((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد، وعلى آله الطاهرين وصحابته أجمعين. |
الأستاذات والأساتذة الأفاضل |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
نقف لحظات حزن نترحم فيها على فقيد الأدب الشيخ الدكتور عاتق بن غيث البلادي، الذي كرمته "الاثنينية" بتاريخ 19/5/1412هـ الموافق 25/11/1991م، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويلهم آله وذويه الصبر وحسن العزاء. |
يطيب لي أن نحتفي الليلة بمخاض سيسفر عن تجربة ربع قرن في خدمة الثقافة والأدب والفكر؛ تجربة ثرية نصب راياتها، وحملها شعاراً ودثاراً أستاذنا الكبير عبد الفتاح أبو مدين، رئيس النادي الأدبي الثقافي بجدة السابق، من خلال كتابه الجديد "أيامي في النادي". |
أستاذنا أبو مدين من رموزنا الأدبية التي نعتز بها، عصامي من طراز رفيع، حمل شهادته الابتدائية بيد، وكتاب المطالعة الحرة بيد أخرى، فأصبح "سيد نفسه" كما يقول بثقة وفخر.. وحقق الكثير من ذاته عبر بوابة الصحافة التي واكب بداياتها منذ عهد الأفراد، بدءاً بكتابته عمود "أحاسيس" في جريدة "المدينة"، ثم بطموح متألق أنشأ عام 1376هـ/1956م صحيفة "الأضواء"، التي توقفت بعد سنتين من صدورها.. وأصدر بعدها مجلة "الرائد" عام 1379هـ/1959م، واستمرت في الصدور إلى أن توقفت عام 1383هـ/1963م، بظهور نظام المؤسسات الصحفية. |
بانقضاء هذه الجولة في صحافة الأفراد، لم ينطو أستاذنا على نفسه، بل قفز نحو صهوة أخرى شأن كل فارس طموح، فعمل في وظائف قيادية في كل من مؤسستي "عكاظ" و "البلاد" للصحافة والنشر.. ثم جاءت النقلة الكبرى في محطات حياته باختياره رئيساً لمجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة عام 1401هـ/1981م، حتى عام 1426هـ/2005م، حيث قدم استقالته في بادرة غير مسبوقة بين رؤساء الأندية الأدبية، فاتحاً بذلك المجال أمام فترة شهدت تغيير معظم إدارات الأندية الأدبية بالمملكة، مع توسع في إنشاء أندية جديدة بلغت حتى الآن ستة عشر نادياً. |
الليلة نقف إزاء استراحة محارب.. لا يختلف اثنان في أنه ترك النادي الأدبي الثقافي بجدة في حالة غير التي دخلها.. نشاط منبري متوهج، مشاركة المرأة بقوة ولأول مرة مع شقيقها الرجل ضمن منظومة القيم والعادات والتقاليد المتبعة.. مطبوعات مميزة منها: "علامات" في النقد، و "جذور" في التراث، و "نوافذ" في الترجمة، و "الراوي" في الإبداع القصصي، وغيرها من كتب الشباب ودواوينهم التي منحتهم الضوء الأخضر وجواز مرور نحو فضاءات العمل الثقافي. |
وبما أن الحديث ليس عن أستاذنا الكبير، فقد سبق تكريمه في "الاثنينية" كفاء ما قدم لوطنه ومواطنيه، في موسمها الثاني بتاريخ 26/05/1404هـ الموافق 27/02/1984م، ومرة أخرى بتاريخ 11/11/1426هـ الموافق 12/12/2005م، بعد أن ترجل عن إدارة النادي الأدبي.. فهذه الأمسية تتمحور حول قراءة في كتابه الموسوم "أيامي في النادي" الذي سيرى النور خلال الأسابيع القليلة القادمة، سعداء أن يلقي الضوء على بعض محاوره، لا سيما أن عهد رئاسة ضيفنا الكريم للنادي الأدبي شهد تحولات كبيرة على مستوى الوطن، فهناك حراك ثقافي واكب نهضة اقتصادية وحضارية كبيرة، وتحولات جذرية شملت معظم روافد المجتمع، والسياسة، والعلاقات الدولية.. وقد حافظ ضيفنا الكريم على توازن دقيق بين التيارات والمدارس الأدبية المختلفة، دون أن يقحم نفسه في تيار ضد آخر، بل ظل مراقباً حريصاً لإدارة دفة الحوار بميزان القسط، مما يضمن مساحة مناسبة لكل تيار، رغم اختلاف وجهات النظر التي تفصله شخصياً عن بعض الطروحات الأدبية.. فهو ينأى بنفسه عن الزج بالانتصار لجهة على حساب أخرى، في وقت شهدت فيه الساحة الأدبية بكل أسف خلافات كبيرة!! الأمر الذي يشير إلى علو كعبه، وبعد نظره، حتى وإن كانت في النفس حاجات. |
والمتتبع لمسيرة أستاذنا الكبير يجد أنه حفيّ بالمعارك الأدبية، يوضح وجهة نظره ويدافع عنها بقوة.. مستصحباً تراثنا الرفيع في أدب الخلاف، فكان بحمد الله قدوة لبعض السالكين من شداة الأدب، وطلاب المعرفة. |
نأتيه الليلة مستمعين لتجربته الثرة في النادي الأدبي الثقافي بجدة، بعد أن حمل الأمانة وأدى رسالته على الوجه الذي استطاع، تاركاً للتاريخ الحكم، وللإنجاز الكلمة العليا. |
وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم للاحتفاء بالدكتور عبد الله بن إبراهيم العسكر الصحفي والكاتب المعروف، فإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير. |
والسلام عليكم ورحمة الله. |
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، على هذه الكلمة الضافية. الكلمة الآن أيها السيدات والسادة لمعالي الدكتور محمد عبده يماني، المفكر الإسلامي المعروف. |
|