سُعادُ.. يا أُنشودةَ الرَّبيع |
يا أحلامَهُ النَّشوَى بِصَبوةِ الجَمال |
ويا ضِياءَ الفجر.. |
يا دعاءَهُ الحَنونَ، يَفيضُ بالفُتون |
مِن دِنانِه المُضَمَّخاتِ بالطُّيوبِ، رَشَّتِ الدُّروب |
في تَهويمَةِ الزُّهورِ، يَحلُم حَولَها الطّيور |
* * * |
سعادُ يا إشراقةَ الأمَل.. وبَسمةَ الشَّباب |
يا أسطورةَ الهَوى في كَهفِها المَسحور |
تُطلِقُ العَبيرَ، حولَها، مَجامرُ البُخُور |
تَقُصُّ عن (عِشْتَارَ) قِصَصَ الجَمالِ والشُّعور
(1)
|
مجنَّحاتٍ، تَنهبُ الفضاءَ، في أشعَّةِ القَمر |
* * * |
سعادُ، يا شَبَّابةَ السُّكون |
هل كنتِ تَحلُمِينَ في إغفاءَةٍ مُتْعَبَة |
قَصَّرتُها بمطلبي الذَّاهلِ.. لا يَغْفِرُهُ الحَنين |
أتى بِيَ الشَّوقُ لكي أراك |
كي أرشُفَ الألفاظَ، حلوةً، من فمِكِ الجَميل |
وكي أرى السُّباتَ في عينيكِ |
زورقاً يسبَحُ بين ضفَّتَين |
مُخْمَليَّتَينِ، تَنضَحان بالشَّذا.. |
تُباركانِ، في حنَانٍ، رِحلةً، تزفُّها سَكينةُ الحَنان |
* * * |
سعادُ، عيناكِ بُحيرتانِ.. فاضتا |
بكلِّ ما في فِتنةِ الرَّبيعِ، من مَفاتِنِ الحياة |
وكلِّ ما في رَوْعة الشَّبابِ.. من ذخائرِ الشَّباب |
وكلِّ ما لا يَعرفُ الشَّبابُ من دوافع الحياة.. في خوالِج الشَّباب |
* * * |
سعادُ.. هل تقرأُ عيناكِ الذي تخُطُّهُ عيناي؟ |
وهل سَمعتِ.. شهقاتِ مُهجتي الحَرَّى؟ |
تطوفُ كالفَراشِ، حولَ وجهِكِ الوَضَّاءِ، دافىءَ السِّمات؟ |
وهَل تَرَينَ دَمعةً في كلِّ كِلْمَةٍ لاهثَةٍ، يُرسلُها فَمي؟ |
وهَل شَعَرتِ في انقباضِ صَوتيَ الحزين عندما أودعُّك؟ |
وهَل تتبَّعتِ خُطايَ، سَمَّر الأسَى انطلاقَها؟ |
* * * |
هذا أنا أضربُ في الفَراغ موغِلاً في رِحلة الضَّياع |
رِحلتي، وقصَّتي التي أخاف أن يكون بَدْؤها خِتامَها |
قصَّةُ عُمْرٍ جاوزَ الشَّبابَ.. بل أضاعَهُ |
في تيهِ مَسْراهُ.. إلى مصيرِهِ.. |
حتَّى رأى في راحتَيك الحلوتَين.. سرَّ ذلك المَصير |
فارتَمى بينهما.. |
وراحَ في سُباتِهِ العَميقِ، كالغَريق |
لا يسألُ الطَّريقَ.. عن نهايةِ الطَّريق |
* * * |
سعادُ، ما أحلى اسمَك الطَّروبَ.. صانع المَعاد |
سعادُ، يا تَهويمةَ القَرارِ.. بعد رِحلةِ السُّهاد |
تَألَّقي، وأرسلي، من ناظرَيك الواعدَينِ، نفحةَ الصَّباح |
وَقطِّرِي من راحتيكِ بَلسَم الجراح |
* * * |
سعادُ، إن أذنبتُ، فاغفِري |
وإن أسأتُ، فاستُري.. |
فإنَّ عينيكِ وراءَ قِصَّتي |
ميلادُ قِصَّتي |
تلك التي.. أخافُ أن يكونَ بَدؤها.. خِتامَها |
* * * |
سعادُ.. هل أقوَى على استئنافِ رِحلة الضَّياع؟ |
ورِحلة الإيغال.. والتَّطويفِ في متاهَةِ الفَراغ؟ |
ورحلةِ الشَّوقِ إلى المصير، قادَهُ وقادَني القَدَر..؟ |
وأنتِ ذلك المصير؟ |
نَعَمْ.. فأنتِ ذلكَ المصير... |
في قِصَّةِ الفراغِ.. والصِّراعِ.. والضَّياع |
والأسَى المَريرِ.. وَوَقدةِ الهَجير.. في دُوَّامة السُّرى |
* * * |
يا قِصَّتي.. يا فَصلَها المثير |
هذا أنا وفي يَدِي الشِّراع |
أنشدُ الرَّفيق. |
فهل تَخوضِين معي.. بِجانبي؟ |
وفي يديكِ دَفَّة الشِّراعِ؟ |
غياهباً -تُضيئُها عيناكِ.. يَنبوعَين؟ |
هدَّارَين بالسَّنا. وبالأمل |
بِكلِّ ما هامت بهِ رُوحيَ في طريقها الطَّويل؟ |
سعادُ.. هذا موعد اللِّقاءِ قد دنا |
وارتعشت خوالجي.. |
وقبلَ أن أراكِ في أرجوحةِ القَمَرِ |
تسمَّرَ الخيالُ.. قَلقاً.. من رَهبَةِ الوَداع |
* * * |
سعادُ.. لو كان لقاءٌ، ليس بَعدَه وَداع |
وليس بعدَه فِراق |
لو كان |
أقلتُها؟ |
كلاّ. فلن أهمِسَها في أُذُنيكِ |
ساعةَ اللِّقاء.. لأنني أخاف لحظةَ الوَداعَ.. أن تكون لحظةَ الفِراق |
* * * |
سعادُ.. ما زالت يَدي مَشدودةً على الشِّراع |
ونظَرتي تائهةً عَبْرَ الفضاءِ.. ترقبُ الفراغَ، والصِّراع، والضَّياع |
ووجهُكِ الصَّغيرُ.. نجمةً.. تَبِينُ تارةً وتَخْتَفي.. |
* * * |
ما أبْعَد الرِّحلةََ.. يا حبيبتي.. |
وما أمَرَّها |
رحلةَ مَن لا يَجدُ الرَّفيق |
عندما يَظُنُّ أنَّه.. قد وجَد الرَّفيق |