شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور عبد الله مناع ))
- السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
أسعد الله مساءكم جميعاً بكل خير، بعد هذه اللوحة التي شارك في رسمها هذه الصفوة من أصدقاء وزملاء، معالي الشيخ محمد أبا الخيل، ليس هناك فعلاً مما يمكن أن يضاف إلى هذه اللوحة الجميلة من الوفاء والحب والتقدير، لكن هناك بعض المواقف بين الخاص والعام التي يمكن، وأستأذن معاليه في أن أذكر بعضها، فلعلها تشكل جزءاً من هذه اللوحة، أو تكملة لهذه اللوحة. معالي الشيخ محمد أبا الخيل رجل اقتصاد، ولذلك فهو من ذلك الطراز الذي لا يحب إهدار المال أو الوقت أو حتى الكلمات؛ لذلك فسأقتصر في كلمتي هذه ما وسعني الأمر، إن خلة الاقتصاد هذه التي عايشها وعايشته؛ تمثلها وتمثلته، أصبحت معلماً رئيسياً من معالمه.
وقد جعلته تلك الخلة أكثر الناس هرباً من الصحافة وأحاديثها ولقاءاتها. إنه اقتصادي بالمهنة، زاهد في الصحافة وبريقها، وتلميعها بالفهم والوعي، وقد شكل ذلك عقبةً كبرى أمامي، وأنا أسعى إليه في عام 1403هـ (1983م) لإجراء حديث صحفي حول الميزانية. لذلك عندما نويت أن أجري معه هذا الحديث وتحدثت إلى زملائي وكنا في شهر جمادى الآخرة، قال لي البعض: إنك تطلب مستحيلاً أن يحدثك وزير المالية عن الميزانية قبل أسابيع من صدورها! أنت تطلب المستحيل، قلت: فلنحاول.
وكانت تلك هي المرة الأولى التي أتصل فيها بمكتب معاليه وأطلب اللقاء، وكانت مفاجأة لي وللزملاء، بأن معاليه وافق على ذلك اللقاء، وقد أجريت اللقاء معه في مكتبه بالرياض، وبدأت بسؤال غريب عجيب قلت له: يقولون في العالم إن أردت بحث كل أمر صعيب أو عصيب فتش عن المرأة.. ونحن نقول هنا فتش عن وزارة المالية.. فكيف ترى الأمر؟
قال: إذا كان المقصود بأن وزارة المالية تقول لا؛ بأكثر مما تقول نعم؛ فصحيح. وإذا كانت وزارة المالية لا تستجيب لكل طلب ولكل مطلب، وتأخذ بالحكمة والترشيد والعقل فليست هذه سلبية بقدر ما هي إيجابية. وطال الحديث، ولكن خلاصته كانت: (بأن التعقل في الصرف ليس بخلاً، ولكنه حكمةٌ).. ولكن الأهم من هذه التفاصيل في هذا الحديث هي المفاجأة التي وجدتها في مكتبه، فقد كان مكتباً شديد البساطة كأنه مكتب أحد رؤساء الأقسام أو أحد مدراء الوزارة، ذكرني هذا المشهد، بما كان يقوله ويردده في كتابه؛ الكاتب الفرنسي اندريه مارلو، وزير الثقافة أيام الرئيس ديجول. في كتابه "أنا وديجول" بأن العظمة ليست هي الأبهة، وإن فكرة العظمة عند الجنرال ديجول ليست منفصلة عن الزهد، كما لاحظ ذلك زوار الإليزيه، كما لاحظت أنا وزوار مكتب معاليه، وكأن الشيخ كان على ذلك المذهب الديجولي في فهمه للعظمة عندما رأيت مكتبه كما ذكرت، في أكبر وزارة للمال والاقتصاد في العالم العربي كله، هذه ذكرى، أو هذا موقف، والموقف الآخر، كان عندما كتب لي أحد المدرسين الابتدائي يطلب أن يقابلني وحددت له موعداً وجاء إلي قال: إنه كان مدرساً في إحدى القرى المجاورة لجدة وأنه طلب قرضاً من بنك التنمية العقارية وحصل على القرض وبنى بيتاً وأنه سعيد في حياته، إلا أنه (كثير الزوار) من أهله وجماعته فضاق من هذه الزيارات، ومن الناحية الأخرى فقد كان مدرساً متفوقاً فرقّي وأمر طبيعي أنه عندما يرقى المدرس الممتاز ينقل إلى المدينة، فأتي به إلى جدة، واعتقد أن نقله إلى جدة سيهون عليه مشقة الزوار الذين كانوا يأتون إليه، ولكنه فوجىء بعد شهور أن الذين كانوا يزورونه في قريته رحلوا من القرية إلى المدينة وأصبحت طلباتهم كثيرة وأصبحت إمكانيته في تسديد قرض البنك ضيئلةً، وطلب مني أن أتوسط له في قرض من بنك التسليف، والله بنك التسليف أظنه يعطي قروضاً في إطار محدد ولغايات محددة، قلت لأكتب لمعالي الشيخ محمد أبا الخيل، كتبت له رسالةً، قلت إن هذا شاب عجيب أو مدرس عجيب كره المدينة ويريد أن يعود إلى القرية، ولكنه يريد قرضاً من بنك التسليف، واعتقدت أن معاليه يمكن أن يهتم أو لا يهتم، ولكني فوجئت بمعاليه وهو يكتب لي رسالةً خطيةً من أربع أو ثلاث صفحات، ووجدته أخذ الأمر بصورة جادة جداً، بَحَثَ وَعلِمَ مَن هو فلان ووظيفته وما دخله وما.. وما..
وقدم لي في هذا الخطاب شرحاً مفصلاً لهذا المدرس وحالته وانتهى في النهاية إلى أن حالته لا تسمح بإعطائه قرضاً من بنك التسليف..
صحيح أنه كعادة الوزير أو كعادة الوزارة أن لا تدفع ولكنهُ حقيقةً، كان ملفتاً لي هذا التكريس وهذا الاهتمام وهذه العناية..
النقطة الأخرى أو الذكرى الأخرى أو الموقف الآخر: كنا في حفل افتتاح مؤسسة "اليمامة" في الرياض، وكنا في جمع كبير من الحضور، كان من بينهم معالي الشيخ محمد أبا الخيل والتقينا في الممر أو على الماشي كما يقولون، ملت على معاليه أسأله، قلت له - وأذن لي يا معالي الشيخ أن أذكر هذه الواقعة - قلت له: يقولون في الولايات المتحدة الأمريكية إنه إذا كانت جنرال موتورز بخير فالولايات المتحدة الأمريكية بخير، ماذا نقول نحن؟ قال نقول: إذا كانت أرامكو بخير وهشام ناظر بخير فنحن بخير.
أرجو أن نكون دائماً بخير، وأن تكون أرامكو بخير، وأن يكون د. علي النعمي بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :526  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 135 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الخامس - حياتي مع الجوع والحب والحرب: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج