عَلامَ بكى الباكُونَ في الحَيِّ هالِكاً |
وكُلُّ وُجودٍ شُعلَةٌ سوف تُطفَأُ |
وهل يَعقَلُ المفجوعُ في غَمرةِ الأسى |
مقالَكَ: إنَّ الصَّبرَ للحُزنِ أدرَأُ؟
(1)
|
ألا رُبَّ شاكٍ من مَساءَةِ يومِهِ |
تَطامَنَ لليومِ الذي هو أسوَأُ |
تَنَبَّأتُ بالأحداثِ قبلَ وقوعِها |
فما حاطَني مِمّا حَذِرت التَّنَبُّؤُ |
يُلامُ أُناسٌ أثخَنَ القَيظُ فيهمُو |
ولو وَجَدوا بَرْدَ الظِّلالِ تَفَيَّأُوا |
أرى زَبَداً كاللُّجِّ أعمارَ نابِهٍ |
فَقَاقيع ماءٍ، تَنتهِي حيث تَبدَأُ |
تُسائِلُني: كيفَ انتهيتَ إلى الرِّضَى |
وما علمتْ أنَّ العزائمَ تصدأُ |
أهَبتُ بعَزمي، فاستجابَ، فردَّني |
لِسالِفِ أطواري، حياءٌ ومَبدَأُ |
لأَمرٍ رأى ذو الرأي أنَّ حُثَالةً |
فأخَّرَني أنِّي عَجِلتُ وأبطَأوا |
وثقَّلتُ من خَطْوي أناةً وحكمةً |
فقال خَلِيٌّ: شَدَّ ما تَتَلَكَّأُ |
هو الرِّزقُ قد لا يبلغُ القصدَ جاهِدٌ |
مصيبٌ، ويَلقَاهُ، ولم يَسعَ، مُخطِىءُ |
رأيتُ دُروبَ العيشِ شَتَّى لمن وَعَى |
مَسالِكَها، واحتَرتُ مِن أينَ أبدأُ |
وقد حَظِيَ اللاّهُونَ بالصِّيتِ والغِنَى |
فَشَادوا، وسادُوا، وانتَشَوا، وتَبَوَّأُوا |
وعِشتُ، على ما كان، طالبَ غايةٍ |
من الوَهمِ، لا تَنأى ولا تَتَهَيَّأُ |
تَعَبقَر أُمِّيٌّ بِنُجحٍ أصَابَهُ |
فراحَ بمَا أُوتِيهِ يُفتِي ويُقْرِىءُ |
وأخفَقَ ذو عِلمٍ، فقالوا: مُضَلّلٌ |
وقال الحِجَا: إنَّ الضَّعيفَ مُرَزَّأُ |
طلبتُ شفاءَ الصَّدرِ بالعَتبِ من جَوى |
ولم أدرِ أنَّ العَتَب! للجُرحِ أنكَأُ |
أرى مِحنَةً جَرَّاؤُها الذُّلُّ والرَّدَى |
فَأُومِنَ أنَّ اليأسَ للعقلِ مَرفَأ |
إذا اضطربَ المِيزانُ في مِحنة النُّهى |
مَضى بالثَّناءِ الجارِمُ المُتَجَرِّئُ
(2)
|
* * * |