أَكذا نحن -حيث نحن- مقيمان على الخسف ليس نرجو فكاكا؟ |
كأَسيرين لا نريم ولا نملك سعياً، والكون فاض حِراكا |
ترسل الشمس حرها فوق رأَسينا سياطاً والريح طعناً دِراكا.. |
وتعيث الطيور فينا -على ضعف قواها- ضراوة وانتهاكا |
لا الأَديم المبسوط فيه لنا فسحة خطو ولا بلغنا السِّماكا... |
وأَرانا -وعمرنا نهبة العجز- سنقضي كما حيينا ركاكا... |
أَفهذا، لأَننا ننكر العيش غِلاباً ونجتويه عِراكا..؟؟ |
* * * |
لِمَ يا أُخت نؤثر الصبر، والصبر -على ما ترين- قيد المساعي؟ |
ما لنا من ثمارنا -وهي من صنع قوانا- إلاّ نصيب الجياع... |
ما أَرانا للحارثين سوى نهب، وللآكلين غير متاع... |
فتعاليَ نداوِ بالقول قلبينا ونعزف به على الأَسماع.. |
علّنا بالغان بالقول ما لم يبلغ الصمت في مجال الصراع |
رب قول هز العزائم أَو أَحيا الأَماني أو استحثّ الدواعي |
بل دعينا نثر على تربة الضيم فإِن الحياة فوق التلاع |
* * * |
أَي عيش هذا الذي نحن صالوه هواناً وفاقةً وشنارا؟ |
أَخرست فيه دعوة الحق والعز فعادا ضراعة وصَغارا! |
وغدا راجح النهى فيه منقوصاً وحر الضمير يكدي عثارا... |
قد ظمئنا والماء ملء السواقي واهتدى غيرنا وعشنا حيارى.. |
* * * |
أَفلا تحزنين للشجر الباذخ جفت جذوره فأنهاراً...؟ |
وي، كأَن القلوب في محبس الضيم حيارى، وكم نظل أَسارى |
فلنثر، ولنمت، أَكرم بالموت مصيراً، إِن لم نعش أَحرارا |
أَفلا تحزنين للواقع البخس أَلفناه ذلة وخمولاً؟ |
أَفلا تحزنين للنور للفرحة تغشي الكيان عرضاً وطولا؟؟ |
ولنهر الحياة أضحى على شطيه ضوءُ الجمال ذليلا؟ |
ولهذا اللأْلاء فاض على الدنيا وأَحيائها سناً مطلولا |
ولحرية النفوس خيالاً وانطلاقاً، ومأْملاً، وقبولا... |
ما نصيبي؛ وما نصيبك من ذاك؟ أَليس الحرمان والتعليلا؟ |
فانفضي عنك غمرة الحزن والخوف، وشقّي للتاعسين السبيلا |
* * * |
ما لنا أَوهن الخنوع قوانا فغدونا مطلحين رزاحا |
أَو لسنا سلالة الشجر الشامخ أَصلاً وعزة وطماحا؟ |
والعديد الذي يضيق به الغاب، أَليس النخيل والأَدواحا؟ |
أفلسنا به، وبالعمر اليابس أَقوى بأْساً وأَمضى سلاحا |
إِيه أختاه برح الصبر بالعانين سالت به القلوب جراحا |
ما أَرانا في قلة فأَطلقي الصرخة في الغاب تلهبي الأَرواحا |
قد كرهنا الحياة أَسراً وصبراً فلنرمها حرية وكفاحا |
* * * |
آن يا أخت أَن نثورَ فقد عشنا طويلاً على الرجاء المضاع |
نتأَسّى باسم العدالة والرحمة حلمين في ظلام الخداع |
إِن حق البقاء للحي يا أُختاه وهم للواهن المتداعي |
وسبيل الحياة مذ كانت الدنيا وأَحياؤُها سبيل الصراع |
لا تقولي: ما نحن في كفة الحرب فما ضاقت الحياة بساعي |
نحن بالحق والعزيمة والإيمان في خير أُهبة واضطلاع |
فهلمي بنا إِلى ساحة الموت نزلزل بها قوى الأَطماع |
* * * |
ما لنا والحياة في الأَسر لا |
الغاية نلنا ولا حمينا الذمارا |
قد يئسنا واليأْس أَمضى سلاح |
ما أَرى بعده لحي خيارا.. |
فاتركي الناعمين في برزخ العيش |
يرودوا من الهوان القرارا |
واتبعيني لنبعث الحرب شعواءَ |
تدك النجود والأَغوارا |
ولنحرر بها العزائم والأَفكار |
ولنجعل الغناءَ شعارا |
إِيه أُختاه مم تخشين والدرب |
مهاد والظالمون سكارى |
فلنثر إِن في السماء على الحق |
غيوراً يبارك الثوارا |
* * * |
ما أَرى الكون منذ كنا سوى |
سجن كبير أُعدَّ للضعفاءِ |
يشرّع القادرون فيه القوانين |
قيوداً للرق والإِفناء.. |
فإِذا أَنّ مثقلٌ قِيل قد ثار |
وجنّت شريعة الأَقوياءِ |
إيه أُختاه فلنثر ولنحطم كل |
قيد ولنستبق للفداء |
ليس في سنّة الطبيعة أَن يحرز |
حقاً إِلاّ دم الشهداء |
وهبينا متناً ولم نبلغ القصد |
أَليست حياتنا كالفناءِ؟ |
قد فقدنا يا أُخت في الأَرض عدلاً |
فدعينا نلذ بعدل السماءِ |