"إذا المرءُ لم يدنس من اللؤمِ عرضه |
فكلُّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ" |
وإن هو لم يعطِ الوظيفةَ حقَّها |
على سنّة الأرطال فهو هبيلُ |
وفيمَ التراخي، والتخلفُ سمةٌ |
وليس على شُغِل الرجالِ دليلُ |
وما ثمّ إلاّ كل ساعٍ لغاية |
تشابه فينا موجزٌ ومطيلُ |
وما يتقي سوءَ المقالة جارمٌ |
فما هو إلاّ للفحولِ عميلُ |
سخرتُ بقومٍ قصّرَ "الشغلُ" ليلَهم |
ولكنّ ليلَ العاطلينَ طويلُ |
* * * |
تقول التي غازلتُها: أنت أزعرٌ |
وَنَخْلُك بينَ الملاقِيش فَسِيلُ |
تباركَ مَنْ أعطى واخْطى ذوي النُّهى |
ومَالُكَ في غيرِ القريضِ حَصِيلُ |
بِماذا، ولا مالٌ لديك، تروُمني؟ |
زهدت، وأثْرى شاطرٌ وعويلُ |
وَأنتَ على ما أنتَ، مضطربُ الخُطى |
يميلُ بعطفَيْك الوَنى فتميلُ |
وخلفك في الأخفاقِ صيتُ مردد |
له قَصَصٌ مرويةٌ.. وفصولُ |
فقلت لها: لي بالفضائلِ ثروةٌ |
سأغرفُ منها للورَى.. وأكيلُ |
وشعرٌ.. وأبحاثٌ.. وعِلمٌ.. ومبدأٌ |
وماضٍ نَمَاه القهوجيُ خليلُ |
فقد كانَ مِركازي بقهوتِه هدى |
يَؤُمُّ سناهُ فتيةٌ -وكهولُ |
وتقتبسُ الأفكارَ منه مبادئاً |
تعلّمَ واهي الفكرِ.. كيفَ يصولُ |
وكان لطلاّب التقدمِ ساحِراً |
يعالجُ من قاماتِهم.. فتطولُ |
فقالت "أبيتَ اللّعنَ" ما بِي إلى الذي |
سَرْدتَ اشتياقٌ والغرامُ ميولُ |
* * * |
فدعْني من ذكرِ الفضائِل ﺇنه |
حديثٌ يُمِلُّ السامعينَ.. ثقيلُ |
أريدُ حبيباً أركبُ "الناشر!" جنبه |
ولو أنّه محدودبٌ.. وهزيلُ |
فلو كنتَ أفلاطونَ أهلَ زمانِه |
فأنتَ بلا مالٍ لديكَ جهولُ |
وراحتْ وقد ألقتْ عليَّ ابتسامةً |
لها في فؤادي حسرةٌ.. وغليلُ |
ألا ﺇنها الدنيا.. ومنطقُ أهلِها |
تساوَى نهيقٌ عندهم وصهيلُ |
وإخْصاً على ما راحَ في اثنيهما سدى |
من الجهدِ عقباهُ أسىً.. وخمولُ |
* * * |
نعم إنه صوتُ الحقيقةِ لم أزلْ |
أكابرُ فيه.. والحقيقةُ.. غولُ |
مضتْ بخيارِ النفسِ في أمرِ عيشها |
ظروفٌ بأحوالِ الرجالِ تحولُ |
وأطرقتُ مُحتاساً أمشّط لحيتي |
وأهرشُ رأسي ذاهلاً فأُطيلُ |
* * * |
ورحتُ على تحويشةِ العُمُرِ نَادماً |
تبجحَ فيها صاحبٌ.. وزميلُ |
وكانتْ مواجيبُ المودةِ تقتضِي |
مغارمها، والمستطيعُ حَمُولُ |
وكم يقتضيك القنُّ ما لا تطيقُه |
وللقِنِّ بينَ العارفينَ أُصولُ |
أصولٌ عَفَتْ آثارُها بعدَ ما انْطَوىَ |
سِجُل رصيدِي واعتراهُ أفولُ |
فإنْ أنَا طالبتُ الصديقَ بحسبةٍ |
يُكَشِّرُ.. ويسألُ هل معاكَ وُصولُ |
وليسَ معي إلاّ براهين حاله |
قديماً.. ولكن الجديدَ.. يهولُ |
غَدَوْنا إلى عهدٍ تغيّر ناسُه |
فلم تبقَ إلاّ خسةٌ.. ونُكُولُ |
فيا صاحِبي مِل بِي إلى ظلِ سرحةٍ |
من الأثلِ نَغْفِي تحتَها ونَقِيلُ |
نُراجع في الظلِّ التخينِ عهودَنا |
إذا الفنُّ ظلَ للنفوسِ ظليلُ |
* * * |
غداة الهوى ريان، والعيشُ باردٌ |
وكلُّ صديقٍ للصديقِ وصُولُ |
فذلك ماضٍ قدّس اللهُ سَرّه |
فكلُّ قليلٍ من رؤاهُ.. جزيلُ |
وكانتْ لنا بالقرشِ فيه مهابةٌ |
ينالُ بها مَنْ حازَها.. وينِيلُ |
وإذ ثمنُ البرادِ عِشرون بارةً |
وبالقرشِ سمنٌ للعشاءِ وفُولُ |
وإن جمعتنا قيلة كان بايها |
قروشاً.. وللقويمِ منه ذيولُ |
يمغلط فيها.. والقوّامةُ ذمةٌ |
ويكرعُ من راوُوقها.. فيعيلُ |
* * * |
زمانٌ طوتْه مُذْ طوتْ ذكرياته |
مصائرُ تَلْوى بالرؤى.. وتغول |
نناشدُ حُلْوَ العيشِ نرجُو معادَه |
وهيهاتَ ما للذاهباتِ قفولُ |
وشائجُ من تاريخِنا قد تقطّعتْ |
صداهَا دموعٌ ثَرّة.. وعويلُ |
يلم بها الراوي خيالاتِ حالمٍ |
وإنّ خيالَ الحالمينَ فُضولُ |
أأيامُ بستانِ البُخاري، والنَقّا، |
وجَرْوَلَ، هَلْ مِنْ سامعٍ فأقولُ؟ |
فإنّي إلى ماضيكَ -واللَّه- شَيقٌ |
ومالِي منه، ما بقيتُ، بديلُ |
سوى أملٍ ذاوٍ، وصبرٍ ممزقٍ |
وراءهما غُرمٌ، قواه، فلولُ |
دواعِي الهوى، لبيّك.. رب تعلة |
تعزّى بها شاكٍ، وقَرّ عليلُ |
عدانا زئير الضارياتِ على النوى |
فحسبك من فيضِ الحنينِ هديلُ |