شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ الدكتور جميل مغربي))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، وسائر الأنبياء والمرسلين، أرحب بفارس هذه الأمسية الذي امتطى صهوة جواده، وخاض بها غمار أودية الأندلس، ومروجها وخمائلها المختلفة، ذلك الذي يعيدنا إلى أبيات كنت قرأتها في المرحلة الثانوية، حينما قال شاعرها وسأذكره لاحقاً:
عاثت بساحتك الظبا يا دار
ومحا محاسنك البلى والنار
كتبت يد الحدثان في عرصاتها
لا أنت أنت ولا الديار ديار
هذا ما صدر به الأستاذ علي الجارم كتابه "الأندلس المفقود"، وحق لهم أن يزعموا بأنه فردوس، فلقد قال الشاعر أيضاً من قديم:
يا أهل أندلس لله دركم
ظل وماء وجنات وأنهار
ما جنة الخلد إلا في دياركم
ولو تخيرت هذا كنت أختار
هذه الأندلس التي انبثق منها تيار شعري رفدنا بمكتبة ضخمة من الدواوين الشعرية لابن زيدون، ابن خفاجة، ابن هاني، ابن دراج القسطلي، الأعمى الطفيلي، ابن لبانة، جملة من الأسماء إضافة إلى النثر الذي نعرفه جميعاً عند ابن شهيب، وعند ابن بسام في الذخيرة، وعند لسان الدين ابن الخطيب، أسماء عدة نقضي معها ليالي طويلة العدد، ولكن أهم ما يتوقف عنده المرء في هذه التجربة الأندلسية هو التحول في موسيقى الشعر، والذي للأسف نسب خطأ في بعض الأحايين إلى ابن المعتز، وأعني بذلك الموشحات، والسبب في هذا أن موشحة بن زهد:
أيها الساقي إليك المشتكى
قد دعوناك وإن لم تسمع
ونديم همت في غرته
وبشرب الراح من راحته
كلما استيقظ من سكرته
جذب الزق إليه واتكى
وسقاني أربعاً في أربع
هذه الموشحة وجدت في ديوان ابن المعتز، ونسب إليه الموشح، والموشح صناعة أندلسية دون جدال، سواء كان معافى القبري أو غيره، ذلك من الأسماء ولكنه تيار شعري وأنا ألمحت في اثنينية سابقة إلى أن التحولات الشعرية لا تتم إلا من خلال توجهات عامة تشبه الظاهرة "phenomena" تكتسح وتثبت وجودها، وهذا ما جعل للموشح امتداداً ووجوداً، وأكبر تحول شعري عرفه العرب، وعرفته الموسيقى الشعرية، لا أود أن أستفيض في هذه الجوانب، ولكن وددت الوقوف على هذه الدراسات، وهذه المعطيات إضافة إلى معطيات في جانب الطب، وكلنا يعرف أسرة ابن ميمون في الأندلس، وكلنا نعرف أسماء لكتب مؤلفة في البيطرة وفي الفلك وفي غير ذلك من العلوم، كلها ظهرت في الأندلس، فلذلك حينما ننعت الأندلس بأنه فردوس مفقود، فنحن على حق في ذلك، فارسنا أتيحت لي فرصة مداخلته في أكثر من مناسبة في القاهرة، آخرها كان قبل شهور قصيرة، في جائزة شاعر مكة، وفي دورتين متتاليتين، وله آراء تتسم بالجرأة وبالاستقلالية، فلذلك نسعد بحضوره بيننا، في هذه الليلة لا أود أن أطيل رغم أن لدي الكثير مما أقوله، ولكن أود أن أختصر، وأن نسعد بوجود ضيفنا بيننا، وأشكره على تلبية هذه الدعوة، وتفضله بالقدوم إلينا من القاهرة، وإذا كان لنا نحن من ننتمي إلى هذه الاثنينية أن نشكر شخصاً آخر في هذه الليلة، فلا بد أن نشكر وأن ندعو لصاحب هذه الاثنينية بطول العمر، وأن يسبغ الله عليه ثوب العافية، فهو الذي يدعو مثل هذه الشخصيات، وهو الذي في واقع الأمر يتصدى لمثل هذه المهام، التي تجعلنا ننعم ها هنا في الاثنينية بشخصيات عملاقة ومتميزة فكرياً، ومن أصقاع متباينة من أرجاء العالم، شكراً لكم ولهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: الكلمة الآن أيها السيدات والسادة للأستاذ عبد الله بن الشيخ محمود الطنطاوي، فليتفضل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :556  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 187 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.