((كلمة سعادة السفير فينيامين بوبوف))
|
أيها السادة الحضور الكرام، أول شيء، أود أن أعبر عن شكري العميق للشيخ خوجه على هذه الدعوة، ولصديقي السفير محمد طيب، خاصة على كلمته الرقيقة، وقد سهّل مهمتي، لأنه ذكر عن روسيا أشياء كثيرة خلال هذه الكلمة القصيرة، فأنا أود أن أشارككم بعض الأفكار حول تقييمنا للوضع الحالي للعلاقات الدولية. |
نحن نعتقد الآن أن التغيرات في السياسة الدولية وفي الحياة الدولية تأتي بسرعة مدهشة، كل يوم يأتي بشيء جديد، فنحن نعرف هذا قبل كل شيء بمقاربة المسافة، كان الوقت لقطع المسافة بين الرياض وجدة طويلاً، كانت مسافة طويلة جداً، الآن نحن نحتاج إلى أكثر من نصف ساعة بقليل لنصل إلى العاصمة أو العاصمة الثانية، نفس الشيء في روسيا عندنا عاصمتان، سان بيترسبورغ التي كانت عاصمة خلال ثلاثة قرون، وموسكو التي -تاريخياً- كانت منذ خمسة قرون عاصمة روسيا، فالمسافة بين هاتين المدينتين، سبع مائة كيلو متر، تقريباً منذ قرن أو أكثر من قرن بقليل، كنا نحتاج إلى أسبوع كامل للوصول من واحدة إلى أخرى، فقد كان الحصان وسيلة الركوب الوحيدة، الآن فلا يحتاج الأمر سوى ساعة أو أقل من ساعة، أو أربع ساعات بالقطار، نفس الصورة، نفس الشيء، نفس الظاهرة، نحن نشهد في السياسة الدولية، كل يوم يأتي بشيء جديد بتغيرات جذرية، خلال خمسة قرون، كانت مجموعة صغيرة من الدول الكبيرة فقط تحدد المصير العالمي، قبل كل شيء، كانت بعض الدول الأوروبية بما فيها روسيا القيصرية، والولايات المتحدة. |
لكن في القرن الواحد والعشرين، تغير هذا الوضع تغيراً جذرياً، الآن الحضارات الجديدة جاءت إلى الميدان، وتلعب دوراً كبيراً، هذا قبل كل شيء، فالصين والهند وأمريكا اللاتينية فيها البرازيل تشكل قوة جديدة، ومن بين هذه القوة الجديدة، العالم الإسلامي، العالم الإسلامي لا يعني قطب، بمعنى القطب الوحيد والمنسجم، لأن في منظمة المؤتمر الإسلامي سبعة وخمسين دولة، ولكن هذا الاتجاه واضح، العملية ماشية، يعني العالم الإسلامي سيصبح القطب، قطباً من الأقطاب الجديدة في ميزان القوى العالمية، فهذا نتيجة قبل كل شيء للدين الإسلامي، لأن الإسلام أكثر من دين، إنه نهج حياة يتبنى الموقف الأخلاقي في كل شيء، لهذا السبب عدد المؤمنين صار الآن أكثر من مليار ونصف. |
في بداية القرن العشرين كان في هذا الكوكب فقط مائة مليون مسلم، هذه السرعة عجيبة، فالآن العلماء الغربيون، يقولون: إن الإسلام يبقى الدين الذي يتطور أكثر من الأديان الأخرى، بالمقارنة مع الأديان الأخرى، هذا العامل الديموغرافي، يحدد أشياء كثيرة لنا خاصة بالمقارنة مع الغرب، في أوروبا عدد السكان دائماً في انخفاض مستمر، في العالم الإسلامي العملية معاكسة، فهذا يعني حسب حسابات العلماء الأمريكان، من الصندوق الكرنيدي، أنه بعد ثلاث عشرة سنة أي في سنة 2023م، عدد المسلمين أكثر من عدد المسيحيين، الآن عدد المسيحيين، التقييمات تقول إنه بين واحد وثمانين أو واحد وتسعين بليون نسمة، هذه العملية مستمرة، الشيء نفسه، هذه العملية ماشية في كل أنحاء العالم، في كل القارات، هذا العامل الديموغرافي هو الذي سيحدد مصير بعض النزاعات. |
مثلاً موضوع مشكلة الشرق الأوسط، أو القضية الفلسطينية، الآن في إسرائيل أو في الأراضي المحتلة عدد السكان الذين هنا حوالي أكثر من عشرة ملايين، منهم خمسة ملايين ونصف من اليهود، وخمسة ملايين من الفلسطينيين، معدل الولادة عند العائلات الفلسطينية أكبر بشكل واضح من قبله في العائلات اليهودية، هذا يعني أنه بعد سنة، سنتين، ثلاثة، عدد السكان الفلسطينيين في هذه الأراضي المحتلة سيكون أكثر من عدد اليهود، ولكن اليهود دائماً يقولون بضرورة تعليم اليهودية لسكان الدولة الإسرائيلية، ولكن دور الإسلام، نحن نرى الآن في السياسة الدولية بصورة واضحة قبل كل شيء ميدان أو المجال الاقتصادي، ليس من باب الصدفة الآن أن الدول الثماني الكبرى، التي كانت معروفة بـ G8، الآن أصبح دورها أقل بكثير، لأنه جاءت مجموعة جديدة، مجموعة العشرين، هذا لم يكن رغبة الغرب، الولايات المتحدة، وإنجلترا وفرنسا واليابان، هذا كان نتيجة للظروف الموضوعية، بين هذه الدول العشرين ثلاث دول إسلامية: المملكة العربية السعودية، وإندونيسيا وتركيا، وأعتقد أنكم تعرفون أفضل مني أهمية النفط، والذي نحن نسميه الذهب الأسود في الحياة الدولية وفي الاقتصاد، الثلثان من احتياط النفط والغاز في المنطقة الإسلامية، وهذا في الوقت الحاضر يحدد سير الأمور في الأسواق العالمية، طبعاً الآن ثمن البرميل حوالي ثمانين دولاراً، نحن كنا نتوقع أن هذا سيكون أكثر من مائة دولار، ولكن هذا السعر معقول، ويعطي للدول الإسلامية وزناً كبيراً في الاقتصاد الدولي. |
الدول الإسلامية كانت معروفة في العالم الغربي كحضارة الفقراء، الآن جاء الوقت لتغيير هذا الاسم، لأن القوة الكبيرة في بعض الدول التي أصبحت غنية ومتطورة، أنا لا أريد أن أتكلم عن المملكة الآن لأننا موجودون في هذه الدولة، لكن أنا أريد أن أضرب المثل بماليزيا، إذ البعض منكم قد زاروا هذا البلد، أنتم رأيتم بأم أعينكم أنها أصبحت دولة متطورة حقيقة، بالرغم من أن الماليزيين يريدون إعلان أن هذه الدولة أصبحت متطورة بعد عشر سنوات، أعلى بناء ليس في الولايات المتحدة أو كندا، هذا في جارتكم دبي، ثمان مئة وثمانية وعشرين متراً، مائة واثنان وستون طابقاً، هذا رمز من رموز القوة الجديدة في العالم العربي، ولكن هذه الرموز أو هذه الدلائل كثيرة. |
أنا لا أريد أن آخذ من وقتكم، أريد أن أسترعي اهتمامكم إلى ظاهرة جديدة، ظاهرة القرن الواحد والعشرين، وظهور النخبة الجديدة الإسلامية، أعتقد أنكم أنتم أيضاً جزء من هذه الظاهرة، لكن مثلاً أريد أن أضرب بعض الأمثال، الدكتور مهاتير محمد هو كان رئيس وزراء ماليزيا لاثنتين وعشرين سنة، هو عمل معجزة اقتصادية واجتماعية في هذه الدولة، هناك كانت ملاحظات حول دور إكمال الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، هذا الرجل له وزن كبير في السياسة الدولية، ومعروف في كل أنحاء العالم، أنا أود أن أقول إن هذه الأمثلة كثيرة، أنا أعرف جيداً الدكتور التويجري وهو سعودي، والمدير العام للإيسيسكو، ويشتغل في الرباط، ورئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد علي، وشخصية معروف جيداً حتى في روسيا وفي الدول المجاورة، هذه الأمثلة كثيرة، لا أستطيع أن لا أذكر رئيس إندونيسيا، هو جنرال، هو انتخب مرة ثانية السنة الماضية، هو في وطنه معروف كملحن، موسيقاه منتشرة جداً، فهذه الأمثلة كثيرة، فهذا يعني أنه خلال هذه المدة القصيرة في نهاية القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين، ظهرت نخبة إسلامية جديدة لا تقل أهميتها عن النخبة الغربية، وحتى تفوقها، لماذا؟ لأن هؤلاء الناس كالعادة يعرفون الثقافة الغربية، أو هم كانوا متخرجين من الجامعات الغربية، ولكن في نفس الوقت هم يعرفون الحضارة الإسلامية، والحضارة الإسلامية لها جذور عجيبة، لأن الإسلام منذ ألف سنة لعب دوراً رئيسياً في تطوير كل البشرية، الجبرا هذه الكلمة العربية، والخوارزمي هو الذي اخترع أشياء كثيرة في الرياضيات، وهذه الأمثلة كثيرة جداً، فلهذا السبب الحضارة الإسلامية لها كل الأسس ليفتخر الناس بإنجازاتها، فأشياء كثيرة تتعلق طبعاً بوحدة العمل العربي، ووحدة العمل للدول الإسلامية، ولكن الاتجاه واضح، هذا العالم في الطريق إلى أن يصبح قطباً من الأقطاب في ميزان القوة الجديد. |
في السياسة الدولية الحالية، نشهد أن الأزمات أصبحت كثيرة، هذه الأزمات للأسف بين الغرب والعالم الإسلامي، مهما كانت الأمور، هذه الأزمات بدأت بعد 11 سبتمبر، معروف، وأنا لا أريد أن أذهب في الكلام حول هذا الموضوع، فاتهامات الغرب أن الإسلام دين الإرهاب ودين العنف، هذا غير صحيح، وأنتم تعرفون أكثر من أي أحد آخر، أن في القرآن وفي السنة وفي كل الكتب، هناك البراهين كثيرة أن الإسلام هو دين التسامح، ودين الرحمة، وقبل كل شيء التضامن، هاتان الكلمتان "التضامن" و "العدالة" كلمتان مفتاحيتان، لهذا السبب الإسلام جذاب للآخرين، جذاب للشعوب الأخرى، جذاب للشباب، لأن الشباب قبل كل شيء هم يحرصون على العدالة، عندنا قبل كل شيء نحن نعاني من النقص في العدالة، العدالة الاجتماعية، ولهذا السبب هذه العدالة الاجتماعية، هذا الشيء قيم جداً. |
التضامن في الإسلام أدى إلى ظهور منظمة المؤتمر الإسلامي، الإسلام هذا الدين الوحيد الذي كون هذه المنظمة حكومية دولية، ليس هناك دين آخر، لا هندي ولا بوذي، الآن منظمة المؤتمر الإسلامي صار لها فروع كثيرة أو منظمات متشابهة مثل البنك الإسلامي للتنمية، مثل سيسكا، مثل اللجنة الأولمبية، وإلى آخره، هذا نحن نسميه "ميني" الأمم المتحدة للعالم الإسلامي، وهذا العدد وسيلة فعالة لتكوين التضامن الإسلامي، في روسيا كما ذكر صديقي السفير محمد الطيب، عشرون مليون مسلم، وهذا الشيء مهم جداً، إن هؤلاء المسلمين هم ليسوا مهاجرين، هم من المواطنين الأصليين الروس، لأن الإسلام جاء إلى روسيا قبل... الأرثوذكسية، وخلال تاريخ روسيا كان التعامل بين الأرثوذكسيين والمسلمين، أساساً للجبهة الداخلية، طبعاً وحدة تنسيق العمل بين الأديان الأخرى، لكن قبل كل شيء كان المسيحيون والمسلمون، لأن المسيحيين والمسلمين في روسيا هم أكثرية السكان، وفي كل العالم، لأن نصف سكان العالم من مسيحيين ومسلمين، وأشياء كثيرة تتعلق بالحوار بينهم، وكذلك العلاقات القائمة بين المسلمين والمسيحيين. |
روسيا لها بعض الخصوصيات، الروس لم يسكنوا وحدهم في أراضيهم، أبداً ما كانوا وحدهم، دائماً مع القوميات الأخرى، مع قوميات مختلفة، هذا كان التاريخ والجغرافيا، الجغرافيا لأن عندنا مساحة أكبر في كل العالم، الاتحاد السوفياتي كانت مساحته 17 مليون كلم2، لروسيا أكثر من 12مليون كلم2، وهي ليست صغيرة، عندنا في روسيا أكثر من مائة وخمسين قومية، بينها خمسين قومية إسلامية، خاصة في القوقاز والتتار، وإلى آخره، فأنا أود أن أبرز هذه الملاحظة، إن تنسيق التعامل والتفاعل بين الأرثوذكسيين والمسلمين، كان أساس الاستقرار السياسي والاقتصادي في بلدنا، فالآن وتيرة ولادة المسلمين أكثر منها عند المسيحيين، وهذا يعني كما قال السفير الطيب إن عدد المسلمين عندنا سيزداد بصورة كبيرة، فلهذا السبب بالنسبة لنا هذا ليس تعايشاً بل هذا تعامل، هذا الموضوع مصلحة، مصالحنا حيوية، لهذا السبب الرئيس بوتين كان في بغداد، مبادرته بالنسبة للانفتاح على العالم الإسلامي، هو عبر عن مصالح حيوية لروسيا، فنحن فخورون لأن هذه الدولة الوحيدة العضو الدائم في مجلس الأمن، الذي أصبح مراقباً في منظمة المؤتمر الإسلامي، نحن، هذا ليست لدينا بعض الأغراض أو الأهداف المغرضة، بالنسبة لنا هذا ليس الخيار الحر، هذا ضرورة ملحة للعلاقة الجيدة مع العالم الإسلامي، لأن جزءاً لا يتجزأ، جزءاً كبيراً من سكاننا مسلمون، ونحن نريد أن يكون هؤلاء السكان المواطنون يتمتعون بكل الحرية. |
فمن خصوصيات روسيا أن الثقافة عندنا كانت ثقافة عظيمة، هم قالوا بأن بعض الكتاب والملحنين والخبراء في فن الرقص، لهم ميول في الإبداع، في الاختراعات إلى آخره، لأن عندنا خليط من الدم، خاصة الدم الإسلامي والمسيحي، عندنا كان مؤسس الشعر الروسي اسمه بوشكين، وهو بالنسبة لنا كالشمس، كل روسي يحفظ عن ظهر قلب قصائد بوشكين، والد جده كان من الحبشة، من المناطق الإسلامية من إريتريا، بهذا الخليط من الدم جاء بوشكين عبقرياً، والأمثلة على هذا كثيرة، عندنا هذه الأمثلة مع الملحنين مع الأدباء الآخرين، ونحن فخورون بهم. |
وأريد أن أشير الآن إلى نقطة مهمة، عندنا أساس موضوعي للتعاون بين العالم الإسلامي وروسيا، لأن مواقفنا تجاه بعض الأزمات أو القضايا الدولية تتشابه، أو متطابقة، عندنا تقريباً الموقف نفسه بالنسبة لقضية الشرق الأوسط أو أفغانستان، أو العراق، هذا أمر، الأمر الآخر أن ربنا أعطى للمملكة، هذا الوطن الإسلامي نسبة من النفط، 25٪، ربنا أعطى روسيا أشياء كثيرة، فلدينا أراض واسعة جداً، عندنا 25٪ من المياه العذبة، المياه بعد عشر سنوات ستكون موضوع الساعة، وهناك النفط أيضاً، المياه ستكون، على ما يبدو، سبب بعض النزاعات، لأننا نعاني من النقص في المياه العذبة، وتقريباً نصف سكان العالم يعانون من هذا المرض، إذن هذه الاتجاهات في الوقت الحاضر ستبقى وستستمر، هذا يعني أن بعد عشر سنوات أربعة مليارات من السكان سيعانون من النقص في المياه العذبة، عندنا نفس الشيء بالنسبة للمعادن، كل المعادن والغاز، الغاز عندنا، نحن نشكل البلد الأول في العالم من حيث كمية الغاز الاحتياطي، فكل شيء متوفر عندنا، وهناك الأساس جيد للتعاون، نحن بدأنا، لكن أين الخطوات الأخرى من أجل التعزيز لهذه الشراكة الإستراتيجية؟ مثلاً عندكم الآن نقص في القمح، نحن نصدر سنوياً أكثر من عشرة ملايين طن، نحن نناقش الموضوع بالنسبة للتعاون في هذا المجال، فيمكن للمملكة أن تأخذ مائة ألف هكتار لخمسين سنة عن روسيا، لتأمين حاجاتها في الأمن الغذائي، هذا شيء جيد وهذا المشروع استراتيجي، والأمثلة كثيرة.. |
ونقطة أخيرة، وأعتذر عن الإطالة، أود أن أقول في رأيي الشخصي؛ في السنوات الخمس المقبلة سنشهد زيادة التوتر بين العالمين الإسلامي والغربي، وهذا التوتر خطير، هناك قبل كل شيء أربعة أو خمسة نزاعات في الشرق الأوسط: القضية الفلسطينية، مع الأسف الكامل الآن ليس هناك من ضوء حتى في نهاية الممر، وكذلك الأمر بالنسبة للسلاح النووي لإيران، أما الموضوع الخاص فهو سحب القوات الأمريكية من العراق بعد الانتخابات، ماذا سيكون؟ وهذا الموضوع في اعتقادي هو الأخطر من بين جميع المواضيع هناك أيضاً أفغانستان وباكستان، لأن هذا في اعتقادي أيضاً يشكل عقدة واحدة، أفغانستان وباكستان، باكستان تمتلك القنبلة الذرية، وهذا خطير جداً، هذا علاوة على الصومال، علاوة على السودان، أما الموضوع الدقيق والحساس جداً فهو انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، لأن الاتحاد الأوروبي لا يريد تركيا، لأن انضمام ثمانين مليون مسلم يشكل بالنسبة لهم خطورة كبيرة، لكن نحن لا نريد الصدام بين الغرب والعالم الإسلامي، هذا ليس في مصلحة العالم الإسلامي ولا في مصلحة العالم الغربي. |
هنا في اعتقادي عندنا المجال الكبير للتعامل والتفاعل، لأن روسيا، نتيجة لوجود المسلمين والمسيحيين، ونتيجة لأسباب جغرافية وتاريخية، يمكن أن تلعب دور الوسيط، أنا أقول: إنها تشكل الجسر الحضاري بين العالم الإسلامي والغرب، لأننا نحن نفهم العالم الإسلامي أحسن من الغرب، فلهذا السبب أعتقد أنه لا بد من أن نبذل قصارى جهودنا لتجنب الاصطدام، لأننا نحن ضد الاصطدام، ضد استعمال القوة، لأن هذه ليست الطريقة الصحيحة في القرن الواحد والعشرين، نحن نؤيد التفاوض، لقد رأينا هذا في العراق، أمريكا عندها تفوق كامل عسكرياً، إسرائيل لديها التفوق بالنسبة للبنان، في سنة 2006م، ولإسرائيل كان التفوق بالنسبة للفلسطينيين في غزة، لكن النتيجة لا يمكن حل هذه المشاكل بالقوة في القرن الواحد والعشرين، المفاوضات طويلة وصعبة ومعقدة، لكن ليس هناك حل آخر. |
لدينا مواقف متطابقة مع العالم الإسلامي، عندنا أرضية جيدة للتعامل مع الواقع، للتعامل في مجالات كثيرة لتجنب هذه الصدامات، نحن لا نؤمن بنظرية هنتغتون، فنحن نريد لهذه النظرية أن تبقى مقالاً إلى الأبد في المجال السياسة الخارجية لن تطبق أبداً، هذا هو الهدف للعالم الإسلامي، فنحن نعرف أنه بالحوار، يمكن التوصل إلى الحل الوسط. |
أود، من جديد، أن أعود إلى السفير محمد طيب، الذي أشار إلى مبادرة الملك عبد الله، التاريخية التي دعت لحوار الأديان، هذا صعب، هذا ليس سهلاً أبداً، لأن كل واحد يقول: أنا ديني أفضل من دين الآخرين، هذا مهما كانت الأمور، لكن هذا لا يعني أن أمامنا حتمية للاصطدام، على العكس، نحن دائماً نريد أن نجد لساناً مشتركاً، نقاط تماسٍ، ونقاطاً مشتركة.. إلى آخره، وهذا الآن، بالنسبة لنا، شيء ضروري، وفي الوقت الحاضر، في اعتقادي، أن إمكانيات الحوار أصبحت أكبر بكثير، لهذا السبب تم تأسيس هذه المجموعة للرؤية الإستراتيجية لروسيا والعالم الإسلامي، فروسيا برئاسة السيد بريماكوف، ورئيس التتارستاني شيميف من الجانب الروسي، ومن الجانب الإسلامي هناك خمسة وعشرون واحداً من الدول المختلفة، بمن فيهم السيد السفير محمد الطيب من المملكة السعودية، فأعتقد أنه من الممكن من خلال اجتماعاتنا، وقد كانت عندنا خمسة اجتماعات بما فيه اجتماع هنا في جدة، ومهما كانت عندنا من خلافات، أو وجهات نظر مختلفة، لكن في نهاية الأمر يمكننا أن نتوصل إلى حل وسط مقبول لكل الأطراف، هذا يعني أن عندنا هذه الإمكانيات، ويجب أن نستمر في البحث عن هذه الإمكانيات وعن هذه الحلول الوسط، الحلول الوسط هذه أصبحت شعاراً للقرن الواحد والعشرين، لأن القوة لا يمكن أن تأتي بالنتائج الجيدة، فهناك الأرضية ممتازة، وهي قاعدة جيدة للتعاون بين روسيا والعالم الإسلامي، وإن شاء الله، سيتيسر لنا أن نحقق نجاحاً في هذه المهمة وهي في اعتقادي كريمة ونبيلة، إذا تمكنا من وضع خطة مشتركة لروسيا العالم الإسلامي، هذا سيكون عاملاً حاسماً في الحياة الدولية، فنحن نسعى إلى نظام مؤسس على العدل، مؤسس على الاستقرار، على تأمين مصالح كل الشعوب مهما كانت كبيرة أو صغيرة، شكراً. |
سعادة السفير محمد أحمد طيب: شكراً لسعادة السفير على هذا الطرح الثري، وعلى الإضاءات حول آفاق الشراكة بين العالم الإسلامي وروسيا، وعوامل التجاذب بين هاتين القوتين، وأيضاً تناولكم الوضع العالمي، وما هو في الآفاق من أزمات، أو كما تتصورون العلاقات بين العالم الإسلامي والعالم الغربي ربما تكون مقبلة على شيء من زيادة التأزم، وهذا لا يعني أن التقارب بين روسيا والعالم العربي سيكون على حساب العلاقات مع العالم الغربي، وإنما العلاقات بين العالم الإسلامي وروسيا ستصب في النهاية في تحقيق الأمن والسلم للجميع، وكما تفضلتم دور روسيا كوسيط أو جسر ما بين العالم الغربي والعالم الإسلامي، كون روسيا تمتلك الكثير من المقومات تؤهلها لهذا الدور. |
وكما جرت العادة وحسب القواعد المتبعة في الاثنينية أن يكون هناك سؤال من قسم الرجال ومن النساء، لكن قبل أن أعطي الفرصة للأسئلة، الزميل الأستاذ الدكتور جميل المغربي لديه كلمة، فليتفضل. |
|