((الحوار مع المحتفى به))
|
عريف الحفل: شكراً للدكتور عبد المحسن، شكراً لضيفنا الكريم أحمد عبد المعطي حجازي، وستكون هناك فرصة لإلقاء الشعر والإنشاد من خلال طرح الأسئلة إن شاء الله، لأنني لا أشك في أن الكثيرين سيطلب منك إنشاداً بإذن الله، الآن نبدأ بقسم السيدات للترحيب بضيفنا، وليكن أول سؤال من قسم السيدات. |
الأستاذة نازك الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة، الضيوف الكرام، السلام عليكم، هذا شاعر قادم من سفر، راحل لسفر، بهذه العبارة وصف الدكتور محمد عبد المطلب، الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، حين قابله للمرة الأولى في عام 1963م، حينما كان يلقي شعره في كلية دار العلوم، وهي العبارة التي يرى عبد المطلب أنها المفتاح لفهم شعر حجازي، هذا الشاعر الذي عاشر أجيالاً عديدة، إلا أن جذوة الإبداع لا زالت مشتعلة عنده بقوة، ونضاله في الدنيا الأدب والشعر والفلسفة، سيبقى نبراساً في ضمير الأجيال العربية، لا تخبو قواه مع تقدم السنين فقد كان ولا يزال يحمل القلم، يضيء الدنيا بفكره، وليبقى أحمد عبد المعطي حجازي رمزاً من رموز الشعر الحديث، ووجهاً من وجوه التنوير الفكري، كما أنه في طليعة شعراء المدرسة الحديثة، ومن الرواد الذين حملوا لوائها، ليلتنا الليلة مشرقة بالإبداع والشعر، في رحاب ضيفنا المبدع الكبير، ولنبدأ بداية في طرح الأسئلة. |
الأستاذة منى مراد، الإعلامية في مجلة اقرأ، وجريدة البلاد تقول: |
السلام عليكم، كتبت عام 2005م أن الثقافة ليست بخير، فكيف تراها 2010م، وما رأيك في دور المثقف العربي؟ شكراً.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: أود أن أشكر السيدة الأولى التي قدمت السيدة منى مراد، وأشكر السيدة منى على السؤال، والجواب، أنا فعلاً "كتابي الثقافة ليست بخير"، وكان المقصود بالثقافة هنا الثقافة المصرية، لأنني كنت أتحدث عن الثقافة المصرية، وعندما أقول أن الثقافة ليست بخير، فأنا أقارن الثقافة المصرية في المرحلة الأخيرة بما كانت عليه في الستينيات، وفي الخمسينيات، وفي الأربعينيات، والعشرينيات، يعني بما كانت عليه في النصف الأول من القرن العشرين، إلى نهاية الستينيات تقريباً، وفي ذلك أستطيع المقارنة بين شعرنا اليوم، وشعرنا بالأمس، بين نثرنا اليوم، ونثرنا بالأمس، بين نقدنا اليوم ونقدنا بالأمس، بين مسرحنا اليوم ومسرحنا بالأمس، بين السينما المصرية اليوم والسينما بالأمس، بين أغنيتنا اليوم وأغنيتنا أمس، والثقافات في العالم تمر بمراحل ازدهار، وتمر بمراحل تراجع وتوقف، وعندما أتحدث عن الثقافة لا أتحدث عن وزارات الثقافة ولا مؤسسات وإنما أتحدث عن إنتاج ثقافي لا أره بخير، لماذا أجد أن الإنتاج الثقافي المصري اليوم ليس بخير، وما رأيته في الثقافة المصرية يصح أن ينطبق على الثقافة العربية في أقطار كثيرة، لا شك أن الثقافة اللبنانية اليوم ليست كالثقافة اللبنانية قبل ثلاثين أو أربعين عاماً، ولا شك أن الثقافة العراقية اليوم ليست كالثقافة العراقية في الفترة التي أتحدث عنها، يعني ما يصح أن يقال عن الثقافة المصرية يصح أن يقال عن الثقافة العربية عموماً مع استثناءات، ما هو السر؟، أنا لا أفصل قط بين ازدهار الإبداع وبين الحرية إذا ضاقت مساحة الحرية تراجع الإبداع، هذا لا جدال فيه، علاقة وثيقة بين الإبداع والحرية، ولا شك أن المثقفين المصريين في النصف الأول من القرن العشرين كانوا ينعمون بمساحة من الحرية أوسع بكثير من تلك التي أصبحوا فيها، أو وجدوا أنفسهم فيها بعد 1952م، لماذا ظلت الثقافة المصرية مزدهرة في الستينيات؟، لأنه كانت هناك أولاً الذين تشكلوا في الثلاثينيات والأربعينيات وحتى العشرينيات، كانوا لا يزالون يواصلون عملهم في الستينيات يعني طه حسين رحل في 1973م، والعقاد 1964م، ومندور في الستينيات، ولويس عوض في أوائل التسعينات، ومحمد عبد الوهاب كان معنا إلى عصر قريب، وهكذا هؤلاء تشكلوا وظهروا في ما قبل الخمسينيات، مسألة أخرى سبب الازدهار الآخر أنه كان هناك حلم سياسي أو مشروع قومي جاء أواخر الستينيات في القرن الماضي، وقد ظهر لنا أن هذا المشروع لم ينجح، هذا أيضاً سبب جوهري من أسباب التراجع، الآن ينبغي أن نقول هذا حتى نسأل أنفسنا لماذا الثقافة ليست بخير؟ سنعالج ونتصدى لأسباب تراجعها، ونستعيد الشروط التي كانت شرطاً أو تؤدي إلى التي كانت تؤدي إلى ازدهارها، سألتني أيضاً السيدة أو الآنسة منى مراد، الآن إذا كان 2005م ليس بخير، والآن، يعني ما زلنا في 2005م، شكراً. |
الأستاذ مشعل الحارثي، من مجلة اليمامة يقول: |
ضيفنا الكريم، مصطلح النقد الثقافي من المصطلحات الحديثة، فهل ترون في خروج هذا المصطلح محاولة لإسقاط مفهوم النقد الأدبي؟، شكراً.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: لا، لأن النقد الثقافي غير النقد الأدبي كما يقال بشكل عام أن التوجهات هي التي تحرك فنون الثقافة سواء كان النقد أو الإبداع الروائي أو الإبداع الفني، الفنون التشكيلية أو المسرحية إلى آخره، بالإضافة أيضاً إلى الفكر الفلسفي، فعندما نتحدث عن النقد الثقافي، كما نتحدث عن التأريخ الثقافي، وهو غير تاريخ الأدب، أظن أن المقصود بالنقد الثقافي ليس ضد النقد الأدبي، وباستطاعتنا دائماً أن نجمع بين النشاطين. |
الشاعرة نورة بنت تركي القحطاني تقول: |
أسعد الله مساء الجميع بكل خير، لن أضيف على ما أضفى به الجميع من ترحيب بالشاعر أحمد عبد المعطي حجازي في بلده، ولن أكون أكرم من أبي الشعر والثقافة، الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، وقد كفّى ووفّى ولد عمي باحتفائه بالحرف والشعر، شاعرنا ما هي القصيدة التي كتبتها وأحسست أنها كتبت نفسها في شخص وموقف؟ وشكراً.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: بعض القصائد بالفعل أشعر كأنها كتبت نفسها، بمعنى أنها ظهرت مرة واحدة، كأنها نوع من الرؤيا أو التجلي، هناك قصائد نعدو وراءها ونركض، نكتبها اليوم وغداً نبدأ بداية لا تعجبنا، ونغير البداية، نحقق، لا نرتاح لكل ما قلناه، لا نطمئن، وهناك قصائد أخرى تكتب، بعض القصائد مثلاً أذكر هناك قصيدة قصيرة اسمها "لا أحد"، نظمتها وأنا أعبر الطريق، يعني ليس من مساء لمساء، ولكن من مكان لمكان بعيد نظمتها فيه، فيما يقرب لساعة في طريقي إلى منزلي، قصيدة أخرى نظمت على هذا النحو، وهي قصيدتي "طردية"، وأنا في فرنسا عدت إلى تقاليد أنظم طلاليات وخمريات وطرديات، وهذه القصيدة، قصيدة طردية طبعاً مختلفة عن طرديات القدماء، ولكنها طردية على كل حال، وهكذا من قصائد التي كتبت نفسها، قصائدي عن أم مها، وأنا صادق بهذا، موجودة قصائد لقد حدث بيني وبين جد مها لأمها خلاف قبل أن نتزوج، وهذا الخلاف أدى إلى أن ننفصل عن بعض الوقت، لم نكن قد تزوجنا بعد، وكنت أعلم أن والدها الكريم سوف يصادر رسائلي، وكنت أنظم في كل أسبوع مقطعاً أسبوعياً بعنوان "حبيبتي"، وأنشره في مجلة "صباح الخير"، وأنا أعلم أن المجلة تذهب إلى منزل أم مها، وأظن أني بهذه الطريقة استطعت أن أراسل أم مها، وأيضاً استطعت أن أحافظ على ذلك الخيط الذي شدنا مرة أخرى لكي نستأنف حياتنا معاً. |
الأستاذ خالد الأصور، من جريدة عكاظ يقول: |
بسم الله الرحمن الرحيم، الشاعر الكبير، الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي، في العام الماضي فزتم بجائزة الشعر في مهرجان القاهرة الدولي للشعر العربي، وأنتم أهل لذلك لا شك، بل لجائزة نوبل، ولكن كنتم تترأسون اللجنة التحضيرية لهذه الجائزة، فصفتكم رئيساً للجنة الشعر، مما أثار علامات استفهام نرجو توضيحها، خاصة أن من شروط استحقاق الجائزة أن يكون آخر إنتاج للشاعر قد مر عليه على الأكثر خمس سنوات، ولكن آخر إنتاج لكم كان منذ أكثر من عشرين عاماً، شكراً لكم.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: لا أنا لم أكن مسؤولاً عن اللجنة التي هي لجنة التحكيم، أنا مقرر لجنة الشعر، لكن لجنة التحكيم لجنة أخرى، وكان يرأسها الدكتور عبد السلام.. وكان من أعضائها علي جعفر العلاق العراقي، وكان من أعضائها مصريون، وأنا طبعاً لم أسمي هؤلاء، وهل كان إما أن أترك لجنة الشعر على الإطلاق لأني مرشح للجائزة، أو أنسحب وأقول لا تعطوني الجائزة، هذه اللجنة رأت أني أستحق الجائزة، وأنا أستحقها بالفعل مثلي مثل آخرين، لا أريد أن أقول أني الوحيد الذي يستحق الجائزة كما يستحقها كل شاعر له مثل ما لي، والكلام الذي أثير حول هذا الموضوع، كما لك أن تشير إلى الأسباب التي تدعو إلى إثارة اللغط، كنا ينبغي أن تشير أيضاً إلى الأسباب التي دفعت إلى اللاغطين إلى إثارة اللغط، لأن هذا اللغط لم يأت من محايدين، وإنما أتى من بعض الصحفيين أنا لم أقرأ لناقد اعتراضاً على هذا، وإنما قرأت لبعض الصحفيين في صحيفة بالذات، هذا هو ما حدث. |
الأستاذة صباح الدباغ تقول: |
السلام عليكم، ومرحباً بكم يا دكتور أحمد أنتم في بلدكم الثاني، سعداء بهذا التواجد، وأكثر سعداء بتواجد الدكتورة سهير معنا هنا، نرحب بكم يا دكتور، التساؤل: كيف أثرت فرنسا في الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي المجدول بالخصائص الريفية الأصيلة؟.
|
الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: الثقافة المصرية الحديثة تأسست على ما قدمه المصريون الذين ذهبوا إلى فرنسا، عندما ننظر إلى أعمال الطهطاوي وتلاميذه في مدرسة الألسن، وننظر إلى أعمال علي باشا مبارك ولطفي السيد، وننظر إلى أعمال الشيخ محمد عبده، وننظر إلى أعمال شوقي قد تعلم في فرنسا، حين ننظر إلى القانون المصري، الأدب القانوني كله منقول ومعرب عن القانون الفرنسي، عندما ننظر حتى إلى الدراسات الأدبية العربية، سوف نرى أثر الفرنسيين فيها، وفي الفلسفة حين ننظر أن أساتذة الفلسفة المصريين معظمهم تخرج من الجامعات الفرنسية، عثمان أمين، الشيخ مصطفى عبد الرزاق إلى آخره، سوف نجد أن فرنسا موجودة في الثقافة المصرية قبل أن أذهب، بالتالي صحيح أنا ريفي ولكني قارئ لهؤلاء جميعاً قبل أن أذهب إلى فرنسا، وهذه العناصر المنقولة، مستوحاة ومقتبسة من الثقافة الفرنسية، أصبحت من جوهر الثقافة المصرية الحديثة، وفي جوهر الثقافة العربية الحديثة من خلال الثقافة المصرية، من هنا كان الأثر الذي تحقق لدي من خلال إقامتي في فرنسا مكملاً لما بدأت به، يعني كان استمراراً، ليس من رأى كمن سمع، وليس من عاش الثقافة كمن قرأها، لأن الثقافة الفرنسية في فرنسا ليست مجرد كتب وإنما هي حياة، وأن تعيش هذه الحياة تتصل بهذه الثقافة على أفضل وجه. |
|