((الحوار مع المحتفى به))
|
الأستاذة نازك الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، أيها السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
اسمه تردد أمام كثير من قادة دول العالم، بل وحاز على ثقتهم، عندما كان رئيساً لتحرير جريدة "الشرق الأوسط"، من خلال حواراته ولقاءاته الجريئة معهم، أبرزهم، الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، وزين العابدين، والرئيس حسني مبارك، وجاك شيراك، وجورج بوش الأب، ورافسنجاني، فلا عجب أن يحصل سجله الإعلامي بصفحات مضيئة من الإنجازات والجوائز، أهمها حصوله على جائزة الصحافة العربية للدورة الثالثة في دبي، عندما اختاره مجلس الجائزة شخصياً، العام الإعلامي، كيف لا وهو الذي يختزل داخله تجربة إعلامية نادرة، وهو المحب، والعاشق لمهنته، وهو القائل: لم يكن أمامي إلا أن أذهب على الإنترنت، لأن العودة سباحة للورق، ستكون مزعجة بالنسبة لي، فجاءت انطلاقته من خلال إطلاق أول صحافة إلكترونية، فمرحباً بسعادة الأستاذ الإعلامي الكبير، عثمان العمير، القادم من بلاد الغربة، إلى أرض الوطن الغالي، ونبدأ الأسئلة. |
وبداية السؤال الأول من الإعلامية منى مراد من جريدة الشرق الأوسط، والبلاد، فلتتفضل. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأستاذ عثمان العمير، حدثنا عن مشروع تأسيسك لصحيفة "إيلاف" الإلكترونية، وما الذي دفعك لتعلق عليها قولين شهيرين، هما: أنا لست شرطياً لأراقب كلما ينشر بها، "وإيلاف" من الصعب أن تتغير، لأنها ولدت إيلاف، ولا يمكن.. مع أي عمليات، لا تجبين ولا رفع أو حجب، أو أي شيء آخر، وشكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: شكراً لك، أولاً مشروعي لم يكن مخططاً له بطريقة متقنة، كان مثلما قال الأخ القبيع، اللحظات هذه التي يستشعر فيه الإنسان أنه يقدم عملاً معيناً، هي لحظات شبيهة بالإلهام، وإن كانت في تلك اللحظة لما خرجت من "الشرق الأوسط"، كنت قررت ألا أعود مرة ثانية إلى الصحافة، وعلى طريقة الذين لا يريدون أن يتراجعوا عن قرارهم، قررت أن أبحث عن منحى جديد، أو خط جديد، وكانت ثورة الإنترنت هي الموجودة في ذلك الوقت والذي هو عام 2000م، وبدأت الفكرة تتطور لدي، وبدأت أتقمصها على الطريقة الصوفية، حتى أصبحت متمثلاً فيها، وجدت أنها هي المستقبل، وقرأت عنها كثيراً، وبدأ الحماس والجهاد، عفواً ليس الجهاد..، فمن هنا انطلقت فكرة "إيلاف" وكانت مثار سخرية الكثير من الأصدقاء، وبعضهم من كبار المسئولين، وكانوا يعتقدون أنني أقود مغامرة مجهولة، وما زال بعض الآخرين يرون ذلك، ولكن الذي قطعته خلال عشر سنوات يؤكد أن الإنترنت على حق، وليس عثمان العمير على حق، ولكن التطور على حق، العالم على حق -التقدم على حق، فمن هنا كانت هذه "إيلاف"، طبعاً مرت بعدد من الأمور، بحيث كيف تقنع الآخرين، على أن النشر الإلكتروني ليس عيباً، لأنه كان يعتبر في تلك اللحظة نوعاً مخجلاً، حتى الناس تقول هذه جريدة إلكترونية، هذا نشر بالإلكترونيات، الآن بدأت شخصية النت تتشكل، وأصبح هناك أمام الشك صدقية كثيرة لكثير من المواقع، وخاصة في الغرب، أما بالنسبة للسؤال الثاني، أنا أتصور أن إيلاف خلقت لتكون بهذا الشكل، لا يستطيع إنسان أن يغير من شكل إنسان، أو يعيد تحديد وجهه، أو إعادة رسم أنفه أو عيونه، وتصوري لو كانت "إيلاف" مثلاً مهتمة في الإعمار، طبعاً لا أحد يقرؤها، أو مهتمة في منحى معين من مناحي الحياة أو الوجود، "إيلاف" وجدت لتكون جريدة بهذا الشكل وبهذا الإطار، وأي محاولة للمسها أو تدمير هذا الإطار، قد يودي إلى تخريبها، وشكراً. |
الأستاذ مشعل الحارثي من مجلة اليمامة: |
ضيفنا الكريم عثمان العمير، أهلاً بكم وأنتم تشرقون في سماء هذه الأمسية المتألقة بوجودكم، وببهاء مضيفنا الجليل، وبهاء كل الحاضرين، الأستاذ عثمان، وأنتم أصحاب التجربة الصحفية الطويلة، هل كان اتجاهكم للصحافة الإلكترونية، يمثل خروجاً من الفجوة الأزلية التي كانت قائمة بين إدارة المؤسسات الصحفية، ورئاسة التحرير، وما هو رأيكم في تجربة دمج العملين في شخص واحد؟ شكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: أولاً الدكتور عبد الله مناع، مع أنني أدعوه مرة أخرى في إعادة النظر في قرار عدم نشر تلك المقابلة، وأؤكد له أن "إيلاف" مستعدة لنشرها بكاملها، من دون تصحيح، ومن دون تحريف، الدكتور عبد الله مناع، وهو أستاذ كبير، قال لي أنه أنا كنت خارجاً عن الصحافة، الحقيقة أنا كنت منشقاً عن الصحافة الورقية، وأنا أعتبر نفسي أول المنشقين، والمنشقون ليس بالمعنى الذي يفهم، ولكن يفهم الدكتور عبد الله عندما نتكلم عن الانشقاق، الجمع بين الصحافة والصحافة الإلكترونية، الجمع بين رئاسة التحرير والمدير العام، الحقيقة أنا لست على اطلاع بما يجري في الصحافة السعودية، رغم أنني عضو في مؤسسة الجزيرة، ما يجري هناك تجارب عديدة حصلت، جمع فيها منصباً رئيس التحرير، ومنصب المدير العام، وكان ناجحاً، لأنه في ظل عدم نجاح التوافق بين الإدارة والتحرير، يجب أن يرحب بواحد منهما، هذا يمكن فهمه ببساطة، لكن المطلوب، أتصور أن يكون هناك إعادة النظر في صلاحيات الاثنين، لأنه لا يجوز أن نشغل رئيس التحرير بقضايا الإدارة، ومشاكلها، ومشاكل التوزيع، هذه كلها مشاكل دائماً تقع على عاتق المدير العام. |
الأستاذة رندا الشيخ من إذاعة جدة: |
مساء الخير الأستاذ عثمان، ومساء الخير السيدات والسادة، سؤالي ببساطة أين ترى اليوم جريدة "إيلاف" وسط هذا الكم الهائل والكبير من الصحف الإلكترونية؟، شكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: أراها موجودة، هذا الرهان الذي يجب أن تسير عليه الصحافة سواء كانت إلكترونية أو مكتوبة، نحن نطور المفاهيم، الموجودة والمتعلقة بكيفية العمل الصحافي، وكيفية تلقي القارئ للعمل الصحفي، لم نعد نبحث عن الأخبار في الجرائد، ولم نعد نبحث عنها في التلفزيون، لأن الخبر أصبح مشاعاً بشكل غريب مثلما قدمت في الورقة التي قدمتها، أن المعلومة أصبحت مشاعة للناس، وفي متناول الناس، لكن الآن الرهان هو كيف أنك تخرج عملاً صحفياً مميزاً من ناحية المضمون، ومن ناحية المتابعة، الأكل موجود في كل مكان، أنا دائماً أقول أن الخبر موجود، فرنسا استطاعت أن تنشئ منه ثلاث مائة نوع، نفس الخبر موجود، فهل بالإمكان أن نخلط جيلاً صحافياً يتمكن من أن يعيد تخليق الخبر، ونشره بشكل جيد بحيث يغذى ويعتبر أمام القارئ شكلاً مفيداً، ويجعله يتابع الجريدة، أو يتابع المطبوعة أو يتابع الموقع، أو يتابع المحطة في التلفزيون، هذا الرهان الذي تحاول الصحافة الغربية أن تصل إليه، نحن للأسف نحتاج لوقت طويل لأن يكون عندنا خاصة صحفيين داخل المبنى، وليس خارج المبنى فقط، شكراً. |
الأستاذ خالد المحاميد من جريدة الوطن: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستاذي الكريم كنت سأسألك عن المعنى الذي تريده من أن الصحافي يجب أن يكون جريئاً، ولكني غيرت سؤالي، بما أنك تحدثت بشيء من الحسرة عن الذاكرة التاريخية المفقودة، وفي الوقت نفسه تتحدث عن الأصولية الكاثوليكية التي يجب تجاوزها، ويجب صنع عالم مليء بالفرح والجمال، كيف يمكن التوفيق، ألم تكن هذه الذاكرة الكاثوليكية هي التي أسست هذه الذاكرة المكانية؟ شكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: أنا لا أربط بين الاثنين، عندما تحدثت، كنت أتحدث عن المدينة التي تربيت فيها، والتي أعتقد أنها تركت تأثيراً كبيراً على نفسي، وعندما لم أعد إلى المدينة، أشعر بأنها تغيرت عليّ، لأن المدينة التي أعرف أسواقها، وحاراتها العتيقة، وأبوابها، وناسها، ولذلك من الأفضل أن يغلق الإنسان هذه النافذة، ويبحث عن طريقة جديدة، أما فيما يتعلق بالكاثوليكية، هناك فرق بين قراءة التاريخ، والتعرف عليه، أو أن تمثل التاريخ كما كان في السابق، فما حصل في الثورة الفرنسية، أو ما حصل في الإصلاح في أوروبا في القرن الخامس عشر، والسادس عشر، فهو ما نجني ثماره الآن فيما يتعلق بالتكنولوجيا، أو في ما يتعلق بالتقدم المستمر الذي يعيشه العالم، نحن نريد أن نتعانق مع هذا العالم، وفي نفس الوقت نأخذ الطريقة التي تمت فيها إزالة السلطة البطركية التي تحكمت في أوروبا فترة من الزمن، وإن كنا لا نستطيع الآن أن نكرر نفس التجربة، باعتبار التكنولوجيا، وباعتبار العالم، وباعتبار تغير الإنسان، إذاً أمامنا هو الإعلام، وهو المعلومة، فأرجو أن أكون أوفيت. |
الإعلامية صباح الدباغ، من إذاعة جدة: |
السلام عليكم جميعاً، ومرحباً بك يا أستاذ عثمان، ونورت جدة، كيف كنت تستطيع أن تجمع بين التألق الإنساني، في تعاملكم مع الصحفيين والمحررين في الشرق الأوسط، والتألق في وضع جريدة "الشرق الأوسط" في المكانة التي وصلت إليها خلال العشر سنوات لرئاستكم لتحرير هذه الجريدة التي أصبحت في كل مكان في العالم؟، شكراً لكم.
|
الأستاذ عثمان العمير: أنا أحب أن أصحح معلومة، أنا قضيت في الشرق الأوسط إحدى عشرة سنة، من 1987م حتى عام 1999م، أنا أحب دائماً سبتمبر، أعرف أنه دائماً في سبتمبر تغييرات في حياتي، دائماً أعين، وأستقيل في هذه الشهرين أغسطس وسبتمبر، (مازحاً: الزواج في الشتاء أحلى منه)، أولاً أنا أشعر بأن كلمة التألق كلمة كبيرة عليّ، لكن الذي يحصل في أي عمل صحفي، يجب أن تكون هناك الروح الإنسانية مخيمة عليه، عندما لا يكون هناك ترابط إنساني بين العاملين في الصحافة، سواء بين العاملين في الصحافة، سواء مع رئيس التحرير أو مع مدير التحرير، أو بين الصحفيين، ونوع من العلاقات الإنسانية التي تشعر الآخر بأن الرئاسة ليست شيئاً مخيفاً، أو أن الرئيس شيء مخيف يجب عدم الاقتراب منه، فهذه قد نكون استمديناها من أحد القادة الإنجليز وهو ويلنجتون، عندما انتصر على نابليون، وسئل لماذا انتصرت على نابليون، وخسر نابليون؟، فقال: الفرق بيني وبينه أنني كنت أتعامل مع جنودي كأني جندي، وهو كان يتعامل معهم كإمبراطور، فالفرق بين العمل الصحافي، سواء مارسته، أو مارسه غيري، هو نوعية العلاقة بين الطرفين، فهذه التي تبني جريدة، وتبني مؤسسة صحفية كبرى، حصل هذا في أكثر من مشروع صحافي، السبب الذي جعله ناجحاً، هو التعامل الإنساني بالدرجة الأولى، ومن ثم الشعور بأن هذه الجريدة هي ملك لكل الناس، وليست لواحد فقط، في الواقع، أن المرحلة التي عشناها في الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، وكان يقودها في تلك المرحلة الأستاذان الكبيران، الأستاذ هشام ومحمد علي حافظ، كانت مرحلة ذهبية، ما الأستاذ عثمان العمير وحده فيها، لا بد من كلمة حق، كانت هناك إدارة جيدة، كان هناك توزيع جيد، وهناك ناشران، أنا أعتبرهما من أكثر الصحفيين في العالم قدرة، وكفاءة ومعرفة بالعمل الصحفي، اختلفت معهم كثيراً، واختلفا معي كثيراً، لكن لا يمكن أن ننسى أن هشام محمد حافظ رحمه الله، وأطال الله في عمر محمد، أن هذين الشخصين كانا دعامة كبيرة للصحافة، ونعتبرهما مجددين في صحافة الشرق الأوسط، وليس في الصحافة السعودية، فهذا السبب الذي جعل عثمان العمير، وغير عثمان العمير ينمون، في هذا النهر المتدفق الذي كان يجريه السيدان، وشكراً. |
الأستاذ علي السبيعي من جريدة شمس: |
أستاذي الكريم، مساك الله بالخير دعني أنفذ من النافذة التي عودنا عليها عثمان العمير منذ تزامنا معه، وتشرفنا في جريدة "الجزيرة"، أستاذي الكريم، بالتالي وأنت الذي أفرغت الذاكرة، وكتبت، وأبدعت في ذلك الكتاب وغيره من الكتابات، نحن الذين عاصرنا وتشرفنا، ومنهم من يجلسون الآن معي، ويريدون أن يتعرفوا على مشوار الإعلامي السعودي المفقود، الذي يدعو إليه الآن معالي الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، أن نكتب تاريخنا الإعلامي السعودي، بالتالي متى يكتب عثمان العمير، ذلك الكتاب الموعود الذي سيفرغ فيه نصف قرن من الإشكاليات، والأسفار والحكايات التي نستلهمها في الخيال، ونريد أن نراها في الواقع؟، وشكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: الواقع أنا ما زلت صغيراً، مثلما قال المرحوم رفيق الحريري لما سألوه في تلفزيون السي إن إن، قال أنا لا زلت صغيراً، أنا لا زلت في الستين، طبعاً كتابة التجربة والسيرة الذاتية موجودة لكن الأهم من السيرة الذاتية هو كتابة التجربة الحقيقة، ودائماً أفكر أن أفعلها، لكن أحتاج إلى هدوء، أحتاج إلى وقت، هدوء في النفس، هدوء في السلوك، هدوء في البحث، أعتقد أهم شيء في الكتابة هو التوثيق الآن، التوثيق ما يمكن أن نقوله، وما يمكن أن نتحدث عنه، أما الكتابة حتى إن لم نكتب الآن، يمكن أن يكتب غيرنا بطريقة تكون أكثر تحليلاً، وأكثر عمقاً. |
الدكتورة إلهام بازيد من جامعة الملك عبد العزيز بجدة: |
مساء الخير، أستاذ عثمان، لفت نظري كلمة الشيخ عبد المقصود خوجه، نقل عنكم قولكم إن الصحافي حين يبتعد عن الشر، لا يصبح صحافياً، فإلى أي نوع من الشر كنت ترمي؟، ليتك كنت توضح لنا.
|
الأستاذ عثمان العمير: الشر الذي أقصده الشر الأبيض، هناك الشر الأسود في السحر الأسود، وهناك شر أبيض، فأنا أتكلم عن الشر الأبيض، وهو المقرون باستكشاف الحقائق وبالبحث عن الخبطات الصحافية، وبالاقتراب أيضاً من المشاكل، لأن الصحافي لا يمكن أن يخرج من الغرف المكيفة، ومن المواقع المريحة، وإنما الصحافي هو الذي يقاتل ويعاني، وهو الذي يكون دائماً مقاتلاً شرساً، وهذا الشر الأبيض الذي أتكلم عنه، وهو محاولة الاقتراب من النار، دون الوقوع فيها. |
الأستاذ عبد الله بن معدي، محلل اقتصادي: |
الأستاذ عثمان أهلاً بك في هذا القصر العامر بأهله والعامر بالذكر والفكر، ولا تزدان الحدائق إلا بزوارها، ينفر المجتمع من كل صاحب فكرة جديدة، وكأنه ألقيت عليه روح عبد الله بن سلول، وفي الوجه الآخر ينظر صاحب الفكرة إلى المجتمع بأنه ينعم بواحة من ماء تحيط بها جبال شاهقة، وهو مقذوف به في صحراء مجففة تحت الشمس، هل هذه الأحاسيس عبارة عن مرحلة من مراحل العمر، أو مرحلة قادمة من مراحل التاريخ، أو على العكس هي فكرة في بطن أيام نراها تذهب في الأفق، سؤالي بالتحديد، هل الإنترنت عبارة عن تكديس حضارات وثقافات الآخرين؟ وهل سنرى الإنترنت مادة أساسية تدخل في المناهج الدراسية، وسيتم الاعتماد عليها في الإعلام؟، وشكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: أولاً لو أن عبد الله بن سلول عاش في عصر الإنترنت لترك نفاقه، الواقع موضوع الإنترنت أصبح محسوماً، الحديث عن هل الإنترنت سيصبح مخزوناً بشرياً؟ هل ممكن أن يصبح مشغلاً؟ هل ممكن يصبح تراكماً بشرياً؟ الآن كل التكنولوجيا أصبحت شيئاً نلمسه، ما نحتاج إلى إثباته أو كيف يصير، المهم كيف تطويره، وكيف توجيهه، كيف يمكن إعطاؤه الدفعة التي تجعلنا نستفيد منه، ونحن بالذات في هذا البلد المترامي الأطراف، والذي يتعرض للكثير من الرغائب، علينا واجب كبير، يتناغم مع التطور الذي حصل الآن من قبل الدولة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، والذي يتعلق بإحلال التكنولوجيا بشكل جذري، سواء في المناهج أو في المدارس، طبعاً إحلاله في المدارس لا يمكن أن أجاوب عليه، لكنني أرى أنه موجود، وأن الدولة تعمل على وجوده، في الدول الأخرى مثل بريطانيا موجود، وأصبح ضمن حياتهم اليومية، ولا يستطيعون أن يغيروه، وشكراً. |
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الجميع من القسم النسائي: |
لماذا يخشى كاتبنا الكبير من تجربة الزواج، كما كان يصرح بذلك، وماذا يقصد من حالة الإفلاس التي سيصاب بها، إذا تزوج؟ وشكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: بالنسبة لحالة الإفلاس، لا يعرف الشوق إلا من يكابده، فالذي يعيش في دول الغرب يعرف مدى وكيف يفلس المتزوج عندما يفكر بتغيير شريكة حياته، في الطائرة وأنا قادم من نيويورك إلى لندن البارحة، التقيت برجل إنجليزي، وكان يتحدث عن تجربته، فيقول هذه المرأة الثالثة التي أتزوج فيها وتصور خسرت نصف مالي في المرة الأولى، وثم خسرت نصف النصف في المرة الثانية، وخسرت الربع الثالث، وربع النصف الثالث في المرة الثالثة، فقلت له وأنت مستمر في التجربة؟! قال إن ممارسة الزواج عادة، فأنا مستعد أخسر لكن أتزوج، أنا لا أخشى من الزواج، ولكل إنسان له طريقته، ومسألة الزواج بالنسبة لي تتعلق بمسألة شخصيه أكثر ما تتعلق بفلسفة، لقد خرجت من المملكة، نفذت بجلدي، وعمري صغير من المملكة، فذهبت إلى بريطانيا، وفي بريطانيا حاولت أتعلم وحاولت أن أعمل، كان العمل بالنسبة لي قبل الزواج، وعندما شارفت على هذه الكهولة التي أمامكم، أصبحت غير مقبول في هذه المرحلة، شكراً. لكن إحدى الحاضرات ردت قائلة: "عفواً، أكيد لا زال هناك معجبات بك أستاذ عثمان". |
الأستاذ عبد العزيز أفندي، معلم لغة عربية، مرحلة ثانوية: |
هل المعايير الأخلاقية للمجتمع تتصادم مع حرية الصحافة؟.
|
الأستاذ عثمان العمير: في الواقع هذا سؤال كبير جداً، لأنه سؤال يشغل بال الصحفيين، ويشغل بال مربيين، ويشغل بال الأساتذة في الجامعات، ما هو المعيار الأول في العمل الصحفي؟ هل نقدم الأخلاق، أم نقدم المعلومة؟، ولعلكم ترون ما يحدث الآن الصراع الموجود، ونعود مرة ثانية للكنيسة الكاثوليكية، من خلال اكتشاف حالات اغتصاب الأطفال داخل المدارس الكاثوليكية، وكيف أن هذه المدرسة يمثلها الآن الناس في الفاتيكان، يرون أن من مصلحة الفاتيكان العليا، كما تقول الوثيقة التي خرجت من مكتب البابا، ربما كان قبل أن يكون، أن من بابا الفاتيكان الكونية أن يحاولوا أن يوقفوا الحديث عن تلك المآسي الأخلاقية، في الوقت الذي خرجت فيه الصحافة، وخرج في الإعلام الغربي، ليكشف هذه الفضائح، الحقيقة هذا نموذج، يمكن نقول: وأنا أسألك هذا السؤال، عندما تكون عندك هذه القضية، هل تقدم العامل الأخلاقي، وعامل حماية فئة من المجتمع، أم تقدم الخبر وفي نفس الوقت كشف هذا! |
الأخت فاطمة هبة، من جريدة عرب نيوز: |
السلام عليكم، أطلب من الأستاذ الفاضل تقييم للتجربة الصحافية الشبابية الناشئة، هل يعتبرها تجربة ناضجة قادرة على المنافسة سواء محلياً أو دولياً، أم أنها لا زالت متكئة على البيانات والفاكسات الصحافية، دون خلق تخطات صحفية مميزة؟، وشكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: أنا دائماً متفائل فيما يتعلق بالشباب وفي الجيل القادم، كما كنت أنا مثلهم شاباً، أتصور أنه ليس هناك فوارق أو حدود أو عوائق من أن يكون الشاب أو الشابة، قادرين على تحقيق المطلوب صحفياً، المشكلة في وضعنا الصحفي، أو وضع العالم عموماً، خاصة في العالم العربي، ألاّ وهو الرغبة في السرعة، هناك شهوة في أن يكون الصحفي كاتباً بسرعة، ومديراً بسرعة، ومديراً للتحرير بسرعة، هذه الأشياء أعتقد أنها سلبيات تؤدي إلى عدم نضوج الكثير من الصحفيين والصحفيات، الأمر الآخر الإعداد الإعلامي أو التدريبي، مشكلة التدريب عندنا ضعيف، وهو أهم من الجامعات ومن كل شيء، هو مسألة تدريب العاملين على الصحافة، ولو لفترات محدودة، ونشيد بتجربة "الشرق الأوسط"، أو تجربة الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، في أيام هشام ومحمد علي حافظ، كانت هناك خطة، وتم تدريب مجموعة من الشباب الذين أصبحوا الآن آخذين مراكز قوية في الصحافة السعودية، والصحافة العربية، فالمسألة مسألة صبر أولاً، وتدريب ثانياً، وتثقيف ثالثاً، وعدد من الشروط التي تجعل من الصحافي والصحافية عناصر حقيقية وناجحة، شكراً. |
الأستاذ وائل سعود، إعلامي: |
السلام عليكم، الأستاذ عثمان العمير، في إحدى إطلالاتك الإعلامية، صرحت بأنك ليبرالي، والليبرالية لا تتفق مع العنصرية، وكثير من الناس لا يتفقون مع العنصرية، وكثير من الناس مدعين الليبرالية ولكنهم في الأساس عنصريون، ألا تجد أنه من العنصرية أن يكون هناك عنوان نسائي "إيلاف"، لأنه أنا برأيي لا أعترض على المحتوى، ولكن أنا أعترض على التسمية، ألا تفترض أن رجال "إيلاف" هم بقية الأبواق، أم تفترض لا يوجد رجال "إيلاف"، ولماذا التمييز هذا، أليس في هذا عنصرية؟.
|
الأستاذ عثمان العمير: أول مسألة الليبرالية، تعريف الليبرالية في السعودية يحتاج إلى إعادة جدولة على الطريقة الاقتصادية، مثل تعريف المثقف، المثقف عندنا مختلف عن تعريفه في العالم الآخر الذي نسميه العالم الثاني، بصراحة سؤالك مهم، وربما لا أستطيع أن أجيب عليه، هذه التسمية تسمية صحفية، لا علاقة لها بالمسائل المهنية، وليس الهدف منها التفرقة بين النساء والرجال في إيلاف أولاً، ثانياً يجب أن يكون لدينا معلومة، وهي يمكن أحد يعرفها لأول مرة، أن الغالبية الذين يعملون خاصة خارج المملكة، هم من النساء، مديرة التحرير عندنا من نساء "إيلاف"، ومساعدة التحرير، ومديرة التحرير في أمريكا آنسة، وكل هؤلاء يعملون في إيلاف، أنا لا أتصور أن التسمية هذه تعني عنصرية، وإنما تعني موقع مثلما تضع إشارة على شخص ليعرف طريقه إلى مكان ما. |
الأستاذة سامية إسماعيل مناع، مديرة القسم النسائي بهيئة الإغاثة الإسلامية سابقاً: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأستاذ عثمان مع خبرتك المتميزة في الصحافة العربية، فهل فكرت يوماً في إعداد دورات تدريبية للشباب، إعداد الصحفي المتميز، جزاكم الله خير، وشكراً لكم.
|
الأستاذ عثمان العمير: أولاً أنا شاركت في دورات تدريبية أيام كانت مؤسستنا مؤسسة "الشرق الأوسط"، وفي "إيلاف" تم الاستعانة بعدد كبير من الطلبة المتخرجين في الجامعات اللبنانية، والآن هم يُعتبرون النواة المهمة، ونعمل في "إيلاف" بشكل جيد، أعتقد أن مشكلة الصحفي، أو مشكلة العمل الصحفي أحياناً تكون من زحمته، لا تستطيع أن تقوم بدورات تدريبية، لذلك يجب أن تكون الدورات التدريبية مسئولية مشتركة مع عدد من الصحف، لأن المهم ليس ما يعده الصحفي، المهم أن يكون عنصراً فاعلاً، في مؤسسة تكون، فمن هذا المنطلق أتصور أننا فعلاً مقصرون في إيلاف من هذه الناحية، وإن كنا في مجالات أخرى موجودة هذه الأفكار التدريبية، ولكن بالشكل العلمي المطلوب. |
الأستاذ غياث عبد الباقي الشريفي، باحث ثقافي: |
بسم الله الرحمن الرحيم، الأستاذ عثمان لماذا اخترتم المملكة المغربية لإصدار ونشر عدة صحف، هل لحرية إصدار الصحافة في هذا البلد أحد الأسباب، وهل هذه الصحف باللغة العربية أم الفرنسية؟ وشكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: أحببت أن أعلق على كلمة الدكتور عبد الله مناع فيما يتعلق بذاكرة "ملك"، الذي يعتقد أنني كتبته، لم يكن هناك أي إعلان أنني كتبت هذه الذاكرة، أو هذه السيرة، ولكن الذي حصل أن جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، عندما قرر أن ينشر هذا المؤلف بالعربية، عهد إليّ بنشره، ووجهني إلى كتابة مقدمته، الأمر الثاني عملنا احتفالاً كبيراً، حضره عدد كبير من المثقفين، والأدباء العرب، وكان جلالته رحمه الله حاضراً، ومعه جلالة الملك محمد السادس، وأخوه مولاي رشيد، لماذا لم يتم اختيار المغرب؟ أولاً المغرب بلد ناهض إعلاميًا بشكل غير معقول، وللأسف كثير من العرب لا يعرفون حجم التطور الهائل لدى الصحافة المغربية، ولدى صناعة الصحافة المغربية بشكل خاص، والمغرب يتمتع بحرية غير عادية، لا توجد في أي بلد في المشرق، ومن ضمن هذه الحرية كون أن قوانين النشر سهلة جداً، ولذلك كثر الناشرون، وكثرت الصحف، ووصلت إلى أعداد هائلة في النشر، اخترت المغرب أولاً، لأن علاقتي متميزة مع المغرب، وتواجدي فيه فترة طويلة، بسبب وجودي فيه فترة طويلة، وكوني مؤمن بأن التجربة المغربية، تجربة مهمة وعملية، ولها دور كبير، خاصة وأن المغرب بجوار أوروبا، واللغة الفرنسية لغة طاغية، وهي إحدى اللغات المهمة في العالم الآن، وكذلك اللغة الإسبانية التي أصبح المغاربة يهتمون فيها، من هذا المنطلق، كان المشروع ناجحاً، وما زال ناجحاً، طبعاً في البداية كان خاسراً، لكن الآن والحمد لله أصبح من الناحية المالية والاقتصادية جيداً، الدار تصدر عدداً من المنشورات، من أهمها وأبرزها صحيفة "لوماتان"، وهذه صحيفة قديمة، وهي أقدم صحيفة تصدر باللغة الفرنسية خارج فرنسا، وربما تكون من أكبر الصحف التي تصدر بفرنسا، حتى بما فيها كندا لا توجد هناك صحيفة بمستوى "لوماتان"، وكندا تتميز بجالية فرنسية كبيرة جداً، من هذا المنطلق اخترت المغرب، سواء كان على المستوى الإعلامي، أو على أي مستوى آخر، هو استثمار مهم، واستثمار إيجابي، والمشروع أصبح اليوم ناجحًا، ولم يعد أحد خاسرًا من استثماره في المغرب، شكراً. |
الأستاذة نازك الإمام: بعد المسيرة الحافلة من الإعلام، ماذا كنت تتمنى من طموحاتك أن تتحقق وظلت في طي الأمنيات؟، شكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: لم أكن أتوقع أن أخرج من الزلفي إلى المدينة، وأخرجت من المدينة إلى الرياض، وكل الأمور التي صارت معي، تمت بالصدفة، مثل ما يقول كمال الشناوي رحمه الله، عندما أرادوا أن يقدموه خطيباً، فسئل فقال: دخلت المدرسة ففشلت ودخلت الوظيفة ففشلت، وقلت شعراً ففشلت، فيسري السباعي كان ضاحكاً وقال: كيف أقدمك إلى الجمهور، وكلك فاشل، أعتقد أن أحلامي كانت قليلة، كنت أشوف في تلك الأيام النشاطات السياسية التي في لبنان، والصحفية، وكانت هذه طموحاتي أن أكون حركياً في مثل هذه النشاطات، أو يكون بلدي فيه مثل هذه النشاطات، ولكني اخترت الصحافة، ومنذ أن خلقت وتربيت كان همي أن أكون صحفياً، لم أفكر مثلاً أن أكون طياراً، أو مقاتلاً، أو أي شيء، كان كل همي أن أكون صحفياً. |
الأستاذ محسن العتيبي: أنا سمعت في إحدى لقاءاتك مع قناة فضائية، واستوقفتني كلمة قلتها إجابة عن سؤال أحد الضيوف أظن، كأن أشار إليك بكلمة بوق أو ما شابهه، وقلت العبارة "أنا بوق، ولكنني لمن يجيد النفخ"، فهل تفسر لي هذه العبارة؟. |
الأستاذ عثمان العمير: نحن تعلمنا في طريقة الحوارات أحياناً الإنسان عندما يريد أن يعطي تبريراً معيناً، أنا عندما أقول بوق، يأتيك واحد فيقول: أنت بوق للحكومة السعودية، طبعاً يا أخي أنا ولدت في السعودية، لماذا لا أكون بوقاً لها، لكن أنا لست بوقاً لآخر لا يجيد النفخ، أنا كان قصدي أنه أنا دولتي وأهلي، ربوني وعلموني على أن أكون بوقاً جيداً، لماذا لا تكون بلدك قادرة على أن تربيك لتكون بوقاً مثلي، هذا يمكن كان سؤاله. |
الأستاذ ياسر الحداد، مدرس ثانوي: |
بسم الله الرحمن الرحيم، الأستاذ عثمان، هل ترى مستقبل الصحافة الإلكترونية هو مستقبل الصحافة القادم، فتتقادم بعد ذلك الصحف الورقية؟ شكراً.
|
الأستاذ عثمان العمير: أصلاً نحن الآن نقبل الصحافة الورقية التي يمثلها الدكتور المناع، لأن الدكتور المناع يبدو متشائماً من الصحافة الإلكترونية، موقف الصحافة الورقية، لم يعد موضع نقاش، كأننا نتحدث الآن عن أموات، لا نتحدث عن أحياء، أنت ترى عدد أكبر من الصحف التي تغلق، والعدد الكبير من الصحف التي تتقلص، والعدد الأكبر من الصحف التي تخرج، فعندما نتحدث عن المستقبل، نحن نبحث عن وليد يحتاج أن نبحث له عن مستقبل، الآن الصحافة الإلكترونية، في هذه السنة بالذات، تمكنت الصحافة الإلكترونية في مجال الإعلام أن تنافس التلفزيون في أوروبا وأمريكا، هذا مثلاً دليل عن التقدم الذي حاصل، أتكلم عن النسبة ولا أتكلم عن الحجم، فمن الممكن أن لا توجد صحافة إلكترونية، كما نعلم، نحن مجتمع مستهلك، ونتلقى ما يقدمه لنا الغرب، ونستهلكه، ما تدري ربما واحد من أمريكا أو أوروبا، يخترع لك شيئاً أفضل من الصحافة الإلكترونية. |
|