شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذة فريال بيت المال المصري))
شكراً، في الواقع أنا سعيدة بأنكم أتحتم لي هذه الفرصة أن أشارك تجربتي الحياتية معكم، ورحلتي، قبل أن أحضر، اتصل بي ابني هاتفياً وقال لي: ماما أنت ذاهبة إلى جدة، ورحت قبل كده جدة، وأحضرت كتاباً، هذه المرة ماذا ستحضرين معك؟ طبعاً كان متوقع أن كل مرة أزور المملكة وخاصة جدة، شيء بيحصل معي، لأنه يرجعني لذكريات الطفولة، ففي الواقع أنا لما أتكلم عن شخصيتي وعن الأشياء التي دفعتني لما أعمله، أنا لا أرى أن الذي أعمله حاجة غير مستحيلة، أعتقد أن هذا نابع من طفولتي ومن الواقع الذي أنا خرجت منه، طبعاً كانت أسرتي من المطوفين في مكة المكرمة، وفي الواقع أنا مطوفة كمان، وأتاحت لي ممارسة أهلي للحج مجال الانفتاح على العالم، وعلى حقيقة الدين الإسلامي، في كل سنة وأنا صغيرة كنت أرى الوفود من العالم، من مختلف الأشكال والألوان وكلهم قادمين ليعملوا شيئاً واحداً، يقتلوا الشخصية القديمة، ويطوروا الشخصية الحديثة. أنا متأسفة إذا كانت لغتي العربية شوية ركيكة، لأنني طول الوقت أتكلم إنجليزي، وعشت خارج المملكة، إن شاء الله تتحملوا معي شوية. في الواقع لفت انتباهي هذا الانفتاح على العالم، كيف الإسلام يشعرني أنني جزء من عالم كبير، ففي كل موسم الحج أرى هذه الوفود، وأتعرف على اللغات المختلفة، وروائح الأكل المختلفة، كان الناس من كل أنحاء العالم يتكلمون لغة واحدة هنا، وهي الدعاء بالعربي، وكلهم يرتدون تقريباً الزي الأبيض، وكان هذا يعطيني فكرة أنه إن وجدت مملكة الله على الأرض، فهي مكة في موسم الحج، وهذا أمر بقي في داخلي. الأمر الثاني، أنني ولدت في مجتمع لم يعد له من وجود الآن، وهو مجتمع نسائي كان مجتمعاً قوياً، كان مجتمعاً شعرياً وصلت فيه النساء إلى مرحلة كبيرة من القوة، فأنا لم أرَ نساء أقوى من النساء اللواتي ربينني وأنا صغيرة من عمتي إلى أمي إلى النساء الأخريات في ذلك الوقت. تلك كانت الذاكرة التي حاولت أن أتحدث عنها في الكثير من البلاد العربية، ولم يكن أحد يصدقني بأن المرأة في مكة في ذلك الوقت قوية وأنها برغم عزلتها فهذا لا يمنع من أن تكون إنسانة تحقق إنسانيتها، فكان هذا من الحاجات التي كانت دائماً تشعرني بالفخر، وتشعرني بالقوة، فهذه الذكريات اللي خرجت بها من مكة، وإذا بعضكم قرأ كتابي، لأني قرأت قصة حياتي، فالشطران الأولان أو الجزآن الأولان يتحدثان عن نساء مكة في ذلك الوقت، والمجتمع الشعري في ذلك الوقت، وكيف المرأة كانت قوية، رحلتي تمت بعد ذلك إلى مصر، وكبرت، وكان بعدي عن مكة، وزي ما بيقولوا أنا تركت مكة لكنها عمرها ما تركتني، بقيت في ذاكرتي حتى وأنا بعيدة عنها، فكرت بالأمور التي تتسبب لي بنوع من العذاب في داخلي، فلم أكن أعرف من أنا.. بدأت مرحلتي في مصر وهي مرحلة معرفة الذات، ماذا أريد؟ وإلى أين أذهب؟ هذه من الحاجات اللي كانت تعذبني في الفترة التي أمضيتها في مصر، ثم جاءت فترة رأيت فيها التناقضات في المجتمع المصري، وفي المجتمع السعودي، ثم فترة رفضت فيها كل شيء، وبدأت أبحث عن الأشياء التي لا يقدمها لي المجتمع، فقد كنت أبحث عن شخصيتي أنا؟ وكنت أسأل نفسي هل الأشياء اللي أؤمن بها، أؤمن بها عن اقتناع، أم هي نتيجة عادات وتقاليد؟ منذ صغري كنت أرفض أن يحدد لي كياني وأهدافي ومبادئي أي أحد، وكنت دائماً أحاول أن أبحث عن شخصيتي. في فترة الدراسة في الجامعة، انقطعت سنتين وانعزلت في غرفتي، وحاولت أن أقرأ، لأكتشف من أكون، فكانت هي مرحلة الألم، قرأت كل الكتب، قرأت عن الاشتراكية، والشيوعية، وعن الفلسفة الغربية، لحد ما وقع كتاب سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فغير حياتي كلها، لأني شعرت لأول مرة أنه في حياة الرسول في بدايته كان يمر بنفس المرحلة التي أمر بها، كان يرى في مجتمعه مجتمع مبادئ وقيم، وفي نفس الوقت لا يطبقها ذلك المجتمع، وكان يتساءل ما هو السبب؟ فهو كان يبحث عن هدف، عن كيفية مساعدة مجتمعه، وكيفية أخذ هذه المبادئ القوية التي كانت موجودة، الروح القبلية التي كانت تتفتح إلى حاجة أكبر، وبأن المبادئ تطبق على الضعيف. طبعاً لما قرأت السيرة، بدأت تجيبني على التناقضات التي كنت أراها، فبدأت أفرق بين العادات والتقاليد، وبين الدين الإسلامي، وبدأت أفهم الرسول كإنسان، وكيف أنه كان يكافح في سبيل تحقيق هذه المبادئ، ومنذ قرأت السيرة النبوية انتهت التناقضات، وانتهى العذاب الذي كنت أحس به، وهنا جاءتني المرحلة الثانية، أي التطبيق، وبت أعرف إلى أين أتوجه وماذا سأفعل، وعرفت أن توجهي سيكون في خدمة المجتمع مجتمعي أنا أخدم المجتمع، وآمن أن سيد القوم خادمهم وبأن على الإنسان أن يخدم مجتمعه، لأن الفرد لا يستطيع أن يعيش لوحده، ونحن جزء من المجتمع، وهذا ما نادى به الإسلام، فهو الذي جعل الإنسان القبلي العربي يحتوي العالم ككل، وكان الإسلام ديناً عالمياً، وليس ديناً لمنطقة معينة، فطبعاً في تلك الفترة، كنت في مرحلة الدراسة، وأحفز الناس، وفيها انتقلنا إلى إنجلترا، طبعاً في إنجلترا، كانت أول صدمة، فهناك فعلاً شعرت كأقلية، شعرت بمجتمع يهاجم كياني، يهاجمني كعربية، كمسلمة، فهذا في الواقع، وهذا التحدي جعلني قوية فقد أحسست بأن هذا امتحان لي أنا، هذه التحديات امتحان للمبادئ التي كنت أؤمن بها، وهل فعلاً مبادئي صحيحة؟، مبادئ أتمكّن من أن أواجه بها هذه التحديات، وبدأت أشتغل في إنجلترا، وأتكلم عن العرب، وقررت أن أبدأ مدرسة للجالية العربية، ففي تلك الفترة كانت الجالية العربية ضعيفة وأكثرها من اليمنيين واللبنانيين والسوريين، وكنت ما أزال طالبة، لكن كان لدي اهتمام بأنني أخدم المجتمع، حاولت أن أبدأ مدارس، فطبعاً رحت للجامعة العربية، وللسفارات العربية أطلب منهم أن يهتموا بالجالية العربية، فكان ردهم: أنت ليه تبغي توجعي رأسك؟ روحي تزوجي، واقعدي في بيتك. لم يكن أحد يريد أن يساعدني، فحاولت أن أقوم بذلك بنفسي، فشعرت بنوع من اليأس إذ لم أكن قادرة أعمل شيء، في تلك الفترة التقيت بزوجي، وهو من أصل لبناني مولود في نيجيريا، كان إنساناً شبه ضائع لا يتحدث العربية، أمه مسيحية وأبوه مسلم، ولم يكن يعرف نفسه، هل هو عربي؟ هل هو مسلم؟ فقلت من الأفضل أن أتزوجه، فالمهم حاولت ألاّ أيأس، فتزوجنا ورحنا على نيجيريا، طبعاً بدأت مرحلة ثانية في حياتي، حاولت أن أكون ربة منزل لكنني فشلت، حاولت أن أعمل مع المجتمع، وطبعاً كانت هناك تحديات كثيرة، لأن أغلب المجتمع الذي عشت فيه في نيجيريا، كان مجتمعاً لبنانياً من المدن ثم ذهبنا إلى أمريكا وهناك رأى أولادي النور وقررت ألاّ أجعلهم يضيعون، فبدأت أعمل مع الجامع، أول مدرسة في الجامع، ثم وجدت أن الجامع للأسف فيه عقول منغلقة، وأغلبهم يأتون من البلاد العربية والإسلامية، ولا يفهمون المجتمع الأمريكي، وكانت النتيجة أنهم عاشوا منعزلين عن المجتمع الأمريكي. لقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين الأوائل إلى إثيوبيا، إلى الحبشة، ولم يكن يخشى عليهم، إذاً لماذا نعيش في المجتمع الغربي، ونخاف على أولادنا، وعلى ديننا، بالعكس فلدينا دين قوي، ومبادئ قوية، ومن المفترض أن العالم يخشى منا فلدينا أمور صحيحة، وقوية، وهذه من المسائل التي دفعتني لأن أقوم بمهنة مدرّسة، وبدأت كمدرّسة، وبدأت أعلم فيها، وحاولت أن أعلم الأولاد على الانفتاح على المجتمع الأمريكي، وأن يفهموا بأن أكون لهم المثل الأعلى، ويعرفوا كيف يجابهون الاضطهاد، وهذا من الأمور التي جعلتني أشعر بأن مجتمعنا يتقوقع على نفسه، لأنه لا يحاول أن يواجه، فنحن جاهلون بديننا، وبتاريخنا، وبالشعب الأمريكي، وهذا ما يجعلنا دائماً في مركز ضعف. طبعاً شاركت في الحوارات الدينية، وفي الحوارات الثقافية، وعقدت أول مؤتمر للمعلمات في أمريكا، وكان لدي نشاطات كثيرة، وعملت مسرحاً للأطفال، لأنني كنت أريدهم أن يعرفوا ما هي مقدرات الإنسان العربي، والمسائل التي رأيتها في طفولتي، وحمتني، وهي التي أريدهم أن يعرفوها، ويعرفوا أن مجتمعنا لديه حضارة وثقافة، لكي يتعرفوا على هذه الحضارة، وهذا من الأمور التي كانت تدفعني، وأيضاً كانت لدي نشاطات كثيرة، وكان في نفس الوقت لدي شغلي الخاص ومسؤوليات بيتي وزوجي ثم رجعت إلى الجامعة، ولا أخفيكم تعب زوجي من كثرة نشاطاتي، ففي يوم من الأيام قال لي: إنني أضيع فلوسي وكل إمكانياتي، فقال لي إذاً درسي الناس، واعمليها مهنة، وكنت أعتقد أن مهنة التدريس سامية ولا يمكن أن أحصل منها على نقود، جدتي الله يرحمها كانت معلمة، وكل جدودي كانوا معلمين في الحرم، وهذا ما ورثته عن العائلة، المهم أني عدت إلى الجامعة، وحصلت على ليسانس في التلفزيون والصحافة ونلت ثلاث شهادات ماجستير، وبعد ذلك، كبر أولادي، وانضم ابني للحرس الوطني في عام 1997م، وقلت له عمر لا تنضم إليهم، سيأخذونك إلى حرب في البلاد العربية، قال لي: يا ماما الحرس الوطني ما يروح برات أمريكا، ليس معقولاً أن يذهب ابني يقاتل العالم العربي، وحصلت الحرب على العراق واحتججت ضد الحرب، ذهب ابني إلى العراق، والحمد لله لم يشترك بل ساهم في تنظيم المدن والأعمال الإنسانية، لأنه يفهم في الثقافة العربية والبلاد العربية، لقد أخذوه لكي يساعد هناك، وأنا كنت ضد الحرب، وكنا نتظاهر كل يوم، وهنا قلت لهم إنني سأنضم إلى الحزب الديمقراطي، فقالوا لي الحزب الديمقراطي زي الجمهوري، كلهم ما في أمل منهم، قلت لهم إحنا لازم ندخل الأحزاب السياسية في أمريكا، ونحاول أن نغير من الوضع، طالما نحن لا نشكل جزءاً من الأحزاب السياسية في أمريكا، فليس لنا قيمة، يجب أن نشترك في العمل السياسي ونكون في المناصب القيادية، ونصنع القرارات، وألاّ نسمح أن تصنع القرارات من دوننا، فانضممت إلى لحزب، ونلت إعجابهم، وباتوا يرشحوني لقضايا عديدة، إلى أن اتصلوا بي في أحد الأيام، وقالوا لي نريدك أن ترشحي نفسك للمجلس النيابي، اتصل بي أحد اليهود وقال لي الحزب يريدك أن تنضمي إليه، فقلت له: أوكي، لكن لا تتصل مرة أخرى، لتقول لي أن أرشح نفسي للرئاسة الأمريكية، فرشحت نفسي، لم أكن أعرف نفسي، ولم أعرف إنهم لما طلبوني أن أرشح نفسي، كان في الترشيح شيء اسمه (writing) يعني اسمي مش في القائمة الانتخابية، لأن اثنين من الحزب تخلوا عن الحزب، وكنا في منطقة جمهورية، وكانوا يعرفون بأنهم سيخسرون، ورفضوا أن يرشحوا أنفسهم والحزب يحتاج إلى أحد، وكانوا يعلمون بأن أحداً لن يكسب لأنهم كانوا محتاجين لأحدهم لكي يضع اسمه فقط لئلا يعطون القائمة للجمهوريين. قال لهم: أنا أعرف شخصية جريئة، هي فريال، فاتصل بي، فقلت لهم أوكي، وماذا سأفعل، قالوا لي نريدك أن تتصلي بعشرين ألف شخص قبل الانتخابات بشهر، فقلت لهم لكنني لا أعرف أحداً هنا، وليس لدي ميزانية، وميزانيتي هي 147 دولار، وطبعاً ليس هناك أحد يعرف أن يكتب اسم فريال. كانوا يعرفون أنني لن أنجح والذي حصل أنهم كانوا يتهكمون، أما أنا فكنت جادة، فأنا لا أقوم بأي شيء إلاّ على أتم وجه. في أحد الأيام وجهوا الدعوة إلى حوالي أربع مئة شخص، كان كثير من الناس من الحزب، وأنا على المنصة لأقدم نفسي جاءتني مسلمة من الهند، كنت قد كتبت ورقة وقدمت نفسي على أنني سعودية، ومولودة في مكة، كما كتبت مؤهلاتي، فجاءتني، وقالت لي: فريال ليه إنت كاتبة أنك مولودة في مكة؟ سيضطهدونك. عندما قالت ذلك أحسست بأن خنجراً انغرز في صدري قلت لها: أنت مجنونة، فهذا فخر لي، مين يصحله يتولد في مكة، وأنا ما أكذب على أحد، اللي يبغي ينتخبني، ينتخبني، زي ما أنا، إن شاء الله أنا لست محتاجة لهم، هم محتاجين لي، يا بالطريقة هادي، يا ما أبغي. فصعدت إلى المنصة وتحدثت إليهم وقلت: "أريدكم أن تعرفوا بأني سعودية، ومولودة في مكة، وأنا أحارب من أجل الديمقراطية في أمريكا، فأنتم أرسلتم ابني إلى العراق تحت شعار الدفاع عن الديمقراطية، وللأسف لا أرى هنا ديمقراطية، لقد تخليتم عن مبادئكم، وتركتم الجمهوريين يخوضون الحرب ويخربوا البلد، وإذا أردتم الديمقراطية انتخبوا واحدة مثلي، واضربوا مثلاً للعالم العربي". ألقيت كلمة قوية، وصفق الجميع، ومن دون أن نشعر، بدؤوا يعملون، وفي كل مرة كنا نكتشف خطاً، لأنه ما أحد عمل نادي رايتين (الديمقراطي والجمهوري)، أنا أول واحدة في خلال مائة وخمسين سنة، جاء يوم الانتخاب، ودعوتهم جميعهم إلى الفندق، قالوا لي هل أنت متأكدة من أنك ستنجحين، قلت لهم لقد نجحت مسبقاً، قالوا لي ماذا تقصدين؟ قلت لهم النجاح في العمل، مش في الكرسي، لأن أياً كان يستطيع أن يشتري الكرسي، المهم هو الرحلة نفسها، مش الوصول اللي بعدها، لأن هنا الشخصية، هنا المعركة، قلت لهم خصمي عنده مليون دولار وحيشتري الكرسي، بس أنا بدي أكافح وأشتغل وأصبر، المهم بعد شوية جاءتني النتائج، وكسبت، وطلعت أول واحدة في كاليفورنيا وحصلت على أصوات أكثر بثلاث مرات مما أحتاج. طبعاً فتح هذا لي مجالات كثيرة، ورشحت نفسي، طبعاً الحزب الديمقراطي لم يصدق أني كسبت لأن المنطقة جمهورية، والعدد أكثر، كان من المفروض أن أحصل على ثلاثة وأربعين، لكنني حصلت على 42٪، كثير من الجمهوريين صفقوا، فأنا لم أنفق نقوداً، ولم يرضوا بالالتزام، فجاءت الانتخابات الثانية، ولم يصدقوا أنني يمكن أن أنجح، فبالنسبة إليهم أنا غريبة نموذجية يرونني لطيفة، أتحدث مع الجميع لكنهم لا يعرفون إمكانياتي، كما أنني عنيدة زي جبال مكة، المهم جاءت الانتخابات الثانية، ومن جديد لم يقبلوا بالنتيجة، لكن هذا لم يهمني فالمهم أنني أعمل. في الانتخابات الثانية، ثلث الأصوات التي حصلت عليها كانت أصواتاً غير ديمقراطية، كانوا معجبين، لكنهم عاجزين، لأن نقودهم قليلة. ولم يكن يريدون أن يعطوني النقود لأن نقودهم قليلة. وجاءت الدورة الثالثة من الانتخابات الثالثة، وبالطبع ليس هناك من أحد يرشح نفسه ثلاث مرات، فهذا مستحيل في الحزب الديمقراطي، لكنني وفي كل مرة أرشح نفسي فيها كنت أكسب، وهنا يسألونني ماذا تفعلين فأرد ليس السؤال ماذا أفعل وإنما كيف أفعل. فإذا كان لديك مبدأ سيراك الناس كما ترى نفسك، بمعنى أنني لم أشعر بأنني كنت أخسر، بل على العكس أشعر بأنني أكسب دائماً وأتقدم دائماً.. وقلت لهم بأنني كنت أبني قاعدة لهم في المنطقة لأنهم لا يملكون نقوداً، وبأنهم لا يستطيعون أن يكسبوا بالطريقة التي يعملون بها، لأنهم أهملوا تلك القاعدة. المهم جاءت الجولة الثالثة أو المعركة الثالثة، ورشحوا أحد الديمقراطيين الأمريكيين المولودين في المنطقة وهو أكثر ثراء مني، وجاء على طبق من فضة أي أنه جاء إلى المنطقة التي بنيت فيها قاعدة لهم، وبدأ الناس يلتفتون إلى هذه القاعدة، وبدا بأنه يكسب لأنني أنا من أنرت له الطريق، وأحسست بأن هذا المرشح انتهازي، ودخلت إلى الإنترنت بحثاً عن تاريخه فوجدت أن هناك الكثير من الأشياء السيئة في تاريخه، وبدأت أحارب وبدؤوا يحاربون لإسكاتي، لم أرض أن يكسب لأنه انتهازي، كنت أراهم في الداخل والخارج وأنا مع صديقتي كانوا يشبهون عصابات المافيا، دخلوا وجاء رئيس الحزب، وقالوا له سنكسب فريال إلى جانبنا، فلدينا نقود وسألوني عن رأيي في هذا؟ فقلت لهم: أنا أحارب من أجل المبدأ، ولن أتنازل عن مبدئي، ليس مهماً أن أخسر وأنا أحارب فهذه مغامرة، والحكاية ليست حكاية ربح وخسارة بل يجب أن أقوم بشيء جيد. سألوني ما رأيك أن تكتبي منشوراً ضده، فقلت لا فأنا دائماً أحارب من أجل المبادئ ويجب أن تكون معركتي نظيفة، زرت أكثر من أحد عشر ألف بيت، وتحدثت مع الناس هناك، كنت أذهب إليهم عندما أنتهي من دوامي في المدرسة، وهذا ما أرهقني كثيراً وجاءت الانتخابات وربحت بنسبة واحد مقابل ثلاثة، وهذا ما جعلهم يخشونني، وبعد ثلاثة أسابيع من انتخابات نوفمبر وجدوني بأني تفوقت بعشرين نقطة على الجمهوريين، اللي هي في اللقاء assembly، وقالوا لي إن الناس تحبك ومن الممكن أن تفوزي وهنا وظفوا مليون دولار لكنهم لم يوظفوها سوى قبل أسبوعين من الانتخابات وكان أكثر الناس قد انتخبت بالبريد، علماً بأن خصمي الجمهوري صرف 6 مليون دولار بينما لم أصرف سوى 15000 دولار، وكانت النتيجة أن حصلت على 92 ألف صوت بينما حصل هو على 98 ألف صوت وخسرت بنسبة 4٪ وكانت التوقعات أن يحصل الديمقراطيون على 77٪ وهذا ما أثار ضجة في صفوف الحزب الديمقراطي وبدأت الأسئلة تتوجه لماذا لم تساعدوها؟ المهم جاءت الانتخابات الثانية، قلت لهم: سأرشح نفسي، وكانت المرة الرابعة. قلت لهم الانتخابات ليس كرة قدم إنما هي عزم وتصميم، وأنا لا أمثل نفسي بل أمثل الجميع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :669  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 139 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.