أنَا هُنا منذُ ألوفِ السنينْ |
من أمدٍ يسخرُ بالحاسبينْ |
لستُ من الأحياءِ.. لكنني |
باقٍ إلى صيرورةِ الخالدينْ |
ولستُ بالناطقِ.. لكن لي |
لسانُ صدقٍ أعجز الناطقينْ |
كم وقفَ الليلُ على قِمّتي |
ينثرُ بالأحلامِ، للحالمينْ |
وكم حَبَا الفجر إلى أخمصي |
ينبشُ عن سِرّ حياتِي الدفينْ |
* * * |
مضتْ دروبُ الناسِ لا تلتقي |
إلاّ على شحائِنها.. أو تلينْ |
تناهبُوا الأثمَ وهامُوا به |
إلى مصيرٍ ينهبُ الناهبينْ |
* * * |
ما هانتِ الدنيا على زاهدٍ |
لكنها إقصارةُ الجاهد |
تنحنَح الشيخُ لطلابه |
بها، فيا للشيخ مِن مارد |
باعَه خبيثاً.. واشترى طيّباً |
وألْحَقَ النازل بالصاعد |
قد ضيعَ الواعظَ في قومه |
عُمُراً، فما أثَّرَ في واحد |
* * * |
لن أسألَ الغيبَ ولن تسألِي |
عن معضل يُفْضِي إلى معضل |
وعن مصيرِ الحي في ما ابْتلى |
بهِ مِن الآلامِ، منذُ ابْتَلَي |
ما العيشُ إلاّ رحلةٌ في دُجى |
محلَوْلَكٍ هَيْهَاتَ أنْ ينجلي |
يخوضُها الحيُّ إلى غايةٍ |
تَعْصِفُ بالمدبرِ والمقبل |
لا يعرفُ الساري بها دربَه |
وما هدَى الضارب في مجهل |
* * * |
عزةُ قَدْ عَزّ عليَّ الذي |
عانيتُه من حُبِّك الأولِ |
تُصارعينَ اليأس في عزمةٍ |
ما جنحت قَطّ إلى معزلِ |
فريدة ألبَسها كِبْرُها |
وصبرُها شارةَ مُسْتَبْسِلَ |
وترتدي مِن صَدِّ إيمانِها |
دِرْعاً حَبَاها قوةَ الأعزلِ |
* * * |