شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وداع
وداعٌ، وهل لي أن أقولَ: إلى لُقَى
وبُعْدٌ، ومَن لي أن أراه تَمَزُّقَا؟
وفَرحَةُ نَفسِي، فَارَقَتْها، وَأدبَرَتْ
وكان بها روضُ المَسَرَّةِ مُونِقا
ودنيا هوىً طَلْقٍ يُصيبُ به الهَوَى
طِلابَ مُنَاهُ، كيفما شاءَ مُطَلقا
أشاحَت، ولم تَرْعَ الذِّمامَ، ولو رَعَت
لأبقَت على قَلبي الكَليمِ تَرَفُّقا
* * *
فيا حُسْنُ ما أقسى احتكامَكَ إنْ هفا
بكَ الزَّهْوُ لم تَحفِلْ لِعانِيكَ مُوثَقا!
ويا لَيلُ سامِرْني على السُّهد والجَوَى
فما زلتُ ألقاكَ السَّميرَ المُوفَّقا
وعُدْ بي إلى الماضِي القريب، وإنْ غدا
بعيداً وإنْ أذكَى الشُّعورَ مُرَهَّقا
فَقَدْتُ وإيَّاكَ العَزَاءَ، فَمَن لنا
به غيرَ أن يَشكو كِلانا وَيأرَقَا
* * *
حنانَيْكَ حدِّثْني، ولا تُخْفِ ما وَشَى
به صَمْتُكَ الآسي هَوىً مُتَدَفِّقا
وقُلْ: كنتُ أهواه هَواكَ، ألَمْ تَكُنْ
تُنَافِثُهُ نَجواكَ، غَيْرَانَ شَيِّقا؟
تُنيرُ بها أفراحَه، وشُجونَه
وأعمقَ ما يَخْفَى إذا هَمَّ واتَّقَى
أما كانَ بَدراً فاق بَدرَك بَهْجَةً
أما كانَ أسْنَى منك وَجهاً ومَفْرِقا (1)
أباحَتْه دُنياه مفاتنَ حُسنِها
وحابَتْهُ بالأعلاقِ فاختارَ وانتقى (2)
رَوِينا به يا ليلُ، والدَّهرُ غافلٌ
كَريمَ دَواعِي النَّفسِ أعطى فأغدَقا
تَعَزَّ، ولا تَضْنَكْ بِبُعدٍ أرادَهُ
فإنْ كان قد أظما فيا طَالمَا سَقي (3)
* * *
ويا قلبُ إن يَعصِفْ بكَ الحُزْنُ فاتَّئِدْ
فَكَم ضاعَ مَسعىً للقلوبِ وأخفَقَا
وحظُّك مِن دُنياكَ ما سَنَحَتْ به
فدونَكَهُ صَفْواً أتى، أو مُرَنّقاً (4)
فقد تُخلِفُ الآمالَ سَحبٌ رَوِيَّةٌ
وتُنْجِزُها أخفى السَّحائبِ رَونَقا
فيا لَلْغَدِ المَرْجُوِّ هل أنتَ مُقبِلٌ
فألقاكَ بالآمالِ أم ليس مُلتَقَى؟
وهل يَدَّنِي النَّائي ويَصفو به الهوى
كما كان؟ أم يَبقى الرَّجاءُ مُعَلَّقا؟
* * *
حبيبي، ألا عادَتْ بكَ الصَّبوَةُ التي
تُخَالِسُني عنها الكلامَ المُنَمَّقا؟
تقول -ولا أُنسيتُ- أهواكَ شاعراً
إذا قال بَزَّ القائلين وحَلَّقَا
وأهواك نَفّاثاً لِسحرِكَ في دَمي
وفكري، وأهواكَ الكَذوبَ المُصدَّقا
وتُقسِمُ، والأقسامُ مِن فيك بَرَّةٌ
ويأبَى لِنَفسي كِبْرُها أن أصَدِّقا
فصِدقُكَ غيرُ الصِّدقِ في وَزن أهلِهِ
وهيهات، إنَّ الفنَّ أصعَبُ مُرتَقَى
وأعرِفُ أنَّ الصِّدقَ فِيك حقيقةٌ
ولو كان مَا تُزجِيهِ زُوراً مُلَفَّقَا
تَشاكَلَ رَأْيانا، كِلانا لِنفسِه
هوىً، ولكلٍّ في الهوى ما تَذَوَّقا
* * *
وغِبتَ، فهلاَّ عُدتَ إنْ كنتَ صادقاً
فإنّي كَعَهدي فِطرَةً وتَخَلُّقَا؟
أبُعْداً وقلبي من دُنُوِّكَ ما ارتوى
ودَمعي على أعقابِ هَجرِك مارَقَا؟
ألِلشَّاطىء المَهجورِ بَعْدي فِتنَةٌ
وهل فيه سَلوى عن مُقامِكَ بالنَّقا؟
إذِ الحَقلُ يَلقانا فتعروه نَشوَةٌ
وجَدْوَلُه المنسابُ يَهفو مُصَفِّقا
وإذْ نسماتُ الحَقل تَسْتَرِقُ الخُطَى
إليكَ فنلقَاها، أرَقَّ وأرشَقَا
و (ليلُكَ) يَغشانا بألوانِ سِحرِهِ
ويُصغي إلى سِرِّ الحبِيبَيْنِ مُطرِقا
أحَبَّكَ مِثلي، فارتَضَيْتَ وِدادَه
وما زالَ أوْفَى منكَ عهداً وأصدَقا
أعانَ على البلوى، كما شاطر الهَوَى
وودَّعتَ لم تعطِفْ، وسَلَّى وأشفَقَا
* * *
لقد كنتَ مَعنى الحُسْنِ في الحَقلِ والدُّجَى
وفي النَّسمَةِ الحَيْرى وفي المَاءِ رَيِّقَا
وتَالله ما أدعوك للحُبِّ والجَنَى
ولكنَّني أهواكَ للطُّهرِ والتُّقَى
ويا بَحرُ هل أدعوكَ للشَّمسِ مَغرباً
وقد كنتَ للشَّمسِ الحَبيبةِ مَشرِقا؟
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :416  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 72 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.