتَجَى غداً
لِبُقيا وفاءٍ تَرتجيكَ، وتَصحَبُ
أأسكتُ أم أشكو لعلَّكَ سامعٌ
وأغضبُ أم أُغضي لعلَّك مُعتِبُ؟
وأكتمُ أم أُفضِي بذاتِ سَريرتي
وأهتِكُ سِترَ الكِبر أم أتَهيَّبُ؟
وأحمَدُ أم أبكِي فقد ضِقتُ بالضَّنى
وبرَّح بي فيكَ الرَّجاءُ المُخَيَّبُ
وما اعتدتُ أن أرجو، ولكن موَدَّةٌ
تُراجِعني فِكري العَصِيَّ، وتَجذِبُ
صبرتُ لها في ظُلمةِ الشَّكِّ والرَّجَا
وإنَّ رَجائي فيكَ كالشَّكِّ مُرعِبُ
وما زلتُ أستبقيكَ، ضَناً بصُحبةٍ
تعهَّدهَا ماضٍ من الحبِّ طيِّبُ
فعُد لجميلِ الرأي فيها، تَصُن به
حُساماً به تَلقى الصِّعابَ وتَضرِبُ
فما فَازَ مَن ضاعَت مَودَّةُ مخلِصٍ
لدى يومِهِ البسَّامِ، والدَّهرُ قُلَّبُ
وما حفِظَ النُّعمى سِوى مُشتَرٍ بِهَا
روافدَ قلبٍ، وُدُّه ليس يَنضَبُ
فلم يَصحبِ الدُّنيا طويلاً على المُنى
سَعيدٌ، ولا أفنى الجديدَينِ مُتعَبُ
وما زالت الأيامُ تُقبِلُ تارةً
وتُدبِرُ، والدُّنيا تَجِدُّ وتَلعبُ
فهذا خَصيبٌ كان بالأمسِ مُجدِباً
وما يتَّقي في يومِه الجدبَ مُخصِبُ
وما اختال في كونِ المحاسنِ موكبٌ
مدى لحظةٍ إلا انطوى فيه مَوكِبُ
وكم من جَمالٍ أعقبَ الغَمَّ ربَّه
فباتَ على ما فاتَه يتلهَّبُ
ويا رُبَّ جبّارٍ تأجَّجُ نارُهُ
متى هانَ أمسَى فوقَها يتقلَّبُ
وما خلَّد الماضِي جَمالاً لفاتِنٍ
فيأمنَ تَيَّاهٌ، ويَعتَدَّ معجَبُ
ربيعُ الهوى والحُسن مَشرِقُ ساعةٍ
يُديلُ لعانِي شمسِهِ بَعدُ مَغربُ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :453  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 106 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج