| يا هُدَى مَن راحَ في حُبَّكِ موصولَ الضَّلالِ |
| وسَرى في تيهِ عينيكِ على لمحِ الخيالِ |
| حائراً، مضطربَ الخُطوةِ، مجهولَ المآلِ |
| كلّما ناءَ به الجَهدُ تصدَّى للنِّضالِ |
| راجياً يدفَعُه اليأسُ، فيُدنيه الأمَلُ |
| ثائراً يُطمِعُه الشوق، فيَثنِيه الوَجَلُ |
| انطوى ماضيَّ في الحُبِّ.. ظلاماً، وضياء |
| ومسرّاتٍ، وآلاماً، وغدراً، ووفاء |
| وقطوباً، وابتساماً، وبِعاداً، ولقاء |
| يا هُدَى، إني أرى الماضي بعينيكِ ثَراء |
| فاجعليه لفُؤادَيْنا، وقد هاما، نَشيدا |
| واصنعي من عهدِه الشَّامخِ بالأحلامِ عيدا |
| أنتِ يا عابثةَ الماضي بروحي وَجَناني |
| عن ثناياكِ الوَضيئاتِ بَدَا نورُ الأماني |
| وبلحظَيكِ النبيلَينِ أرى سِحرَ الجِنان |
| فاغمُريني من حُمَيَّاكِ بآلافِ المعاني |
| إنَّما الشِّعرُ مَعانيكِ، وقلبي الشَّاعرُ |
| وأنا الدُّوح
(1)
، أوِ الوَكرُ، وأنتِ الطَّائرُ |
| أنتِ عنوانُ الصِّبا والحُسنِ في أبهى مثالِ |
| وهُدى قلبي وأفكاري، وَعيني، وخَيالي |
| ومُنَى نفسي وآمالي، وأحلامي الغوالي |
| وصدى حُبِّي الذي ضاع، وأيامي الخَوالي |
| فابعثي الماضيْ بِعَينيكِ على اللَّحن الطَّروب |
| التَقَى في ظِلِّهِ الطَّائرُ بالرَّوض الرَّطيبِ |
| سَلسِلي القَولَ أغاريدَ من الفتنةِ سَكرَى |
| واسكبي اللّفظَ بأُذْنَيَّ -إذا حَدَّثتِ- خمْرا |
| وأعيدي ذكرياتِ النّيل أحلاماً، وسِحْرا |
| رُبَّ ذِكرى وحَّدَتْ قلبَين في الحُبِّ، فَقَرّا |
| إنَّها الدَّعوةُ من قلبي أطافَت، فأجيبي |
| وخذِيها، يا هُدى عهدَ حبيبٍ لحبيبِ |
| أنتِ كالوردةِ لُطفاً، وعَبيراً، ونَدَى |
| أنتِ بدرٌ لو رأى البدرُ سَناهُ.. سَجَدا |
| أنتِ كالدرِ صَفاءً، ورُواءً، ومَدَى |
| أنتِ كأسُ الخمرِ، لو بَلَّت لحَاسِيها صَدَى |
| أنتِ لحَنٌ ثَمَلَ الفتنةِ من سحرٍ وفَنِ |
| سَوف يَروي قصَّةً خالدةً عنكِ وعنّي |
| يا هُدى! هل هِي أيامٌ قصارٌ.. أم تَطولُ؟! |
| جَمَعَتنا صُدفةٌ عابرةٌ، فيها، وأحوالٌ تَحُولُ |
| أم هِي الفَجرُ الذي وَشَّاه بالنُّورِ مُحيَّاكِ الجميلُ |
| إنَّها ميثاقُنا الخالِدُ في قَلبي، والحُبُّ النَّبيلُ |
| سوف أرعاهُ كما أرعاكِ حتَّى نلتقي |
| فاذكريني، يا هُدَى ذِكرَ سعيدٍ لِشَقِي |
| * * * |