شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المَاضي الحائل
سِرتُ في ذاتِ مسَاءٍ شَاحِبٍ
قاتِمِ الأرجاءِ، مَطمُوسِ الظِّلالِ
مُطرِقاً أُصغِي لماضِي ذِكرَياتٍ
بَعَثَتْها وَمضَاتٌ من خيالِي
* * *
لحظةٌ في سُرعةِ الضَّوءِ أطافَت
بِي على كُرْهٍ، وفي طُول الأبَدْ
خِلْتُ أنَّ الكونَ أمسى بَعدَها
راجِفاً كالبَحرِ، يَرمي بالزَّبَدْ
* * *
وإذا الماضي وما أودَعتُهُ
من مَلاهي ومَرازِي عُمُري
ضاربٌ في صَحَرَاءِ الكونِ مَاض
أتُراهُ؟ كان يَقفو أثَري
* * *
وتلاقَينَا على غَيرِ اشتياقْ
وكذا عِشْنا على غَيْرِ وِفاقْ
وتعارَفنا، وقد كنَّا تَنَاكَرْ
نا، قَدِيماً، وتواعَدْنا الفِراقْ
ومشَى نَحوِيَ مَكدودَ الخُطى
ظاهِرَ اللَّوعَةِ مَرهوبَ الأسى
عاتياً تُرسِلُ عَينَاهُ الكَلامْ
يَتلظَّى، وَهُما لم تَنْبِسَا
* * *
وانثنَى يَسألُني كيف نَسيتُ
قلتُ: ماذا يَذكُرُ العاني الشَّريدُ؟
أنا مِن حاضِرِ أمري في جِهادٍ
كلُّ ما يَذهَبُ فيه لا يَعودُ
* * *
قال: لو كنتَ حَزيناً لم تُضِعْ
ذِكرياتِ الحُزن، والماضِي الشَّهيدِ
إنَّما أغرقتَهُ في حاضِرٍ
طافحٍ باللَّهو، والحُبِّ الجَديدِ
* * *
أكذا أنتَ وأيمانَ الوفاءِ
أينَ ما يشهَدُه اللَّيلُ عَلَيك؟
يومَ كانت بَهجةُ الدُّنيا تَرَاءَى
لَكَ في هذا الذي بَينَ يَديك
* * *
فانطَوَى، بل أنتَ قد أَسْلَمْتَهُ
للفَنَا، وانصرفَت نفسُك عَنهُ
كنتَ تَرجوهُ حَرِيصاً شَيِّقاً
فَغَدا اليومَ عَناً تهربُ مِنهُ
* * *
كنت تَخشى نَسمةَ الفجرِ عليهِ
ونَدَى اللَّيلِ، وَلُجَّ الأعينِ
وترى اللَّحظةَ دهراً إنْ نَأى
وَهُو اليومَ طريدُ الزَّمَنِ
* * *
ذاكَ ما آثَرْتَ فيه راضِياً
لَيتَه آثرَهُ فيكَ قديما
يومَ كانت نظرةٌ منهُ خَلَتْ
من رقيقِ العَطف تَذْروكَ هَشيما
* * *
كان مأواكَ الذي رفَّ عليهِ
ضَوْءُ دنياكَ، وللدُّنيا العَفاءْ
تَنضَحُ الأحلامَ فيه ألَقاً
والهَوىَ يَرْفَضُّ سِحراً وَرُواءْ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :446  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 86 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.