شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دنيا
نَبا مِنْكِ يا دنيا، جوَىَ جاشَ ثائرهُ
بواطنُه قتّالة، وظواهرهُ
وهمٌ ضحاياه نفوسٌ كريمةٌ
تنازِعُها أرماقُها وتصابره
ومسرى طراد أظلمتْ جنباتُه
لنا، وأضيئتْ للمسوخِ مناوره
طويناه بسّامين.. لا يأنس الحِجى
لنا سنناً، يرجو السلامةَ عابره
* * *
وقيل: سباقٌ فانْبرى كلُّ غيلمٍ
تساندُه، أشباهُه ونظائرهُ
فأكدي كما سارَ الغيالم قبلَه
شريعة نقضها، خلفَتْها مناشره
ولما توافيْنا، سبْقنا، ولم نفزْ
وأحبط مَسْعانا مِن الحُكم غادره
فيا لسباق، شارة النصرِ تبتغي
عليه، بغيرِ السبقِ، تزجي بشائره
ويالك عدلاً، يرتضي الجورَ عنده
تدورُ على مسعَى الجيادِ دوائره
* * *
كذا أنتِ يا دُنيا الدعاةِ مركبٌ
لكل لئيمٍ تيمتك مشافره
تضيقينَ بالأحرارِ، أن أنفِوا الخَنَى
وحسن العبيدى، ما تَقْضِي ذخائره
هنالكَ جوُّ الأثمِ يلقاكَ بالمُنى
صغائرهُ، موصولةٌ، وكبائره
هنالك يلقى كلُّ نذلٍ ضريبةَ
يشاطرهُ رِجسُ الهوى، ويعاقره
هنالك لا عقلٌ يصدك قيدُه
ولا خلق تحمي العفاف زواجره
لكِ العذرُ يا دنيا فللإثمِ رونقٌ
تطيبُ دناياه، وتحلُو مخاطره
فما وُدُّ أحرارِ النفوسِ ببالغٍ
مرادك، أو مطفٍ سعارك طاهره
وهم مشبعو جذواك، والدهرُ كالحٌ
صدوقٌ مشيحٌ، ليس يأنسُ نافره
ومن جَانَبوا مَغناك ضَنّاً بأنفسٍ
لها من سجايَاها رقيبٌ تحاذره
أبوْا المجدَ زيفاً والكرامةَ حيله
وعافوا الغِنى زُوراً، تُذَمُّ مصادره
ورامَوا العُلا كَسْباً، فلو أنصفُوا بنوْا
على هامِها مُلكاً، تدومُ مفاخره
ولكنها في موطنِ المجدِ، بدعةٌ
يحرمها في موطنِ المجدِ، قاهره
أبَاها علينا الغاصبونَ، فوكلُوا
بنا كلُّ ذِي عاريْنِ، شاهتْ سرائره
فعشْنا على ضَنَكِ الحياةِ وعسْفِها
كِراماً، وبعضُ العيشِ بالطهرِ سائره
* * *
نَبَا مِنكِ يا دنيا، هلوك تطرحت
على دنسٍ، قد نفرتْنا بوادره
تليحينَ بالجاهِ العريض وبالسّنا
وبالحُسن مضفاة عليك حبائره
ودون الذي تُبْدِينَ، عارٌ وظلمةٌ
وأعباءُ وزرٍ، ما تطاقُ جرائره
* * *
لَعِفْنَاكِ يا دُنيا، على ولعٍ بنا
وما خيرُ حبٍ، لا تطيبُ مصائره
وإنّ عفيفاً رَدّه عنكِ كبره
طليقٌ ولكن قيّدتْه مشاعره
ورُحْنا ظماء، يدفعُ الأين خطونا
على الوعرِ سامتْنا العناء هواجره
إذا غادَنا اليوم البشوش تقاطرتْ
على إثرهِ أيامُ بؤسٍ تكاشره
وإن دعت الجلّي، ونحنُ سيوفُها
تقدم نفل قربته أواصره
وما مثل قربي الرّجس والجهلِ وصلةٌ
أضنّ بها من لاَمَسَ الغيبَ، ساتره
فما هو إلاّ أن يدعدعَ غيلمٌ
إذا بكفيفِ الخَطْو، تُتلى مآثره
فلم يبقَ بينَ الآدميينَ منزلٌ
لِبانٍ يدانيِه، وندٍ يكاثره
ولم تبقَ شمسٌ لم تشبه بوجهه
ولا جؤذرٌ إلا اُستعيرتْ محاجره
فَقِيل عظيمٌ أعجزَ الناسَ خطوهُ
وقيلَ جوادٌ، ما تكفُّ مواطره
وقيل سديدُ الحظوتَيْن سَجَا به
على الخلق، ماضِيه الحفيلُ وحاضره
وقيل جميلٌ والسوادُ شَهيدُه!
ومسعّرُ حربٍ! واليراعةُ باتره
وما رأيُه في نفسهِ عندَ نفسهِ
سوى أنّه عبدٌ وإن طارَ طائره
ولو بحمارٍ، حظّه، مثل حظّه
عَلاَ الدهرَ لاقْتَادَتْ هواهم خواطره
* * *
لكِ الويلُ يا دنيا، أمَا يكسبُ الهوى
لديكِ كريمُ النفسِ، طابتْ عناصره
ولا يتملاّه عفيفٌ مهذبٌ..
مظاهرهُ محمودةٌ، ومخابره
فيَا وطناً، قَدْ رَاضَهُ القيدُ فاستوى
على ما ارتضتْ أعيارهُ، وأباعره
تَحَرّكْ ولا تُفْلِجْكَ بَلْوَاك حسرةْ
فَرُبّ أسيرٍ خافَ عقباهُ آسره
ألم تَر ليثَ الغابِ في القيدِ يرتمي
بنظرتِه، كالسيفِ يجلوُه شاهره
وأنت طليقٌ، بل.. وظلمتُك.. موثقٌ
فكم من طليقٍ أوثقته خواطره
* * *
أيا وطنِي ماذَا أدّخرتَ لغاصبٍ
تمزقُنا أنيابُه، وأظافره
أأعددتَ غيرَ الصبرِ، والصبرُ طاعةٌ
يؤازرُها حُسن الجَزَا وتؤازره؟
رعاتك.. يا مأوى الهوانِ.. ومن ولوا
خصيمانِ، مقمورٌ، يجوعُ، وقامره
فهل طاعةٌ للَّه في ذاك تُبتغى
سوى الفتكِ يشفي الصدرَ مما يخامره
سوى الفتك لا ترجو عليه سلامةً
رعاتك، أو ينقادُ للحق كافره
سوى الفتك تستشفِي الذهولَ سهولُه
وتعصفُ بالأمرِ عواصُره
* * *
صبْرنا، وما صبرُ الجياعِ على الطّوى
وموطنُهم رزقٌ تفيضُ بواكره
صبْرنا، وما صبرُ الكرامِ على الأذى
لأعراضِهم تَلْوى بهن مَناكره
صبْرنا، وما صبرُ الضعيفِ على الفَنا
رماه، كما تَرْمي الطريدة جآزره
ألمّا يَئِنْ أنْ يبلغَ العذرَ صابرٌ
وأباً يتحدَى معقلِ الظلمِ ناكره
أرحْنا بها في معقلِ الظلمِ فتنة
تنوء ثعالبه بها، وقساوره
ولكننا يا موطنَ الصبرِ قلةٌ
يحاورُها ضيقُ المدى وتحاوره
فأينَ ألوفٌ أوهنَ الصبرَ عزمُها
نساير من أمراضِها ما نسايره
علامَ تعاطيني القريض تهزني
دواعيِه إذ يلقاكَ بالبدع هامره
تكافؤ أمرينا على القولِ ضلة
فمنزوره عندي وعندك زاخره
تناسب شأنانا طلاباً وفتّني
خطى سابق لا كنت نِدّاً يغاوره
تحيفت جهدي بالتي لا أطيقُها
وما أنا مِن أمرٍ تَهُول أواخره
* * *
وأين ألوفٌ فرقَ الجهل أمرها
فطاحتْ بها أوهامُها وصراصره
وأينَ ألوفٌ كالخرافِ تهادنتْ
على الخَسْفِ، يطويها من الحكمِ جائره
ألا شدَّ ما توهي الحقيقة ثائراً
تخاذل، لما أمكنَ الثأر، ناصره
شكوتُ، وشكوى الحُرِّ حزنٌ تسعرتْ
معانيه، أو يأسٌ تضجُ مزافره
شكية محرور الشكيةِ من جوى
على وطنٍ رانتْ عليه دياجره
وطنه ريشت فنضت بغاثه
وهيِضَتْ فأرداها الهوان كواسره
قد جُنَّ بالعيشِ الخفيضِ شبولُه
وتقضِي على حُرِّ الوثاقِ غضافره
* * *
ويا صاحبي، والشجوُ للشجوِ ينتمي
وُقِيتَ الذي يَلْقَى من الشّجْو خابره
وعلّمتَنِي سحرَ البيانِ فَهَاكَهُ
بوراقُه مِنّي، ومِنْك مواطره
 
طباعة

تعليق

 القراءات :504  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج