شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جدّة
النُّهى بينَ شاطِئَيْكِ غَرِيقُ
والهَوَى فيكِ حالمٌ، ما يُفيقُ
وَرُؤَى الحُبِّ في رِحابِك شَتَّى
يَستَفِزُّ الأسيرَ منها الطَّليقُ (1)
وَمَغانيكِ، في النّفوس الصَّديَّا
تِ إلى رَيِّها المَنِيعِ، رَحيقُ (2)
إيهِ، يا فِتنةَ الحَياةِ لِصَبٍّ
عَهدُهُ، في هَواكِ، عَهدٌ وَثيقُ
سَحَرَتْهُ مَشابِهٌ، منكِ للخُلـ
ـدِ وَمَعنىً، من حُسنِهِ، مَسروقُ (3)
كَمْ يَكُرُّ الزَّمانُ، مُتَّئِدَ الخَطْـ
ـوِ، وغُصْنُ الصِّبا عليكِ وَريقُ!
ويَذوبُ الجَمالُ، في لَهَبِ الحُـ
ـبِّ، إذا آبَ، وَهُو فيكِ غَريقُ
عُدتِ مَلفوفةً به، في دُجَى اللَّيْـ
ـلِ، وقد هَفْهَفَ النَّسيمُ الرَّقيقُ
مُقْبِلاً كالمحِبِّ، يدفعُه الشَّوْ
قُ، فيَثنيهِ عن مُناهُ العُقوقُ
حَمَّلَتْهُ الأمواجُ أُغنِيَةَ الشَّـ
ـطِّ، فأفضَى بها الأداءُ الرَّشيقُ
نغماً، تُسْكِرُ القلوبَ حُمَيَّا
هُ، فمنهُ صَبوحُها والغَبُوقُ (4)
فيه، من بَحرِكِ، التَّرفُقُ والعُنْـ
ـفُ، ومن أُفْقِك المَدى والبَريقُ
ومن اللَّيلِ، صَمتُه المفعِمُ النَّفـ
ـسِ لُغىً، زانَها الخَيالُ العميقُ
ومن البدرِ، زَهوُهُ وسَناهُ
راوياً عنهما الفَضاءُ السَّحيقُ
قِطعَةٌ، فَذَّةٌ من الشِّعر، قد ألَّـ
ـفَ أشتاتَها نِظامٌ دَقيقُ
* * *
أنتِ دُنيا، رَفَّافَةٌ بِمُنَى الرُّو
حِ، وكَوْنٌ بالمُعجزاتِ نَطوقُ
رَضِيَ القَيْدَ، في حِماكِ، فؤادٌ
عَاشَ كالطَّيرِ، دَأْبُهُ التَّحليقُ
ما تَصَبّتْه قبلَ حُبِّكِ يا جَدَّ
ةُ، دُنيا بِسِحرِها، أو عَشيقُ
حبَّذا الأسْرُ في هواكِ حَبيباً
بِهَوَى الفكرِ والمُنَى ما يَضيقُ
مَنْهجي فيه مَنهَجُ الطّائر الآ
لِفِ، يَنْزُو بهِ الجَناح المَشوقُ (5)
فإذا هَمَّ أشغَلَتْهُ فُروضٌ،
من هَواهُ، وأثقلَتْه حُقوقُ
* * *
جدَّتي، أنتِ عَالمُ الشِّعرِ والفِتـ
ـنَة يَروِي مَشاعري، وَيَروقُ
تَتَمشَّى فيكِ الخَواطِرُ سَكْرَى
ما يُحِسُّ اللَّصِيقَ، منها، اللَّصيقُ
كلُّها هائمٌ بعالَمهِ المخـ
ـمورِ، يَهفُو بهِ شَذَاهُ العَبيقُ
تَتَجافَى، ما يألَفُ الخاطِرُ الخا
طِرَ فيهِ، ولا تَدينُ الفُروقُ
فإذا أوْمَضَ الخيالُ بِذِكْرَا
كِ تَدَاعَت، بعضٌ لبعضٍ يَتوقُ (6)
وَحَّدَ الحبُّ بينَها سُبُلَ الحبِّ
فما عافَ سابقاً مَسبوقُ
* * *
جدَّتي، لا التِّي يُحِبُّ الخَلِيُّو
نَ، شفاءٌ عَذبٌ، وأسرٌ أنيقُ
وصراعٌ بين الحِجَى والأمانِي
يُطْلِقُ الحسَّ، تارةً، وَيعوقُ
وسُهادٌ، يَهيمُ في تِيهِهِ العَقـ
ـلُ، وَيعمَى عن هَديهِ التَّوفيقُ
وصَدىً، ما يَبُلُّه الوَاكِفُ الها
مِي، وقلبٌ، لم تَسْتَثِرْهُ البُروقُ (7)
أنتِ مُرتادُ وَحدَتي، إنْ تَبَتَّلْـ
ـتُ، وإنْ شئتُ، عالَمٌ مَطروقُ
لِيَ ماضٍ، لم أنْسَهُ، فيكِ قَدْ غَـ
ـصَّ، بشَجْوٍ، غُروبُهُ والشّروقُ
تتناجَى أصداؤُه، في رَوابِيـ
ـكِ، إذا عادَها الخيالُ الطَّروقُ
مُعْولاتٍ، ألْوى بِمطلَبِها الأيْـ
ـنُ، فأنفاسُها عليه شَهيقُ
مُثْقَلاتٍ حَيْرَى، تُطِيفُ بها الوَحْـ
ـشَةُ، والضَّعفُ عاجزٌ، ما يُطيقُ
كيفَ أُنسيتِهِ، وضيَّعْتِ ذِكرا
هُ؟ وهل يُسلِمُ الرَّفيقَ الرَّفيقُ؟
أهُوَ الغَدرُ ميسَمُ الحُسنِ في شَرْ
عِكِ، والعَهدُ في هَواكِ عُقوقُ؟
حبَّذا أنتِ، لو وَفَيْت وأجْملْـ
ـتِ، ولم يُنْتَهَكْ لَدَيكِ الصَّديقُ
فوفاءُ الحبيبِ أسمى مَعاني الحُسـ
ـنِ، والطُّهرُ بالجَمالِ خليقُ
لا تكوني خوَّانةً يُمطَلُ الدَّيْـ
ـنُ لديها، ولا يَفُوزُ السَّبُوقُ (8)
أو تَمُنِّي النُّعمَى عَلَيَّ، فما آ
لَمَ عيشاً يَضْوَى به المَرْزوقُ (9)
أكذا أنتِ للنَّقائضِ وِرْدٌ
يَستوي عندَهُ التُّقى والفسوقُ؟
بين مَن تمنحِيهمُ وِرْدَكِ السَّا
ئغَ قومٌ، ودادُهم مَمْذوقُ (10)
من مياسير جاهلين أضاعو
ك، وكلٌّ بما يَشينُ علوقُ (11)
ومهازيلَ، كالضَّفادع في الظُّلْـ
ـمَةِ، أقصى ما يستَطِعْنَ النَّقيقُ
قادَهم أخرقُ الخُطى للدَّنايا
وهْو فيهِمْ، بما جناهُ، مَسوقُ
وشبابٌ، غِراسُهُ ما زَكَت فيـ
ـكِ -ولا غَرْوَ- فالغِراسُ العُروقُ
لَعْلَعَتْ صرخةُ النُّهوضِ حَوالَيْـ
ـكِ، وأصواتُهم لَدَيكِ نَعيقُ
ومشى النَّاسُ للجهادِ مُغِذّيـ
ـنَ، فهل نَصَّ ناعقيكِ طَريقُ؟ (12)
مَنْ لَهُم بالطُّموح، والجِدُّ ما أضْـ
ـنَكَ مسعاهُ، والحياةُ مَضيقُ؟ (13)
هُم أُسارى مَناعِمِ العيشِ، والحَـ
ـقُّ عليهم، مما أُذيلَ، حَنيقُ (14)
* * *
كَمْ مُعَنّى مِثلي، يُطارِحُكِ الحُـ
ـبَّ، فينبو، بِهِ السَّبيلُ الزَّليقُ (15)
وَدَعِيِّ، يَصْطَكُّ في فَمِه القَوْ
لُ عِثاراً، مكانُهُ مَرموقُ
أمِنَ العدل أن يُشاكِلَني فِيـ
ـكِ جَبانٌ، عمَّا أُريغُ فَرُوقُ؟ (16)
وَقُصاراهُ، في هواكِ هَواناً،
أملٌ ضارعٌ، ووجهٌ صَفيقُ
لا تَلومي، على عتابِكِ، حُرّاً
قَلبُه، منكِ، بالجراح شَرِيقُ (17)
أنا للجِدِّ -والهَوى يُؤْثِرُ العِزَّ
وَغَيري لغيرِهِ مَخلوقُ
والغرامُ المباحُ شرُّ الجِنايا
تِ، فهلْ يَقنَعُ الجَمالُ النَّزوقُ؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1120  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج