هاجِرَتي! لو كنتِ تَسمعين |
ما أقولُ.. أو تَعِين |
لَمَا تراكم الجَليدُ بينَنَا |
ولم تَمُتْ أيامُنا على الجليد |
* * * |
هاجِرَتي! أرجوحةُ الأقدارِ |
لم تَزلْ تدور.. |
تحتَ ظلالِ الصَّمتِ والسُّكون |
والبُعدُ بينَنا يمتَدُّ في فراغ |
تُقَبِّلُ الهواءَ حولَه.. |
وتَطلُب المزيد |
وتُطفئُ المصباح |
كي يُنوِّر الدُّجى جَنَاحَها |
وكي يُضمِّدَ الدُّجى جِراحَها |
* * * |
الكأسُ، يا فَراشَتي! |
لَمَّا تَزلْ ملأى بِرَيِّقِ الشَّراب |
والرَّغَباتُ لم تَزَلْ عُبَاب |
فكيفَ طِرْتِ.. واندَفَعْتِ |
خارجَ الزَّمان؟ |
نَسيتِ.. أمْ أُنسيتِ وقدَةَ اللَّهَب |
ووَشْوشاتِ الكأس |
حَفَّ كأسَها الحَبَبُ |
مَلِلْت! أم نَدِمْتِ! |
أم لَوى بِكِ الغَضب! |
لا تَجِدينَ ما يُقال! |
أفهَمُ ما يمكن أن يُقال! |
لِكلِّ رِحلةٍ سَبَب |
وكلُّ راحلٍ له أَرَب |
لا، لن أقولَ خُنْتِ |
أو ضَلَلْتِ.. إنَّها الرِّغاب |
وإنَّها دوافعُ الشَّباب |
فَرفْرِفي حيثُ يقودُك الفَضاء |
لغايةٍ.. لِغيرِ غايةْ |
كلاهما سواء.. |
لا تَسألي عن المصير |
ما دام في الدُّجى سَرير |
يُنيرُه مصباح |
كلُّ الفراشِ هكذا |
كلُّ الفَراش كائنٌ لِيحتَرِق |
بل كلُّ شيءٍ في الوُجودِ يَحترق |
حتَّى الفَراشاتُ التي لا تَعرِف اللَّهيب |
حتّى التي لا تعرف الحُبَّ ولا الحبيب |
فَراشتي! لحِكمةٍ قد حَفَلَ |
الوُجود بالفَراش.. |
وكلُّ حُجرةٍ بها سرير |
يَقبَعُ في جواره مِصباح |
وليس في القِصَّةِ ما يَهُول |
وكلّ ماضٍ يَهون.. يَختفي |
في ظلمة الدُّجَى.. |
فَراشتي! لو ساقكِ الهواءُ ليلةً |
إلى فراغ حُجرتي |
لن تجدي السَّرير خالياً |
فثَمَّ دائماً.. أكثرُ من فَراشَهْ |
تَطوف حوله لِتَحترق.. |
وكلُّ شيءٍ في الوُجود يَحترق.. |
أنا.. وأنتِ.. والكِيان كلُّه.. |
حتَّى اللَّهيبُ والجليد.. |
ويختَفي القَديم، ويَظهر الجَديد |
ويَلِدُ الفَراشُ، دائماً فَراش.. |
فَراشتي! أنا حزين |
لأنَّ غاية الحياة.. غَيْرَ غايتي.. وغَيْرُ غايَتِك |
لأنَّ كل شيءٍ يَنتهي.. ويَختفي |
ولا يَدوم |
لأنَّه لو دام، لانتهى بقاؤُهُ |
وصارت الأحياءُ كلُّها جَمَاد |
نَعَم.. بِرَغم ما فهمتُ |
لم أزلْ حَزين.. |
لأنَّ كلَّ شيءٍ في الوُجود يَحترق |
مخلّفاً وراءه رماد |
تنْثُره الرِّياح |
فَراشَتي!. لن يَبْلغَ الكلامُ |
غايةَ الكلام |
فلْيكنِ الصَّمت إذاً |
لِهذه المأساةِ.. شارةَ الخِتام |