((استئناف الحوار مع المحتفى به))
|
الإعلامية منى أبو الليل من القناة الثقافية السعودية تقول: |
أسعد الله مساءاتكم بكل خير، في أجواء الشعر التي ظللتنا، بالرغم أننا لم نسمع قصيدة تشنف آذاننا إلى الآن، وليته يكون، فالجميع هنا يضم صوتي إليكم، لدي سؤال على عجالة، إلى أي مدى أنت مع حرية التعبير، وهل تعتبر أن ما يقام من دعاوى وكتاب وصحافيين، هو ضد مبدأ الحرية في التعبير عن الرأي؟، شكراً.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: نعم أنا مع حرية التعبير بغير حد، لأن الحد الذي يوضع لحرية التعبير هو حق الآخرين فقط، حرية التعبير قد تنتج عنها أخطاء، ولكنها هذه الأخطاء لا تعالج بالمصادرة، لأننا لو صادرنا الخطأ، حلنا بين الحقائق التي يعرفها الذين يصادرون، وبين الجمهور الذي لا يعرف لم صودر هذا الرأي، وما هو الخطأ فيه، وبالتالي ما هي الحقيقة، عندئذ، الذين يصادرون الرأي بدعوى حماية الجمهور، من أخطاء أصحاب الآراء، هؤلاء لا يفعلون إلا أنهم يريدون أن يحتكروا الرأي لأنفسهم، وأن يقووا السلطة لصالحهم، وأن يفرضوا طغيانهم، الحرية هي التي تعالج أخطاء الحرية فقط. |
الأخ عبد الهادي صالح يقول: |
السلام عليكم، لا أحد ينكر دور الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي في النهوض بالشعر العربي المعاصر، ولكن من خلال حديثه، أتذكر هنا حواراً أجري مع الشاعر الكبير أدونيس في صحيفة "الحياة" الأسبوع الماضي، يقول حينما سئل عن تجربة الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي، قال ما نصه، لا أجد منعطفاً شعرياً، على غرار ما أجد في شعر صلاح عبد الصبور، إنني أقرأ الشعر الحجازي في سياق الشعر الغنائي المصري، الذي يمثله على نحو خاص، علي محمود طه، وإبراهيم ناجي، وهو امتداد لهؤلاء مع شيء من التنويع شكلاً ومضموناً، ما أدري ما تعليق الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي؟، شكراً.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: من حق أدونيس ومن حق أي ناقد أن يقول في أي شاعر ما يراه، وعلى كل حال الكلام الذي قاله أدونيس وأنا لم يعني ليس فيه طعم وإنما يقول فقط إن شعري بالنسبة له لا يمثل منعطفاً، ولكنه بالنسبة لآخرين كثيرين يمثل هذا المنعطف، هذا بالنسبة للمنعطف، وعني، ولكني أريد أيضاً أن أضيف إلى ذلك ما يلي، أن الأستاذ أدونيس، رأيه في الشعراء قاطبة لا يختلف عن رأيه في شعري، يقول عن البارودي، إنه ليس شاعراً ولكنه زعيم سياسي، ويقول عن شوقي إنه ليس شاعراً، ولكنه مقلد، وأنه لم يضف شيئاً، وهكذا، ويقول عن جماعة الديوان إنهم أحسنوا في النقد ولم يضيفوا شيئاً للشعر، بطبيعة الأحوال، هذه آراء للأستاذ أدونيس الحق في أن يعبر عن رأيه، ولكن أتمنى أن يراجع نفسه لأنه إذا كان الشعراء المصريون في هذا العصر على اختلاف اتجاهاتهم ومدارسهم، لا يعجبون الأستاذ أدونيس، فلا بد أن يكون ذائقته فيها شيء يمنعه من تذوق هؤلاء الشعراء، يعني من تذوق البلد ككل. |
الدكتورة سهير عبد الفتاح، خبير بالمجلس العربي للطفولة والتنمية، ورئيسة تحرير مجلة الطفولة والتنمية، حرم سعادة الدكتور أحمد عبد المعطي حجازي تقول: |
مساء الخير، أنا سعيدة جداً، فقد حضرت مع الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، مناسبات في كثير من البلاد، واستمعت إلى كثير من النقاد والشعراء والأدباء، حتى في كثير من أنحاء العالم، النهار ده أنا أشعر بسعادة كبيرة جداً، وأشكر بشدة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، كل كلمة قالها، وعلى كل تعبير صادق، وكنت حاسة أنه هذا بحث في شخص أحمد، وفي شعر أحمد، فأنا مدينة مثل أحمد بالضبط، ويمكن أكثر شوية، لأن "الستات" عاطفيات شوية، فأنا بشكرك جداً سعادة الشيخ، وبشكر كل الحضور، والشكر واجب، لي سؤال: الأستاذ الشاعر تقريباً عنده أربع أولاد، بنتين وولدين، فليه بقى، إنت خايف من المعجبات ولا إيه؟.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: أبداً، أولاً أنا قابلت أحفاده وقلت لحفيده إنت سنك كم سنة، إنت سنك ست عشرة سنة؟ فقال لي لا: خمس عشرة سنة، قلت له بالضبط هو سن حفيدي، أنا لي حفيدان توأم، وهما الآن في الخامسة عشرة من عمرهما. |
راعي الحفل: الآن لدينا أكثر من أحد عشر تعليقاً، بالإضافة إلى قسم السيدات، والآن الساعة تدلف إلى الحادية عشرة وعشر دقائق، فأرجو من الإخوة الاختصار ما أمكن، حتى ننتهي، أو نستثمر الربع ساعة المضافة من أبي محمد سعيد. |
الأستاذ وائل سعود يقول: |
أنا سعيد جداً بتواجدك بيننا، وأنا لأعتبر بأن هذا لقاء تاريخي، لكن سؤالي: العامة في بعض الدول العربية تقول للشخص الذي يكون عرضة للاتهامات، (صوفته) حمراء، برأيك هل المفكر والمبدع تكون صورته حمراء عندما يغير بعض مواقفه الفكرية، وخصوصاً يكون عرضة للاتهامات للمتبنين فكره القديم، وحتى الجديد؟، السؤال بشكل مباشر، هل تغيرت مواقفك الفكرية، ولماذا؟، وألا تجد من الغريب أن يتم تكريمك في نفس وطنك؟ شاكراً لك.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: أنا أعتز كثيراً بآرائي ومواقفي من عمري الآن أصبح طويلاً، أنا الآن في الخامسة والسبعين من عمري، نشأت في الريف المصري، نشأت في ذلك الوسط البسيط، الذي كان لا بد أن يترك في آثاراً يمكن أن تتوقع، الريف المصري العريق، القديم، وسط فلاحي تماماً، صحيح كانت هناك عناصر جديدة، لكن الأصول هي الأصول، طبيعي مثلاً، عندما أجد أن الإخوان المسلمين يحاربون في أواخر الأربعينيات في فلسطين كما كنا نسمع، ويطالبون بتغيير حياة أن تكون أكثر عدلاً وأكثر حرية، وأكثر وفاء لتقاليد ومبادئ الإسلام، لا بد أن مثلي يعجب بهؤلاء ويتبعهم، وقد حدث، وأنا في الثالثة عشرة من عمري، حوالي 1948م، كنت أدافع عن آراء الإخوان المسلمين، لكني بعد ذلك أصبحت أجد نفسي أكثر مع الديمقراطية، مع الديمقراطية بالشروط العصرية، بالشروط الحديثة، التي هي نتاج كفاح البشرية كلها، بما فيها كفاح المسلمين، أنا مع الدستور الذي يضعه البشر، ومع القوانين التي تسن في البرلمان، ومع تعدد السلطات، السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية إلى آخره، مع هذه المبادئ وهكذا وجدت نفسي في السجن سنة 1945م كما ذكرت، بعد ذلك عندما أجد أن هؤلاء الضباط الذين استولوا على السلطة، ووقفنا في وجههم في السنوات الأولى، يرفعون تلك الشعارات الرائعة التي تعرفونها جميعاً، أصبحت أقف إلى جانب عبد الناصر، عندما انتهى هذا المشروع القومي هذه النهاية التي تعرفونها كان لا بد أن أعيد النظر في هذا إلى آخره، أنا لا أكف عن مراجعة نفسي، ولا أكف أن أكون صادقاً مع نفسي، لأني لا أستفيد من موقف، هناك من يستفيدون من موقف، من ولاء وانتماء، إذا خرجوا خسروا، وأنا لا، لا أخسر إلا الخطأ إلا الضلال الذي خرجت منه. |
الأستاذ أحمد عائل فقيهي يقول: |
أستاذنا الكبير، مساء الشعر والمعرفة، المعروف أن الأستاذ حجازي كتب قصيدة هجائية تتسم بلغة فاخرة وساخطة ضد الأستاذ الكبير عباس العقاد، نتيجة موقف العقاد المعارض والمضاد للشعر الحديث آنذاك، اليوم نرى حجازي نفسه يقف موقف العقاد ضد قصيدة النثر أو ما سماها القصيدة الخرساء، كيف هو هذا التناقض؟، أريد تفسير الأستاذ أيضاً أسأله هل أنت نادم عن تلك القصيدة التي طالت وتطاولت على قامة فكرية كعباس العقاد؟.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: نعم أنا نادم على تلك القصيدة، يعني على ما أعلم أنه نال الأستاذ العقاد منها، لأن الأستاذ العقاد تألم حين نشرت تلك القصيدة، القصيدة التي يتحدث عنها الأستاذ فقيهي، قصيدة في الهجاء فعلاً، وفي الشكل التقليدي الصحيح، أردت أن أقول فيها للأستاذ العقاد، يا أستاذ نحن نجدد، ولكننا قادرون على الكتابة في هذا الشكل الذي تدافع عنه، ولكن بدلاً من أن أقول له هذا بلطف، تطاولت على الأستاذ العقاد أشد الألم، ورد علي فقال، لأن القصيدة فيها: |
تعيش في عصرنا ضيفاً وتشتمنا |
أنا بإيقاعه نشدو ونطربه |
وأننا نمنح الأيام ما طلبت |
وفيك ضاع من التاريخ مطلبه |
وفيك لا أمسنا زاه ولا غدنا |
وفيك أبهت ما فينا وأكذب |
وتدعي الرأي فيما أنت متهم |
فيه وتسألنا عما تخربه |
وإنه الحمق لا رأي ولا خلق |
يعطيك رب الورى رأساً فتركبه |
مستفعل فاعل مستفعل فاعل |
مستفعل فاعل مستفعل فاعل |
|
هذا ما قلته للعقاد، فالأستاذ العقاد رحمه الله رد علي فقال: |
إنهم هم الذين يعيشون في عصر العقاد، وقد صدق، المسألة الأخرى هل أنا أكرر الآن موقف الأستاذ العقاد، لا، لماذا؟، لأن الأستاذ العقاد لم يكتفي بأن يرفض ما نكتب، ولكنه كان يحول بيننا وبين النشر، وبين السفر، وبين الاشتراك في المؤتمرات والندوات، أنا أنشر قصيدة النثر في حدود في مجلة الدار، ولكن هذا لا يمنعني من أن أقول إن هذه القصيدة خرساء، لماذا هي خرساء؟، لأنها قصيدة بلا موسيقى، قصيدة بلا إيقاع، قصيدة بلا وزن، وفي ظني أو ما ليس فقط في ظني، أنا متأكد وأنا أعرف أن شعر العالم، شعر اللغات كلها، لا يخلو من الوزن، صحيح في الشعر الأوروبي الآن شيء اسمه قصيدة النثر، وعبارة قصيدة النثر مترجمة عن الفرنسية، poeme en prose يعني في النثر، هذا موجود، ولكن الشعر الفرنسي، وتراث الشعر الفرنسي، هو الشعر الموجود، المقفى أيضاً، فعندما أقول ما الذي يجعل الشعر شعراً، ويختلف عن النثر، أنه قد أضيفت للغة التي نستخدمها في الاتصال، والتي نستخدمها في حياتنا اليومية، عناصر ترفعها عن هذا المستوى، وتجعلها لغة أخرى، لغة لا يتحقق بها الاتصال، وإنما يتحقق بها الإبداع، مادة للإبداع، عندما تنتقل اللغة التي هي أداتنا للاتصال الاجتماعي، لكي ننشئ بها كل منا ينشئ قصيدة يشترط أن لا تكون تقليداً لقصيدة أخرى، إنما ينبغي أن تكون إبداعاً خالصاً، هذا لا يتحقق إلا بإضافة أشياء إلى اللغة، ما هي هذه الأشياء، الشيء الأول هو ما نسميه الصورة، أو نسميه المجاز، أو نسميه اللغة الرمزية، والعنصر الآخر هو الإيقاع، إذا كتب بعض الشعراء أو قصيدة النثر أنا أقرؤها، وقد أحب بعض ما يكتبونه، ولكنني لا أعتقد أنه يدخل في إطار الشعر في هذا الحيز، لأن هذا الحيز له في رأيي شروط، ومع هذا أنا أخاطب هؤلاء الشعراء، وأحاورهم وأنشر لهم، قلت وبالتالي أنا مختلف عن الأستاذ العقاد، أقول رأيي فيهم، ولكني لا أمنعهم ولا أقطع طريقهم. |
الطالبة صفاء عبد المجيد الزهراء، من جامعة الملك عبد العزيز تقول: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إن هموم مجتمعاتنا كثيرة، وأقصد هنا الهموم والمعاناة الاجتماعية اليومية، والسؤال للضيف هو: |
لماذا لا يتم توظيف الشعر وخصوصاً منه المغنى في معالجة القضايا الاجتماعية، والهموم اليومية التي يعاني منها المجتمع؟ وشكراً.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: شكراً جزيلاً على سؤال صحيح مائة في المائة، يعني أن دور الشعر في حياتنا، وخصوصاً الشعر المغنى، لأن الناس يحبون الغناء، وإذا عالجنا بعض المشكلات، وغنى الكلام صوت له معجبون، يفيد هذا صحيح، ولكن المشكلة في الشعر أنه الشعر الآن عامة يحب أن يستخلص نفسه من النثر، نحن نعالج مشكلاتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالنثر فقط، لأن هذه المشكلة تحتاج إلى دراسة وتحليل، وبيانات وأسئلة إلى آخره، في حين أن الشعر يحتاج إلى كليات، ويتناول المشاعر والأحاسيس التي يعجز النثر عن التوصل إليها، لأنه نحن في النثر نستخدم المعجم، في الشعر فنحن لا نستخدم المعجم فقط، بل نستخدم أشياء أخرى، على هذا صعب أن يتناول الشعر المشكلات الاجتماعية، لكننا نستطيع أن نقول، إنه علينا أن نستخدم الشعر في إرهاف الأذواق، وتثقيف العقول، وإيقاظ العواطف، لكي نستطيع إذا أوتينا هذه العقول يقظة، والعواطف الجياشة، أن ننظر إلى مشكلاتنا ونتمكن أن ننجح في التصدي لها وفي علاجها. |
الشيخ عبد المقصود خوجه: اسمحوا لي باقتراح، تعودت الاثنينية أن تتلقى أسئلة كثيرة، ولا تستطيع أن تجيب عليها، وعادة نحيلها إلى الضيف الكريم، للإجابة عليها، وبالتالي نشرها في كتب الاثنينية، فلماذا لا تطبق هذه القاعدة، والتي تطبق على الجميع، وفقط الوقت الذي تجاوزناه الآن من الحادية عشرة والربع إلى الحادية عشرة والنصف، نعطي خمس عشرة دقيقة للإنشاد، إذا كنتم وافقتم على ذلك، فلنبدأ. |
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: من قصائدي الأخيرة، عنوانها: |
|