حَسْبِي بما حَمَلَ الفؤادْ وما لَقِي |
كَمْ ذا أُصانِع في هواكَ وأتَّقِي؟ |
وَعَلامَ تَلْقاني بِوَجهٍ مُشرقٍ |
تُخفِي طلاقتُهُ جَهامَةَ مُطرِقِ؟
(1)
|
ماذا يَصُدُّكَ عن هَوَايَ وَدُونَه |
نَجوَى ضميرِكَ -إذْ تقولُ- ومَوْثِقِي؟ |
قد كنتَ تَهزَأُ بالصِّعاب فما لها |
رَدَّت خُطاكَ، وما لنا لا نَلْتَقِي؟ |
هانَتْ عليكَ مَواجِعي فَنَسِيتَها |
أمْ كنتَ في مَسْعاكَ غَيْرَ مُوَفَّق؟ |
بَلْ قد مَنَعتَ، ولستُ أوَّل راغبٍ |
فَجَعَتْهُ في رَغَبَاتِهِ يَدُ أخْرَقِ
(2)
|
ولقد تُجَشِّمُكَ الرَّغائِبُ مُرتَقىً |
صَعباً، فَمَن لَكَ أنْ تكونَ المُرْتَقِي؟
(3)
|
ولقد دَعَوتُكَ للخِطَارِ فَهِبْتَهُ |
وأجَلْتَ في عُقْباه رَأْيَ المُشفقِ
(4)
|
ومِنَ الغرائبِ أن أسُومَكَهُ وهل |
يَرجو المعونَةَ مُوثَقٌ من مُوثِق؟
(5)
|
وتُسيءُ ظنِّي فيك فَتْرةُ سَائِمٍ |
فَتَرُدُّني عنها عُلالَةُ شَيِّقِ
(6)
|
وَأما وَحُبَّكَ ما الرَّجاءُ بِمُسعِدِي |
إنْ كانَ حَظِّي، منكَ، حَظَّ المُخفِقِ |
* * * |
أنكرتُ فيك الذُّلَّ حتَّى رُضْتَنِي |
فَطَوَيْتُ دونَكَ للجَهَامَةِ مفرقِي
(7)
|
وأنا الأبِيُّ، وقد عَرَفتَ خلائِقِي |
فاعرِفْ على حُبِّيكَ بعدُ تَخَلُّقِي
(8)
|
يا مَوْرِدِي الفيَّاضَ، حَسْبي وَقدَةً |
ممَّا يُنازِعُنِي إليكَ تَحَرُّقي |
العابثُ اللاّهي حِيالَكَ ناهِلٌ |
والعاشِقُ اللَّهفان لَمَّا يَسْتَقِ |
ألْقاكَ مَشبوبَ الجَوانِحِ لاظِياً |
غَصَّانَ، أسبَحُ في الضِّرامِ المُحرقِ
(9)
|
مُتَوقِّدَ الأنفاس أصمتِ، والسَّنَا |
لو شِئتِ شَعَّ بدائعاً في مَنطِقِي |
ماذا فعلتَ بقلبِ حُرٍّ قادَهُ |
غَيُّ الصَّبابَةِ في هَوَاكَ المُزْلِقِ؟ |
قد كنتُ قبلَ هواك أخطُرُ ضاحِكَاً |
بفؤادِ موصولِ المَسَرَّةِ، مُطلَقِ |
متهلِّلَ القَسَمات، يَرْتَفِقُ الهَوَى |
سِحْري، ويَحتَبِلُ المفاتنَ رَوْنَقِي
(10)
|
واليومَ أُطرِقُ في مَقَامِكَ صامتاً |
وَتُرى لِغَيري نُهزَةُ المُتَشَدقِِ
(11)
|
أنا ذلك الصَّدَاحُ أخرَسَنِي الأسى |
وَلَكَمْ منحتُكَ كلَّ لحنٍ مُشرِقِ |
أيامَ تَعرِضُ لي، فَتَرتَجِلُ المُنَى |
شِعْرَ الهوى، كالعارِضِ المُتَدَفّقِ
(12)
|
فَتُعيدُه شفتاك سِحراً رائعاً |
يُزْري بكُلِّ مُنَضَّدٍ وَمُنَسَّقِ
(13)
|
وَتُدِيرُ منه -وقد طَرِبتَ- سُلافَةً |
تَدَعُ الكَليلَ يُرِيعُ شَأوَ المُفْلقِ
(14)
|
والكونُ حَوْلَكَ سابحٌ في حُلْمِهِ |
في مِثلِ هَالَةِ وَجهكَ المتألِّقِ |
والحَقلُ محتَفِلٌ يطارحُهُ الهَوَى |
أسرارُ حسنِكَ، ضاحكاً، وتَعَلُّقي |