النُّهى بينَ شاطِئَيْكِ غَرِيقُ |
والهَوَى فيكِ حالمٌ، ما يُفيقُ |
وَرُؤَى الحُبِّ في رِحابِك شَتَّى |
يَستَفِزُّ الأسيرَ منها الطَّليقُ
(1)
|
وَمَغانيكِ، في النّفوس الصَّديَّا |
تِ إلى رَيِّها المَنِيعِ، رَحيقُ
(2)
|
إيهِ، يا فِتنةَ الحَياةِ لِصَبٍّ |
عَهدُهُ، في هَواكِ، عَهدٌ وَثيقُ |
سَحَرَتْهُ مَشابِهٌ، منكِ للخُلـ |
ـدِ وَمَعنىً، من حُسنِهِ، مَسروقُ
(3)
|
كَمْ يَكُرُّ الزَّمانُ، مُتَّئِدَ الخَطْـ |
ـوِ، وغُصْنُ الصِّبا عليكِ وَريقُ! |
ويَذوبُ الجَمالُ، في لَهَبِ الحُـ |
ـبِّ، إذا آبَ، وَهُو فيكِ غَريقُ |
عُدتِ مَلفوفةً به، في دُجَى اللَّيْـ |
ـلِ، وقد هَفْهَفَ النَّسيمُ الرَّقيقُ |
مُقْبِلاً كالمحِبِّ، يدفعُه الشَّوْ |
قُ، فيَثنيهِ عن مُناهُ العُقوقُ |
حَمَّلَتْهُ الأمواجُ أُغنِيَةَ الشَّـ |
ـطِّ، فأفضَى بها الأداءُ الرَّشيقُ |
نغماً، تُسْكِرُ القلوبَ حُمَيَّا |
هُ، فمنهُ صَبوحُها والغَبُوقُ
(4)
|
فيه، من بَحرِكِ، التَّرفُقُ والعُنْـ |
ـفُ، ومن أُفْقِك المَدى والبَريقُ |
ومن اللَّيلِ، صَمتُه المفعِمُ النَّفـ |
ـسِ لُغىً، زانَها الخَيالُ العميقُ |
ومن البدرِ، زَهوُهُ وسَناهُ |
راوياً عنهما الفَضاءُ السَّحيقُ |
قِطعَةٌ، فَذَّةٌ من الشِّعر، قد ألَّـ |
ـفَ أشتاتَها نِظامٌ دَقيقُ |
* * * |
أنتِ دُنيا، رَفَّافَةٌ بِمُنَى الرُّو |
حِ، وكَوْنٌ بالمُعجزاتِ نَطوقُ |
رَضِيَ القَيْدَ، في حِماكِ، فؤادٌ |
عَاشَ كالطَّيرِ، دَأْبُهُ التَّحليقُ |
ما تَصَبّتْه قبلَ حُبِّكِ يا جَدَّ |
ةُ، دُنيا بِسِحرِها، أو عَشيقُ |
حبَّذا الأسْرُ في هواكِ حَبيباً |
بِهَوَى الفكرِ والمُنَى ما يَضيقُ |
مَنْهجي فيه مَنهَجُ الطّائر الآ |
لِفِ، يَنْزُو بهِ الجَناح المَشوقُ
(5)
|
فإذا هَمَّ أشغَلَتْهُ فُروضٌ، |
من هَواهُ، وأثقلَتْه حُقوقُ |
* * * |
جدَّتي، أنتِ عَالمُ الشِّعرِ والفِتـ |
ـنَة يَروِي مَشاعري، وَيَروقُ |
تَتَمشَّى فيكِ الخَواطِرُ سَكْرَى |
ما يُحِسُّ اللَّصِيقَ، منها، اللَّصيقُ |
كلُّها هائمٌ بعالَمهِ المخـ |
ـمورِ، يَهفُو بهِ شَذَاهُ العَبيقُ |
تَتَجافَى، ما يألَفُ الخاطِرُ الخا |
طِرَ فيهِ، ولا تَدينُ الفُروقُ |
فإذا أوْمَضَ الخيالُ بِذِكْرَا |
كِ تَدَاعَت، بعضٌ لبعضٍ يَتوقُ
(6)
|
وَحَّدَ الحبُّ بينَها سُبُلَ الحبِّ |
فما عافَ سابقاً مَسبوقُ |
* * * |
جدَّتي، لا التِّي يُحِبُّ الخَلِيُّو |
نَ، شفاءٌ عَذبٌ، وأسرٌ أنيقُ |
وصراعٌ بين الحِجَى والأمانِي |
يُطْلِقُ الحسَّ، تارةً، وَيعوقُ |
وسُهادٌ، يَهيمُ في تِيهِهِ العَقـ |
ـلُ، وَيعمَى عن هَديهِ التَّوفيقُ |
وصَدىً، ما يَبُلُّه الوَاكِفُ الها |
مِي، وقلبٌ، لم تَسْتَثِرْهُ البُروقُ
(7)
|
أنتِ مُرتادُ وَحدَتي، إنْ تَبَتَّلْـ |
ـتُ، وإنْ شئتُ، عالَمٌ مَطروقُ |
لِيَ ماضٍ، لم أنْسَهُ، فيكِ قَدْ غَـ |
ـصَّ، بشَجْوٍ، غُروبُهُ والشّروقُ |
تتناجَى أصداؤُه، في رَوابِيـ |
ـكِ، إذا عادَها الخيالُ الطَّروقُ |
مُعْولاتٍ، ألْوى بِمطلَبِها الأيْـ |
ـنُ، فأنفاسُها عليه شَهيقُ |
مُثْقَلاتٍ حَيْرَى، تُطِيفُ بها الوَحْـ |
ـشَةُ، والضَّعفُ عاجزٌ، ما يُطيقُ |
كيفَ أُنسيتِهِ، وضيَّعْتِ ذِكرا |
هُ؟ وهل يُسلِمُ الرَّفيقَ الرَّفيقُ؟ |
أهُوَ الغَدرُ ميسَمُ الحُسنِ في شَرْ |
عِكِ، والعَهدُ في هَواكِ عُقوقُ؟ |
حبَّذا أنتِ، لو وَفَيْت وأجْملْـ |
ـتِ، ولم يُنْتَهَكْ لَدَيكِ الصَّديقُ |
فوفاءُ الحبيبِ أسمى مَعاني الحُسـ |
ـنِ، والطُّهرُ بالجَمالِ خليقُ |
لا تكوني خوَّانةً يُمطَلُ الدَّيْـ |
ـنُ لديها، ولا يَفُوزُ السَّبُوقُ
(8)
|
أو تَمُنِّي النُّعمَى عَلَيَّ، فما آ |
لَمَ عيشاً يَضْوَى به المَرْزوقُ
(9)
|
أكذا أنتِ للنَّقائضِ وِرْدٌ |
يَستوي عندَهُ التُّقى والفسوقُ؟ |
بين مَن تمنحِيهمُ وِرْدَكِ السَّا |
ئغَ قومٌ، ودادُهم مَمْذوقُ
(10)
|
من مياسير جاهلين أضاعو |
ك، وكلٌّ بما يَشينُ علوقُ
(11)
|
ومهازيلَ، كالضَّفادع في الظُّلْـ |
ـمَةِ، أقصى ما يستَطِعْنَ النَّقيقُ |
قادَهم أخرقُ الخُطى للدَّنايا |
وهْو فيهِمْ، بما جناهُ، مَسوقُ |
وشبابٌ، غِراسُهُ ما زَكَت فيـ |
ـكِ -ولا غَرْوَ- فالغِراسُ العُروقُ |
لَعْلَعَتْ صرخةُ النُّهوضِ حَوالَيْـ |
ـكِ، وأصواتُهم لَدَيكِ نَعيقُ |
ومشى النَّاسُ للجهادِ مُغِذّيـ |
ـنَ، فهل نَصَّ ناعقيكِ طَريقُ؟
(12)
|
مَنْ لَهُم بالطُّموح، والجِدُّ ما أضْـ |
ـنَكَ مسعاهُ، والحياةُ مَضيقُ؟
(13)
|
هُم أُسارى مَناعِمِ العيشِ، والحَـ |
ـقُّ عليهم، مما أُذيلَ، حَنيقُ
(14)
|
* * * |
كَمْ مُعَنّى مِثلي، يُطارِحُكِ الحُـ |
ـبَّ، فينبو، بِهِ السَّبيلُ الزَّليقُ
(15)
|
وَدَعِيِّ، يَصْطَكُّ في فَمِه القَوْ |
لُ عِثاراً، مكانُهُ مَرموقُ |
أمِنَ العدل أن يُشاكِلَني فِيـ |
ـكِ جَبانٌ، عمَّا أُريغُ فَرُوقُ؟
(16)
|
وَقُصاراهُ، في هواكِ هَواناً، |
أملٌ ضارعٌ، ووجهٌ صَفيقُ |
لا تَلومي، على عتابِكِ، حُرّاً |
قَلبُه، منكِ، بالجراح شَرِيقُ
(17)
|
أنا للجِدِّ -والهَوى يُؤْثِرُ العِزَّ |
وَغَيري لغيرِهِ مَخلوقُ |
والغرامُ المباحُ شرُّ الجِنايا |
تِ، فهلْ يَقنَعُ الجَمالُ النَّزوقُ؟ |