أنا أعرف بالطبع أن زماني هذا غريمي |
وأن الذي لي فيه قليل |
لي فيه الذي فاتني أن أحصله |
والذي فر من قبضتي |
والذي أتذكره وأحن له |
والذي هو حلم جميل |
أكتفي بزياراته المتقطعة الآن |
فالوقت ما عاد يسعفنا |
والذي لم يكن لم يكن |
والذي قيل من قبل قيل |
وأنا لم أعد أعرف الوقت |
فالشمس تفلت من بين كفي |
والأرض تحت دائرة كالرحى |
والليالي شكول |
وأنا راحل أبداً |
لا أفكر في أن أعود إلى حيث كنت |
ولا أتمنى الوصول |
لا أريد من الحلم أن يتحقق |
كي لا يشاركني الوقت فيه |
وتلفحه الشمس مني |
وتطفئه المتعة العابرة |
لا أريد من الحلم شيئا |
سوى أن يظل كما هو حلما |
يرفرف فوق الزمان |
ويعبر لجته الفائرة |
ليحط على جبهتي فجأة ويباغتني بالهديل |
ثم يرحل في سره خارج الوقت |
مستغرقاً في الرحيل |
وأنا الآن حر |
لأن الزمان غرمي |
وأن الذي لي فيه قليل |
ولهذا أسير على حافة منه |
أقرأ أوجه أهليه |
مستغرباً أن أكون هنا |
أتذكر وجهي الذي كان لي |
في المرايا التي تنطفي في طريقي |
واحدة بعد واحدة |
وأميل مع الدمع حيث يميل! |
وأنا لم أعد أطلب المستحيل |
لم أعد أتحدث عن مدن حرة |
أتسقط أخبارها |
وأسائل عنها المسافر |
والقارئ الغيب |
وابن السبيل |
ويخيل لي وأنا أتحدث إليها كأني أراها |
وأسمع أصداءها |
مترددة في اخضرار السهول |
لم أعد أطلب المستحيل |
ولم يبق لي أن أفكر في بشر سعداء |
يعيشون في زمن كالطفولة |
لا يهرمون به أبداً |
فهم يولدون مع الصبح |
حتى إذا أقبل الليل ناموا |
لكي يولدوا في غد من جديد |
كما يتفتح ورد ندي على عتبات الفصول |
وأنا لم أعد أتوقع زائرة |
تطرق الباب في آخر الليل |
نافضة عطرها في دمي |
لم أعد أتوقع أن يرجع الأصدقاء الحميمون من ليلهم |
لندير الشمولا ونبكي الطلولا. |