ما اصطِباري على الأسَى وثَوائِي |
ونِدائِي مَن لا يُجيب نِدَائي؟
(2)
|
جمدَ الدَّمعُ في مَآقِيَّ يا حُبُّ |
وقَرَّ اللَّهيبُ في أحشائي |
عُدتُ مِن غُربتي إلى اللَّيلِ والفَجـ |
ـرِ لِكَي يَسمَعا تَرانيمَ نائِي |
ضِعتُ في تِيهكَ المُحَيِّرِ يا حُبُّ |
تَمَزَّقتُ في أسَى بَلوائي |
وتَسَاءَلتُ في نعيمِكِ: كَم أشـ |
ـقَى! وكَم أرعَوِي بِغَير رِضاءِ! |
كَم ألاقي العَذابَ منكَ، ولا أشـ |
ـكو، وألقاكَ بالهَوَى والوَلاءِ! |
كَم أرُوضُ الإباءَ على الصّبْـ |
ـرِ وأُغضِي على جراحِ إبائي! |
كَم أخوضُ الأحزانَ راكبَ تِيهٍ |
ضَلَّ في لا نِهايةٍ سوداء! |
يا دُروبَ الهَوَى! تَغَطيتِ بالوَرْ |
دِ على الشّوْكِ، غَارقاً في الدِّماء! |
الضَّحايا مِن تَحتِهِ مُهَجٌ حَرَّ |
ى، ومِن فَوقِه رُؤى شُعراءِ |
هكذا أنتِ، والمحبُّون، من قَبْـ |
ـلُ، فَراشٌ مُسَيَّر للفَناءِ |
رِحلةٌ تُثمِرُ اللُّغوبَ وخَيطٌ |
من حَريرٍ، يقتادُنا للشَّقاءِ |
وشُجونٌ لا تَنتهي.. وصِراعٌ |
يَسْحَقُ الصَّبرَ دائمُ الغُلَواءِ
(3)
|
الحِجَى فيهِ حائرٌ في ظلامٍ |
والأماني مَوْءُودَةُ الأصداءِ |
والخَيالاتُ في دُجاهُ شُموعٌ، |
ثَرَّةُ الدَّمعِ، ذابلاتُ الضّياءِ |
والأسى فيه للجراحِ يُغَنِّي |
عَبرَ تِيهٍ، مُحْلَوْلِكِ الأرجاءِ |
يَنشُدُ الفجرَ، وَهو ناءٍ غريبٌ |
ضائعٌ، مثلَه، شهيد الدُّعاءِ |
ألِهذا تَشقَى النُّفوسُ بما تَهـ |
ـوَى، وتَكبُو الغاياتُ بالعُقلاءِ؟ |
ويَهيمُ الخيالُ في ظُلمةِ الحَيْـ |
ـرَةِ يَسري على بَصيصِ الرَّجاءِ؟ |
وتَفيضُ القلوبُ، مُنطَوِيَاتٍ، |
بِجراحِ الأسى على البُرَحاءِ
(4)
|
* * * |
يا بَريقَ السَّرابِ! أسرفتَ في الجَوْ |
رِ وأثخنتَ في قلوبِ الظَّماءِ! |
أنتَ، أنتَ الهَوى دنُوّاً وبُعداً |
في تَصاريفِ غَدرِهِ والوَفاءِ! |
ووعودُ الهَوى أجَلٌ عطايا |
هُ، فهل يَرخُص الهَوى بالعَطاءِ؟ |
وعذابُ الحِرمانِ صَوَّرَ للعَا |
شِقِ أنَّ الهَوى زِمامُ الشِّفاءِ |
غَيرَ أنَّ الهَوَى يَحُولُ ويَذ |
وِي كالرُّؤى والزُّهور والأنداءِ |
إنَّها قصَّةُ الهَوى وأمانِيـ |
ـهِ رَبيعاً مهَدَّداً بانطِواءِ |
قصَّةُ الذِّكرياتِ في لجَّةِ العَيـ |
ـشِ، شِراعاً، يهِيمُ في الظَّلماءِ |
إنها من قلوبنا خفقاتٌ |
عاثرات تشبَّثَتْ بالبقاءِ |
إنّها وَقدةُ الشَّبابِ، ومَقدو |
رُ خُطاه في دَعوة الأهواءِ |
ومَرايا أحلامِه، يجتلِي فيـ |
ـها خفايا هُيامِهِ، بالهناءِ |
وَهْي دُوَّامةُ الحياةِ ومَجرا |
ها، تَلُفُّ الأمواتَ بالأحياءِ |
وَهْيَ، ما كان، منذ أشرقَتِ الشَّمْـ |
ـسُ على الكونِ في سُطور القضاءِ |
ما استراحَ الإنسانُ فيها من الجَهـ |
ـدِ ولا انفَكَّ من قُيودِ البلاءِ |
قصَّةُ ما لها خِتامٌ سِوى المَوْ |
تِ، مُصاباً، لا يَنتهي لِعَزاءِ |
والرَّدَى كالهَوى، يُصيبُ، ولا يُخْـ |
ـطِيءُ مَرماهُ، مَوعداً، للِّقاءِ |
ما تَوَقّاه دَالفٌ في أديمِ الـ |
أرضِ يَسري، أو سابحٌ في الفضاءِ
(5)
|
جَلَّ مَن قدَّرَ الرَّدَى وقَضَاهُ |
غَايَةً في الضِّعافِ والأقوياءِ |
مثلَما قدَّرَ الحياةَ وأجْرا |
ها مجالاً لكلِّ دانٍ.. وناءِ |
وجَلاهَا للنَّاظرينَ جَمالاً |
وخيالاً جَماً، وفَيضَ ثراءِ |
وأقام الأضداد جَزْراً ومَدّاً |
تتحدَّى جهالةَ الحكماءِ |
فاتِّساقُ الحياةِ، سَلباً وإيجا |
باً، سبيلُ اطِّرادِها والنَّماءِ |
* * * |
يا نَعيمَ الهَوى! كرهتُكَ وِرداً |
ووُروداً مُمَوَّهاتِ الطِّلاءِ |
وسُعاراً يَهيمُ بالدَّمِ واللَّحـ |
ـمِ، وناراً تقتاتُ بالأشلاء
(6)
|
كلُّ صفوٍ يُمَلُّ، ما لم تُداخِلْـ |
ـهُ دواعٍ من الأسى والعَناءِ |
وحياةُ الخَلِيِّ، مِن وَصَبِ الدّنْـ |
ـيا، حياةٌ خليقةٌ بالرِّثاءِ |
رُبَّ أمنٍ يعيش، في ظلِّه السَّا |
رحُ مثلَ البهيمةِ العَجماءِ |
وصِعابٍ، تَخوضها عَزمةُ الطَّا |
مِحِ، أعطته شارةَ العُظَماءِ |
وتَهونُ الغاياتُ، حبَاً وبغضـ |
ـاً، في ظِلال الهَوى، ولينِ الرَّخاءِ |
حبَّذا الوعرُ والعَثارُ، وأخطا |
رُ اللّيالي.. سُرىً على الوَعثَاءِ |
ودُروباً لا تَنتهي، وعذاباً |
تتحدّاهما خُطى التُّعساءِ |
عازفاتٍ عن الهَوى ومغانيـ |
ـهِ، هُياماً بالواحة الخضراءِ |
حيث يَسمو الجَمال بالطُّهر والصِّدْ |
قِ إلى قِمَّة الوفا والحَياءِ |
حيثُ لا تَرتدي الصَّداقةُ أثوا |
باً بِلَونَيْ خَداعِها والرِّياءِ |
حيث لا يَطعنُ الرَّفيقُ رفيقاً |
بين دَعوى تَقواهُ والإغواءِ |
حيث تَجفُو النُّفوسُ كلَّ الحَقارا |
تِ لِتَحيا بصفحةٍ بيضاءِ |
لا كما تَسرحُ السَّوائمُ في المَر |
عى على فَضلِ عُشْبِها والمَاءِ
(7)
|
في قيودٍ من عيشِها ودواعيـ |
ـهِ وأمنٍ من جهلها والغَباءِ |
حيث لا تُنصَبُ الشِّعاراتُ زَيفاً |
وفَجوراً يُروَى ومَحضَ افتراءِ |
حيث لا تُمسَخُ النُّورَ خفافيـ |
ـشُ، هَوَت فوقَ أرجُلِ الزُّعماءِ |
حيث تَبقَى الصَّلاةُ تَقوى وطُهراً |
لا فِخاخاً لِلبيع أو للشِّراء |
حيث لا يَجبُنُ الشُّجاعُ لما يَخـ |
ـشَاهُ من سامعٍ يَشي أو رَائي
(8)
|
حيث يلقَى الرَّبيعُ أعيادَه فيـ |
ـها جِناناً طليةَ الأمداءِ |
حيث لا تَخضَعُ الجباهُ لِغيرِ الـ |
ـلَّهِ، ربِّ البأساءِ والنَّعماءِ |
حيث ما كان أو يكونُ سِوى الحـ |
ـقِّ وصوتِ الهُدى ووَحي السَّماءِ |
ربَّما تَصدُقُ المساعي فتنجا |
بُ غيومُ الأسى عن الشُّرفاءِ |
لم تَهِن عزمةٌ يسانِدُها الإصرا |
رُ لم يُلقِ رايةَ الكِبرياءِ |
وتَؤوبُ الأوطارُ بعدَ نِدادٍ |
ويَعودُ الرَّبيعُ بَعدَ انقضاءِ
(9)
|
وكذا كلُّ ليلةٍ تَلِدُ الفجـ |
ـرَ، فَيُلوي بالظُّلمةِ الدَّكناءِ |
وقُطوبُ الغيومِ بَشَّر بالغيـ |
ـثِ ابتساماً في البقعة الجَرداءِ |
ربَّ دانٍ نَأى، وناءٍ تدانَى |
رَهْنُ قَيدَينِ، صبُحِهِ والمساءِ |
* * * |
يا سُطوراً! كتبتُها بِدَمي الحُرِّ |
أنِيري جوانبَ الصَّحراءِ |
وابعَثِي في رِمالِها اللَّهبَ الثَّا |
وِيَ عَهداً يَفورُ بالأنواءِ |
عهدَ عَمْروٍ يُحيطُ بالنِّيلِ بَحراً |
نَبَويّاً سَرَى بِنورِ ذُكاءِ
(10)
|
واعبُري في جيادِه تِيهَ سِينا |
ءَ لِواءً يُزرِي بكلِّ لواءِ |
وانشُري في مواطنِ العَرَب اللاّ |
هينَ ناراً مَكِّيَّةَ اللألاءِ |
لِتَقُصّي عَهدَ العباقرةِ السُّمـ |
ـرِ كتاباً يَفيضُ بالأنباءِ |
وأعيدِي تاريخَ مكَّة، في الآ |
فاقِ، فتحاً يَسِحُّ بالآلاءِ |
لا هُراءً، يُديرُه فَمُ مُلْقيـ |
ـهِ على الهاتِفينَ والأُجَراءِ |
استَخَفَّتهُمو الرُّؤى والأمانيُّ |
بِيومِ يأتي وفيرِ الغِذاءِ |
كالبراغيث ساقَها الجوعُ والبَرْ |
دُ، وعاشَت على دمِ الغُرَباءِ |
إيهِ! يا وَحدةً تبشِّر بالخيـ |
ـرِ براغيثَها، خُذي بالإناءِ |
واملأيهِ دَماً، من الجارِ والصَّا |
حِبِ، باسمِ اشتراكهم في الإخاءِ |
واضرِبي بالدُّفوفِ، في حَلَقات الذِّ |
كرِ رقصاً، وبَرّزي في الدَّهاءِ |
ما يَزال الخِداعُ مِيسَمَكِ البا |
رِزَ بين الصِّحابِ والأعداء |
فاركَبِي الرِّجسَ من طباعِكِ يَمّاً |
والبَسِي للرِّياءِ ألفَ رِداءِ |
لن تَسودي، ولن تقُودي سوى تلـ |
ـك البراغيثَ تحتَ كلّ ادِّعاءِ |
وستقضِي الأيامُ فيك وفيها |
ما قَضَته في راكبِ العَشواءِ
(11)
|
فالقوانينُ لا تُجير ولن ترْ |
حَمَ مَن غاصَ في دَمِ الأبرياءِ |
ومَن استعبَد الرِّقابَ فأجرا |
ها على حُكمِه بدعوى البناءِ |
إن لِلهِ غَيْرةً وانتقاماً |
عصَفا بالطُّغاة، للضُّعفاءِ |
عَمِيَ الظّالمون عن سُبُل الحَقِّ |
فهاموا في الفِتنةِ العَمياءِ |
والمَصيرُ المحتومُ يَزحفُ في صَمـ |
ـتٍ، لأعناقِهم، بِشَرِّ الجَزاءِ |
مِحَنُ الدَّهرِ تَنقضي، والضَّلالا |
تُ تُوَلِّي، والموتُ للجبناءِ |
يا سطوراً كتبتُها بدمِ القلـ |
ـبِ! أهيبِي بساكني البطحاءِ
(12)
|
واستفِزِّي جبالَها السُّمرَ، ترتَدُّ |
بإرثِ الآباءِ للأبناءِ |
من هنا رايةُ العدالة رَفَّت |
وأنارت جوانبَ الغبراءِ
(13)
|
* * * |
يا خيامَ الصَّحراءِ! قد بَلَغ الصَّمـ |
ـتُ مَداه على أذى الغَوغاءِ |
فاركبي، واضربي، على طول مَسرا |
كِ، فلولَ الخَيال والخُيَلاءِ |
الفُلولَ التي يُسيِّرها ثَوْ |
رٌ، بسَوطِ الزَّعامةِ الجَوفاءِ |
صارَ معبودَها، كما كانَ من قَبـ |
ـلُ، وقد خار مُمعِناً في الهُراءِ |
وتحدَّى بالظَّلف والقَرْن والذَّيـ |
ـلِ "وقد هَاجَ" قُدرةَ القُدَرَاءِ |
مستَخِفّاً بالإنسِ الجِنّ، بالعا |
لَمِ طُرّاً بِرفرَفِ الجَوزاءِ |
ماضِياً في خُواره يُنذِر الدُّنـ |
ـيا بِوَيلاتِ بَأسِه العَسراءِ |
فاختفِي يا نجومُ!! قد أقبلَ العِجـ |
ـلُ، إلهُ الكُهَّانِ... والعُرَفاءِ |
الذي صَيَّر الخيانَةَ والغَد |
رَ شِعاراً لِعهدِه الوضَّاءِ |
والذي نازَعَ الرَّغيفَ رعايا |
هُ، فضاقوا بِصَيفِهم والشِّتاءِ |
غاصباً من حقولهم ثمرَ الكد |
حِ رُكاماً، أحاله كالهَباءِ |
فاذهبِي يا رياحُ! بالحَرثِ والنَّسـ |
ـلِ، وعودي بالأينِ والثُّؤباءِ
(14)
|
وانسَخِي آيةَ الحِقارِ، وطُوفِي |
بالعَوادي... بالرَّاية الحمراءِ
(15)
|
واطرَحي للحياةِ ألفَ سؤالٍ |
عن أبيسٍ وسيَرِهِ للوراءِ |
يا ألوهيَّةَ العُجولِ! أفِيقي |
من خُمارِ الجنون والصَّهباءِ
(16)
|
لم تَضِق رقعةُ الخيال بعجلٍ |
سامَ عُبَّادَهُ حياةَ الإماءِ |
سارِياً في هَشِيمِهمْ سَرَيانَ النَا |
رِ، تَذْروهُمُو سُدىً في الهواءِ |
يا عقولاً تألَّهَ العِجلُ فيها |
أيُّ قَرنَيه مُؤْذِنٌ بالعَفاءِ! |
للبرايا من كلِّ جنسٍ ولونٍ |
لم تَلِن للدِّيانة النَّكراءِ |
يا عقولاً تمكَّنَ الضَّعفُ منهـ |
ـا فاستَكانَتْ لِلْخطة الخَرقاءِ! |
عشِيَت هذهِ العقولُ وهانَت |
فاستعارت تَلَوُّنَ الحِرباءِ |
ليس يُلحَى عِجلٌ، يَخورُ، فيُلقِي |
بينَ عُبّادِهِ، بآيِ الثَّناءِ
(17)
|
كلماتٌ من الرَّحيقِ المصفَّى |
عَتَّقتها يَدا أبي البُلغاءِ |
جَلَّ، يا ثورُ! مَن بَراكَ وناجا |
كَ على الطُّورِ في ليالي الجَلاءِ
(18)
|
أيُّها السَّابحونَ في لجُجِ الوَهْـ |
ـمِ! أفيقوا من غَمرة الإغفاءِ |
وضَعُوا العِجلَ حيث يَكدَحُ في الغَيْـ |
ـطِ، ذليلَ القَرنينِ في استخذاءِ
(19)
|
حيث يَشقى، كيلا يَجوعَ ويَظما، |
في صفوف الأشباهِ والنُّظراءِ |
حيث لا تَعبُد العجول إلهاً |
من ذواتِ الأظلاف في الأهراءِ
(20)
|
لَيتَ شِعْري! ماذا دها النّيلَ في النَا |
سِ؟؟ أصيبوا بأقتلِ الأدواءِ |
حينما ألَّهوا أبيسَ، فأصْلا |
هُمْ جحيماً.. مُستشرياً كالوَباءِ |
يتَردَّونَ في الحياةِ إلى القا |
عِ، وَهُم قبلَه، دعاةُ العَلاءِ |
فاشْرَقِي يا عيونُ بالدَّمعِ للنِّيـ |
ـلِ! مُصاباً بالمحنةِ الخرساءِ |
حيث تَبدو الأقلامُ والفنُّ والفك |
رُ ظلالاً عديمةَ الإيحاءِ |
حيث يَسري الشُّحوبُ في كلِّ شيء |
يَتَغَطَّى بالرَّمزِ.. والإيماءِ |
حيث غطََّ التّاريخُ في شاطِئَيهِ |
نائماً عن مَصيره.. والنّداءِ |
عن أبيسٍ
(21)
.. وعن عِبادِ أبيسِ |
وضحايا السّياسةِ الحَوْلاءِ |
يا زمانَ العُجولِ! أسرفتَ في الوعـ |
د فَمَرحَى للهادم البَنَّاءِ |
يا زمان العُجولِ! أمطرتَ دنيا |
كَ، فأغرقتَها بهذا السَّخاءِ |
فركبْنا طُوفانَها نضرِبُ الما |
ءَ، صِراعاً، يَمضِي بغير انتهاءِ |
كَذَب السَّامِرِيُّ، ما كنتَ، يا عجـ |
ـلُ، سِوى فتنةٍ بغيرِ كساءِ
(22)
|
ضَلَّ فيها لاهٍ، وصَدَّقَ أعمى |
وتَسَلّى بها ذَوُو الآراءِ |
وتصَدّى لها بسخرية الها |
زِئِ ذو العلم والحِجا والذَّكاءِ |
كيف لا تُعْبَدُ العجولُ؟ وما تُخـ |
ـلَقُ إلا للذَّبحِ والإقتناءِ |
بينما تَبلُغُ الجيادُ ذرى السّبْـ |
ـقِ تَلِجُّ العُجولُ في الإبطاءِ |
وكذا أنتَ، يا أبيسُ! ثقيلُ الـ |
ـخَطو، فيما ابتدعتَ من أخطاءِ |
الخُوار الطَّويلُ آيَتُك الكُبـ |
ـرَى، تُناجِي بها هَوى الدَّهماءِ |
الجياعِ الذين قد رُزِئوا فِيـ |
ـكَ، وعاشوا على الطَّوى والعَراءِ |
أنتَ أكذوبةُ الزَّمان على النا |
سِ، أطاحَت بقصَّةِ العَنْقَاءِ
(23)
|
يا مُسيلَ الدّموعِ من أعين الغَرْ |
ثى! ولم يُصغِ ذَيلُه للبكاءِ
(24)
|
القرابينُ من عِبادِكَ تَتْرَى
(25)
|
تبتغِي منكَ سُنَّةَ الرُّحَمَاءِ |
أفلا كان ذَيْلُكَ القَلِقُ الحا |
قِدُ في خَطْبها من الشُّفَعاءِ؟
(26)
|
أنتَ في النيلِ حجَّةُ اللهِ في الأر |
ضِ على النَّاس في الرّضَى بالبِغاءِ |
لِمَ لَمْ يُلزِموكَ مأواكَ في الغَيْـ |
ـطِ، لِتَشقى بالحَرث والإرواءِ؟ |
لِمَ لَمْ يُثقِلوكِ بالنِّيرِ والحَبـ |
ـلِ، قِياداً، يَصُونُ حَقَّ الأداءِ؟ |
فَاحتَكِمْ، والتمسْ بأظلافِكَ النَّقـ |
ـمَةَ فيهم بالحَيف والإزراءِ |
والهُ، والعَبْ بهم، فما زال في جِلـ |
ـدِكَ طِفلٌ، يَهِيمُ بالحَلوَاءِ؟ |
أفما مارسُوا الكَهانَةَ من قَبـ |
ـلُ، وعاشوا من بعدِها للحِوَاءِ؟
(27)
|
أفما شَيَّدوا الهياكلَ للأر |
بابِ من عِلْيةٍ ومن أُمراءِ؟ |
فَلْتكن أنت للمهازلِ، طُغْرا |
ءَ يُوارِي المهازلَ -العرجاءِ
(28)
|
لِتَكن ما يشاءُ ذيلُكَ والقَر |
نُ إلهاً حقّاً.. بِغيرِ مِراءِ
(29)
|
لستَ إلاّ عِجلاً تَردَّدَ في الغَيْـ |
ـطِ، وشيئاً مِن أتفَهِ الأشياءِ |
لستَ إلاّ أسطورةً في الأساطيـ |
ـرِ، أضلّت سذاجةَ البُسَطاءِ |
سيكُرُّ الزَّمانُ يوماً فَيَطويـ |
ـها، ويَهوي بِرَهطها السُّخفاءِ |
غفلةُ الدَّهرِ يا أبيسُ! أتاحت |
لكَ دَوْرَ الظّهورِ بعد الخفاءِ |
لم تكن في القطيعِ صاحبَ شأنٍ |
يُرتَضَى بين أسوَأ القُرَناءِ |
إنَّما كنتَ يا أبيسُ، وما زلـ |
ـتَ، عقاباً لِنزوَةِ الأكفاءِ |
خَسِئَ الواهمونَ، ما أنتَ فيه |
غيرَ رمزٍ لشدَّة اللأْواءِ
(30)
|
يا نذيرَ الخرابِ! نَكَّلتَ بالأحـ |
ـرارِ، من أهلِه بغيرِ اتِّقاءِ |
وَهُمُو أجلسوك في مجلس القا |
ئِدِ يُلقِي الآمالَ رُكنَ التجاءِ |
فإذا أنتَ أغْدرُ النّاسِ بالصَّحـ |
ـبِ، وأوفَى لِفطرَةِ اللُّؤَماءِ |
غِلتَهم، وانطَلقتَ، وحدَك، في النِّيـ |
ـلِ، فَحِيحاً، كالحيَّة الرَّقطاءِ
(31)
|
تنفثُ السُّمَّ حيثُ رُحتَ، حريقاً، |
في دماءِ الجِيرانِ والأقرباءِ |
وتألَّهتَ، واعتَليتَ مكاناً |
في أمان الحرَّاسِ والرُّقَباءِ |
الرَّعايا أمامَ هيكَلِكَ الرَّا |
ئِعِ سَكرَى الإذعانِ والضَّوضاءِ |
إيهِ يا عِجلُ! إنَّما كنتَ دلْواً |
حَرَّكتْهُ الأقدارُ بيْنَ الدِّلاءِ |
فدَعِ الماءَ من حَوافِيكَ ينصَبّ |
ومِن قَعرِكَ العَديمِ الغَنَاءِ |
لا لصَوْنٍ، ولا لِعَوْنٍ، تُرَجَّى |
بَل لِلَغْوٍ، يا سَيِّدَ الفُصحاءِ!
(32)
|
إن يَطُل ليلُكِ المؤرَّقُ، يا عَيْـ |
ـن فَشِيمي مَصارعَ الشُّهداءِ
(33)
|
أو يَطُلْ صبرُكَ الممزَّقُ، يا قلـ |
ـبُ، تَرَقَّب نهايةَ البُلَهاءِ |
قَلَمِي! قد ركبتُ صَهوتَكَ اليَو |
مَ فعَرِّج بساكني الدَّهناءِ
(34)
|
أطلِقِ الصَّوتَ في مُروءاتِ أهليـ |
ـها، تُحَرِّكْ كوامنَ البَيْداءِ |
فلقد أذَّنَ الصّباحُ ودَوَّت |
صرخةُ الثأرِ من أعالي حِراءِ |
صرخةُ الحقِّ والعدالةِ والإيـ |
ـمانِ والنَّصرِ والهُدى والفِداءِ |
رقَصَت رايةُ "العُقاب" عليها |
في نَشيدٍ يَحدو خُطى "القَصْواء"
(35)
|
إنَّه دربُنا القديمُ جِهاداً |
نَبَوِيَّ المِعراجِ والإسراءِ |
* * * |
قَلَمِي! قد ركبتُ صهوَتَك اليو |
مَ، فَخُضْ رِحلَةَ السَّنى والسَّنَاءِ |
وأرِحْ سَرجهَا على شاطِئِ النِّيـ |
ـلِ، تُحَرِّرْهُ من قيودِ التِّواءِ
(36)
|
فلقد صَوَّحَتْ زهورُ مغانيـ |
ـهِ، وغَصَّت طيورُهُ بالغِناءِ |
ولقد جانبَ النسيمُ مساريـ |
ـهِ، فِراراً من رِيحه النَّكباءِ |
قَلَمِي! لم تَزَل لمجدِكَ أهلاً |
في دواعي النُّهوضِ بالأعباءِ |
لم تَزَل في مآزِق الضَّنكِ سيفاً |
صارمَ الحَدِّ يَعرُبِيَّ المَضاءِ |
لم تَزَل حاملَ اللِّواءِ وداعي |
عِرقِه الحَيّ في أبي الزّهراءِ |
قَلَمِي! إنْ بلَغتَ غايتَك اليَو |
مَ، فَاقبِل إلي الكؤوسِ المِلاءِ |
من حُمَيّا الجهادِ في نُصرَةِ اللَّـ |
ـهِ، تَرَدَّى به نُسُورُ الجِواءِ
(37)
|
واروِ عَنّا حديث عَمرو إلى النِّيـ |
ـلِ وعهدَ الرُّعاةِ والخُلَفاءِ
(38)
|
قصَّةٌ نَوَّرَت، وقادَت، وشادَت، |
وارتَقَت شَأوَها بلا استعلاءِ |
ما استَبَدَّت، ولا تحدَّت، ولكن |
مَهَّدَت للهُدى بغير اجتراءِ |
قلمِي! إنْ بلَغتَ غايتَك اليو |
م، فحاذِر ضَلالةَ الأدعياءِ |
قَلَمِي! عشتَ كوكباً يرسلُ النُّو |
رَ، ويُعْلِي هدايةَ الأنبياءِ |
* * * |
يا حنايا أمِّ القُرى! فيكِ قَرَّت |
مُهَجٌ، ما انطَوت على شَحناءِ
(39)
|
بَيْدَ أنَّ الأذى، وعدوانَه السَّا |
دِرَ، قد أجَّجَا لَهيبَ العِداءِ |
فَليكنْ وِزرُهُ على رأسِ جانيـ |
ـهِ هَجيراً يَلوبُ في رَمضاءِ |
قد بَلَغْنا بالصَّمت آخِرَ حَدَّيـ |
ـهِ لِياذاً بِشيمةِ الكُرَماءِ |
وصَبَرنا.. وقد صَبرنا طويلاً |
لتَحدّي السَّفَاهِ والبَغضاءِ
(40)
|
فانطلَقنا إلى الحفيظةِ لا نَلـ |
ـوي على العاذِلين والنُّصَحاءِ
(41)
|
لا نَهابُ الرَّدى فما زال مَسرا |
نا ومَسرى أجدادِنا القدماءِ |
فلْتَهُبَّ الرِّياحُ من كلِّ صوبٍ |
فَهْي من تَحتِنا ثُغاء الشَّاءِ |
وَلْتَدُفَّ الأخطارُ شرقاً وغَرباً |
فَهْي منّا ليست من الدُّخلاءِ
(42)
|
* * * |
نحن خُطَّابُها على السَّهل والوَعـ |
ـرِ، وركّابُها على الدَّأماءِ
(43)
|
وبأثوابِنا غُبارُ مَراميـ |
ـهَا، بَدِيلَ الألقابِ والأسماءِ |
* * * |
قَلَمي! أنتَ للطَّلائعِ حَادٍ |
للسَّرايا من لَعْلَعٍ وقُبَاءِ
(44)
|
لَكأنّي بفَجرِ يومِكَ في الآ |
فاقِ يَمحو الظَّلامَ بالأضواءِ |
وكأنِّي بالبيتِ والرُّكنِ والقَبـ |
ـرِ مَناراً للسِّدْرة العَصماء
(45)
|
* * * |
رُبَّ طاغٍ عَتا، فساءَ مَصِيراً |
حيثما ازدادَ وَهمُهُ في النَّجاءِ |
* * * |