أنتَ مغنايَ؟ لا، فَلستَ بآهِل |
أين عَهدي بِزَهرِهِ والبلابل؟ |
ومعانيهِ -والهوى من معانيـ |
ـهِ- وأمساءِ وَحيِهِ والأصائل |
ومَحاريبِ قُدسِهِ، وترانِيـ |
ـمِ رؤاهُ، وسِحرِهِ، والشَّمائل...؟ |
وخُطا مَن أُحِبُّ فيه، ونَجوا |
هُ، وأعيادِ وَصله، والمحافِل؟ |
انطوَت في ثَراكَ؟ أم ملَّتِ العَيـ |
ـشَ عليهِ؟ أم رَوَّعَتها النَّوازل؟ |
أم دَعَتها إلى سِواكَ دَواعٍ |
آنَسَتها، فَجَانَبَتكَ جَوافِل؟
(1)
|
لستَ مغنايَ؟ لا.. فقد كان مَغنَـ |
ـايَ خَصِيباً، وليسَ مِثلَكَ قاحل |
ضاحِكاً كالرَّبيعِ، مُستكمِلَ الفِتـ |
ـنَةِ، كالخُلدِ طَاهراً، كالفَضائِل |
ثَابِتَ العهدِ والأمانةِ والحُسـ |
ـنِ، وَفِيّاً، والأوفياءُ قلائل |
أين مَغنَايَ؟ أُفقُهُ وَمَداهُ |
وتسابيحُ أيكِهِ والعَنادلِ؟ |
أنتَ مَغنَايَ؟ لا، فقد كانَ مَغنَـ |
ـايَ رَحيماً، وليسَ مِثلَك قاتل |
إنَّما أنتَ طائِفٌ من جَحيمٍ |
غالَ مَغنَايَ، صُورةً ودَلائل |
فإذا أنكرَت سِمَاتِكَ عَينِي |
فلأنَّي فقَدتُ تلكَ المخائل |
ولأنِّي عِفتُ الحياةَ وكفَّنـ |
ـتُ أمانِيَّ، دامياتِ المَقاتِل |
راثِياً فيكَ حُلمَ أمسِي المُرَدَّى |
حافِلاً بالعَزاءِ أو غَيرَ حافِل |
سَئِمَت نفسيَ النِّضالَ وعافَتـ |
ـهُ، وملَّت فروضَه والنَّوافل |
ما الهَوَى؟ ما الجَمالُ؟ ما المجدُ؟ ما الما |
لُ؟ أليست إذا حَزِنتُ مَهازِِل؟ |
والمساعِي، طاحَت بهنَّ قلوبٌ، |
كالمساعي، طاحت بهنَّ جَحافِل |
كلُّ ساعٍ يَوَدُّ لو نالَ ما شا |
ءَ، فهل عادَ كلُّ ساعٍ بِطَائل؟ |
* * * |
يا لَنا مُدلجِينَ، أزرى بنا الأيـ |
ـنُ، وأوهى أقدامَنا والكَواهل
(2)
|
نَتَخطَّى الوعودَ، غيرَ مُوَقَّيـ |
ـنَ، ونَفرِي على العَماء المَجاهل
(3)
|
فإذا سَرَّنا جَميلٌ بوعدٍ |
أحزَنَتنا أخلاقُه والدَّخائل |
يا مغانِي الهَوى ظَنَنَّاكِ حَقاً |
فإذا الوهمُ تحت تلكَ الغلائل |
قد وَدِدنا من الزَّمان مُحالاً |
حينَ رُمنا مِنه حَبيباً مُواصِل |
شدَّ ما راعَنا وأوهَن مِنَّا |
زَمنٌ، جادَ بالمُنى كلَّ غافل |
ما بِنا من شَماتِ أهلِكَ، يا دَهـ |
ـرُ، ولكن بنا رِثاءُ المشاكِل |
أوراءَ الغُيومِ يا عقلُ دُنيا |
غيرُ دنياكَ، أم نَهِيمُ بباطلِ؟ |
قد رَضينا الأوهامَ وِرداً، فلم تُغـ |
ـنِ، وَفاضَت للجاهِلينَ مَناهِل |
* * * |
يا مَغانِي الهَوى التي طَال فِيها |
يومَ عاذَت بنا لجَاجُ العَواذل
(4)
|
ما هَوِينَاكِ، بل ألِفنَاك والإلـ |
ـفُ زِمامٌ، وقاكِ خَيبةَ آمِل |
وَلَقيناكِ عاطفِين عَلى حُبِّـ |
ـكِ، والعَطفُ رحمةٌ وفواضِل |
ذاك دَينٌ ما نَقتَضِيه، وذِكرى |
غَمَرتها الأحداثُ، فَهي تُناضِل |
* * * |
يا مَغاني الهَوى، أقمنا وأبعَد |
تِ، فهَلاّّ، والقلبُ وَاصل؟ |
أتمنَّى لكِ البقاءَ وقُد |
مِتِّ بِنَفسِي، حقيقةً، وَعَوامل |
لَتَفاءَلتُ لو تَرُدُّ على المَيـ |
ـتِ حَياةً رغائبُ المتفائِل |
يا مغاني الهَوى، وَداعاً فقد صَدَّ |
ت كِلَينا، عَمَّا يَروم، شَواغل |
يا مغاني الهَوى، وأطلالَه اليـ |
ـومَ، وفاءً، وداعَ ثاوٍ لَراحِل |
* * * |