((استئناف الحوار مع المحتفى به))
|
عريف الحفل: شكراً لسعادة القنصل المصري في جدة الأستاذ علي العشيري، وننتقل الآن إلى قسم السيدات والأستاذة نازك تفضلي. |
الأستاذة هدى مؤمنة، رئيسة التطوير والتدريب بالجمعية الخيرية: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حبذا لو زودتمونا بأسماء الكتب الهادفة، لطالبات المرحلة المتوسطة وكذلك المرحلة الثانوية، حتى نتمكن من توفيرها في مكتبة المدرسة والاستفادة منها، لاسيما وأنني مديرة مدرسة منتدبة من قبل الوزارة، وجزاكم الله خيراً.
|
الأستاذ عبد التواب يوسف: فكرة جميلة حكاية الاقتصاد المنزلي، والاقتصاد عموماً.. سعادة السفير قد أشار إلى ابني، إن لدي ابناً ثانياً كتب رواية منذ ستة عشر شهراً، هي الأعلى مبيعاً بين الكتب في مصر والوطن العربي، على الرغم من أنه لم يهتم بالكتابة في بداية حياته. لقد قلت له عندما تخرج من الجامعة: ماذا ستعمل؟ قال: أي شيء ليس به "كتبات". قلت له: أليس من العيب أن تسميها كتبات؟ أبوك مؤلف كتب وتقول كتبات؟ قال لي: ها هي أمي لديها خمسون كتاباً في الطهي، وهي لا تجيد أن تطبخ بيضة. في الحقيقة أن كتب الاقتصاد المنزلي هي من أعلى الكتب مبيعاً في العالم، ما يفوق كتب الأطفال، لذا يجب أن تتصدى ربات البيوت لهذا الأمر. إن جيلنا لم يكن يعرف سوى أبلة نظيرة، إذ كان لها كتاب مشهور جداً في الطهي، وفي ما بعد توالى مؤلفو كتب الطهي، وقد تم تخصيص الأطفال أيضاً ببعض كتب الطهي كي يتعلموا كيف يطبخون، وكتب الطهي هذه للأولاد والبنات، لأن الرجال من الطهاة على مستوى العالم قد تفوقوا على ربات البيوت. |
الدكتور عرفة حلمي عباس: طبعاً التحية والتقدير والحب لأستاذ الأجيال، أستاذنا عبد التواب، سؤالي هو: |
أليست هناك جهة إعلامية تتبنى أعمالكم الثرية، وتحولها إلى أعمال كرتونية لتكون بديلاً عن هذا الوافد الغربي الذي يستقبله أطفالنا؟ وشكراً.
|
الأستاذ عبد التواب يوسف: شكراً الدكتور عرفة. أعمال قليلة ظهرت لي في التلفزيون، واللقاء الفريد الذي تكلمت عنه قد تم تسجيله على سي دي بطريقة السرقة ولم يؤدِّ لي من قام بهذا العمل قرشاً واحداً في مقابل حقوق الملكية الفكرية. في الفترة الأخيرة حاولوا وضع كتبي على الإنترنت، فعلى من يريد القيام بهذا الأمر أن يدفع ثمن حق النشر (copyright)، ولا أحد يدفع، وأنا غير مهتم بصراحة لأن هذا إقلال من قيمة الكتاب الورقي الذي لا نعتقد أنه سيعيش كثيراً. كنت أتكلم اليوم إلى سعادة السفير في هذا الموضوع تحديداً، وقال لي إنه في العام 2020 على أبعد تقدير لن يكون هناك كتاب ورقي، وإنما سيكون الاعتماد على الكتاب الإلكتروني، أيضاً الصحف الورقية سوف تختفي من العالم بعد عشر سنين، وسوف يقرأ الناس كلهم من خلال "اللاب توب"، أي ذلك الجهاز المتنقل الذي نضعه على حجرنا ونضغط على أزراره، فتظهر لنا الجرائد التي نود قراءتها. |
لقد نزلت ضيفاً في بيت فلاح أمريكي، وفوجئت بأن أول عمل يقوم به صباح كل يوم، هو أن يفتح الكمبيوتر كي يرى حالة الجو، فيقول لي مثلاً: إن الجو اليوم لا يصلح للعمل، لماذا؟ لأنني أصنع مكعبات من القش، وإذا ما كثر الندى في الجو لا يمكنني أن أقوم بهذا العمل، لأن الرطوبة إذا ما دخلت القش فإنها تفسده. وهناك فلاح شاهدته يقيس درجة حرارة الأرض بترمومتر معين، لماذا يفعل ذلك؟ قال: هنالك نباتات لا يجوز أن نضع بذورها إلا عند درجة حرارة معينة. ولعل هذا هو السبب في أن فدان الذرة لديهم ينتج أربعين أردباً، فيما لا ينتج في وطننا العربي سوى أربعة أو خمسة أرادب، وعندما تعلمنا الطريقة الصحيحة في مصر بلغنا عشرين أردباً.. فعلينا إذن أن نتعلم التكنولوجيا ونستفيد من التقدم العلمي في هذه الأمور. شكراً الدكتور عرفة. |
الأستاذة منى أبو الليل كاتبة ومعدة برامج في التلفزيون: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كل التحية والتقدير للدكتور عبد التواب. أستاذي الفاضل، هل الطفل العبقري الذي يسكن بداخلك على مدار ستين عاماً، استطاع أن يشبع؟ أم أن هناك المزيد من الزوايا لم تتم بعد؟ وهل أدوات العصر استطاعت أن تقفز على الرواية والقصة للطفل، وكيف الخروج من ذلك والعودة للقراءة؟
|
الأستاذ عبد التواب يوسف: شكراً. السيدة منى أريد أن أقول لك إن لدي منهجاً أحاول أن أغطي من خلاله أموراً كثيرة؛ فأنا مثلاً لدي مئتي كتاب عن مصر للأطفال، وقد دعاني سعادة السفير غداً إن شاء الله كي أتكلم في القنصلية إلى عدد من الأصدقاء، وله أن يوجه الدعوة لمن يشاء. لم أتحدث عن حوالي خمس مئة حلقة إذاعية كتبتها عن التكنولوجيا، مع أن علاقتي بالعلوم ضعيفة بعض الشيء، إلا أنني واظبت على قراءة بعض الأشياء التي تجعلني سعيداً سعادة غير عادية؛ مثلاً، الإنسان قديماً عندما كان يريد أن يشرب اللبن، كان ينام تحت البقرة ويرضع من ضرعها، إلا المصريين، إذ كان المصري يقطع ساق القمح، ويغرسه في ضرع البقرة ويمص.. "الشليماضا" الذي صنعته إنجلترا سنة 1853م، عرف الفلاح المصري كيف يصنعه أيام الحضارة القديمة. إني أحاول أن أمس كل جانب من الجوانب بشيء، وأسأل أصدقائي أن يكملوا ما نقص لدي. صديقي نشأت المصري، هو حقيقة كاتب ممتع للأطفال، أرنو ببصري إلى اليوم الذي يجلس فيه مكاني، ويقدم أعماله الإبداعية، متابعاً ما بدأه الكيلاني وأحمد شوقي، وعزيز ضياء، ويعقوب بن إسحاق، وكل هؤلاء العظام.. في الحقيقة نحن نحاول أن نضيف كل ما يخطر في بالنا، وكل ما نقرأه من جديد عند الأجانب، إذ إنهم يمتازون عنا بأن قصصهم ممتعة جداً، فيما قصصنا تعليمية "زيادة عن اللزوم".. لقد قيل لي هذا الكلام في إنجلترا سنة 1970، فلنحاول أن نقلل من أن نكون مدرسين على الورق، فالمتعة للطفل هي البداية، فهو لن يقرأ ما تكتبه إذا شعر أنك تعلمه. متّعه بالقصة، ومرر له معلومة صغيرة، تكسبه، وهذا ما أحاول أنا عمله باستمرار، وهذا موضوع في غاية الأهمية، وأمامنا أقلام كثيرة تساهم في أدب الأطفال كالدكتور عرفة مثلاً، إذ تحاول هذه الأقلام أن تخلق بعض التنوع ضمن الموضوع الواحد، فتجد التربية وعلم النفس. شيخنا الجليل تكلم عن الموضوع وعلاقة أدب الأطفال بعلم النفس، هذا موضوع مهم جداً جداً؛ لا يوجد مطلقاً كاتب أطفال لا يقرأ علم النفس.. هذا غير وارد.. يجب أن يقرأ علم النفس بدأب واهتمام وجدية. |
الأستاذ هيثم الأشقر: |
بداية أحب أن أرحب بالأستاذ الكبير عبد التواب يوسف.. لقد عملت في الصحافة قبل مدة، وكنت أحلم بأن أجلس بين يدي هذا العملاق، والحمد لله قد حقق لنا سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه هذه الأمنية. سؤالي: ما هو رأي أستاذنا الفاضل بإعلام الأطفال وخاصة التلفزيون، ولنتكلم عن القنوات الفضائية المتخصصة بالأطفال، كيف يرى هذه القنوات؟
|
الأستاذ عبد التواب يوسف: التلفزيون في الحقيقة كالكمبيوتر وقد أصبح لدينا اثنان. على الآباء والأمهات ترشيد الأطفال، فأنا شخصياً عندما كان أولادي صغاراً، كنت أسمح لهم بمشاهدة التلفزيون لمدة ساعة فحسب.. اليوم بيل غيتس نفسه وهو أكبر عقل في مجال الكمبيوتر، لا يسمح لابنته أن تجلس أمام الكمبيوتر أكثر من ثلاثة أرباع الساعة في اليوم فقط، إلا إذا كانت تستعين به في أداء الواجب المنزلي. يجب أن ندرك أن هنالك شيئاً اسمه ترشيد، وأي شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده. إن الآباء هم من يتركون أولادهم للتلفزيون، ولا يعرفون أن التلفزيون هو من يزرع الانتماء في قلوب الأطفال ونفوسهم؛ فعندما يشاهد الولد أعمالنا الضعيفة، ويشاهد في المقابل الأعمال الغربية المتقنة، ويقارن بينهما، يشعر كم نحن ضعاف. هل يوجد طفل لا يحب ميكي ماوس؟ ما هي الشخصية العربية التي نقدمها لهم؟ لقد حاول الأمير طلال أن يبتكر شخصية عربية، ونظّم المسابقة، ولم نستطع أن نصل إلى شيء.. الآباء والأمهات هم المسؤولون عن هذه القضية وباستمرار. |
الأخت زين عنبر صحفية من جريدة عكاظ: |
مساء الخير السيد الدكتور عبد التواب. ما هي أهم المعوقات التي تقف أمام إصدار كتب للأطفال؟ وشكراً.
|
الأستاذ عبد التواب يوسف: العقبات كثيرة جداً: أولها، تأتي أم وتقول لي إن ابنها لا يقرأ، أقول لها: أنت تقرئين؟ أبوه يقرأ؟ أم يشتري علبة سجائر لنفسه وقطعة شكولاته لابنه، بدل أن يشتري له كتاباً؟ في عيد الميلاد، هل نحمل للأطفال كتاباً أم لعبة كهدية؟ فلنحاول أن تكون هدايانا للأطفال كتاباً. أيام كنت في المدرسة، كان لدينا في كل حجرة دراسية مكتبة مذهلة بلا تكلفة على الإطلاق؛ كان كل من لديه كتاب أطفال ظريف في البيت يأتي به، ويضعه في حجرة الدراسة. نحن مثلاً ثلاثون تلميذاً، أو خمسة وعشرون، وكلٌ يأتي بكتاب أو اثنين، يصبح لدينا خمسون أو ستون كتاباً في الحجرة، فنتبادل الكتب ونقرأها، وكل واحد منا يوصي صديقه بقراءة الكتاب الذي أحضره، وفي آخر السنة قد نتبادل الكتب، وغالباً ما كنا نسترجعها لأن السنة تكون قد انتهت. إذن كنا سابقاً نحاول أن نجعل الأولاد يقرؤون بكل السبل داخل حجرة الدراسة، وكانت عندنا مكتبة وكان عندنا أمين المكتبة، ولا أنسى أمين المكتبة الذي كان يدخل ويربت على كتفي، ويقول لي: أنت أحسنت في اختيارك هذا الكتاب؛ أو يقول: هذا الكتاب لا ينفعك. لقد أثر بنا أمناء المكتبات والآباء والمدرسون، هم وسيلتنا للوصول إلى قلوب الأطفال، فنحن نكتب وعلى الآباء أن يقدموا هذه الكتب للأطفال. شكراً. |
الأستاذ غياث عبد الباقي الشريفي: |
بسم الله الرحمن الرحيم، سعادة الدكتور عبد التواب يوسف حفظه الله، نرجو إلقاء الضوء على جمعية حماية اللغة العربية، وماذا قدمت لأطفال العرب؟ وجزاكم الله خيراً.
|
الأستاذ عبد التواب يوسف: جمعية حماية اللغة العربية، وجمعية لسان العرب، هما من الجمعيات التي أنتمي إليها بوصفي إنساناً عربياً يريد للأطفال أن يتقنوا اللغة العربية بقدر كبير جداً، لأن لا أمل لنا في القدرة على التفكير والقدرة على التعبير إلا بثروة لغوية، ولغتنا الجميلة عدد كلماتها بالملايين، اللغات الأوروبية مئة ألف كلمة على الأكثر، في أوروبا وأمريكا نجد أن الحصيلة اللغوية للأطفال في أعمار مختلفة تعادل عشرة أضعاف الحصيلة اللغوية لأطفالنا. لقد قابلت طفلاً في أمريكا عمره سبع سنين، كنا ضيوفاً عند والده، فجاء وجلس بجانبي، وسألني: أأضايقك؟ وبعد قليل ارتاح الولد لي وبدأ يحدثني: أنت من أين؟ فقلت أنا في مصر. عشر دوائر معارف موجودة في البيت لطفل عمره سبع سنين، بحث عن كلمة مصر (Egypt) ثم قال: الله.. بلدكم تلك التي فيها الهرم؟ هو لاحظ جانب الهرم من الموضوع. أتى الأب بعد عشر دقائق، فوجد اثني عشر جزءاً من دائرة المعارف صفحاتها مفتوحة.. فتحها الولد ونحن جالسون على الأرض. قبل سنوات سألت ابن الجيران، أبوه لواء في الشرطة، وكان في السنة الأولى الإعدادية: هل عندكم دائرة معارف؟ قال لي: ماذا يعني؟ ثم سألته: هل عندكم قاموس؟ قال لي: ذلك الذي فيه معنى عربي -إنجليزي؟ قلت له: ألا يوجد لديكم عربي -عربي؟ قال: وهل يوجد قاموس عربي -عربي؟ نحن نجيد العربية، في السنة نفسها يدرسونا النحو، كيف تستخرج معاني الكلمات من المعجم، فكتبت عنه كتاباً هو وابني سميته "الأعجميان". |
|